الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدعاية المفخمة أكبر مجهض لما بعدها من إنجازات !

احمد الحاج

2022 / 11 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


كثير من جيل السبعينات والثمانينات يذكر مسلسل (فارس بلا جواد ) الذي تناول حقبة الاحتلال الإنكليزي لمصر وهو من بطولة محمد صبحي ، وقد تم عرضه في رمضان 2002..هذا المسلسل تناول قضية لم يسبق ان تناولتها الدراما العربية لامن قبل ولا من بعد، ألا وهي قضية " بروتوكولات - خبثاء - صهيون " وهناك من يشكك بصحتها أو بنسبتها أو بصيغتها ، أو بزمان ومكان تدوينها وظهورها ، وأبرزهم عبد الوهاب المسيري مؤلف موسوعة (اليهود واليهودية والصهيونية)، اضافة الى حادثة دنشواي، ومعاناة المصريين بسبب الاحتلال ، وتواطؤ الخديوي اسماعيل ، وكان متوقعا للمسلسل أن يحقق نجاحا باهرا على المستويات كافة ، الا أن الدعاية الخارجية الامريكية والصهيونية المضادة للمسلسل ، فضلا على الدعاية العربية المؤيدة له ، والتي سبقت عرضه بأسابيع طويلة قد أسهما بفشله فشلا ذريعا لأن مستوى الدعاية المسبقة المضخمة ولاسيما من قبل الولايات المتحدة والكيان المسخ واتهامه بأنه يعادي السامية " وأن هذا المسلسل سيعرض على الكيان ...ويعيد الثقة الى المواطن العربي .و يفضح الماسونية ...ويفت في عضد الاحتلال ...وسينصر القضية الفلسطينية ...وسيصحح التاريخ الحديث ..وسينصف ضحايا - الاستدمار - الخ " حتى كنا نعد الايام والساعات لمشاهدة المسلسل ،كلها قد أفشلت المسلسل وأصابته بمقتل ، وبالفعل فقد كانت الحلقات الاولى منه غاية في الروعة والترقب الا أن الحلقة الرابعة على ما أذكر ، وفور ظهور ، محمد صبحي ،بحركاته البهلوانية البلهاء المعتادة - الحقيقة ان هذا الممثل غاية في الروعة مسرحيا، إلا أنه في منتهى التهافت والوضاعة سينمائيا وتلفزيونيا - وبعد أن كبر البطل ، سقط المسلسل قياسا بالدعاية الفخمة التي سبقت عرضه وقد اقر صبحي بذلك مرارا فيما بعد في لقاءات عديدة ...
رباط السالفة :
إن الدعاية المفخمة وغير المسبوقة لإنجازات الحكومة الحالية ، وأنها ستكافح الفساد ، والمخدرات ، وستحيل الفاسدين الى القضاء ، وستعمل على تعيين الخريجين ،وعلى زيادة رواتب الرعاية الاجتماعية ، وزيادة مفردات الحصة التموينية ، وأنها ستبني ، وتعمر ، وتحد من السلاح المنفلت ، ومن النزاعات والدكات العشائرية ، وستعمل على اعادة النازحين ، واعمار المناطق المدمرة ، ووووو الخ ، ولاسيما من قبل الذباب الالكتروني الذي تحول فجأة من القدح الى المدح ..ومن الذم والشتم الى الثناء بكل ثقة وحزم ..وفي ذات المواقع الالكترونية ، والصفحات والمنصات المعهودة ، ستسهم بالتقليل من شأن كل الانجازات - في حال تحققت واقعا ، جزئيا او كليا - لأن حجم الدعاية الهائل سيكون وبكل حال من الاحوال اكبر من الانجاز ذاته مهما كان كبيرا - واكرر، إن تحقق هذا الانجاز اساسا ، ورأى النور ولم يبق مجرد حبر على ورق بالقياس على ما مضى من وعود وعهود قطعتها الحكومات السابقة تباعا والنتيجة = لا ابو علي ولا مسحاته ، أو أواعدك بالوعد ، واسكيك ياكمون - ومت يا وديع حتى يأتيك الربيع !
فالرجاء التخفيف من حدة الضجيج والمدح والثناء والتفاؤل الزائد عن حده لحين انقضاء الـ 100 يوم الاولى ، واقرار الموازنة لعام 2023 ، وتفعيل كل أو على الاقل جل ، ما يتم الحديث عنه حاليا من دون أن نرى شيئا ملموسا على ارض الواقع بتاتا ...لأن الدعاية الكبيرة التي رافقت الحكومة الحالية تحديدا ، ليس لها نظير على مر الحكومات السابقة ، ومنذ عام 2003 وبما يثير الريبة ، والتساؤل ، والشكوك عن سر هذه الدعاية الكبيرة والعجيبة وبصيغة " يكلك حيزيدون الحصة ... يكلك راح يعينون ...يكلك رواتب الرعاية والمتقاعدين راح تزيد ) فلا تكونوا فرسانا بلا جياد ..وانتظروا ، وتريثوا ، وقفوا على الحياد ، حيث لامدح ولا قدح ، لحين تحقق ولو 10% إن لم يكن أقل مما يتم إعطاء الوعود المعسولة بشأنه ، وقطع العهود المهولة حوله حاليا .
ودعونا نسأل ونتساءل، وماذا بعد التوصل الى أن مستشفياتنا تمرض الأصحاء ؟!
وماذا بعد الاكتشاف المذهل والمتأخر جدا ، بأن "من يدخل مستشفياتنا صاحيا فسوف يمرض أسوة بمريضه !!"، وماذا يعني اكتشاف بأنها تعاني من نقص حاد في الادوية ، والتجهيزات ، والمعدات الطبية ، إما لعطلها ، واما لتقادمها ، وأما لحوسمتها في وقت ما ، وإما لعدم وجودها اصلا ، أو لكونها من مناشيء - طك عطية - فهل سيشهد العراق وبعد كل هذه الاكتشافات المذهلة نهضة صحية ، وثورة طبية ، تقلب عالي التجاهل ، والاستخفاف بأرواح المواطنين ، والتقصير بحقوقهم ، سافله لتتمثل ببناء أكبر عدد من المستوصفات ، والعيادات الشعبية ، والمستشفيات الحكومية النموذجية ، والاهم هو سد النقص الحاصل في أعداد الأطباء ، والعمل على اعادة الطواقم الصحية الكفوءة ، والخبرات الطبية التي يشهد لها القاصي والداني بالنزاهة والكفاءة ، و قد هاجر الآلاف منها تباعا ، نتيجة الظروف المادية،أو من جراء الاغتيالات، والدكات والكوامات العشائرية ، والاعتداءات شبه اليومية، أم ترانا سنكتفي بتوبيخ، ومعاقبة الطواقم الطبية المهملة والمقصرة اداريا ، ونقلهم الى أماكن أخرى ، وليس بأيديهم شيء على الإطلاق في موضوعة بناء ، وإعمار المستشفيات ، وتجهيزها ، وتطويرها ، وتزويدها بالادوية والمستلزمات الطبية اللازمة، أنهم مجرد موظفين في دوائر ومؤسسات حكومية !
ومؤكد أنني لن أمدح أبدا مع المادحين ، ولن أصفق مطلقا مع المصفقين ، بناء على مقطع مقطع فيديو ، أو وثيقة مسربة في هذه المنصة أو تلك ولايلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين ، حتى أرى بأم عيني ، مستشفى حكومي انموذجي جديد بكامل معداته وتجهيزاته وطواقمه الطبية يبنى في كل محافظة عراقية، ولاسيما منها المخصصة للأطفال ، والنساء ، ومرضى السرطان والامراض الخطيرة ، عافانا الله واياكم .
أما عن ما ورد في المقطع ، من نقص في الخدمات الطبية ، فكلنا نعلم ذلك جيدا ، وقد عايشه ، وشاهده ، وعاناه معظمنا ، بل وقد فقد من جرائه عزيزا أو اكثر من الاصدقاء ، والمعارف ، وذوي القربى بسببها ، وعلى مدار 32 عاما - منذ ايام الحصار الامريكي الغاشم - ولاجديد تحت شمسك ياعراق ، بإستثناء التهليل ، والتصفيق المتزايد بناء على تسريبات فيس بوكية ، ومقاطع فيديوية ، وسوالف مقاهي ، وأبواق تطبل ليلا ونهارا لعلها تحظى بمنصب ما ولو في ذيل القائمة ..ولو على الهامش !
وغني عن البيان بأن كل رؤساء الحكومات السابقة ، كذلك الوزراء ، والنواب ، والمحافظين ، وعلى مدار 20 عاما سبق لهم وأن تحدثوا كثيرا عن حتمية مكافحة الفساد، وتفعيل القوانين ،وإحالة المتورطين الى القضاء ، وحصر السلاح بيد الدولة ، ووقف النزاعات العشائرية ، ومراقبة المنافذ الحدودية ، والنقاط الجمركية وتنظيم عائداتها ، وحوكمة ملفاتها، والعمل على اعادة الاموال المنهوبة ، والاثار العراقية المهربة، وإنهاء ملف النازحين ، واعادة اعمار المناطق المدمرة ، والحد من تهريب المخدرات ، وإعادة تأهيل وتشغيل المصانع المتوفقة، وتحسين الخدمات ، وتشغيل العاطلين ، وتحسين الواقع الزراعي ، وبناء الموانئ والمطارات ، وما الى من وعود ذهبية ، ذهبت كلها ادراج الرياح ، وكل حكومة تأتي تلعن سابقتها، وتحملها المسؤولية كاملة لتقع في ذات الخطايا والأخطاء لسلفها وخلال أقل من عامين من عمرها الافتراضي ، وما حكومة الكاظمي والتي لطالما جعجعت بمكافحة الفساد ، ومعاقبة المفسدين ، والورقة الاصلاحية ، وقانون الأمن الغذائي ، ثم اتضح وبعد زوالها ، غير مأسوف عليها، بأنها الأكثر فسادا و إهمالا في تاريخ العراق !
وأختم بأن الحكومات الناجحة في أرجاء المعمورة ، هي تلك التي تفتتح من المشاريع النافعة،والمجدية ، واقعا ما يفوق عدد الجلسات،والاجتماعات،والمداولات التي ملها الشعب ، وإن كنت أعجب فعجبي من حجم التطبيل الاعلامي الهائل ، ولما ينجز شيء بعد على أرض الواقع وكلها عبارة عن " كتابنا وكتابكم " وعلى قول أجدادنا - لادكول سمسم ، حتى تلهم- فيا أيها المطبلون ، والراقصون ، والمجعجعون قبل موعد الحصاد ، وجني الثمار ، حسبكم . اودعناكم اغاتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهدّد بإعادة لبنان -إلى العصر الحجري- حال اندلاع حرب


.. ما أبرز الملفات التي سيتناولها ترمب في المناظرة الرئاسية الأ




.. ديموغرافيا الولايات المتأرجحة.. كيف سيكون أثرها على الانتخاب


.. بايدن وترمب وجها لوجه.. ما أسباب تضاعف أهمية المناظرة بينهما




.. الولايات المتحدة تشهد مناظرة -تاريخية- بين الرئيس الأمريكي ب