الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايات تشرينيه؟/3

عبدالامير الركابي

2022 / 11 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


لنعود فنحاول تخيل لو ان الغرب الحديث تمكن ابان نهضته الكبرى المعاصرة، من اختراق الحاجز القصوري الاحادي، واستطاع ان يذهب الى ماوراء الاحادية والارضوية وهو يبحث في اصول المجتمعية و "الحضارة" وانطلاقتها؟، ذلك مع افتراض قدرة العقل الغربي على انجاز مهمه من هذا النوع من بين ماكان حققه على المستويات المختلفة، الامر غير الممكن، ولا الوارد بحكم الاحادية والارضوية التي هو صادر عنها، ومتشكل فيها وخاضع في نهاية المطاف لحكمها، هذا مع ان الغرب بالذات من دون غيره من المجتمعات الاحادية، قد تمكن من الوصول بالممكنات العقلية الارضوية الاحادية الى ذروة، هي الاعلى ضمن صنفه، الامر العائد لنوع الاحادية السائده في هذا الموضع من العالم، ماقد اكسبه ديناميات وطاقات مختلفه عن غيره، اذا قورن بمصر المتدنيه الديناميات الى لحد الاقتراب من السكونية والاجتراربعد دورة اولى وحيده، بحكم كونها احادية دوله، في حين ان اوربا احادية انشطار طبقي، هو الصيغة الاعلى الانشطارية المقابلة، الاقرب الى الانشطارية الازدواجية المجتمعية الرافدينيه الاعلى.
بناء عليه تهيا للغرب اخيرا ان يلعب دورا غير عادي ضمن العملية التفاعليه الترقوية التصيّريه المجتمعية، بالاخص عند خط الانتهاْء، قبل الانتقال النهائي الى اللاارضوية التي لااحد غيرها يمكنه ان يعبر عن كينونتها، ومايوافق بنيتها التاريخيه، ونوع ديناميات تاريخها، ويطالعنا هنا بدء ثان هو المنتهى الاستكمالي الطبيعي للبدئية الاولى المنتكسه، الامر الذي لايدخل في احتسابات الاحادية التي تعود لتكرس فكرة اللامحدودية الاعقالية، رافضة فكرة تجهل خلفيتها، فلا علاقة تقيمها بهذا الخصوص، بين النمطية وحدود الادراكية ونوعها، ومع انها تربط بشدة بين اشتراطات الحياة والوعي المتاح او الملازم، الا انها لاتكون قادرة على معرفة غير نمطها ونوعها المجتمعي، بغض النظر عن الاختلافات ضمنه بين موضع واخر.
وكما ان للاحادية الارضوية قمة وذروة كيانيه بنيوية، فان لها منظورها التحولي الارضوي، الطبقي كما تمثل في الماركسية والشيوعيه التي تظهر منبثقة ضمن اشتراطات الانقلابيه العليا الالية/ العقلية خلال فترتها الاولى، والمثير هنا اللافت الى اقصى درجة، ماتلعبة التحولية الانشطارية الطبقية، من دور يمكن ان يذكر بدور المنظور اللاارضوي الاول الابراهيمي من ناحية اختراقيته للمجتمعات على مستوى المعمورة، مضفيا عليها، وحتى على التي من دون اثر للانشطار الطبقي فيها، حضور تصورية تحول اقصى احادي، وان يكن اسقاطيا وبلا اساس مادي ولا محركات من نوع تلك المفترضة وجودا، بحسب المادية التاريخيه وحتمياتها، ومع الهيمنه والغلبة النموذجية الغربية الحداثية على مستوى المعمورة، لاتعدم "التحولية الارضوية الطبقية" مايجعل منها حاضرة، ومكرسة لنوع ودرجة من الازدواجية الشاملة المبررة واقعا، بفعل الاشتراطات الاستهلالية الناجمه عن الالة، وفعلها الاحتدامي الطبقي المرافق للفترة الالية المصنعية.
لكن الظاهرة المنوه عنها تبقى كما اصلها، جزئية ليست مجتمعية، بل طبقية، نطاق تحوليتها وغرضها النهائي طبقي لامجتمعي، ومن هنا تختلف عن الاختراقية الاولى اللارضوية الابراهيمه التي تدغم مجتمعية "اخرى" مباينه نوعا، داخل مجتمعية اولى احادية، موجدة حالة "ازدواج اول " حدسي الهامي نبوي، هو صيغة اختراقية تلازم الغلبة الاحادية، وتستجيب بنية لاشتراطاتها الانتقاليه، قبل ان تنتهي بنهايتها مع النطقية الادراكية اللاارضوية الاخبرة، التحولية السببية العلية التحققية، حين تكون الاسباب التي حالت دون تحققها ابتداء، قد زالت، وسد النقص الاعقالي والمادي بحكم التفاعلية التاريخيه، وماىلت اليه مع ظهور الاله.
ماذا يكون حال بؤرة الازدواج الاصل واللاارضوية التاريخيه، ابان بدايات الانقلاب التحولي وافتتاحيته الارضوية كما تتمثل بالنهضة الاوربية الحديثة، لايتوقع وقتها الانتقال الى النطقية المنتظرة بيسر وسهولة، ولابد عند هذه الناحية من تذكر ثلاث نقاط هي اقرب الى القمم التي تقف امام العقل عموما، والعقل العراقي بالذات برغم علاقته العضوية بالمكان، مايرشحه للنطقية: الاول يتاتى من اثر الانقلاب الحداثي الغربي وهيمنته الغامرة عالميا، بالاضافة الى وقوع العراق وقتها تحت طائلة لحظة من لحظات انهياره وانقطاعيته، وهنا لابد من ذكر ناحية اساسية من نواحي كينونة وتاريخ العراق، ومساره وخاصياته، باعتباره تاريخ الدورات التي تفصل بينها انقطاعات، وهي خاصية ازدواجية فريدة، الدورة الاولى منها هي السومرية البابلية الابراهيمه، والثانيه العباسية القرمطية الانتظارية، والثالثة الحالية التي تبدا انبعاثا في نفس ارض سومر، مع ظهور "اتحاد قبائل المنتفك" اعقبته فترة ثانيه هي فترة "الانتظارية النجفية الحديثة" وصولا الى الاحتلال الغربي الانكليزي، والدخول في فترة ثالثة هي فترة الوطنيه الزائفة، النقلية الايديلوجية الايهامية الغربية.
العنصر الثالث الشديد الوطاة هو انعدام اية اوليات سابقه يمكن ان تلفت النظر الى ماهو واجب كشف النقاب عنه، مايؤشر الى ماقد سلفت الاشارة له من جانب القصورية العقلية التي من المتوقع ان تتعزز اليوم، على الاقل انيا مع غلبة الغرب ومايرافقها من انبهار متلازم مع اثر الانحطاطية التكوينه الانقطاعية وتفاعلهما، ماكان من شانه حتما الحيلولة بين العقل العراقي الحديث بحالته التي وجد عليها، وبين ان ينهض هو باعتباره المؤهل افتراضا بتادية المهمة المطلوبة، فما كان بمقدور من تصدوا وقتها للشان العام، الا ان يقعوا تحت سطوة الغرب ونموذجه، ملحقين العراق به وبمشروعه ومجمل رؤاه.
وفي الوقائع تتخذ هذه الظاهرة شكل العجز الفاضح بعد محاولة فاشلة، بدات في العشرينات على يد "جعفر ابو التمن"، مؤسس "الحزب الوطني العراقي" عام 1922 والذي تشبه محاولته بظاهرت من نوع "حزب الوفد المصري" و"المؤتمر الهندي"، مع التنوية بالفشل العراقي، الذي ادى ب " ابو التمن" لاعتزال العمل السياسي في الثلاثيناث، بينما احتلت الاحزاب الفراغ المتولد عن الاحتدامية الاصطراعية مع الفبركة الغريبة للكيانيه ول"الدولة"، ماقد برر في حينه بقوة الضرورة العملية، القفز فوق مهمة التعرف على الذاتيه، بالمسارعة لاستعارة الايديلوجيات والنموذجية الغربية، الغالبة، السارية في حينه.
وهنا كان العراق قد الحق بمن يحتله كوسيله فوق وطنيه وفوق ذاتيه، بظل حالة من الانفصام بين المحركات الفعليه، والتعبير عنها بما هو من غير جنسها، فالشيوعية والقومية والليبراليه تيارات لامحل لها، ولامايبررها واقعا كمنظورات، مع انها وجدت لها ادوار تغيرت بموجبها محركاتها ونوع فعلها، كما حال الخزب الشيوعي اللاارضوي، وحتى البعث حزبي الناصرية، مقابل محاولات تاسيس الحزب الشوعي البغدادي الاحادي الفاشل منذ العشرينات على يد حسين الرحال، والشيء نفسه ينطبق على حالة البعث، بعد محاولات تاسيسية فاشله بغدادية، ىهكذا يكون العراق قد عاش اليوم من دون كل البلدان التي تعرضت للهيمنه الغربية النموذجية والتفكرية، حالة مما يمكن ان نسميه تغلب الكينونة غير الناطقة على ماهو مستعار باحتوائه وتغيير طبيعته، الامر الدال تكرارا على الفارق البنيوي التكوني بين موضع ازدواجي لاارضوي بدئي، وحالة ذروة وصعود اقصى انشطاري طبقي احادي اوربي، الجانب الاول فيه هو الاعلى ديناميه.
ومن هنا تدخل مسارات الدورة الثالثة الراهنه تفاعليتها الكونية الاصطراعية الافنائية، لتدخل في نهاية الطور الحداثي الغربي، ومعها العالم برمته، عالم الانتقالية مابعد الغربية، وقد الحت معطيات اخرى، غير تلك الارضوية التي ظل الغرب يعمل على تكريسها، مخالفا الجوهر والحقيقي الحال على المعمورة مع الالة، بااشاعته مفهوم التعاقبية من اليدوية الى الالية انتاجيا، بدل الانتقال، من اليدوية الى العقلية كما هو الواقع ومنتهى التفاعلية المجتمعية البيئيئة، ووقتها لاتعود الاحادية قابلة للاستمرار، ولا الحضور، فضلا عن الغلبة التي تمتعت بها على مدى نهضتها خلال اكثر من ثلاثة قرون.
لامكان بعد اليوم للرؤى الارضوية، او لطريقة مقاربيتها لواقع المجتمعات والبشرية، والغرب الحالي، سائر باطراد من دون توقف، الى مغادرة عرشه، والى الغرق بسلسلة من الازمات الكارثية، تلقي بثقلها على المعمورة ككل، بينما البديل غائب، وغير متاح، فالعالم انتقل اليوم وعيا ومقاربة، من الزمن الاعقالي الاحادي الجسدوي اليدوي، الى اللاارضوية والتحولية المدخرة المطوية على مدى تجربة الكائن البشري، والى الساعه... لقد حلت ساعة كشف النقاب عن المخبوء الاعظم الغائب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران: ما الترتيبات المقررة في حال شغور منصب الرئيس؟


.. نبض فرنسا: كاليدونيا الجديدة، موقع استراتيجي يثير اهتمام الق




.. إيران: كيف تجري عمليات البحث عن مروحية الرئيس وكم يصمد الإنس


.. نبض أوروبا: كيف تؤثر الحرب في أوكرانيا وغزة على حملة الانتخا




.. WSJ: عدد قتلى الرهائن الإسرائيليين لدى حماس أعلى بكثير مما ه