الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قنوات الإخوان وأصدقاءهم .. لماذا لندن ؟

أحمد فاروق عباس

2022 / 11 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


التاريخ يعيد نفسه ، ففى الخمسينات والستينات كانت هناك أكثر من ١٢ إذاعة موجهة ضد مصر ، وضد جمال عبد الناصر ، وكلها كانت تحت قيادة المخابرات البريطانية والأمريكية والفرنسية ، ومنها مثلا إذاعة مصر الحرة ..

وكما يحدث حاليا بالضبط من عمل مصريين في القنوات الفضائية الموجهة ، عمل مصريون قديما فى تلك الاذاعات الموجهة ، وكان أشهرهم في الزمن القديم الصحفى أحمد أبو الفتح ..

هل حققت تلك الإذاعات القديمة شيئا ؟

لا .. لم تحقق أى شئ ، ومشى وراءها - كما يمشى اليوم وراء قنوات الإخوان وأصدقاءهم - ضعاف العقول أو ضعاف النفوس ، أو أبناء التنظيمات التى ضربها عبد الناصر قديما أو ضربها السيسي حديثا ..

نفس الكلام الفارغ ، نفس الاشاعات ، نفس الحرب النفسية ، ونفس العمل تحت خدمة مخابرات دول أجنبية ، هى التى فتحت لهم الإذاعات قديما ، وهى التى تفتح لهم الفضائيات اليوم ..

ودائما وفى كل عصر هناك ضعاف العقول ، أو ضعاف النفوس ، أو ضعاف الجيوب ممن هو مستعد أن يعمل مع تلك الأجهزة الدولية وفى قنواتها ..

المتغير الجديد فى قصة قنوات الإخوان وأصدقاء الإخوان هى وصولهم في تجوالهم عبر المنافى إلى لندن ، أو لندنستان كما تسمى ، بعد رحلة طالت ما بين الدوحة وإسطنبول ، وحتى فى الدوحة واسطنبول لم يكن الأمر بعيدا عن الأيدى والنفوذ والتوجيه البريطانى ..

هو بمثابة رجوع الشئ إلى أصله ، فلندن هى الأم الرؤوم لكل الحركات السرية من كل الطوائف والأديان والأعراق ..

ويبدو للمتابع البعيد ، وغير الدارس للتاريخ البريطانى أن سلوك بريطانيا فى سياستها الخارجية من الغرائب ..

بريطانيا لا تنسى أبدا أنها كانت في يوم من الأيام دولة عظمى ، وحتى عندما دار الزمن دورته وأصبحت دولة عادية ، فإنها تلعب ألعاب فى منتهى الخطورة ..

فمثلا في الحرب الروسية الأوكرانية ، اتهمت روسيا بريطانيا رسميا بأن المخابرات البريطانية وراء تدمير خط غاز السيل الشمالى ، وهو خط نقل الغاز الرئيسي من روسيا إلى أوربا ، وكان الغرض ضرب التقارب الروسي الألماني - وهو ما تسربت بشأنه المحادثات السرية بين البلدين - فى مقتل ..

وقبلها تسليح بريطانيا للأوكرانيين بأسلحة بحرية متقدمة ، اغرقت واحدة منها إحدى قطع الأسطول الروسى في البحر الأسود ، ما دعا الكرملين لتسريب أن ضربة عسكرية روسية للندن - غير مستبعد أن تكون نووية - ربما يكون محتملا ..

ولو فعلها الروس لقضوا على مصدر للفتن حول العالم لا يتوقف ..

بريطانيا هى أول من بدء قصة التلاعب بالأديان في سياستها العالمية ، فخلقت اليهودية السياسية ( ممثلة في الحركة الصهيونية ، التى تجسدت فيما بعد فى دولة إسرائيل ) ..

وبريطانيا هى التى اخترعت الإسلام السياسي ( الذى بدء بحركة الإخوان المسلمين ، ثم تناسلت بعد ذلك حتى وصلنا إلى القاعدة وداعش وعشرات غيرهم ) ..

ولم تكتف بريطانيا بالتلاعب داخل الأديان ، بل اخترعت أديان جديدة كاملة ، ففى القرن ١٩ وأثناء سيطرتها على الهند وأجزاء واسعة من آسيا ، أنشأت البهائية والقاديانية ، وعمل النفوذ البريطانى السرى على نشر هذه الديانات الجديدة !!

وفى القرن ٢٠ لم تكن الأيدى البريطانية بعيدة عن صعود الشيعية السياسية ، وقد استخدمت بريطانيا الحركات الدينية الشيعية في طرد مصدق من السلطة في إيران في الخمسينات وإعادة الشاه إلى عرشه ، و استخدمت نفس رجال الدين الشيعة في السبعينات لطرد الشاه نفسه من عرش الطاووس ، وبدء عصر حكم رجال الدين الشيعة !!

ومن هنا بدء عصر الإسلام السياسى ، بشقيه السنى والشيعى ، وعودة تناقض دينى داخل الإسلام انتهى منذ نحو ١٥٠٠ سنة ..
وعودة الفتنة الكبرى بين على ومعاوية ، في صورة جديدة فى القرن العشرين وما بعده !!

وهى مقر أغلب الحركات الباطنية كالماسونية مثلا ، وترى في كل تلك الحركات - الدينى منها وغير الدينى والحركات شديدة السرية - وسائل لبلوغها قمة النفوذ العالمى ..

ليس غريبا بعد كل ذلك أن يكون مقر التنظيم الدولى للإخوان المسلمين فى بريطانيا ، وأن يجعل كبار قادة الحركات الإسلامية وغير الإسلامية والسرية حول العالم لندن مقرا وملاذا لهم !!

واليوم تفتح قنوات فضائية للإخوان المسلمين وأصدقاء الإخوان المسلمين من يساريين وليبراليين بل وملحدين !!

وليس فقط القنوات الفضائية ..

فقد نشرت صحيفة الاندبندنت في ١ أكتوبر ٢٠١٩ خبراً توقف عنده كثيرون ، وهو أن رئيس تحرير قسم الشرق الأوسط وإفريقيا في تويتر ، واسمه جوردون ماكيلان ، هو ضابط فى وحدة الحرب الإعلامية فى الجيش البريطانى ، ويخدم في اللواء ٧٧ المتخصص فى الاشتباك غير الفتاك ، وأن اللواء يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي ، بما في ذلك فيس بوك وتويتر " للقتال في عصر المعلومات " ..

ألعاب خطرة وأخرى بهلوانية تلعبها لندن ، ولم تؤد - ولن تؤد - إلى شئ ، لأن بريطانيا الإمبراطورية التى لم تكن تغيب عنها الشمس إنتهت إلى غير رجعة ..

ولأن حركاتها الإسلامية وغير الإسلامية التى تحركها من وراء ستار غربت شمسها هى الأخرى ، ولم تعد الشعوب مستعدة لتصديق خزعبلاتها مرة أخرى ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة