الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على ساحات المعركة

الحسن علاج

2022 / 11 / 14
الادب والفن


على ساحات المعركة
الوضع الإنساني
فابريس ججينول
ترجمة : الحسن علاج

رافضا البطولة وطرائق فهم البسالة النموذجية ، يرى سيلين (Céline) في الحرب عبثية الوجود البشري الذي يتم الدفع به إلى ذروته.

تعتبر رواية حرب ـ لاتكلف في عنوانها ـ رواية مباشرة مثل رصاصة ، تقول كل شيء ، أو على وجه التقريب ، عن واحدة من وساوس لوي فردناند سيلين الكبرى ، حتى أن هذا الأخير صرح قائلا : " لقد أمسكت بالحرب في رأسي ، إنها محبوسة في رأسي . " وكي لا تغادر الرأس ، سيتم السعي إلى إضافة ما . من رواية سفر في الهزيع الأخير من الليل إلى رواية وضع محفوف بالمخاطر Casse-Pipe) ( أو رواية من قلعة إلى أخرى ، حرب دائمة ، تحت صيغ مختلفة ، تتخذ القرارات .
لنأخذ تحديدا رواية حرب : ما الذي يلاحظه المرء في البداية ؟ ما الذي يتم الإحساس به في روائحها الكريهة جدا ؟ احتشاد حشرات بلون الفوة الحمراء ، ميتة أو متعفنة تماما في الطين ، أجساد مبقورة ، مرتجفة ، أعضاء مخلوعة وجذوع نازفة . تحول سيلين إلى جيروم بوش المقابر الجماعية البشعة المخرومة بوابل من الشظايا .

بدون حدود وبلا حشمة
" إن قطع الرعب تلك " التي نعثر عليها في العديد من كتبه تقول القليل عن حالة ساحة المعركة ، الاستنكار الصارم للموت عديم الجدوى بأعداد غفيرة التي عمل على نقلها لنا بمهارة باربوس Barbusse) ( ، جنيفوا Genevoix) (
، رومارك Remarque) ( وآخرون ، مثل التواطؤ الجلي مع الحياة السلمية . وبعبارة أخرى ، فإن الحرب لدى سيلين هي استمرار لعبثية الوجود بأساليب أخرى . وانطلاقا من وجهة النظر هذه ، من الممكن تأويل هذا التفريغ الكبير للبذاءات الدامية ، مشاهد تلك الخنادق التي يقسم المرء أنها رسمت بابتهاج ، من قبل قصاب كبير ، هارب من فيلم مجزرة بالمنشار ، مثل موضوع مرغوب فيه ( " لقد شكل ذلك تعاسة إضافية مما كان بمقدور المرء تسميته ، لقد كان ذلك مضحكا " ) . إن الحرب التي هي بلا حدود وبلا حشمة في سجل الفظاعة تعتبر دليل إثبات مطلوب من لدن كل أمنياتها ، من أعماق أعماقها ، لأنها المهارة الوحيدة لإسناد حدوسها ، التي ستتحول قريبا إلى قناعات : الجحيم ، ليس هم الآخرون ، مثلما أكد ذلك [كتاب]" المعتوه " ( هكذا كان يلقب سارتر ) ، إلا أن كل واحد منا ، وهذه الأرض نفسها ، التي لا تطاق في زمن السلم أو الصراعات ، لا يهم في واقع الأمر . فما هي إلا تصوير مروع لما يخص كل واحد منا ، صراع مستمر شرير ، وحشي ، حيال الذات والآخرين .
إظهار ابتذال الوجود
يتغذى الإنسان السيليني على الكراهية مثل بلازما مخلصة من أجل التقدم ، وبشكل مفارق ، من أجل السمو . " إن رغبة الإنسان العميقة ، يشدد سيلين على ذلك في حوار أجراه في شهر يونيو 1959 ، تكمن في وضع حد مؤلم للحياة ، إنه التشريح أمام ناظريه ، هذا ما يرغب في رؤيته . " وهل من العبث بل ومن الخطإ اعتبار كتاباته عن الحرب كشجب مرهق من طراز مسالم . إن الأمر يذهب إلى أبعد من ذلك بكثير ، وفي واقع الحال فإن العكس هو الصحيح تماما : يرغب الكاتب في الرعب كي يبرز تفاهة الإنسان ، الجدوى النسبية للحياة ، هذه المزحة الكبيرة ، هذا الموقف من الضحك هو في آخر المطاف كل ما نعتقد بارتقائنا إليه مع المخاطرة بحياتنا .
لا يملك سيلين من الشعر شيئا يجعله مقتنعا بمهمته الإلهية ، مجبرا الهاوية أمام العناصر الجامحة بهدف ترويضها وضبطها . لدى هذا الساخر السوداوي ، بل هو العكس تماما : تحول الكاتب إلى طبيب شرعي مستمتعا بالتشريح المشيد على المنهج الأدبي والأسلوبي ، كما لو أن الأمر كان يتعلق بحرب أو لا ، بالدكتور دوستوش Destouches) ( بسلخ المزحة اللامحدودة للوجود . تقرير تشريح الجثة في تدفق رشاشات نقط الحذف ، مثل العديد من الرصاصات التي تحقق هدفها لدى أجيال القراء . الحرب ؟ لقد انطلق ذلك على هذا النحو ولم يكن من سبب معقول كي يتوقف . هنا ، في أرض السلام ، وهناك ، في أرض أوكرانيا أو في أي مكان آخر . الأمس ، اليوم وغدا .
ـــ
مصدر النص : مجلة اقرأ الأدبية الفرنسية (Lire magazine littéraire ) في عدد ( 512 أكتوبر 2022 )جديد خصص ملفا لسيلين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هاني خليفة من مهرجان وهران : سعيد باستقبال أهل الجزائر لفيلم


.. مهرجان وهران يحتفى بمرور عام يوما على طوفان الأقصى ويعرض أفل




.. زغاريد فلسطينية وهتافات قبل عرض أفلام -من المسافة صفر- في مه


.. فيلم -البقاء على قيد الحياة في 7 أكتوبر: سنرقص مرة أخرى-




.. عائلات وأصدقاء ضحايا هجوم مهرجان نوفا الموسيقي يجتمعون لإحيا