الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش تفجيرات الدار البيضاء المغربية: من ثقافة الحياة الى ثقافة الموت

محمد سعيد الريحاني
أديب وباحث في دراسات الترجمة

(Mohamed Said Raihani)

2003 / 5 / 29
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

مقدمة :

  الحدث: عمليات ارهابية

       الزمان: العاشرة ليلا من يوم الجمعة 16 ماي 2003

       المكان: أماكن سياحية ومقبرة يهودية وقنصلية بالدار البيضاء (المغرب) 

       الضحايا: 41 قتيل وزهاء مائة جريح (أغلبهم مغاربة أبرياء)

       الجهة المتبنية: لا أحد

       المنفذون: مغاربة شباب أكبرهم في سن الرابعة والثلاثين (منسق العمليات الانتحارية)

  مواقف القوى السياسية:

 الموقف الاول:"الدولة كافرة ويجب الخروج عليها بالعصيان"

       الموقف الثاني: "ما حدث هو خدعة لتقزيم وإقصاء الاسلاميين المعتدلين قبيل الانتخابات الجماعية المقبلة..."

       الموقف الثالث: "ما حدث ضرب للمكتسبات الديمقراطية ولقيم التسامح... "

       الموقف الرابع: "لقد انقلب السحر على الساحر، فمن كان يغض الطرف على غلاة الاسلاميين قصد تخويف الديمقراطيين وترويضهم ها هو يتيقن اليوم انه كان يلعب بالنار..."

  اصابع الاتهام:

 المتتبعون لفاجعةالسادس والعشرين ماي المغربية يوجهون أصابع الإتهام بعد تفجيرات الدار البيضاء الغادرة  الى جهتين خارجيتين: الصهيونية وتنظيم القاعدة.

اتهام الصهيونية كيد فاعلة خفية وراء الاحداث الغادرة بالدار البيضاء يعيد الى الاذهان نفس الاتهام الذي الصقته بها جهات غربية عليمة عقب تفجيرات نيويورك وواشنطن. فالصهيونية تدعم مشروع ارييل شارون الطامح الى تهجير مليون يهودي الى اسرائيل وخلق الشعور بانعدام الامن في المغرب يخدم ذلك. والصهيونية تريد ان تبقى اسرائيل هي لسان الشرق الاوسط الوحيد الموثوق به لدى البيت الابيض واي تقارب امريكي- عربي يهدد مشروعها ولو كان ذلك هو المغرب. والصهيونية تحاول الحفاظ على الضعف الاقتصادي العربي لصالح اسرائيل لذلك فتفجيرات البيضاء تحاول اجهاض اماني توقيع اتفاق التجارة الحرة مع الولايات المتحدة باظهار المغرب غيرآمن.

اما القاعدة فتحاول تاكيد قوتها بعد تجديد قيادتها، بعدالحديث عن احداث فروع وملحقات تابعة لها عبر دول العالم.

وهي في تحولها الجديد نحو النشاط داخل الدول الاسلامية، ادرجت اسم المغرب ضمن الدول المستهدفة بعد المملكة العربة السعودية وقبل المملكة الاردنية في خطاب لزعيم التنظيم اسامة بن لادن. وقد يعود سبب تضمين المغرب للائحة الدول المستهدفة الى تعاون المغرب مع الولايات المتحدة الامريكية في حربها ضد الارهاب خصوصا بعد احداث الحادي عشر من شتنبر  المعروفة.

   تاريخ العمليات الانتحارية/الاستشهادية:

 العمليات الانتحارية/الاستشهادية بالشكل المتعارف عليه اليوم حديثة العهد اذ لايعقل ان تكون قد حدثت قبل اختراع السويدي الفريد نوبل للديناميت اواخر القرن التاسع عشر. وهي سلاح الطرف الضعيف في مواجهة الخصم القوي وخصوصا في لحظات الياس. ولذلك كان اول من استعملها، على طريقة النحل الغاضب، هم الطيارون اليابانيون(kamikazes) في اواخر الحرب العالمية الثانية ضد البوارج الحربية الامريكية. اما على الارض فكانت اول عملية في الهند اذ فجرت فتاة سيخية نفسها في وجه رئيس الوزراء الهندي راجيف غاندي في منتصف الثمانينيات، وبعد ذلك دخلت العمليات الاستشهادية تراث الانتفاضة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية في الجنوب ضد قوات الاحتلال الاسرائيلي.

 هل دخل المغرب زمن العمليات الانتحارية؟

 لم يعرف المغرب ، حتى في حروب التحرير الوطني،  عملية استشهادية واحدة.  حتى استشهاد البطل المغربي محمد الزرقطوني بتجرعه السم عند اعتقاله من طرف المعمر الفرنسي  خوفا من الوشاية برفاقه لاتدخل في هذا الاطار، لان العمليات الانتحارية بالمفهوم المتعارف عليه اليوم تقتضي الموت مع القنابل، وليس بعدها.  لكن منفذي عمليات الدار البيضاء كلهم مغاربة (14 مغربي) واغلبهم من دور صفيح  واحياء شعبية مهمشة (حي سيدي مومن بمدينة الدارالبيضاء) وفي عمر الزهور(ما بين 19 سنة و25 سنة). فمن اين تسربت ثقافة الانتحار الى سلوكيات المغاربة في ظل خطاب مغربي مهيمن يراهن على قيم التسامح والتعايش لدى المغاربة، وقيم التوازن الاجتماعي والسياسي واجواء الامن والاستقرار؟... ان العدد الهائل من منفذي العمليات الانتحارية المغاربة وهم 14 عنصرا فجروا انفسهم في مدينتهم (الدار البيضاء) طواعية وبطقس احتفالي ) تكبير قبل الانتحار( ، يطرح اكثر من تساؤل...

لماذا صار الشباب المغربي أداة طيعة بهذه السهولة في يد سماسرة الموت والقتل الجماعي؟...

لماذا تحول المغربي عاشق الحياة والاستقلال الى طالب للموت إما على قوارب الموت نحو اوربا  تارة او باحزمة القنابل تارة أخرى؟...

لماذا صار المغربي، حتى حين تفرض عليه جريمة القتل ، يفضل الموت مع القنابل عوض برمجتها والابتعاد عنها؟...

لماذا استبدل المغربي ثقافة الحياة والحرية بثقافة الموت والغياب؟ 

 

محمد سعيد الريحاني

 

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ