الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أكتب لكم من الجنوب ( 7 )

علي فضيل العربي

2022 / 11 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


ما زلت أكتب لكم من الجنوب . ها قد اجتمع عندنا ، و فوق أرضنا الجنوبيّة ، خلق كثير من العجم و غير العجم ، و من جميع الأطياف البشريّة . الأقوياء و الضعفاء ، الأغنياء و الفقراء ، الظالمون و الضحايا المظلومون . لقد اجتمعوا في شرم الشيخ ، الشاب إلى جانب الشيخ . جاءوا يناقشون معضلة تغيّرالمناخ ، لعلّهم يجدون لها حلاّ ناجعا ، يريح الأحياء و الأموات . و إنّنا لنرجو – نحن أهل الجنوب – أن تتكلّم العقول قبل القلوب ، و يستمع القويّ للضعيف بأذن صاغيّة و واعيّة . و أنّ لا يكون جمعهم من أجل شرب القهوة البرازيليّة و اليمنيّة و الشاي الصيني ، و التلذذ بطعم جمبريّ البحر الأحمر، بينا الحرب الفظيعة ، مازالت دائرة رحاها في الشمال ، بين جماعتي الروس و الأوكران . و كأنّ الأمر لا يهمّهم ، بل وكأن تلك الحرب القذرة تدور في كوكب آخر غير كوكب الأرض .
جاء الأقوياء ، و قد بدت على وجوههم أمارات القلق . لقد نسوا أنّ كوكب الأرض ، لم يكن ليشكو من الاختناق و التلوّث و التصحّر ، لولا علومهم الضارة . و عقولهم المتهوّرة .
كانت الأرض جميلة ، ساحرة ، فتاة بكرا لم تطمث ، و لم يمسسها سوء . فاتنة بجداولها و خمائلها ، و بحارها صافيّة و أنهارها ، تسع الجميع ، الإنسان و الحيوان و النبات . إلى أن أفسدها طمع الإنسان و جشعه و رعونته . ربّما كان يفكّر ، و مازال ، في الفرار إلى كوكب آخر . بعدما أغراه عقله ، و فتح له عوالم الفضاء . عجبا ، لهذا الإنسان المعاصر ، ينفق آلاف الملايير بحثا عن موطن آخر ، لا وجود له ، إلاّ في خياله الميتافيزيقي ، بينا الأرض التي منها خلق ، و إليها يعود ، أمامه تستغيث من مظالمه .
ليقل لنا أهل الشمال ، نحن أبناء الجنوب ، ما جدوى صناعة القنابل النوويّة و البيولوجيّة و الكيماوية و الجرثوميّة ؟ ماذا استفاد العالم من تجاربكم لأسلحة الدمار الشامل ؟ ماذا جنيتم من قنبلتي هيروشيما و نكازاكي ؟ ماذا جنت البشريّة من الحروب السالفة ؟ و ماذا ستجني من الحروب الحاليّة ؟
هي أسئلة ليست عسيرة ، بل في منتهى اليسر ، و إجاباتها لا تحتاج إلى تفكير مليّ .
يا سادتي الكرام في الشمال ، إنّ مسألة أو لنقل أزمة تغيّرالمناخ ، و تدهور البيئة ، مسألة تخصّكم ، أنتم وحدكم . أنتم الذين أطلقتم العنان لغازات مصانعكم السامة . أنتم الذين لوّثتم الكوكب الأرضي بالنفايات السامة و القاتلة . أنتم الذين تفكّرون في الرحيل إلى المريخ أو القمر أو إلى كوكب آخر ، للعيش هناك . و تتركوننا – نحن الفقراء ، الجياع ، الحفاة – وراءكم ، ندفع ثمن جنونكم .
لكن ، كونوا على يقين ، بأنّ كلّ حيّلكم الشيطانيّة ، و كل طموحكم ، و كل علومكم الميتافيزيقية ، ستسقط عند أول خطوة خارج غلاف الكوكب الأرضي . أنفقوا أموالكم في إنقاذ أهل الجنوب من الجهل و المرض و الجوع و العطش و الاستبداد و الإرهاب و الموت البطيء و السريع .
يا سادتي الكرام في الشمال ، لقد بلغ السيل الزبى ، و قصمت سياساتكم ظهورنا . أخبرونا ، هل تروننا بشرا مثلكم ، أم نحن في نظركم مجرّد كائنات تحبو على قدمين و ساقين من عظم ؟ هل ترون أنّنا نستحق الحياة فوق الأرض ، أم أنّ وجودنا بينكم خطأ كونيّ و حال فضلى ؟
إنّنا ، يا سادتي الكرام ، نحبكم في الله حبّا إنسانيّا ، و نقدّركم على إحسانكم . نحن لا نعرف للكراهيّة طريقا نحوكم . فمهما ، يكن فنحن إخوة في الإنسانيّة ، لأبناء – نحن و أنتم – أبناء رجل و امرأة ، أبناء آدم و حواء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا