الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن التطبيع

وليد الأسطل

2022 / 11 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


طالعت كتبا كثيرة، وتابعت أفلاما قديمة وحديثة لا تزال تثير جدلا إلى اليوم، وكنت أنطلق عند قراءتي لها من فلسفة خاصة، مفادها أن أحترم فهمي فلا ألتفت كثيرا للقراءة التي يقدمها غيري، بغرض تجنب الوقوع في الاجترار والتقليد، فالهدف من تقديمي لقراءتي هو الوقوف على ملامح لم يُلتَفَت إليها من قبل. وقد دفعني إلى هذا الإعتراف نقاش دار بيني وبين أحد الأشخاص الأفاضل المهتمين بالمقالات النقدية قبل أيام، حول التساؤل التالي: هل من الصواب مراجعة الأفلام القديمة في ظل وجود أفلام جديدة؟ خاصة أنه يندر أن ينقضي يوم دون أن أشاهد خلاله فيلما، أو أن أكتب مقالا دون أن أشير إلى عمل سينمائي يخدم الموضوع المطروق. فانتهيت وإياه إلى هذه الخلاصة:" ليست العبرة بالكتابة عن فيلم قديم أو فيلم جديد وإنما العبرة في تناولنا للأحداث بطريقة جديدة أو بطريقة مستهلَكَة. هذه هي النقطة التي تصنع الفارق، فأهمية الأفلام لا تسقط بالتقادم".

كلما هم والدي بالقيام بشيء مهم يصيح بي ضاحكا:"الحقني، فأجيبه: وراك يا عبد الهادي" في محاولة منا لمحاكاة مشهد رائع من فيلم قديم، وهو فيلم الأرض الذي يعتبر أحد أيقونات السينما العربية، مشهد لطالما استرعى انتباهي، كما أنه يتناص وحادثة وقوع الطفل ريان في البئر، التي وحدت العرب في لحظة من الزمان أو على غفلة من الخلاف الدائم بينهم. حين تصرخ أم وصيفة عندما تقع البقرة في الساقية"الحقني يا عبد الهادي.. الحقوني يا ناس" فيهب لنجدتها عبد الهادي ودياب اللذان كانا قبل صرختها يتعاركان بالأيدي بسبب سعي كل واحد منهما لري أرضه، فأتت صرخة أم وصيفة لتنقذهما لا لتنقذ البقرة على الحقيقة، لتذكرهما أن ما يجمعهما أكبر وأكثر مما يفرقهما.

إن ظاهر صرختها طلب لإنقاذ البقرة، وباطنه جرس تنبيه لنجدتهما من نفسيهما، أو لنقل: لقد أنقذتهما البقرة قبل أن ينقذاها"ما تروق يا دياب، انت لسه زعلان؟" "كدة يا عبد الهادي، بقى عشان أنا وحداني تستفرد بيا بعد ما محمد أفندي سافر! ما كانش العشم يا عبد الهادي". وينتهي المشهد وهما يضحكان بعد أن تصالحا، وكأنهما قد أدركا عبثية عراكهما، فكلاهما الجلاد، وكلاهما الضحية.

"احنا المصريين كده، لازم تبقى في مصيبة عشان نتلم!" (الإعلامي المصري عمرو أديب).

لماذا لا ننتبه نحن العرب إلى ما يجمعنا إلا بعد خراب مالطا؟ لماذا يجب أن نتجرع ذل العقوبة كي نفهم ونتعلم؟
لماذا لا نظل من البداية منتبهين لما يجمعنا فنهتم به ونرعاه؟
ما هو عدد الأفلام السينمائية والأعمال الأدبية والفنية التي ينبغي إنتاجها لتزيد من وعينا؟
لماذا قلوبنا مع الوحدة وسيوفنا عليها؟ على مذهب "اناطولي سولونستين" وهو يؤدي دور الكاتب في فيلم Stalker "يريد ضميري أن تسود النباتية العالم، ويتوق عقلي الباطن لقطعة لحم طرية".

هكذا نحن، بل قد نكون أسوأ من هذا! لا أقول نفعل دوما عكس ما تمليه علينا الحكمة، ولكن عكس ما يمليه علينا الضمير.

فيا من هرولتم صوب التطبيع، ليتكم تفقهون قول إدوارد الأول ملك إنجلترا، في فيلم Brave Heart"السهام تكلف مالا، استخدم الايرلنديين، لأن موتهم لا يكلف شيئا"
يُفهَمُ من جملته أن ثمن من يركع لا يساوي ثمن سهم، وأنه أول من سيُضَحَّى به حين يجدّ الجد. أو بتعبير أكثر بلاغة، من باعك نفسه بثمن زهيد لا تدفع ثمنا غاليا للحفاظ عليه.
وحسبكم قول الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك الذي يصف تجربته مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن تخلت عنه فور قيام ثورة يناير"المتغطي بأمريكا عريان".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م


.. شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول




.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم