الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجزيرة السورية: وقف (التعليم السرياني) ، جريمة ثقافية وتعدي على حقوق الآشوريين

سليمان يوسف يوسف

2022 / 11 / 14
حقوق الانسان


الجزيرة السورية: وقف (التعليم السرياني) تعدي على حقوق الآشوريين

الآشوريون حاملوا مشاعل العلم والنور ،ورثة أرقى الثقافات وأعرق الحضارات، تشهد عليها الكثير من المعالم والأوابد التاريخية و الكنوز الأثرية المنتشرة في موطنهم التاريخي ومهد حضارتهم (بلاد ما بين النهرين - بلاد آشور ). في القرن الرابع الميلادي أسس الآشوريون أقدم (أكاديمية علمية) عرفها المشرق (مدرسة نصيبين)، إحدى أقدم المدن الآشورية، ضمتها تركيا 1923 . على تخوم نصيبين القديمة ،من الجانب السوري ،السريان الآشوريين والأرمن ، الناجون من (الإبادة الجماعية) لمسيحيي السلطنة العثمانية عام 1915، وضعوا اللبنات الأولى لـ(نصيبين الجديدة- القامشلي) ( زالين) و لمدن وبلدات أخرى في الجزيرة السورية. الى جانب كل كنيسة (سريانية، كلدانية، آشورية، أرمنية) بنيت مدرسة ، من غير أن تُقدم الدولة السورية لها أي دعم مادي( نقدي أو عيني). المدارس الخاصة بالكنائس تُعلم (المناهج الدراسية ) المعتمدة من قبل الحكومة السورية، بالاضافة الى أربع حصص أسبوعية لغة (سريانية - ارمنية) كلغة (طقس كنسي) سُمح بها في إطار هامش الحريات والحقوق الدينية . فهي ليست حقوقاً قومية(ثقافية لغوية) ممنوحة لـ(الأرمن والآشوريين) من قبل الدولة السورية ، كما يُروج القوميون الكرد بقصد تصوير(الأكراد) على أنهم وحدهم المظلومين والمحرومين من حقوقهم القومية، من بين القوميات الغير العربية في سوريا، تضخيماً لـ"مظلومية تاريخية كردية".
مع تفجر الأزمة السورية الراهنة و بروز (سلطة الأمر الواقع الكردية) ممثلة بما تسمى بـ" الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا "، الفاقدة للشرعية الدستورية والوطنية، وفرضها لـ(مناهج دراسية كردية) مستحدثة غير معترف بها ، بدلاً من المناهج الحكومية، في المناطق الخاضعة لسيطرتها ، باتت المدارس الخاصة بالكنائس مهددة بالإغلاق النهائي . (حزب الاتحاد الديمقراطي) ، المهيمن على "الإدارة الذاتية" ارتكب خطيئة كبيرة بزج (قطاع التربية والتعليم) في صراعاته و خلافاته السياسية مع النظام السوري ومع القوى السياسية والمجتمعات المحلية المعارضة له والرافضة لمناهج "الإدارة الذاتية" . حتى (التعليم السرياني) ، على محدوديته ، أصبح أداة في هذا الصراع المفتوح وقد يقع ضحية " الأجندة السياسية " لأطراف الصراع.
مع بداية العام الدراسي الجديد(2022 - 2023) "الإدارة الذاتية " الكردية أبلغت المدارس السريانية الخاصة بضرورة الالتزام بتعليم المناهج المعتمدة من قبل الإدارة بدلاً من المناهج الحكومية وهددتها " باتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ القرار " . كما هو معلوم ، إذا ما تخلت المدارس السريانية الخاصة عن المناهج الحكومية واعتمدت مناهج الإدارة، الغير معترف بها، الحكومة السورية ستلغي ترخيصها لهذه المدارس ، حينها ما من عائلة آشورية (سريانية - كلدانية) سترسل أبنائها الى مدارس تعلم مناهج غير معترف بها ،حتى لو كانت باللغة السريانية ، هذا يعني اغلاق المدارس السريانية و نهاية (التعليم السرياني) في الجزيرة السورية ، بعد قرن كامل من انطلاقه مع افتتاح أول مدرسة سريانية 1924 في (القامشلي - العاصمة الثقافية) للآشوريين السوريين.
إغلاق (مدارس سريانية) عريقة عمرها من عمر الدولة السورية، يُعد "جريمة ثقافية تربوية " يرتكبها القائمون على " الإدارة الذاتية" الكردية، ليس بحرمان عشرات آلاف الطلاب والطالبات من مختلف مكونات المجتمع من حق استكمال تحصيلهم العلمي وضمان مستقبلهم ، وإنما هي "جريمة ثقافية" غير مسبوقة بحق الآشوريين السوريين وبحق لغتهم السريانية ، اللغة الوطنية القديمة لسوريا التاريخية. من غير المقبول معاملة المدارس الخاصة بالكنائس، عمرها من عمر الدولة السورية ، كما تُعامل مدارس خاصة طارئة أوجدتها الأزمة السورية الراهنة. التاريخ المشرف للمدارس (السريانية ) التي خرجت مئات الآلاف من الطلاب والطالبات ومن مختلف مكونات المجتمع السوري ،أكسبها ( قيمة حضارية وثقافية ومجتمعية) كبيرة وهامة . المدارس السريانية ، الى جانب التعليم ، ساهمت وتساهم في تعزيز (الروح الوطنية) وتكريس مفاهيم وقيم العيش المشترك والتآخي بين مختلف مكونات مجتمع الجزيرة والمجتمع السوري عامة. بقاء هذه المدارس ، حاجة وطنية قبل أن يكون حاجة سريانية آشورية، بالنظر للرسالة( الوطنية والحضارية) التي تحملها . إغلاق المدارس السريانية، يعني طي صفحات مشرقة من تاريخ مجتمع القامشلي والجزيرة السورية وتقويض (الحضور الآشوري والمسيحي) المتميز والضروري للرقي والنهوض بالمجتمع. إغلاق المدارس الخاصة بالكنائس، يمس الوجود المسيحي ويعزز الاعتقاد بأن ثمة من يتقصد في "الإدارة الكردية" تهجير من تبقى من السريان الآشوريين والأرمن والمسيحيين في الجزيرة السورية . هذا ما حذرت منه (المجالس الكنسية) في الجزيرة والفرات في بيان لها أصدرته يوم 18 آب 2018 جاء فيه " سعي الإدارة الذاتية الى إغلاق المدارس الخاصة بالكنائس يعتبر تدخل وتعدي على حقوق المسيحيين و يمثل رسالة بالغة الخطورة تمس الوجود المسيحي في المنطقة". إغلاق المدارس السريانية ووقف (التعليم السرياني)، تحت أي عنوان أو ظرف ، (ظلم وإجحاف) كبيرين ، تعدي على حقوق ومكانة الآشوريين (سرياناً كلداناً) و انتهاك صارخ للديمقراطية و لحقوق الإنسان التي يتغنى بها (حزب الاتحاد الديمقراطي)، الحاكم في "الإدارة الذاتية" الكردية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - استمرار ثقافي لـ1915
جورج حداد ( 2022 / 11 / 14 - 23:21 )
في 1915 شارك الاقطاع العسكري الكردي تحت اسم فرسان الحميدية في ابادة الارمن والاشوريين والسريان والمسيحيين العرب الاخرين جنبا الى جنب الفتيان الاتراك
وفيما بعج اختلف الطرفان المعاديان لشعوب الشرق المسيحية ابناء البلاد التاريخيين لان اتراك مانوا يريدون التتريك - اما القيادات الاجرامية الكردية فكانت تنريد التكريد
اليوم تتعاون القيادات الكردية العميلة مع الاميركان واسرائيل من اجل تكريد المناطق الاشورية واللسريانية وتحويلعا الى اسرائيل كردية
وفذه هي اكبر خيانة ترتكب ضد الشغب الكردي المظلوم والمسكين لانها ستضع هذا الشعب المظلوم بمواجهة جميع شعوب الشرق التي تناضل لاجل التحرر من الامبريالية والصهيونية واسرائيل


2 - ارجو التوضيح
جورج حداد ( 2022 / 11 / 15 - 01:46 )
الاخوة الكرام
اولا اريد ان اشكركم على الجهود التيتبذلونها للاستمرار في اصدار وتطوير موقع الحوار المتمدن الذي اصبح معلما رئيسيا في التثقيف الجماهيري ةالاعلام التقدمي في المرحلة التاريخية الراهنة
وثانيا اريد ان الفت نظركم الى انني ارسلت تعليقا مقتضبا على مقالة الاستاذ سليمان يوسف ولكن التعليق لم ينشر مع انه يلتزم التزاما كليا باخلاقيات النشر
عسى ان يكون سبب غدم النشر هو تقني فقط

اخر الافلام

.. فيديو لمربية تصفع طفلا من ذوي الاحتياجات الخاصة.. يثير موجة


.. مدير مكتب الإعلام بالأونروا في غزة إيناس حمدان: غلق المعابر




.. الأمم المتحدة: إغلاق معبر رفح يؤثر على إمدادات الوقود والمسا


.. -اقطعوا العلاقات مع إسرائيل-.. طلاب يتظاهرون بجامعة غرناطة د




.. اليوم الجمعة.. دعم منتظر من الأمم المتحدة لمساعي فلسطين إلى