الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طرق الدهشة

سوزان خواتمي

2006 / 10 / 5
الادب والفن


هاوية فُتحت تحت قدميها ، تركت نفسها تسقط ببطء في الفراغ ، تتأرجح تحت مظلة هبوط اضطرارية .
بدأ تعارفهما بسؤال مكرر وإجابة متعثرة .. تلاهما حوار أمتع ما فيه أنه سينتهي حتماً عند محطة الصمت الأخيرة .
أطبق على كفها وعصر أصابعها بقسوة .. شعرت بلذة مازوتشية .. لم تسحب يدها .. كفها المتواطئة نسيت أصول اللياقة بين الغرباء ، و تصمغت مطمئنة داخل كهفها الدافئ .
بالهدوء الذي تستطيع افتعاله امرأة ضجرة ، استسلمت دون مقاومة للنمّال المباغت .
قال لها بصوت يتسرب همساً :
" أسعدتني يا آنستي .. وتشرفت بمعرفتك ، اسمحي لي أن أصافحك "
ذابت خجلاً حتى تلاشت .. لم يمنحها الكثير من الوقت .
صمتها المرتبك جعله يبادر إلى كفها المترددة ، مطبقاً عليها .
كان شعورها عصياً على التفسير ، فزوجها رحمه الله كان يغير عليها دون مقدمات ، لم تعد تذكر المرة الأخيرة التي قبلها فيها ، فكيف تتذكر لمسة اليد ؟ .
حرارة الرجل الغريب تسللت حتى آخر خلية نائمة في جسدها البارد ، وأي رجل ! كان في ذهنها ذات خيال ، بعظمي فكه الواضحين ، وعينيه الجريئتين كمجهر مفتوح على غياهبها ، وتناغم طبقة صوته مع حروفه المنطوقة ، جبهته العريضة ، و شعره الحليق ، أظافره المقلمة ، وحذائه النظيف . راقتها طريقته المباغتة في التعبير عما يريد ، وبؤبؤا عينيه اللذان حطا فوق وجهها يحصدان تفاصيلها المنسية ..لم يردعه أنهما بالكاد تعارفا .
أشعة الشمس تسللت إليها عبر شجرة الصفصاف وغمرتها ضوءاً وظلاً .
رغم برودة هذا النهار التشريني والحديقة شبه الخالية إلا من أطياف ثنائيات تبحث عن دفئها المفقود ، فإنها أرخت كتفيها مطمئنة ، لتوطد معرفتها بالغريب العابر - الشاب الذي استأذن ليجلس إلى جوارها - بدأت تسترسل بأكاذيبها الصغيرة ، فقاعات صابون تطير في فضاءات يطيب لها اختلاقها دون عناء في التفكير .
زعمت أنها نشوة .. رغم أن اسمها نداء .
تعمل مضيفة جوية وهي في رحلة استجمام أرضية بعيدةً عن مطبات السماء وتهور الطائرات .. رغم أنها ربة منزل ولولا عطرها الرخيص النافذ لفاحت منها رائحة مطبخ .
ترفض الزواج لأنه نظام اجتماعي فاشل ستضطر إليه حين ترغب بالإنجاب .. رغم أنها أرملة منذ سنتين وعندها طفلان ، أكبرهما مازال يبول في فراشه .
تهوى الأدب وتقرأ للكثيرين من الكتّاب الذين لا تحضرها أسماؤهم .. رغم أن آخر كتاب تصفحته مجلة قديمة تنشر أخبار الفنانين وتملأ صفحاتها بألوان فضائحهم حين كانت تنتظر دورها في غرفة انتظار طبيب يعالجها .
تؤمن بالمساواة دون ضوابط وهي منتسبة لجمعية المرأة المتحررة .. رغم أن أباها كان يضربها ثم أخاها وزوجها آخر الكائنات الذكورية الذين استباحوا أوجاعها .
منحها رفيق المقعد إحدى ابتساماته الحانية ، وهو يصغي بنصف أذن ، فقد بدت له بجفنيها الذابلين سيدة ساذجة يطوف فوق ملامح وجهها بقايا جمال حائر .
استطاع ممارسة هوايته القديمة في النط على الحبال والمشاعر واقتحام أسرار الصدور .
اسمه شادي .. رغم انه محمود .
مدير بنك .. رغم أنه موظف بسيط في إدارة البريد والبرق والهاتف .
متزوج وأوراق طلاقه تأخذ دورها في المحكمة الشرعية .. رغم أنه يحب خلود وينتظر أن يرق قلبها لتحبه .
يهتم بالالكترونيات وهو خبير ضليع بالكمبيوتر والانترنت وبدأ بعمل برامج خاصة به .. رغم أنه معرفته بالأجهزة الكهربائية والالكترونية تقتصر على قفلي التشغيل والإغلاق .
تعجبه كثيراً لأنه من مناصري حرية المرأة .
" أسعدتني يا آنستي .. وتشرفت بمعرفتك، هل أنتظرك غداً في الموعد نفسه ؟"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس