الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صعود الفاشية الصهيونية يكشف اسرائيل على حقيقتها

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2022 / 11 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة كشفت إسرائيل على حقيقتها ومن دون تزييف أو مساحيق تجميل، فهذه هي إسرائيل: مجتمع مشبع بالعنصرية والتطرف وقد تربت اجيال منه على ثقافة استعلائية وعنجهية وكراهية الآخر الفلسطيني أو العربي او المسلم وحتى الافريقي المهاجر بحثا عن عمل. الانتخابات الأخيرة ( الأول من نوفمبر) كسرت حالة التعادل بين المعسكرين والتي سادت خلال دورات الانتخابات الأربعة الأخيرة منذ مارس 2019،
ولكن من المهم هنا التدقيق في المصطلحات ، فالمعسكران المتنافسان ليسا معسكر سلام وحرب، أو يسار ويمين، وإنما هما معسكر أنصار بنيامين نتنياهو ومعسكر خصومه، والخلافات بينهم ليست على سياسة إسرائيل تجاه القضية الفلسطينية والعرب، وانما تجاه مجموعة من القضايا الداخلية أبرزها الفساد والتهم التي تلاحق نتنياهو ، ومحاولاته لتكريس نظام سياسي يقوم على التسلط الفردي وتهميش مؤسسات الدولة، أما بشان السياسات التي تمارس تجاه الفلسطينيين وقضيتهم فقد سارت الحكومة المنتهية ولايتها برئاسة الثلاثي بينيت- لابيد- غانتس على ذات المنهج والسياسات التي دشنها نتنياهو في ولاياته السابقة والقائمة على محاولات فرض الحل السياسي النهائي على الفلسطينيين بالقوة ومن دون انتظار المفاوضات.
الفائز الأبرز في الانتخابات هو تيار اليمين الفاشي ممثلا بحزب الصهيونية الدينية، الأكثر تطرفا الذي حصل على 14 مقعدا من اصل 120، وبات يمثل الشريك الأبرز لحزب الليكو برئاسة نتنياهو (32 مقعدا) وقد حرص نتنياهو شخصيا على توحيد صفوف هذا اليمين المتطرف بعد أن دبت بينهم الخلافات سابقا على توزيع المقاعد.
يختلف اليمين الفاشي المتطرف في إسرائيل عن أي يمين متطرف في العالم، في العادة نقصد باليمين الجديد والمتطرف تيارات مثل المحافظين الجدد والنيوليبراليين، وأنصار الخصخصة، ومعارضو الأجانب والأقليات، لكن أهم ما يميز اليمين الإسرائيلي الجديد هو تبنيه للعنف ، وليس دفاعه النظري عن العنف ضد الفلسطينيين والنزعات العسكرية والأمنية لحل الصراع فقط، بل ممارسة العنف عمليا من خلال دعم تشكيلات ومجموعات ميليشوية مثل "شبيبة التلال" و "تدفيع الثمن – تاغ محير" وجمعية "لهافا" وكلها جماعات تمارس السطو اليومي على أراضي الفلسطينيين وتقطع الطرقات وتحرق المزروعات وتتلف اشجار الزيتون وتسمم مصادر مياه الشرب للفلسطينيين وهكذا.
الزعيم الأبرز لهذا التيار هو ايتامار بن جفير وهو محام متخصص في الدفاع عن الارهابيين مرتكبي الاعتداءات على الفلسطينيين ، فهو محامي المستوطنين الذين أحرقوا عائلة دوابشة، ومحامي قتلة الطفل الشهيد محمد ابو خضير حرقا، وبن جفير هذا هو سلسل التيار الكهاني العنصري المتطرق الذي سبق لإسرائيل نفسها أن حظرته ومنعته من المشاركة في الانتخابات، ويوجد لبن جفير 52 ملفا جنائيا لدى الشرطة الاسرائيلية بتهم الاعتداء على افراد الشرطة والجيش والمواطنين الفلسطينين وما شابه ذلك من أعمال عربدة.
ثمة أسباب موضوعية وعميقة لفوز هذا التيار المتطرف ابرزها زيادة عدد المستوطنين ونسبتهم إلى عدد السكان اليهود (نحو 15%)، وثانيا الانزياح والجنوح المتزايد نحو اليمين واليمين المتطرف لشعور المتطرفي الاسرائيليين والاسرائيليين عموما أنهم معفيون من المحاسبة والملاحقة على جرائمهم، وأنهم يفلتون من العقاب في كل جريمة يرتكبونها، وأن الاحتلال نفسه هو مشروع مربح ولا يكبد المجتمع الاسرائيلي اي خسارة لا في امنه ولا في مكانة اسرائيل الدولية، بالاضافة إلى حالة التعبئة العنصرية المستمرة ضد كل من هو غير يهودي، وكذلك إفلاس اليسار الإسرائيلي الذي عجز عن بلورة بدائل لسياسات اليمين سواء في الشأت السياسي أو الاجتماعي، لا بل راح يقلد اليمين في تبني مواقف متطرفة وعنصرية.
قد يشكل فوز اليمين واليمين المتطرف سلاحا ذا حدين إذا أحسن الفلسطينيون وأصدقاؤهم استخدام النتيجة لتعرية اسرائيل وإظهارها كما هي كدولة تبني نظاما شاملا للتمييز العنصري (الأبارتهايد) وترتكب جرائم حرب بما فيها جرائم التطهير العرقي، اسرائيل تقدم نفسها كجزء لا يتجزأ من المجتمع الأوروبي الغربي بثقافته وتقاليده الديمقراطية ولذلك سيشكل تعاظم نفوذ التيار الفاشي المتطرف عنصر إحراج لإسرائيل ونتنياهو ( ولذلك ربما يلجا نتنياهو غلى تحجيم هذا التيار ومحاولة استمالة عناصر من معسكر الخصوم وخاصة من حزب بيني غانتس وجدعون ساعر) .
فوز اليمين الصهيوني المتطرف واليمين الدينية يقلق فئئات واسعة من الاسرائيليين، فقد ثبت بالممارسة أن تبني العنف تجاه الفلسطينيين يقود إلى تبني العنف تجاه الاسرائيلي المختلف ( متدينون ضد العلمانيين، يمين ضد يسار، شرقيون ضد غربيين، رجل ضد امرأة وهكذا)، كما أن قوتهم في الكنيست والحكومة سوف تتي لهم فرض قوانين جديدة تطال الحريات العامة والحريات المدنية والشخصية وفرض حالة من الإكراه الديني، والمساس باستقلالية المؤسسات القضائية.
تاثير الحرب في أوكرانيا: تملك اسرائيل علاقات مميزة مع الطرفين المتحاربين، وتوجد مجموعة اثنية روسية كبيرة جدا في اسرائيل (حوالي مليون) يسميها البعض جالية روسية في اسرائيل، وجالية اقل قليلا اوكرانية ولكن دورها مهم جدا بسبب دور اليهود التاريخي في اوكرانيا، الحرب احرجت اسرائيل التي تملك مصالح متشابكة مع روسيا سواء بسبب الوحود الروسي في سوريا أو بسبب حجم التجارة وتبادل التكنولوجيا. وقد تعاملت اسرائيل مع الازمة كنافذة للتهديدات والمخاطر والفرص من جهة اخرى، وخاصة فرصة تهجير مزيد من اليهود، وزيادة مبيعات الاسلحة، وفرض دور دولي بارز في الوساطة والمباحثات. مع استمرار هذه الحرب بات الموقف الاسرائيلي يميل بصراحة أكثر لصالح اوكرانيا وربما كان ذلك بضغط من الولايات المتحدة التي لا تبدي تسامحا تجاه من يخالفها من اصدقائها، اسرائيل بالتحديد لا تستطيع ان تخالف الولايات المتحدة الا على المستوى التكتيكي والمناورات العابرة ولكنها استراتيجييا لا يمكن لها ان تستغني عن الدعم الاميركين ربما يختلف الوضع قليلا مع مجيء نتنياهو المعروف بعلاقاته الجيدة مع الرئيس بوتين، وقدرته اكثر على المناورة.
نص حوار لجريدة المغرب التونسية اجرته الزميلة وفاء عرفاوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات