الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قمّة المناخ في شرم الشيخ وما تنتظره البشريّة منها .

علي فضيل العربي

2022 / 11 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


لم تكن قمّة المناخ الحالية ، المنعقدة في شرم الشيخ ، و لا القمم السابقة ، لتنعقد أبدا ، لولا عنجهية الإنسان المعاصر و رعونته و استبداده و جبروته و تهوّره ، لكنّ المثل القائل " يداك أوكتا و فوك نفخ . " ، هو خير ما ينطبق عليه ، و يفضح مسؤوليته عن تدهور المناخ .
هذا الإنسان الذي خلقه الله تعالى ، ليستعمر الأرض من خيراتها الظاهرة و الباطنة ، فإذا به يمسي و يصبح في خرابها و استنزافها . فيحرق الغابات ، عمدا أو إهمالا ، و يزيل غطاءها النباتي ممّا نتج عنه التصحّر ، و يلوّث الجو و المياه العذبة و المالحة ، و يغرق التربة بالنفايات السائلة و الصلبة ، المشعّة و السامة . و يطلق العنان للملوّثات الصادرة من المصانع والكبرى و الصغرى ، ممّا أدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب الأرضي ، بواحد في المائة و ربّما إلى واحد و نصف في المائة ، سنة 2030 م ، و ذوبان الجليد ، و حدوث الفيضانات ارتفاع منسوب البحار و المحيطات . كلّ ذلك ، طمعا في تحقيق طموحه الدنيوي ، المتمثّل في التنافس لعولمة الكرة الأرضيّة .
لا أدري ، بالضبط ، إلى أين يريد أن يصل هذا الإنسان بسلوكه المتهوّر ، و هو يعامل الطبيعة ، و كأنّها عدوّ لدود ؟ و هو يعلم ، أن لا موطن له سواها . أم أنّه يفكّر في غزو الفضاء ، لإيجاد كوكب آخر ، و وطن آخر . ككوكب المريخ مثلا . إنّ الفكر الميتافيزيقي ، لن يحقّق للإنسان المعاصر ، و ما بعد المعاصر ، مقدار قطمير من أحلامه المتمثّلة في غزو كواكب أخرى و استعمارها ، كما فعل غزاة الأمس ،حين اكتشفوا قارات و جزر ، و استوطنوها . إنّها ( أحلامه ) ضرب من الجنون و الخبل .
و مهما يكن ، فإن الاستدراك خير من السقوط الحرّ . و معالجة العلّة خير من تركها تستفحل ، و ضياع الجزء أفضل من ضياع الكلّ .
لعلّ قمّة شرم الشيخ بأم الدنيا - التي سيستمّر انعقادها من يوم الأحد 06 إلى 18 نوفمبر الجاري - تتوصّل إلى تشخيص حقيقيّ و شامل للكارثة البيئية ، المهدّدة للوجود الإنساني و الحيواني و الغطاء النباتي . و إيجاد الحلول الناجعة لأزمة المناخ ، نتيجة الانبعاثات الملوّثة ، و الخروج باتّفاق مشترك بين الدوّل المجتمعة ، و خاصة الدول الصناعيّة الكبرى .
و الواضح للعيان ، أنّ العلم المعاصر قد صار له وجهان . وجه مضيء ، نيّر ، و وجه أسود ، مظلم
و لنبدأ بالوجه المنير منه ، فقد استطاع العقل - خاصة منذ القرن عشر الرابع ، و بداية مسيرة الازدهار العلمي و الفلسفي في عصر التنوير الأوربي و النهضة - تحقيق إنجازات علميّة و سياسيّة و فكريّة باهرة ، في شتى ميادين الحياة اليوميّة ، و خير شاهد على ذلك هذا التطوّر التكنولوجي المادي ، و وسائل الترف و الراحة . أمّا وجهه الأسود ، المظلم ، فلا يخفى على من له بصر و بصيرة . لقد ابتدع الإنسان لنفسه نوعا من الخوف و الفزع و ( الفوبيا ) من ذاته . فلجأ إلى اختراع سياسة السباق نحو التسلّح بوسائل القتل و التدمير ، من أسلحة فتّاكة و قنابل تقليديّة و ذريّة و بيولوجيّة و كيماوية و جرثوميّة ، و اختلق حروبا عالميّة مدمّرة ( الحربان العالميتان ) ، و حروبا إقليميّة و أهليّة . و حروبا باردة ، مهّدت لحروب حاميّة الوطيس .
أجلّ ، إنّ الحرب الدائرة ، منذ ثمانيّة أشهر ، بين الروس و الأوكرانيين - أو لنقل بين حلف الناتو من جهة ، خلف الستار الأوكراني ، و الحلف الروسي ، الصيني ، الإيراني ، الكوري الشمالي ، خلف الستار الروسي – بالإضافة إلى أزمة المناخ ، ستقصم ظهر الإنسانيّة ، و ستعيدها إلى العصر الحجري ، إذا تحوّلت إلى حرب نووية . و ستكون انقراضا للجنس البشري ، كما انقرضت الديناصورات قبل آلاف السنين . و بالتالي ستكون نهاية فظيعة لحضارة قضى من أجل بنائها ملايين البشر .
إذن ، فلتكن قمّة شرم الشيخ ، فرصة سانحة للمجتمعين - و خاصة أصحاب الحلّ و العقد - لإيقاف الحرب بين روسيا وأوكرانيا ، و تطهير مناخ كوكبنا الجميل من مخلّفات الرعونة البشريّة و النفايات الضارة . و لتكن البداية ، بتوقيف جميع الحروب و النزاعات ، و إنقاذ ضحايا الجوع و الجفاف و الاستبداد و الإرهاب ، و نشر الأمن و السلام بين عموم البشر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو