الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شركة - ميتا- والقرار الصعب

عزيز باكوش
إعلامي من المغرب

(Bakouch Azziz)

2022 / 11 / 10
الصحافة والاعلام


قال مارك زوكربيرغ ،أن القرار الذي اتخذته مجموعة "ميتا" المالكة لشركة فايسبوك قبل أسبوع ،والقاضي بتسريح ما يناهز 11 ألف موظفا بالشركة ،يعتبر من أصعب القرارات في تاريخها منذ توليه رئاستها. ويأتي قرار العملاق "ميتا "في أعقاب ما اعتبرته الشركة انخفاضا مهولا في أرباحها بلغ خلال الربع الثاني من العام 2022، 4.4 مليارات دولار أي بتراجع 52% على أساس سنوي."
طبعا ،لا يتعلق الأمر هنا بتسريح موظفين مياومين في مرائب منسية تابعة لشركات مجهولة غير مراقبة، نخشى على مصائرهم ونأسف لسقوطهم في أحضان البطالة ،كما لو كانوا في ضيعة أو مقاولة عربية غير مؤهلة . علينا أن نعلم أن المسرحين ال11 ألف هم أطر عليا بحقوق مصانة ومستقبل مضمون ، وخبرة رقمية مشهود عالميا بكفاءتها ، خبرات بمستويات عالية ومؤهلات تقنية مطلوبة ومرغوب فيها على الفور . مكانتهم محفوظة في سوق التطوير والانتاج الرقمي كمهندسين وكفاءات على مستوى عال من الخبرة الرقمية العالية الجودة.
والحقيقة ، أن الكائن التواصلي المجنون ، المغلوب على أمره ،لا يمتلك سوى السؤال : كيف لشركة عملاقة من حجم "ميتا " بقاعدة متفاعلين تناهز الثلاث مليارات نسمة ،وتجذب انتباه أكثر من نصف ساكنة الكوكب ،بعد أن غزت البيوت والأسواق والمقاهي والمحلات ،والمساجد والحمامات ،وسلبت منهم بكل الأريحيات قيمة الوقت ، وروح الأسرة ،واستحوذت بالكامل على جزء كبير من مدخرات الأسر والعائلات باتت تخصصه للتعبئة والتواصل ، أن تعرف هذا النوع من الكساد التجاري؟ وهل من الذكاء تصديق فذلكة انخفاض الأرباح وضمور الإنتاج وكساد البضاعة الرقمية ؟ والحال أن سوق الهواتف الذكية واللابتوبات والحواسيب ،ينغل بالبرمجيات المؤدى عنها ، وتزخر بآليات التطوير الرقمي المتسارعة ،وخيارات وبرامج بجاذبية مذهلة ، أنتجت كائنات بأعين مسمرة 24/24 على الشاشات والهواتف الذكية التي أصبحت نسخها تتجاوز بالبيت الواحد ضعف أفراد الأسرة الواحدة.
وبدل أن يعلن مارك زيكربيرغ عن فتح مكاتب إضافية للشركة في مختلف مناطق العالم ،وتزويدها بموظفين ، وتخصيص جزء من أرباح الشركة ، بضعة ملايين من الدولارات، ووضعها رهن إشارة منظمات الأمم المتحدة ، لمكافحة التدهور البيئي وخدمة التغيرات المناخية ، وتطوير اللقاحات ومحاربة الجفاف الذي يضرب مناطق من العالم ،انبرى هذا الملياردير الشاب بتسريح جزء من موظفيه ،مع تذكير العالم بالتداعيات السلبية لقراره ، منبها إلى آثاره التي قد تمس الكويكبات الدائرة في فلك "ميتا " بما فيها منصات الإنستغرام والفايسبوك والواتساب." وقال في هذا الصدد وفق ما تناقلاته الوكالات" أن هذه التسريحات التي تمس 13% من القوى العاملة في مجموعة "ميتا"المالكة لفايسبوك ستؤثر بالتأكيد على سير عمل مختبر الأبحاث فيها ، الذي يركز على "ميتافيرس"، بالإضافة إلى تطبيقاتها .
إن الارتباط بالأنترنيت ،ومن خلالها التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي اليوم ، لم يعد مقتصرا على جنس وعمر محددين . بل بات شغل الغني والفقير ، البصير والضرير ، الصغير والكبير ، إنه شغل لمن لا شغل له. كما أن سوق الإشهار مثل الجراد ،يأتي على الأخضر واليابس. ومداخيله تعد بالتريليونات من الدولارات . فماهي يا ترى الأسباب الحقيقية وراء هذه الانتكاسة في الموارد البشرية للشركة العملاقة ؟
من شبه المؤكد أن الحرب الروسية الأوكرانية ومخلفات جائحة كورونا التي ضربت الاقتصاد العالمي ألقت بظلالها على الاقتصاديات العالمية ،وقد تكون أثرت بشكل ملحوظ على مجال التكنولوجيا والصناعات الرقمية ومسته في غير الصميم . وبات يشهد ركودا معلنا عكس التوقعات. وليست "ميتا "وحدها من أقدم على مثل هذه القرارات الصعبة ، فهناك العديد من الشركات والمقاولات العالمية أعلنت تسريح أعداد كبيرة من موظفيها وعمالها . ولعل أقرب مثال على ذلك ، إعلان المالك الجديد لمنصة تويتر إيلون ماسك الأسبوع ما قبل الماضي تسريح 50% من موظفي الشركة..
وحسب الوكالات ،يستشف من خلال أرقام المعاملات ، فإن عدة منصات تواصلية وغير تواصلية مدعومة بالإعلانات -مثل فايسبوك وغوغل- تعاني من تخفيضات ميزانية المعلنين في ظل معاناتهم من التضخم وارتفاع أسعار الفائدة.وقال زوكربيرغ في هذا الصدد "إنه كان يتوقع استمرار الطفرة في التجارة الإلكترونية والنشاط عبر الإنترنت خلال جائحة كوفيد-19، وأضاف "لكنني أخطأت في تقديري، وأنا أتحمل مسؤولية ذلك". لكننا نشكك في هذا الأمر ، فالطفرة الكبيرة التي حدثت في التجارة الإلكترونية خلال أثناء وبعيد جائحة الكوفيد 19 خرافية ، ويمكن الجزم بأن أرقام معاملاتها تعد بالتريليونات من الدولارات . إذ لم يكف أي من ساكنة الأرض على الاتصال والتفاعل عبر المنصات مع ما يواكب ذلك من ملايير الوصلات الإشهارية وطوفان الخدمات الرقمية المؤدى عنها .
وعلى سبيل الختم ،يجب أن لا يغيب عن أذهاننا ما صرح به زوكربيرغ ارتباطا بالقرار الصادم . حيث كتب رسالة إلى موظفي "ميتا" يحمل نفسه مسؤولية ما وقع قائلا "أريد أن أتحمل مسؤولية هذه القرارات ،وكيف وصلنا إلى هنا". وأضاف "أعلم أن هذا صعب على الجميع، وأنا آسف بشكل خاص لمن تأثر" بهذه القرارات."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون