الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهاشمية السياسية - ملاحظات على التعقيبات- الحلقة الأولى 1-5

قادري أحمد حيدر

2022 / 11 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


"الهاشمية السياسية"
(ملاحظات على التعقيبات)



(١٥)


*ملاحظات عامة:


في القول بخطأ أو صواب مصطلح "الهاشمية السياسية "، نحن في حالة حوار ، ما نكتبه يحتمل الصواب بقدر ما يحتمل الخطأ حسب تعبير الإمام الشافعي فشجرة الحياة خضراء، وهي التي تنير بصيرتنا وتعرفنا في سياق الممارسة العملية بجوانب قصورنا، وهنا يحضر ويتعمق الجدل المادي الاجتماعي التاريخي للعلاقة بين الفكرة والواقع، لا أحد منا يدعي أنه يمتلك أو يملك الحقيقة لنفسه سوى الله، وسوى الجاهل الذي يفتقر لبساطة وتواضع العالم، ونحن ما نزال معاً نتحرك في دائرة الخطأ والصواب، أي التفكير النسبي في كل شيء، ومن يطالع ما كتبته في الحلقات الخمس، وفي التعقيبات والرد الوافي الذي بين أيديكم، لن يقرأ سوى مطالعة نقدية ضد الاستبداد والعنف، وكراهة فكرية نقدية للمذهبية والطائفية والقبلية، ودعوة لتعميم ثقافة الحوار والتسامح.
عموماً أنا سعيد رغم ملاحظاتي على شكل ومعنى التعقيبات التي سأوجزها في بعض الفقرات السريعة التالية، وحول بعض المسائل الجوهرية، التي سأتي عليها في السياق، على أنني لا أستطيع سوى أن أبدي احترامي وتقديري لكل الرؤى بدون استثناء المتفقة مع ما ذهبت والمختلفة هكذا هي الحياة تعدد وتنوع واختلاف ومنها تتخلق أجمل وأعظم صور الائتلاف والتكامل، فمن المختلف يولد أجمل مؤتلف.

2-كنت أتمنى أن يمتلك العزيز / عيبان طاقة صبر كافية للحوار مع الرؤى المغايرة لما يذهب إليه، أقصد الصبر علي وعلى غيري من المتحاورين، على الأقل الصبر على استكمال نشر الحلقات الخمس المتبقية، فقد يكون في بعضها ما يعفيه من الرد، أو قد يجد فيها ما يقارب ويوحد بين الطروحات المختلفة، أو تأتي بعض الحلقات مفسرة وشارحة لبعض ما أختلف معه حولها، ولكنه لم يصبر على الحوار وضاق به الوقت، فبعد ساعتين أو ثلاث كان يبادر وسريعاً بنشر تعقيباته واعداً بنشر رؤيته الكاملة في قادم الأيام، وهكذا مع الحلقات الخمس وكأن الوقت والزمن سيتوقف أو ينتهي بمجرد أن انتهي من نشر ملاحظاتي حول صوابية مصطلح "الهاشمية السياسية"، ولا تفسير لذلك سوى الضيق بالرأي المختلف، ولذلك كان يعيد نشر موضوعي ملحقاً بتعقيباته عليها، وينزلها معاً، وكأننا لسنا في حوار، بل في معركة سياسية حدية،ولاتقبل الانتظار، معركة تتجاوز منطق الحوار، حتى لا أقول أكثر من ذلك، مما قد يعطي انطباعاً عاماً بأننا في قلب حوار صراعي اتخذ طابع الشخصنة، وهذا أمر غير طيب، ولا يعكس سوى مدى ضيق أفق الحرية، والتعددية والقبول بالآخر في عقولنا بصرف النظر عن الشعارات التي نرفعها حول الحرية والديمقراطية وثقافة الحوار!!

إن استعجاله في إعلان الردود مع صدور كل حلقه، تشبه من يحاور أحدهم ويقاطعه، وهو لم يستكمل الكلام برفض حديثه قبل أن يسمع ما يريد قوله كاملاً، فما كان ضره لو انتظر حتى استكمال نشر الحلقات ويقدم قراءته المقابلة كما يريد ، إنه الضيق بالرأي المختلف، ولا تفسير لذلك سوى هذا المعنى، مع أنني شخصياً أكن كل التقدير للعزيز عيبان، وهو يعلم ذلك ولكن الاختلاف حين يتحول إلى خلاف وتعارض بين الذوات المتقابلة، تكون نتيجته / خلاصة، إرباك وتشويه صورة، ومعنى الحوار كله، والفكرة المطلوب بحثها، ولذلك أرى أن شيئاً ولو صغيراً من ذلك قد تحقق مع الأسف، ولو بحدود دنيا، ولم يؤثر على الصورة العامة للحوار، على الأقل لم نسمع كلمات تجرح مسامعنا أوتعبيرات ذاتية جارحة للذوق العام، وعند هذه الحدود فالأمر/ الحوار، لم يخرج عن دائرة الحوار العام، وإن لم يكن بالمستوى الذي كنا نرجوه.

3-في سياق نشري لرأيي حول صوابية مصطلح "الهاشمية السياسية" أرسل لي أحدهم رأياً للباحث اليساري التقدمي سلامة كيلة تحت عنوان : "العلوية السياسية خزعبلة مصطلحاً سياسياً" وضع هذا عنوانا للحوار الذي أجري معه من قبل ، أنريكودي وانجيليس ، ومحمد ديبو.

وحين اطلعت على الحوار المعمق للمفكر اليساري سلامة كيلة، ومن خلال معرفتي بالمجتمع السوري والصراعات التي جرت في قلبه أواخر الستينيات حتى أوائل السبعينيات وجدت رأيه صائباً في خطأ القول: بمصطلح "العلوية السياسية" ومن أنه خزعبلة، وهي ذات المفردة التي وصف بها عيبان القائلين بمصطلح "الهاشمية السياسية"، فما هو خطأ بالنسبة للتجربة السياسية السورية وللتاريخ السياسي الاجتماعي الثقافي في سوريا، ليس بالضرورة أن يكون كذلك لمجتمعات وشعوب وبلدان أخرى ومنها بلادنا.

كنت وأنا مقيم في سوريا ولبنان لقرابة أربع سنوات من بداية النصف الأول للثمانينيات لا أتفق مع القول بأن الطائفة العلوية هي من تحكم سوريا من خلال الجيش، ومن أن انقلاب حافظ الأسد، يعني نظام العلوية السياسية، فقد وصل حافظ الأسد للسلطة ضمن صراع سياسي وحزبي عنيف في قيادة "حزب البعث" مع القيادة العسكرية البعثية، وغالبيتهم من الطائفة العلوية، وواحد إسماعيلي أو درزي، وجميعهم تعرضوا للاصظهاد، والسجن الذي لم يخرجوا منه إلا إلى القبر، وتشرد من تبقى، منهم في الآفاق وهكذا استمر النظام السوري طيلة الخمسة العقود يوظف اسم الطائفة لخدمة الطائفية السياسية العائلية وليس العلوية، النظام والطبقة السياسية البرجوازية/ الطفيلية التي تحولت من خلال الرأسمال السياسي، إلى سلطة وإلى برجوازية تابعة للمتروبول الرأسمالي الكولونيالي، ولم يك هناك أي حضور لما قد يسمى بالعلوية السياسية، فهي أقلية مذهبية لم تصل يوماً (تاريخيا) كطائفة إلى السلطة، كحكم كل البلاد السورية أو بعضها، حتى مع نظام الأسد كان الحكم سياسياً، وطبقياً واقتصادياً في قبضة رأسمالية كولونيالية / طفيلية تابعة، هي المقدمة السياسية لكل ما يحصل اليوم في سوريا، والدليل على ذلك الطابع العائلي/ الطائفي، وهو أن يرث الحكم ابنه بشار الأسد، وقبله كان يعد لذلك باسل الأسد، الذي توفي كما قيل في حادث سير، ليصل بشار للسلطة التي تم ترتيبها من قبل الطبقة الرأسمالية الطفيلية ، دوناً عن جميع قيادات البعث التاريخية، حتى أنه عدل في الدستور ليتوافق مع عمر بشار الأسد، ولا علاقة للطائفة العلوية بذلك، ولا أثر لهذا المعنى في تاريخ سوريا السياسي والاجتماعي ، والمذهبي/الديني،، وبهذا الفهم والمعنى أدعم رأي المفكر سلامة كيلة، بخطأ القول: بمصطلح "العلوية السياسية"، واختلف مع عيبان في قوله، بخطأ القول: بمصطلح" الهاشمية السياسية", ومن أن ما يصح على سوريا قطعاً لا يمكن إسقاطه على أي تجربة سياسية اجتماعية أخرى، بما فيه بلادنا ، والحديث حول ذلك يطول، مع أن هناك مفكراً وفيلسوفاً ماركسياً تقدمياً سورياً مثل د. صادق جلال العظم، كان يكرر ترديد هذا المصطلح حول "العلوية السياسية".

4-وجدتك تكتب أفكاراً ومفاهيم بعضها صحيح ولا غبار عليه، وترد على ما كتبته أنت، وكأنك ترد علي على، ما كتبته أنا دون الاقتباس مما كتبته، والحديث حول ذلك يطول!! في بعض تعليقاتك التي لها كل التقدير والاحترام، ارتديت ثوب السياسي، والمحامي وأنت تدافع عن رأيك بخطأ القول: بمصطلح "الهاشمية السياسية"، في مواجهة ونقد من يقول بصوابية ذلك، وفي ضمن وسياق ذلك الدفاع / الترافع الحواري تخليت عن شرط الباحث العلمي الموضوعي والمتجرد، أولاً: أنك تمسكت برأيك وهذا حقك ، ولكن دون أن تقدم حيثيات، ومعطيات واقعية وفكرية وسياسية تدعم وتساند ما تذهب إليه من طروحات، ثانياً، أنك رفضت القول الآخر، دون أن تناقش وتدحض طروحاته في محاججة فكرية ومنطقية وعقلانية ، تكشف فساد لا موضوعية ولا عقلانية تلك الطروحات التي ترفضها ولا تقبل بها، وهذه الملاحظات لا تخرج عن نطاق احترام الرأي الآخر.

5-كتبت مراراً أن هناك استخداماً أيديولوجياً / سياسياً (سيئاً) لمصطلح "الهاشمية السياسية"، ولكن هل يدفعنا ذلك الاستخدام السيء للمصطلح إلى إنكاره أو تركه؟!. ثم أنه علينا أن نفرق بين المصطلح، وبين من يستخدمونه لخدمة أهدافهم الأيديولوجية، والسياسية والمذهبية، والطائفية حتى لا نحمل المصطلح فوق ما يحتمل، كما أنني كنت أتمنى أن أقرأ المصطلح أو المفهوم البديل الأكثر دقة وواقعية وصوابية.
لقد تعرض مصطلح أو مفهوم "فصل الدين عن السياسة" والخلط بين الفكر الديني وبين الدين، كما تعرض بصورة أيديولوجية / تكفيرية مصطلح "العلمانية" لهجوم أيديولوجي مزدوج من جماعات الإسلام السياسي، ومن آلة الإعلام الغربية الرأسمالية، بعد أن وجدنا بعض البعض من جماعات الإسلام السياسي يساوون بين "العلمانية" والإلحاد والكفر، فهل قادنا ذلك إلى ترك هذه المصطلحات !! اليوم معقل الوهابية (المملكة العربية السعودية)، لا يقر بالعلمانية، بل هو بدأ يمارسها على مستوى بعض المظاهر الشكلية الاجتماعية – على الأقل – وأنا شخصياً – وغيري كثر – ثم استدعاؤهم - للكتابة في أكثر من ملف ومنها ملف يناقش مسألة العلمانية في مجلة "الفيصل السعودية" دليل على أن اضطهاد وقمع الفكرة أو المفهوم أو المصطلح والقول بتخطئته لا يمكن أن يلغي معنى حضورهم في الفكر والواقع، استمر مصطلح "العلمانية" وسقطت الفكرة التي حاصرته وكفرته، بل وتراجع – نسبياً – الواقع الذي كان يقدم الاستخدام السيء للعلمانية، اليوم مصطلح العلمانية يغزو أوكار الوهابية، ويعلن سقوط العديد من مفاهيمهما ومصطلحاتها،وفي هذا السياق من القراءة والبحث، كنت أتمنى على العزيز,/عيبان، أن لا يحشر المفاهيم وبعض المقولات الفلسفية،مثل، الجوهر، والعرض، في مثل حوارنا هذا، فقد استدعى مقولة، الجوهر والعرض، من القاموس الفلسفي، لانه تصور أن في ذلك ما يخدم تعزيز رؤيته، في تخطية القول: بمصطلح " الهاشمية السياسية", باعتبار أن المصطلح، ومن يستخدمونه، هما مثل الجوهر، والعرض،أي أنهما شيئا واحدا، وجه، وقفا، شكل ومضمون، كل واحد منهما يكمل الآخر،ويقود اليه،أو يعبر عنه، وهنا أتوجه بالسؤال للعزيز/عيبان، من هو الجوهر هنا، المصطلح، أو من يستخدمونه بصورة سيئة؟، واكرر السؤال، بصيغة اخرى، وفقا للمقولة الفلسفية، الجوهر, والعرض، اين موقعي أنا في هذا السياق ككاتب اتبنى واقر بالمصطلح، وفي نفس الوقت استخدمه، متى اكون جوهرا، ومتى أصبح عرضا؟!ا ومتى اكون كليهما ، اترك الإجابة للعزيز /عيبان ،على أن كل ما استطيع قوله هنا، أنني على ثقة أن مصطلح "الهاشمية السياسية"كفكرة وواقع ستختفي، وتنتهي من حياة اليمنيين مع استكمال بنائنا واقامتنا للدولة المدنية الديمقراطية، دولة المواطنة للجميع ، عوضاً عن دعوة البعض لإقامة دولة "الولاية" أو "الولي الفقية" وهي صور معاصرة يمنية لمصطلح ال"الهاشمية السياسية".

6-ليس كل ما يكتبه الباحثون والمثقفون المحسوبون على الإسلام السياسي، (حزب الإصلاح أو غيره)، كله خطأ وبالجملة، فالعديد من الأبحاث والكتب التي تصدر عن بعضهم فيها قيمه فكرية وبحثية وتاريخية ، ناهيك عن أن الإصلاح ليس كتلة صماء متجانسة متماسكة، شأنهم شأن أي جماعة اجتماعية سياسية، داخلهم – إلى حد بعيد – تنوع وتعدد، ففي كتابات بعضهم نقرأ طروحات متقدمة سياسياً وفكرياً وثقافياً تلتقي مع طروحات الفكر القومي ، والفكر التقدمي ، ومع حرية الرأي والفكر، مثلهم مثل الآخرين، كما فيهم وبينهم من يدعي الوسطية وهو يلعب على كل الحبال الأيديولوجية والسياسية، كما فيهم صاحب الفكر المتطرف والتكفيري (الشيخ/ عبدالمجيد الزندني نموذجاً) .

مع أنني أرى في الإسلام السياسي (الحزبي)، ضمن منطق المفهوم التاريخي للزمن، عقبة حقيقية أمام تقدم مجتمعاتنا نحو أقامة الدولة المدنية الحديثة، (دولة المواطنة المتساوية), ولكنها قوى اجتماعية موجودة في المجتمع وبقوة وليس بإمكاننا، ولا من مصلحتنا أخراجهم من المشهد السياسي بالعنف أو الاستبعاد والاقصاء، في الدخول معهم في صراع وحروب، لماذا لا نكتشف نقاط للقاء معهم (كما في اللقاء المشترك)، صورة مطورة ومتقدمة لما كان ؟ ، أي نبتدع طرائق ووسائل للحوار والتفاهم، وليس كما يدعوا له البعض في افتعال مشاكل، وتصعيد حالة ووتيرة الحروب معهم، حروب لا معنى لها، تكون نتائجها سلبية على المجتمع ، كما هو حاصل اليوم في بعض مناطق البلاد، خدمة لأجندات خارجية واستعمارية .

ولذلك لا أرى في الشطب على المساهمات الكتابية والبحثية لبعضهم سوى ضيق بالرأي المغاير من أي موقع كان أو صدر ، مع أنني لم أقرأ في كتابات هذا البعض أي دعوة تحريضية للمذهبية والطائفية، أو تسفيه أو تعريض بالمذهب الزيدي، فإذا كان استخدامهم لمصطلح "الهاشمية السياسية" هو أحد الأسباب، لذلك فهذا لا يعطينا الحق في وصمهم ووصفهم بالمذهبيين والطائفيين ودعاة للفتنة هكذا بالجملة فليس جميعهم عبدالمجيد الزنداني
، وعبدالوهاب الديلمي، والمؤيد ، والعديني، ومن على شاكلتهم،. وبعض آراء البعض منهم قد تكون حدية وصدامية ولكنها لم تخرج عن دائرة البحث في الفكر الإسلامي، وفي بعض قضايا التاريخ السياسي اليمني، وهي في بعضها عموماً قضايا إشكالية حساسة ومعقدة، على أن مساهمات وإسهامات هذا البعض تبقى ضمن دائرة الحوار الفكري والرأي والرأي الآخر، وعلينا أن نقبلهم كما هم عليه، وليس كما نحن نريد، وبذلك نجد أنفسنا في ذات موقف العصبوية، وفي إقصاء الآخر، وهنا ندخل في دوامة صراعات وحروب عبثية، كان يمكن تجنبها،حروب المنتصر فيها مهزوم، وتجربة جريمة حرب،العام،١٩٩٤م،وحرب،٢٠١٥م، التي ما تزال تداعياتها مستمرة حتى اللحظة،خير دليل على ذلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا