الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقاليد الحكم

أحمد فاروق عباس

2022 / 11 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


حكم مصر فى الألف سنة الأخيرة أجناس كثيرة ، مثل المماليك ( وهم أجناس لا تاريخ معروف أو مكان ثابت لهم ، بل كانوا يأتون من أواسط آسيا عبيداً ليحكموا ويصبحون سادة وجنوداً ورؤساء فى وادى النيل !! ) ..

ثم جاء بعدهم الأتراك العثمانيين ومكثوا هنا ٤٠٠ سنة ، ثم الفرنسيين ثم أسرة محمد على ثم الإنجليز ..

فهل كان عدم وجود مصريين في حكم مصر - سواء أكانوا أفراد أو أسراً حاكمة - سبباً فى عدم وجود تقاليد للحكم والسياسة في مصر ؟

إن السياسة كالحياة ، يلزمها تقاليد وعادات متوارثة ، وأجيال تعرف مسالكها ودروبها ، ويلزم لكل دولة أن تراكم خبرات وتقاليد لها فى هذا المجال ، وهو ما تعذر على مصر بلوغه بسبب كثرة وجود الأجناس الغريبة فى حكمها لفترات تصل إلى قرون ممتدة ..

ان رجوع مصر إلى أهلها لم يكد يبلغ ٧٠ عاما فقط ، وهى فترة بسيطة جدا فى عمر الأمم ..
وقد وصل المصريون إلى حكم بلدهم في فترة شديدة الاضطراب على المستوى العالمى ، من حروب بين الأيديولوجيات والعقائد ، ومن وصول الحروب ( باردة وساخنة ) بين الدول العظمى إلى مرحلة توشك أن تفنى الحياة على الأرض ..

زاد عليها تغيرات إقليمية مروعة ، لم تترك للمصريين فرصة للتدبر والتفكير ، وهم حديثوا العهد فى فن السياسة والحكم والجندية والدبلوماسية ، من قيام إسرائيل عام ١٩٤٨ على حدود مصر الشمالية الشرقية كتحدى وجودى لمصر ، ثم فورة البترول العربي في السبعينات وما بعدها ، والذي نقل مركز الثقل فى العالم العربي إلى الخليج من مصر والشام ، تزامن ذلك مع صراع مصر مع إسرائيل حرباً أو سلماً ، ثم ضعف مصر الاقتصادى مع زيادة سكانها بصورة مهولة ، وانعدام مواردها ، وخروجها من حقب طويلة من الإستعمار ..

وحتى بعد الاستقلال لم يترك الغرب مصر ولا منطقتنا فى حالها ، وبدأت سياسة مناطق النفوذ ، وانهمرت علينا مشاريع الغرب التى لا تنتهى ، من حلف بغداد فى الخمسينات إلى مشروع الشرق الأوسط الكبير فى العقد الأول من القرن ٢١ !!

الغريب أن المصريين أنفسهم ( أو كثير منهم على الأقل ) كانوا أول من بدأ التذمر ، ولم يعطوا أنفسهم فرصة لفهم مراحل تطور تاريخ بلدهم وتدبره !

والأكثر غرابة أن بعض البلهاء راح يفتش في الحقب القديمة لعله يجد فيها ما يفيد تكراره فى زمان وعصر شديد الاختلاف ، ووصل الأمر ببعضهم إلى الحنين إلى أيام الاحتلال التركى الطويل للبلاد ، أو إلى تلميع فترة الاحتلال البريطانى لمصر !!
وهو شئ مذهل وغريب !!

أن قصة مصر مع الاستقلال وحكم نفسها بالكاد بدأت ، ويلزمها صبر وحكمة ، حتى يستطيع المصريون مع مرور الزمن بناء تقاليدهم الوطنية ، وتغيير ما يستحق التغيير في حياتهم بأيديهم هم وليس بأيدي سادتهم القدماء ، وهو ما يستلزم الفهم من أبناءها أولاً قبل أى أحد أخر ..

وهو طريق طويل ومتعرج ، سارت فيه أمم كثيرة قبلنا ، وصلت اليوم الى مراحل متقدمة من القوة والمنعة ، ولابد بالنسبة لنا من السير فيه حتى منتهاه ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سوليفان في السعودية اليوم وفي إسرائيل غدا.. هل اقتربت الصفقة


.. مستشار الأمن القومي الأميركي يزور السعودية




.. حلمي النمنم: جماعة حسن البنا انتهت إلى الأبد| #حديث_العرب


.. بدء تسيير سفن مساعدات من قبرص إلى غزة بعد انطلاق الجسر الأمي




.. السعودية وإسرائيل.. نتنياهو يعرقل مسار التطبيع بسبب رفضه حل