الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العزيمة : قصة قصيرة

صبيحة شبر

2022 / 11 / 12
الادب والفن


العزيمة

قررت هذه الساعة أن تضعي حدا لمعاناتك الطويلة وتعبك المستمر ، صبرك فاق الحد و نضالك يسير في طريق مسدود ، لا كلمة عرفان ولا نظرة من عين ، تشعرك إن إيثارك اللامحدود لم يكن عبثا وان حبك آتى بعض أكله ، هذه الساعة فقط تمتلكين القوة التي طالما حلمت بها ، وتقهرين ضعفك ... لمَ الاستسلام ؟ولمَ يتواصل معك نزيف القهر ، وماذا جنيت من سهرك الليالي الطوال بجانب سريرها تعتنين بها ، الأمهات يحلمن أن يكبر الأولاد وتنمو البنات ليتمتعن بالحياة وقد أزهرت الشجرة المعطاء، وأينعت ثمارا من زهرات جميلة، تمنح شذاها الجميل فماذا تنتظرين أنت ؟ تحملت أوجاع الحمل وتعذبت أثناء الولادة ، وسهرت بجانب المهد ليالي طوال تأملين أن تثمر جهودك بكلمة شكر او نظرة حنان، أو لفتة محبة ،تنسيك كل ما قمت به من جهود ، هذه اللحظة تقررين أن تتناسى كل تعبك المضني ، فالحياة جدير بها الأقوياء، أما المساكين الضعفاء فلا يستحقون أن يعيشوا ، ولدت قطعة من اللحم لا تملك الأحاسيس الخمسة ، انتظرت أن تعبر عن مشاعر ، ان يرتسم على محياها معنى ، انتظارك طال بلا فائدة ، وجهها مبهم ،فمها المفتوح دائما يطالب بالمزيد من الطعام ، تلتهم ما تقدمين لها بدقائق ، وتفتح فمها من جديد ، حتى مضغ الطعام لا تعرفه ، تعبت وبلغت معاناتك حدا لا يمكنك المواصلة ، أنت إنسانة ، هرب منك زوجك وابناك ، وخاصمتك ابنتك قائلة ان زوجها لايفهم ترددك السقيم هذا ،طالبوك جميعهم أن تضعي حدا لهذه الحياة العسيرة التي تكتوين بنارها ، وأنت وحدك المسؤولة عن هذا الاستمرار ، عطفك يقف حائلا دون تحقيق ما يريدون ، هي قطعة لحم لا تشعر ولا تنطق ، حتى كلمة ماما التي حلمت بها وناضلت وتحملت كل الصعاب من اجلها، لم تعرف كيف تقولها ، مخلوق فريد لا يملك القدرة على شيء ، الطفل حديث الولادة يضحك حين تناغينه وتلعبين معه، يتعرف الى أمه من بين العديد من الناس ، ضاعت أحلامك سدى وخابت آمالك ،وغادرك الزوج والابناء آملين منك ان تقرري وأد معاناتك المستمرة، كي يعودوا إلى عشك الدافيء الحاني..
لا صعوبة في تنفيذ ما اعتزمت عليه ، تبتعدين عن مكان نومها، وتحاولين الخروج من المنزل ، مهامك كثيرة وعليك انجازها بين شراء الحاجات الضرورية ومتطلبات المعيشة ، كثر دائنوك ولم تعد وظيفتك قادرة على الوفاء، بمتطلبات الفم المفتوح ، فم نهم لا يشبع ولا يرتوي ، تظلين تضعين فيه ما عندك من لقم فيزدردها طالبا منك المزيد ، أين يمكنك الهروب؟ لعنة حلت عليك وكنت تظنينها نعمة ،تنسيك تعب الأيام وسهد الليالي الطوال، حرمت نفسك من الكثير ، ومنحتها عن طيب خاطر ، تحبسين نفسك في المنزل ، رغبة في تنفيذ ما تطلب منك ، لا تعرف الكلام ولا تستطيع المشي ، عيناها خاليتان من التعبير،لا يبدو عليها معرفة من تكونين، تفتح فاها، تطلب منك المزيد وأنت متأهبة للطاعة ، لا تعرفين ما العمل
- اخرجي سيدتي من المنزل ، وامكثي هناك ساعات ولا تعودي قبل يوم كامل..
هل حقا حان وقت الخلاص ؟ وهل تستطيعين فعلا أن تنفذي ما أشار به عليك الطبيب ، كلهم نصحوك بإنقاذ نفسك من براثن هذا المخلوق الغريب ، الأمل ما فتيء يداعب خيالك ، من يدريك لعل الطب يتقدم ،ويكون قادرا على إنقاذها مما تعاني منه من تخلف ،وضمور الأحاسيس، من يعرف ماذا تخبئ لك الأيام ؟ لم يطاوعك قلبك على الإقدام ،على فعل يأباه لك القلب وترفضه العواطف ، ولكن أي قلب هذا وأنت ظمأى لمن تناديك بماما ، وقد بذلت من اجلها كل ما تستطيعين ،وهرب زوجك واولادك ومعارفك وأصدقاؤك، طالبين منك التسلح ببعض شجاعة يتطلبها الموقف السليم
قررت هذه اللحظات ان تنقذي نفسك وان تبدئي من جديد ، لعل الشمل يلتم ،والجرح الغائر في الأعماق يندمل ، والخيبات المتلاحقة تبرأ أسقامها المعشعشة في الروح ، لا يتطلب الأمر جهودا فوق العادة ، وسوف تنقذينها أيضا مما هي فيه، فلا نفع فيها.
- فكري بالأيام سيدتي ، ماذا يمكنها ان تفعل حين يحل بك مكروه ؟ ستظل وحيدة ، إنها عاجزة عن أي شيء .
تستمعين الى النصائح ،تنهمر عليك من كل الجهات ، وصراعك رهيب ،ليس بمقدورك أن تبتي بالأمر ، لماذا لم يقم بهذا العمل زوجك او ابنتك ؟ اوابناك الغائبان ؟ولماذا تركوك وحدك مع هذه المهمة الشاقة ؟
أعباء الحياة تشتد صعوبتها عليك، وأنت وحيدة مع مخلوق لا يعي شيئا ويطالبك بإطعامه باستمرار
- قلبك مريض ، رعايتها والقيام بكل أمورها وتنظيف ما تحتها ، يتعب قلبك ويضعفك ..
- كوني قوية ونفذي ما اشرنا به عليك
تنظرين إليها ، خالية من كل صفات الإنسان ، كتلة ليست متناسقة تأكل بشراهة..
- إنها مخلوق غريب ، توجد بنسبة واحد بالمليون
- ستعذبك ، تفترس قدرتك ، تقضي على طاقتك ، ليس لديك الخيار
تسيرين في الشوارع المتعددة، شارع يفضي بك إلى آخر، قلبك يفكر بها ، هل يمكنك الاستمرار في عمل ما قررت القيام به ، وقلبك هل تستطيعين إسكاته ، الحيرة تستبد بك ، هجرك الجميع ، أدركوا ألا نفع يرتجى ، الطب عاجز ، وإمكانات الشفاء مستحيلة ، وقد خلت المخلوقة من أي رغبة ، تمضي الساعات طويلة كئيبة ، هل تواصلين ؟



16 آب 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد فهمي يروج لفيلم -عصـ ابة المكس- بفيديو كوميدي مع أوس أو


.. كل يوم - حوار خاص مع الفنانة -دينا فؤاد- مع خالد أبو بكر بعد




.. بسبب طوله اترفض?? موقف كوميدي من أحمد عبد الوهاب????


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: كان نفسي أقدم دور




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -الحشاشين- من أعظم