الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زكريا بطرس

أحمد فاروق عباس

2022 / 11 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


شهدت بالصدفة أثناء مروري بين القنوات رجل دين مسيحي يتحدث ، عرفت أن إسمه زكريا بطرس ..
وكان كل كلام الرجل نقد للإسلام باعتبار ديناً غير سليم احياناً ، ودموى أحياناً أخرى ، أو به كثير من الاضاليل كما قال !!
وأن المسيحية أفضل منه بكثير ..
لم أتوقف كثيراً أمام الهراء الذي سمعته ، فكل ما قاله مردود عليه ..

لم أهتم كثيراً بما قاله من زاوية الدين ، بل أثارني اكثر ما قاله من زاويه السياسة ..
فالجزء السياسى فى الموضوع هو قصد من يطلق تلك القنوات ( ومقر هذه القناة ليس فى مصر ) وينفق عليها مئات الملايين كل عام !!
وله من وراءها قصد وهدف ..

وهدفه - بل ومناه - أن يلتفت المسلمون لمن يطعن في دينهم ويقومون دفاعا عنه ، وإذا هى فتنة بين المسلمين والمسيحيين لا تبقى ولا تذر !!
ومن حسن الحظ أن ارتفع نضج الشعب المصري وفطن إلى تلك الألعاب الصغيرة ، التى تريد دمار بلده قبل أى شئ آخر

ولكن لماذا هذا الدأب الذي لا ينتهي لصنع فتن بين المسلمين والمسيحيين في مصر ؟

نعم هناك مسلمون من رجال الدين يخوضون في أسس العقيدة المسيحية بدون داع !!
ونعم هناك مسيحيون من رجال الدين يخوضون في أسس العقيدة الإسلامية بدون مبرر !!
وكلهم يتكلم في ما لا يخصه ولا يعنيه ..
فهذه عقائد ووراءها مؤمنون ..

والعقائد غالية علي أصحابها والمؤمنين بها ، وكثير منهم مستعد أن يذهب الى اخر الشوط دفاعاً عن عقيدته ..
والعقائد لا تناقش بعضها بعضاً ، أيهم أفضل أو أسوأ ، فذلك داعٍ للفتنة وليس وسيلة للتقارب ..

وقد عاش المصريون - مسلمين ومسيحيين - دائماً في وئام ، ومثلت العلاقة القوية بينهم مثالاً ونموذجاً يحتذى في العالم كله ، بعد ثوره ١٩١٩ ، ثم بعدها بقرن ، فى ثورة ٢٠١١ وثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ على الرغم من المحاولات المستميتة لجعل الأمور غير ذلك ..

لم يعجب ذلك طبعاً من لا تستقيم لهم حياة إلا بتفتيت الشعوب عرقياً أو دينياً أو مذهبياً ..

وبما ان الشعب المصري عرق واحد كان اللعب على وتر الدين ( مسيحي - مسلم ) ثم تطور الأمر بعد فشل إحداث فتنة بين المسلمين والمسيحيين الى إحداث فتنة بين المسلمين أنفسهم !!

وبما أن المسلمين في مصر كلهم من مذهب واحد - أهل السنة والجماعة - كان الحل العبقرى صنع تنظيمات لها آراء خلافية تقسَّم المسلمين في مصر ، ثم تقسم المصريين كلهم فيما بعد ، وهو ما حدث للاسف ..

وحتى داخل تلك التنظيمات تم التقسيم ، فداخل الاخوان هناك القطبيين والمعتدلين ، وداخل السلفيين هناك السلفية العلمية والسلفية الجهادية والسلفية المدخلية ..
بالإضافة إلى جماعات الجهاد والجماعة الإسلامية والتكفير والهجرة والناجون من النار والفتح ....الخ ، وكل ذلك حدث قديما !!

أما الان فقد ظهرت أجيال جديدة :
تنظيم القاعدة وتنظيم داعش وأنصار الشريعة وأنصار بيت المقدس ..... الى اخره .

وكانت النتيجة أن انقسم الدين الواحد والمذهب الواحد الى عشرات الطوائف والملل والنحل ، لا يعرف أحد لها اول من اخر ، ولا ماذا تريد بالضبط ؟

ويجب الاعتراف أن هذه الظاهرة المقيتة - نقد الأديان الأخرى - بدأت عندنا نحن المسلمين ، وذلك في سنوات السبعينات وبداية ما عرف وقتها بالصحوة الإسلامية ، وقد كان "الشيخ"عبد الحميد كشك من البارزين فى هذا المجال ، وقد سار على دربه السئ كثيرون - للأسف - بعد ذلك ..

الأديان لا تتناقش أو تتجادل مع بعضها ، وكل مؤمن بدين معين غال عليه ، ولديه اعتقاد جازم بصحة دينه ، وخطأ أديان الآخرين ، وإلا ما الذى جعله يؤمن به من البداية ؟!

وحتى عبدة النار في بعض مناطق فارس ، وعبدة البقر في الهند لهم منطق فى عباداتهم تلك ، ولديهم اعتقاد راسخ بصحة ما يؤمنون به وخطأ - بل وغباء - الآخرين ..

ومن الطرائف فى هذا المجال أنه فى عام ٢٠١٧ حملت الأنباء أن بعض الطوائف فى الهند أصبحوا يعبدون دونالد ترامب الرئيس الأمريكى الجديد وقتها !!
ولا أعرف هل حولوا إيمانهم الآن إلى الرئيس الجديد جو بايدن ، ام مازلوا على العهد مع الرئيس السابق !!

وفى الستينات قامت طوائف فى الجانب الأسترالي من غينيا الجديدة بعبادة الرئيس الأمريكى ليندون جونسون ( طبقاً للأهرام عدد ٢٨ يناير ١٩٦٥ الصفحة الأولى ) ..

ولا أعرف هل عبادة الرئيس الأمريكى مقصود لشخصه ، أم أنه - وهو الأقرب إلى الصحة في رأيي - نوع من عبادة القوة ، باعتبار الحائز على منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية هو أقوى رجل فى العالم بلا منافس ؟

وجود أشخاص مثل زكريا بطرس مثال على من يريد صنع فتنة في المجتمع المصري ، فالرجل يطعن في الاسلام ، وبما أن ذلك لن يعجب المسلمين فسيكون الرد وجود مسلمين يطعنون في المسيحية ..

ومع تطور الامر ومع ظهور أجيال جديدة غداً قد لا يكون لها نفس حكمه رجال اليوم ، قد تنشأ شعلة يستغلها البعض لصنع حريق ، قد يكون بحجم قرية اليوم او مدينة غداً ، ولكنه قد يكون بحجم وطن بعد الغد ..

وقى الله مصر بلادنا ممن يريد بهذا السوء ، وحفظ بنيها جميعا ، وألهمهم سداد الرأى ونفاذ البصيرة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا