الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شوارع فارغة بصمت الألم

أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)

2022 / 11 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


يرى بعض المحللين السياسيين أن مرور يوم 11/11/2022 مرور الكرام دون تظاهرات ضد نظام السيسي في مصر انما يمثل انتصارآ حقيقيآ للنظام واعلانآ لرضاء شعبي عما يتخذ من قرارات وما يتم تحقيقه من سياسات ، وأن كثرة الدعوات الفاشلة للتظاهر إنما هي تفلس هذه المعارضة أو تلك وتهدي نظام السيسي شرعية ودعمآ قويين ، وذلك وفقآ لمفهوم نظرية الفرصة السياسية ،

ولكن من الممكن من زاوية أخرى اعادة قراءة نظرية الفرصة السياسية لتشكيل مقاربة ذات شكل وبعد آخرين يتمحوران حول استنزاف طاقة النظام بدعوات مجانية تجابهها تكاليف استعداد وتجهيزات لمقاومات ومعاكسات افتراضية لا تحدث أو حتى عند حدوثها لا تكن بذات الشكل والقوة اللذان كانا ليستلزمان كل هذه التكاليف المادية والسياسية والاستعدادات الأمنية والشحن الاعلامي المضاد من أبواق النظام لدرجة أن من لم يسمع بهذه الدعوة أو تلك من مصادرها الأصلية يغدو على علم بها من عويل أبواق النظام .

ومع التسليم بحقيقة أن النظام وأتباعه وأعوانه يخرجون بابتسامات النصر عقب فشل الدعوات هنا وهناك ، إلا أن الأمر لا يخلو من أنه يدفع الى احراج النظام أمام الداخل والخارج على هذا الكم من هدر الطاقات والموارد للاشئ ، واعطاء الفرصة للمعارضين بالتشديد على هذه النقطة واتخاذها محورآ للإشارة الى مدى ضعف النظام وعدم ثقته في نفسه وفي قوة جماهيريته .

ومن ناحية أخرى فإن تكرار الدعوات وتكرار سلبية الاستجابات وتكرار هدر الموارد والطاقات لمواجهة شبحية ، يدفعون شيئآ فشيئآ لتجاهل النظام لهذه الدعوات في المستقبل ويتجاهل معها في ذروة غروره المبني على الفشل السابق لهذه الدعوات ، يتجاهل ساعتها الإحساس بالشارع ونبض الجماهير ليستمر في اتخاذ قرارات لا شعبية ولا جماهيرية تكرس الظلم الاجتماعي وتشدد الضغط الاقتصادي على نفوس المواطنين قبل جيوبهم مما يدفعهم ساعتها في غفلة من زمن الغرور الزائف وحالة انقطاع الصلة مع الشعب الى الثورة أو حتى الانتفاضة أو حراك قوي ضد النظام .

تتوقف أبعادها وكينونتها وتجربتها نفسها على عوامل عديدة تتعلق بمدى حجم الضرر الشاعر به الجمهور المنتفض وثقافته وحجم ونوعية مطالبه والكيفية التي يتبعها في المطالبة ومدى المناورة المتاح أمام النظام وحجم وطبيعة ورد فعل مؤيديه وقدرته على الفعل ورد الفعل ولا يخلو الأمر بالطبع من التدخلات الاقليمية والدولية وفق لمعادلات مصالحها الخاصة مع هذا أو ذاك .

وعليه فإن نظام السيسي مع جزيل الاعتراف بما حققه من انجازات في العديد من ملفات التنمية في مصر ، إلا أن غياب بعد التماس الحقيقي مع مستوى معيشة المواطنين والحفاظ على مدخراتهم وتنميتها بشكل حقيقي من خلال بلورة مقاربة تضع رفع مستوياتهم المعيشية في لبها وجبهتها واتباع سياسات لا تتعامل مع تدمير قيمة الجنيه والتماهي مع سعار التضخم بمعدلاته الحالية المفزعة وعلى مدار ثماني سنوات من حكم النظام على أنه أمر اعتيادي (حتى لو استثنينا أضرار وباء الكوفيد والأزمة الروسية الأوكرانية) لا داعي للاهتمام البالغ به ويکتفى بزيادات ضئيلة لا تسمن ولا تغني من جوع للمرتبات وبطاقات التموين ومعاش تكافل وكرامة في وقت تسوء فيه قدرة المواطن العادي على تلبية احتياجاته الأساسية وتزداد معها مصاعب حياته اليومية وارتفاع معدلات الطلاق وحتى الجريمة وان كانت مستترة او غير منكشفة حاليآ ، ناهينا عن حاجة مصر لتحقيق اهتراق وتقدم قويين في ملف الديموقراطية والحوكمة وحقوق الانسان .

ومن المؤكد أن وعي المواطن المصري الذي اكتوى بنار الاخوان وكان شاهدآ على خطر غياب الدولة أثناء تزعمهم وادراكه أنهم منبع هذه الدعوات بالتظاهر والخروج على النظام وادراكه أنها دعوات موتورة لا تهدف الا لعودتهم لكراسي الحكم وليس من أجل مصلحة المواطن لذي لن يجد معهم ساعتها جيبآ ولا وطنآ فبالتالي لا يستجيب لها لتبقى الشوارع فارغة بصمت الألم ، فلابد لنظام السيسي أن يعيد حساباته جيدآ وفقآ لمعادلة البشر قبل الحجر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران