الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشتار الفصول:12626 قراءات أولية في جدلية الفكر والواقع ، الذات والموضوع

اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.

(Ishak Alkomi)

2022 / 11 / 5
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


.
الهاتف يرن ويطلب فتح الكاميرا . أجل هو الأخ والصديق الفنان التشكيلي سمعان سليم درويش .تحدث عن حلمهُ عني مدة من الزمن وكانت غايته التأكد من صحتي لكونه كما قال كان الحلم غريباً سيما وأنه جمع شخصيات كعبد العزيز الطعيمات واسحق قومي وعوّاد الطلب وبعد المقدمة دخلنا في قراءات واجتهادات حول ذاك الحلم ولكنه قبل أن نودع بعضنا وشكري له ولاهتمامه بي .أبّى إلا يقف على محطة فكرية يتبناها ويعتمد في قراءته عليها من خلال شخصيتين فكريتين لكلّ لهما منظومته الفكرية وإن كانتا تقتربان حيناً وتبتعدان أحيانا . وأقصد ما ذكرهما صديقي الفنان (الأستاذ ياسين الحافظ والأستاذ جورج طرابيشي )ووقوفهما على كيفية قراءة الواقع من خلال متحركات وحوامل وروافع مايُصاب به الواقع من منظور التطور والتغير والتبدل .
الحقيقة أنّ الصديق الفنان سمعان أعادني إلى أكثر من خمسين سنة خلت حين كانت لي خلوات مع الفكر الذي كان يُطرح على الساحة السورية من خلال المعارضات السياسية. والبداية كانت مع الماركسية اللينينية ومشتقاتها الوطنية السورية . وعلى الرغم من تقديري واعترافي بأنني تتلمذتُ على أيدي الكتب الماركسية اللينينية وإن لم أكن ضمن المنخرطين حزبيا بها إلا أنني كُنتُ أقدرها وأيّ تقدير وكنتُ أتجاوز بها عثراتي في واقعنا السوري مع قراءاتي ومزاوجتي بينها وبين ما تتلمذتُ أنا العبد اسحق قومي والمرحوم الصديق عادل حديدي والأستاذ المحامي والقاضي عوّاد الطلب حيث تبنينا ولفترة طويلة الوجودية السارترية وبعد ثمانية سنوات أختلف معهما لكوني اكتشفتُ بأنّ الوجودية السارترية تلامس معتقداتي الروحية التي لايمكن أن أتخلى عنها أمام هوجاء الصرعات للشباب الذي يعتنق الفكر الماركسي أو الوجودي وبينتُ رأيي الفكري لئلا يصمني أحد بأنني متعصب لرأيي الديني وكان الطلاق مع السارترية على الرغم من أنني مجبر أن أعترف هي لم تفارقني كلياً خاصة في جزئية يتبناها سارتر في موضوع تكوّين أو تأسيس الذات . أجل أنا الذي أصنع ذاتي والماضي لايموت وهناك مقولات جمة ليست هي الموضوع الرئيس الذي أكتب عنه الآن.
ما أريد قوله هو أن همومنا في الشرق برمته . هموم تغلب عليها عدم قدرتنا على تجاوز ذواتنا وتراثنا الذي لم يعد يصلح كدواء نُعالج به أمراضنا الواقعية وأنّ الشرق مالم يتجاوز ذاته وشخصيته التراثية الدينية ويقرأ ذاك الماضي بقراءات نقدية يؤمن بها من يُشكلون الأغلبية السكانية في الشرق فكلّ فكلّ الدعوات والمدارس الفكرية والسياسية مصيرها الزوال وستبقى بقايانا تجتر ذاتها من خلال تُراث أغلبه أصبح رمةً وعلينا أن نتبنى مفهوم حرق مراحل تاريخية حتى نضمن لأجيالنا القدرة على الوقوف ومعالجة مشاكل الواقع.
وأعود إلى صديقينا الأستاذ ياسين الحافظ والأستاذ المفكر جورج طرابيشي اللذين يضعان تطور الواقع والفكر الواقعي أساس أية جدلية. فإنما هما على حق مع الاحتفاظ بعدم رمي الثوابت الفكرية وأعني هنا المفاهيم والبديهيات والمسلمات بل ربما تطوير آلية التطبيقات العملية لتلك المفاهيم والبديهيات والمسلمات وقراءتها على ضوء معطيات جديدة في الواقع وبقدر ماتكون الفكرة قادرة على تجاوز أعماق الواقع وقراءته قراءة موضوعية وواقعية والوقوف على مواطن الخلل وتشخيص العلل في ذاك الواقع بقدر ماتكون تلك الأفكار ناجحة .
وهنا أتفق مع الفيلسوف جون ديوي وفلسفته البراغماتية الأمريكية والتي ترى في أحد محطات رؤيتها بأنه علينا أن نتعامل مع المشكلات بطريقة عملّية بدلاً من الاعتماد على المبادئ النظرية وفي جزئية أخرى ترى أن من يحدد حقيقة ومعنى المفاهيم هي تلك النتائج الناتجة بالضرورة من خلال احتكاك الفكر مع الواقع . ولهذا تقول بأن الأفكار الناجحة هي الأفكار المفيدة.
وتابعتُ مع الصديق بأننا لايمكن أن نعتمد أو نركن لرأييهما بشكل نهائي ،على اعتبار أنهما يعتمدان على مفهوم الفكر المتحرك من خلال الضرورة التاريخية للزمن في قراءته للواقع وهنا أجد أنني أعود إلى فكرة الحركة عند الفيلسوف اليوناني زينون . فلو توجهنا نحوى هذه المنظومة وقراءة الحركة ومفهوم النسبية ونظرية آينشتاين فنحن على مقربة من السقوط في هاوية العبثية.
ولهذا أستخلص رأيي في المدارس الفكرية المطروحة على الساحة العربية والشرق أوسطية .
فأرى ـــ ورأيي غير ملزم ـــ إنما هي وجهة نظر لاغير.
أعتقد أولاً:
إنّ في التراث الشرق محطات لايمكن تجاوزها وهي ذات بعد استراتيجي لقراءة المكوّن البشري والتاريخي كمحصلة ضرورية للقارىء . وفيه أيضاً محطات علينا قراءتها قراءة حداثوية مع الاحتفاظ بالشكل الذي جاءنا لأنّ القراءة التاريخية الموضوعية والنقدية الجادة من ضرورات الوصول لنتائج مفيدة للواقع والمستقبل وأرى أن ّ تطويع تلك المحطات ضمن واقع نعيشه أو واقع ٍ بدأت تتغير ملامحه لصالح معالجة أمراضه من الأمور المفيدة والواقعية لهذا نقول بضرورة مزاوجة أفكار ٍ جديدة لها قدرة فكرية أكثر من سابقاتها في معالجة الواقع المشرقي بالتحديد .
ثانياً: تبقى جميع الأفكار الفلسفية مادية كانت أم مثالية أو توفيقية .سياسية أم اجتماعية بدون فائدة لابل تُصبح عبثية وحملاً ونيراً على المجتمع مالم تُفيد تُعالج ذاك الواقع لتجاوز مشكلاته .والفكر الذي لايحل مشكلات الواقع يُعتبر فنتازيا عبثية لاغير أو بمفهوم الفلسفة اليونانية مثالية مفرطة في تكوينها .
ثالثاً: أعتقد أنّ كلّ مدرسة فكرية وفكرية سياسية يجب أن تحتوي على منظومتين فكريتين الأولى قراءة الواقع قراءة تعتمد العلمية والموضوعية .والقراءة الثانية تُعالجُ مشكلات ذاك الواقع بطرق سليمة دون تجاوز التراكمات التاريخية بل بمعالجتها ومعالجة مخلفاتها ونفاياتها لأنّها ستبقى تظهر من خلال الفكر الجمعي واللاشعور الجمعي .
لا أحاول هنا وضع موضوع القراءة الجدلية للفكر مع الواقع وإنما هي لمسات ندية أنتهي إلى أنني أتبنى قولي واعتقادي بأنّ سقوط جميع تجارب الأنظمة السياسية ماركسية لينينية أو إخوانجية أو ليبرالية أو قومية التي تعاقبت على المشرق كان بسبب عدم تناسب الفكر النظري مع الواقع العملي وكانت في الحقيقة تتناقض مع الواقع جملة وتفصيلا كما أنها كانت تولد خارج النسق الفكري للجمعية المطلقة وكانت محكومة بأحد الأمرين . إما بالشمولية والشوفينية القومية أو الدينية.
والأمر الثاني :لم يكن لديها برامج سياسية لقراءة الواقع ومتطلباته الحقيقية، وكانت إذا حاصرتها منظومات فكرية أكثر منها وضوحاً وواقعية وضرورة وتعتمد على العملية النقدية العلمية كانت تهرب إلى موضوع الشعارات غير الواقعية وتبرر وجودها لصالح تلك الشعارات القومجية التي تعلم علم اليقين أنها تُتاجر بها لتحافظ على كرسيها الدائم في حكم الشعوب المقهورة أصلاً.
أنتهي وبمختصر مكثف .لكلّ زمان ٍ ومكان مايُناسبه من فكر سياسي . والفكر السياسي المنبثق من جدلية الفكر الموضوعي والعلمي وعلاقته بالواقع حتماً ستكون نتائجه مفيدة وموضوعية ولكن لايمكن (أن تجني من الشوك عنب) .
المجتمعات المشرقية مصابة بعدة أمراض إن هي لم تقرأ شخصيتها ضمن دائرة العالم قراءة تؤمن أنها ضرورية وتتبنى مدرسة فكرية سياسية تقدمية وحضارية. فلو أنزلنا ما أنزلناه من أفكار لن يكون مصيرها إلا العدمية المطلقة التي أرى تزايداً لطلابها على الرغم من أن القيم العليا والمعممة في تلك المجتمعات هي عبارة عن معوقات حقيقية لنهضتها وتقدمها وهنا بيت القصيد.
وللحديث صلة أخي الفنان التشكيلي سمعان درويش.
# اسحق قومي.5/11/2022م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح