الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زَفة .... قصة قصيرة

منى نوال حلمى

2022 / 11 / 11
الادب والفن


الليلة ، التوقيت الرسمي لاجتياح الحنين .
الليلـة ، تتناثر الأشجـان تسألني ألف سـؤال .. أنجـاهل كل الأسئلـة ،وأحتضن السؤال الألف.
كيف سأقضي ليلتي ، وأنا تلفني الفضيحة ، والعار؟ . نعم ، فالحنين إلى رجل مثلك فضيحة لا تليق بي. الحنين إلى رجل مثلك عـار ، لا يبرره شيء ، لا يستره شيء . بالتأكيد ، أستحق شيئا أفضل من الحنين .
ما زال الحنين يلح ، ويخلص في الإلحاح . وما زلت أنا على مقعدي المواجه للسماء ، أسألها المغفرة ، وأن تستر على حنيني .
قررت الخروج ، لأنسى ما يداعب الذاكرة. لا أدري كيف وجدتني في المكان الذي احتضن كل ما كان من أمرك وأمري .
ومنذ أن لاح في الأفق نجمة مضيئة على ضفاف النيل ، ورعشة مـوحية بأجمل ما في الكون ، تمس كياني .
تمهلت وتأملت .
كل شيء يذكرني بما لا أود تذكره ، يذكرني بما لا أود نسيانه.
الأضواء المتأرجحة على صفحة المياه .. القوارب الصغيرة المنتظرة نداء عاشقين .. بائعـة الفل المتشحة بالسواد .. انسياب الأغنيات في الهـواء ، مؤامرة محكمة ضدي ، تسخر من سذاجتي. فكيف ظننتني مطلقة السراح ، وقد أخذتني خطواتي إلى عقر دار الحنين ؟ . كيف ظننتني سأنساك ، وأنا ضيفة في مكانك المفضل ؟ .
هزمتني المؤامرة . فرددت وأنـا أدخل من الباب الزجاجي ، " لا مفر من الفضيحة" . دخلت ، تسبقني رائحتك ، تبارك رحلة الحنين إلى عينيك .
وما هي إلا لحظات ، حتى امتلأت الردهة بالضيوف . سألت قالوا : " زفة عروسة ".
من بعيد ، أشاهد طقوس ما يسمونها " ليلة العمر" .. أشعلت سيجارة .. الضجـة غيـر محتملـة .. لماذا لا يفرح الناس في هـدوء ؟؟ . سـؤال يمتزج بسحابات الدخان ، ولا يتحول إلى رماد.
يقولون إن هذه " الزفـة " هي حلم كل فتاة ، وأمنية كل امرأة. يبدو أنني لست امرأة ، ولم أكن يوما فتاة. فأحلامي لا يتجرأ رجل على الدخول إليها ،وأمنياتي مرجعها وحدتي في الكون ، لا صحبتي مع رجل. لا أتصورني أبـدا عـروسـا تُزف إلى عـريـس . لا أتصورني أبـدا زوجة لرجل يرحل . ولا أنصور كيف أهب نفسي إلى رجل وسط الضجة والعيون المتطفلة . فهذه أسرار القلب ، تصبح كالعبادة وكفعـل الخير أعظم وأجمل ، حين تُخفى عن الأنظار .
لا أتصـور كيف يكـون لقاء الجسد الحميم ممتعا .. موحيـا ومبدعا ، وقد نال رضـاء ومباركة الناس في حفـل عام ؟ . وما فضيلته إذن وهو سـابـح مع التيار ؟.
المسافة بيني وبين الـ " زفة " لا تسمح لي برؤية العروس والعريس . لكن ما حاجتي إلى رؤيتهما ؟ . فكل الذين يتزوجون متشابهون .
مسكينة هذه العروس .
خدعتها الأضـواء ، والزغاريد والطـرحـة البيضاء .. خـدعها العريس المتأنق . يا لهـا من بلهاء . فما هي إلا ليـال معدودة ، وتكتشف أكبر أكذوبة عرفها التاريخ .
الـزواج .. الزواج .. الـزواج .. الكل يفكـر فـي الـزواج .. الكل يلهث من أجل الزواج .. ذلك الفخ المنصوب للرجال والنساء .
حتى أنت وقعت فيه . وقد كنت أعتقدك أكثر فطنة .
ما زلت أتذكر حوارنا المتكرر .
: لماذا ترفضين الزواج .. لماذا ترفضين الاستقرار والأسرة والإنجاب .
: أنا لست للزواج .. ولست للإنجاب والاستقرار ليس من أحلامي .. ألا تكفي ملايين النساء اللاتي يتزوجن وينجبن كـل يـوم .. الزواج اختيار وليس قدراً..
: ولكن ما مصير حبنا ؟.
: مصير الحب هو الحب
: أريد أن نتزوج وأعدك ...
: لا تعدني أرجوك بشيء .. فأنا لا أتزوج .
: لست جادة في مشاعرك تجاهي ولست صادقة في حبك .
: أهكذا تفكر ؟ . الزواج جدية والحب هزار ؟.
: لأنني أحبك أريد أن أعيش معك .
: أنا لا أعيش مع أحد .
أيها الأحمق ، كيف يجتاحني كـل هـذا الحنين إليك ، وتفكر في الزواج بي؟. كيف تفكر في النجـوم .. ونحن نسكن القمر ؟ . أنت المتهم بعدم الحب . ولست أنا .
ما زالت الـ " زفة " تمارس طقوس الخـداع . أريد الانصراف ، لأنفرد بالحنين إليك . أجد صعوبة في اختراق الزحام والابتسامات والزغاريد .
رغم تأكدي من أن كل المتزوجين متشابهون ، إلا أنني وقبل تركي المكان انتابني حب فضول مفاجئ لرؤية آخر اثنين وقعا في الفخ ..
التفت ناحية " الزفة " ، و ..
وكنت أنت " العريس " .
-----------------------------------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل