الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصيدة قديمة جميلة

أحمد فاروق عباس

2022 / 11 / 5
الادب والفن


لأمير الشعراء أحمد شوقى منزلة خاصة عندى ، وقد أحببت شعره من زمن طويل ، وحفظت كثير منه ، وخاصة قصائده عن الحقبة الفرعونية ، وقصائده الوطنية عن مصر وبحثها عن الاستقلال ، وقصائده عن كبار شخصيات عصره ..

وعلى الرغم من كراهيتى الشديدة لفترة النفوذ التركى على العالم العربي ، إلا اننى احببت - أيضاً - قصائد أمير الشعراء فى تمجيد الحقبة العثمانية !!
وهو تناقض لا أجد له تفسير ..

ربما هى القدرة على الفصل بين الواقع وتعقيداته والشعر وجماله ، وهو فى النهاية فن من الفنون ، لا يلتزم - كالتاريخ والبحث العلمى مثلا - دقة الوقائع ، واختلاف التفاسير ، والنتائج النهائية لهذا الحدث أو ذاك ..

ولشوقى مجموعة كبيرة من القصائد تسمى القصائد العثمانية ، فيها يتكلم عن الوقائع العثمانية أى الحروب والثورات والتوترات ورجال تلك الدولة بل ونساءها !!

ومن قصائده الجميلة قصيدة " الانقلاب العثماني" وهى عن سقوط السلطان عبد الحميد ، ويبدأ شوقى قصيدته بتصوير ما جرى ويجرى في قصر يلدز - وهو القصر الكبير الذى بناه عبد الحميد - من العيشة الهنية لحريم السلطان ، ومقدار النفوذ الذى كان بين أيديهم ثم ما جرى للسلطان عبد الحميد ومعه ، ثم ينتقل بعد ذلك إلى الكلام عن الأيام وعن الزمن وفعله فى البشر ، ملوكا كانوا أو بشرا عاديين ، وعن دوام الحال الذى هو دائما من المحال ..

الغريب ان شوقى يمدح السلطان الذاهب ويمدح أيضا الحكام الجدد ( أنور ونيازى وغيرهم من قادة جمعية الأتحاد والترقى ) ، ولا يرى فى ذلك أى تناقض !!

أى أنه - وبلغة أيامنا هذه - يقوم بالتطبيل للجميع ، الحكام القدامى والحكام الجدد ، ولكن بغض النظر عن الموقف السياسى لشوقى ، وهو ما انتهى بنهاية أحداث تلك الفترة ، وانتهاء الحقبة العثمانية من حياة الشرق ، إلا أن ما يبقى عبر الزمن هو قوة الأدب وبلاغة التعبير وجمال اللغة ، وهو ما تفوق فيه شوقى على القدماء والمحدثين ..

سَل يَلدِزاً ذاتَ القُصورِ .. هَل جاءَها نَبَأُ البُدور
لَو تَستَطيعُ إِجابَةً ... لَبَكَتكَ بِالدَمعِ الغَزير
أَخنى عَلَيها ما أَناخَ ... عَلى الخَوَرنَقِ وَالسَدير
وَدَها الجَزيرَةَ بَعدَ إِسماعيلَ .. وَالمَلِكِ الكَبير
ذَهَبَ الجَميعُ فَلا القُصورُ .. تُرى وَلا أَهلُ القُصور
فَلَكٌ يَدورُ سُعودُهُ ... وَنُحوسُهُ بِيَدِ المُدير

أَينَ الأَوانِسُ في ذُراها ... مِن مَلائِكَةٍ وَحور
المُترَعاتُ مِنَ النَعيمِ ... الراوِياتُ مِنَ السُرور
العاثِراتُ مِنَ الدَلالِ .. الناهِضاتُ مِنَ الغُرور
الآمِراتُ عَلى الوُلاةِ .. الناهِياتُ عَلى الصُدور
الناعِماتُ الطَيِّباتُ .. العَرفِ أَمثالُ الزُهور
الذاهِلاتُ عَنِ الزَمانِ .. بِنَشوَةِ العَيشِ النَضير
المُشرِفاتُ وَما اِنتَقَلنَ .. عَلى المَمالِكِ وَالبُحور
مِن كُلِّ بَلقيسٍ عَلى .. كُرسِيِّ عِزَّتِها الوَثير
أَمضى نُفوذاً مِن زُبَيدَةَ .. في الإِمارَةِ وَالأَمير
بَينَ الرَفارِفِ وَالمَشارِفِ .. وَالزَخارِفِ وَالحَرير
وَالرَوضُ في حَجمِ الدُنا .. وَالبَحرِ في حَجمِ الغَدير
وَالدُرِّ مُؤتَلِقِ السَنا .. وَالمِسكِ فَيّاحِ العَبير
في مَسكَنٍ فَوقَ السِماكِ .. وَفَوقَ غاراتِ المُغير
بَينَ المَعاقِلِ وَالقَنا .. وَالخَيلِ وَالجَمِّ الغَفير
سَمَّوهُ يَلدِزَ وَالأُفولُ .. نِهايَةُ النَجمِ المُغير
دارَت عَلَيهِنَّ الدَوائِرُ .. في المَخادِعِ وَالخُدور
أَمسَينَ في رِقِّ العَبيلِ .. وَبِتنَ في أَسرِ العَشير
ما يَنتَهينَ مِنَ الصَلاةِ .. ضَراعَةً وَمِنَ النُذور
يَطلُبنَ نُصرَةَ رَبِّهِنَّ .. وَرَبُّهُنَّ بِلا نَصير
صَبَغَ السَوادُ حَبيرَهُنَّ .. وَكانَ مِن يَقَقِ الحُبور

أَنا إِن عَجِزتُ فَإِنَّ في .. بُردَيَّ أَشعَرَ مِن جَرير
خَطبُ الإِمامِ عَلى النَظيمِ .. يَعُزُّ شَرحاً وَالنَشير

عِظَةُ المُلوكِ وَعِبرَةُ الأَيّامِ .. في الزَمَنِ الأَخير
شَيخُ المُلوكِ وَإِن تَضَعضَعَ .. في الفُؤادِ وَفي الضَمير
تَستَغفِرُ المَولى لَهُ .. وَاللَهُ يَعفو عَن كَثير
وَنَراهُ عِندَ مُصابِهِ .. أَولى بِباكٍ أَو عَذير
وَنَصونُهُ وَنُجِلُّهُ .. بَينَ الشَماتَةِ وَالنَكير
عَبدَ الحَميدِ حِسابُ مِثلِكَ .. في يَدِ المَلِكِ الغَفور
سُدتَ الثَلاثينَ الطِوالَ .. وَلَسنَ بِالحُكمِ القَصير
تَنهى وَتَأمُرُ ما بَدالَكَ .. في الكَبيرِ وَفي الصَغير
لا تَستَشيرُ وَفي الحِمى .. عَدَدُ الكَواكِبِ مِن مُشير
كَم سَبَّحوا لَكَ في الرَواحِ .. وَأَلَّهوكَ لَدى البُكور
وَرَأَيتَهُم لَكَ سُجَّداً.. كَسُجودِ موسى في الحُضور
خَفَضوا الرُؤوسَ وَوَتَّروا .. بِالذُلِّ أَقواسَ الظُهور
ماذا دَهاكَ مِنَ الأُمورِ .. وَكُنتَ داهِيَةَ الأُمور
ما كُنتَ إِن حَدَثَت وَجَلَّت .. بِالجُزوعِ وَلا العَثور
أَينَ الرَوِيَّةُ وَالأَناةُ .. وَحِكمَةُ الشَيخِ الخَبير
إِنَّ القَضاءَ إِذا رَمى .. دَكَّ القَواعِدِ مِن ثَبير
دَخَلوا السَريرَ عَلَيكَ .. يَحتَكِمونَ في رَبِّ السَرير
أَعظِم بِهِم مِن آسِرينَ .. وَبِالخَليفَةِ مِن أَسير
أَسَدٌ هَصورٌ أَنشَبَ الأَظفارَ .. في أَسَدٍ هَصور
قالوا اِعتَزِل قُلتَ اِعتَزَلتُ .. وَالحُكمُ لِلَّهِ القَدير
صَبَروا لِدَولَتِكَ السِنينَ .. وَما صَبَرتَ سِوى شُهور
أوذيتَ مِن دُستورِهِم .. وَحَنَنتَ لِلحُكمِ العَسير
وَغَضِبتَ كَالمَنصورِ أَو .. هارونَ في خالي العُصور
ضَنّوا بِضائِعِ حَقِّهِم .. وَضَنَنتَ بِالدُنيا الغَرور
هَلّا اِحتَفَظتَ بِهِ اِحتِفاظَ .. مُرَحِّبٍ فَرِحٍ قَرير
هُوَ حِليَةُ المَلِكِ الرَشيدِ .. وَعِصمَةُ المَلِكِ الغَرير
وَبِهِ يُبارِكُ في المَمالِكِ .. وَالمُلوكِ عَلى الدُهور
يا أَيُّها الجَيشُ الَّذي .. لا بِالدَعِيِّ وَلا الفَخور
يَخفي فَإِن ريعَ الحِمى .. لَفَتَ البَرِيَّةَ بِالظُهور
كَاللَيثِ يُسرِفُ في الفِعالِ .. وَلَيسَ يُسرِفُ في الزَئير
الخاطِبُ العَلياءِ بِالأَرواحِ .. غالِيَةِ المُهور
عِندَ المُهَيمِنِ ما جَرى .. في الحَقِّ مِن دَمِكَ الطَهور
يَتلو الزَمانُ صَحيفَةً .. غَرّا مُذَهَّبَةَ السُطور
في مَدحِ أَنوَرِكَ الجَريءِ .. وَفي نِيازيكَ الجَسور
يا شَوكَتَ الإِسلامِ بَل .. يا فاتِحَ البَلَدِ العَسير
وَاِبنَ الأَكارِمِ مِن بَني .. عُمَرَ الكَريمِ عَلى البَشير
القابِضينَ عَلى الصَليلِ .. كَجَدِّهِم وَعَلى الصَرير
هَل كانَ جَدُّكَ في رِدائِكَ .. يَومَ زَحفِكَ وَالكُرور
فَقَنَصَت صَيّادَ الأُسودِ .. وَصِدتَ قَنّاصَ النُسور
وَأَخَذتَ يَلدِزَ عَنوَةً .. وَمَلَكتَ عَنقاءَ الثُغور
المُؤمِنونَ بِمِصرَ يُهدونَ .. السَلامَ إِلى الأَمير
وَيُبايِعونَكَ يا مُحَممَدُ .. في الضَمائِرِ وَالصُدور
قَد أَمَّلوا لِهِلالِهِم .. حَظَّ الأَهِلَّةِ في المَسير
فَاِبلُغ بِهِ أَوجَ الكَمالِ .. بِقُوَّةِ اللَهِ النَصير
أَنتَ الكَبيرُ يُقَلِّدونَكَ.. سَيفَ عُثمانَ الكَبير
شَيخُ الغُزاةِ الفاتِحينَ .. حُسامُهُ شَيخُ الذُكور
يَمضي وَيُغمِدُ بِالهُدى .. فَكَأَنَّهُ سَيفُ النَذير
بُشرى الإِمامُ مُحَمَّدٌ .. بِخِلافَةِ اللَهِ القَدير
بُشرى الخِلافَةِ بِالإِمامِ .. العادِلِ النَزِهِ الجَدير
الباعِثِ الدُستورَ في .. الإِسلامِ مِن حُفَرِ القُبور
أَودى مُعاوِيَةٌ بِهِ .. وَبَعَثتَهُ قَبلَ النُشور
فَعَلى الخِلافَةِ مِنكُما .. نورٌ تَلَألَأَ فَوقَ نور








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-