الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكتابة وسلطة البيان

الطايع الهراغي

2022 / 11 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


"لكلّ داء دواء يُستطبّ به*** إلاّ الحماقة أعيت من يداويها".
(أبو الطّيّب المتنبّي).
"الإنسانيّة ليست دينا، إنّما رتبة يصل إليها بعض البشر ويموت الآخرون دون الوصول إليها.".
(سقـراط )
"حين سكت أهل الحقّ عن الباطل توهّم أهل الباطل أنّهم على حقّ.".
(علي بن أبي طالب)

الكتابة الجادّة حارقة أولا تكون، وظيفيّة وإلاّ تحوّلت إلى زائدة دوديّة ، محكوم عليها أن تسبح في بحر من الألغام ويثقل عليها أن تكون زرعا للألغام. جسر عبور ينقلك من عالم الفناء إلى عالم الخلود، من مستنقع الحقارة إلى رحاب الجدارة.
إجلالا لعجيب بيانها وتماثلا مع هوس المتيّمين بها تؤجّل موتك مرارا فيتأجّل، فتموت وأبدا لا تموت.
الكتابة من شأنها أن لا تعيد ترتيب ما انساب من الفوضى واستفاض إلاّ لتقيم من الفوضى ما لم يكن منتظما، وفي لحظة استقام . في عالم الكتابة الباحثة عن فتنة الأسئلة والمتبرّمة بما هو جاهز من الأجوبة تتمرّد الفكرة وترفض أن تنصاع وتتخلّص من سفالة السّلطة وتفاهة الدّولة وتتسامى على ++++رتابة العادة. تتطاول الكلمة على جبروت الزّمن، ناصعة تعود إلى طفولتها الأولى.
تعتقد في لحظة زهو وخيلاء ساعة تركبك المكابرة أنّك غالبتها فغلبتها وطاردتها فروّضتها.
وأنّى لك أن تدري أنّها من الأسر دوما تفرّ؟ تتحرّر فتحرّرك، تنبت لك أجنحة بها تحتفي وبها تطير، وتحلّق وإيّاها في ملكوت سحر المعنى ولذّة المغنى. تعلّمك كيف يعانق شبق أبي نوّاس وعذابات عربدته أحلام روزا ونبوءتها وهي تعاند مكر التّاريخ لما فيه من نشاز لم يأبه به "أولاد الحلال" ورومنسية غيفارا وشاعريّته وهو يروم أن يجعل المستحيل واقعا و"هرطقات" الحلاّج(أنا الحقّ) في مأساته وعناد غيلان الدّمشقي في محنته.
..............................................................................................................
أبو ذرّ الغفّاري،غربة الغريب في غربته، لمّا افتتن بتسامي البيان وإليه سكنت نفسه واطمأنّت، وفيه اعتقد أنّه ظفر ببرد اليقين، وفي رحابه أوغل وانتشى، لعن الإمارة والمُلْك والسّلطان ونقم على من يكنزون ما ملكت أيمانهم ويدّعون بالإيمان وصلا وبالله تقرّبا، فبات لفقراء المسلمين إماما ونذيرا، ولهم محرّضا ودليلا. وما درى أنّ للأغنياء دستورا تخالف تعاليمه ما خُطّ في الكتاب من أن الجوع في ديار الإسلام أبو الكفّار.
عوقب على ما إليه دعا ممّا هو مسطور في الآيات البيّنات ،عاش بعضا من حياته منفيّا ومات غريبا.
......................................................................................................
عليّ بن أبي طالب تماثل مع التّقوى فقتلته وفي سبيلها كان الشّاهد والشّهيد .نجح في أن يكون إماما، وما أفلح في أن يكون خليفة. لمّا أدرك أنّ الصّلاة خلفه محنة والجلوس إلى موائد معاوية نعمة كان الأمر قد قًـضي . باتت البلاغة -خيمته الأخيرة- تبرّما من تقلّب الزّمان وتذمّرا من تلكّؤ شيعته وأنصاره، يتعلّلون بحـرّ الصّيف ويبرّرون تقاعسهم بقـرّ الشّتاء.
عليّ المحارب ما خذله السّيف ولا عنه تخلّى. فقد كان بفنونه عليما وكان السّيف به دوما رحيما. ولكن صرعته التّقوى. اغتـــرّ برفع المصاحف وتوهّم أنّ الكتاب – القرآن- ينطقه كلّ الرجال ولا يمكن أن يشير إلاّ بالحقّ. فكان أن أنطقه بعض الرّجال. وكان من شانه ما كان. بايعت الأمة عليّا إماما وارتضته خطيبا وحكيما وفقيها ونصّبت معاوية حاكما وخليفة.
الحقّ كان دوما محمولا على أكفّ السّيوف وليس مدفونا في بطون الكتب. انتصر معاوية لقانون الأرض والتحف عليّ بتعاليم السّماء.فكان أن تغلّب المدنّس وانتصر وانكمش المقدّس وانهزم.
عليّ، وهو من هو في المخيال الجمعيّ المثخن بالجراح منذ يوم السّقيفة، لا يليق به أن تكون نهايته في ساحة معركة. الموت الطّبيعيّ يخلع عنه هالة القداسة وينزله من سماء الميتاتاريخ إلى سطح التّاريخ. لا باس أن يكون ضحيّة قصّة حبّ. مهر حوّاء (قُطـام)،شرطها الوحيد على من أرادت الحبكة الحكائيّة أن يكون لها زوج ( الخارجيّ عبد الرّحمان بن عمرو بن ملجم) أن يقتل عليّا. ولعليّ مع النّساء شأن. ألم تحاربه إحدى زوجات الرّسول (عائشة) - وهو ابن عمّ الرّسول وصهره- في واقعة شكّلت منعرجا في أيّام العرب والمسلمين وطبعت تاريخهم ولا زالت؟.

................................................................................................
رحم الله سفيان الثّوري، ما كان للسّلطان واعظا ولا لتعاليمه مفسّرا وشارحا،" نثرنا الحَبّ على العلماء فلقطوا إلاّ ما كان من سفيان فقد أعيانا فرارا"( أبو جعفر المنصور).
أبو نوّاس، فقيه قبل أن يكون شاعرا، أدماه تمرّده على طاحونة الشّيء المعتاد وأعيته الحيلة في القبض على جمر الحياة المتوهّجة، فلم يدّع في العلم فلسفة ومضى إلى حيث يجب أن يمضي.
بين القديم والحديث،بين الاتّباع والإبداع،بين ما كان وما يجب أن يكون، كان شعاره "لا تبك ليلى ولا تطرب إلى هند...".في مجابهته لوقْع الزّمن ومأساويّته لم ينضبط لتعاليم السّماء واختار أن يتورّط بوعي دراميّ مركّب في الانغماس في الملذات سلاحا به يشبع أحاسيسه عساه يردم الهوّة بين الوجود والعدم، وبه يقاوم شبح الموت "داوني بالتي كانت هي الدّاء".
الحياة، لحظة يكدّر صفوها زائر ثقيل من أخطبوط زوّار اللّيل، يخبط خبط عشواء .بين الحياة والموت مسافة ضاغطة، رحلة من النّكد، لا سبيل إلى تبديد أهوالها إلاّ بالاكتواء بضدّها. فليس إلاّ أن يتعتعته السّكر" فإن طال هذا عنده قصر الدّهر." .
بين تشعّبات عالم الفقه واتّساع الكون الشّعريّ وإشراقاته ما كان لأبي نواس إلاّ أن يترك"المساجد للعبّاد تسكنها "ويمضى إلى خيمة الشّعر،وفي مباهج الحياة يتمرّغ ليتوحّد بالحياة.
من قال أنّ غيفارا ملحد؟ عليه أن يمتحن مداركه العقليّة .أرادوا أديانا تفرّق وابتغى دينا يوحّد،هو دين الثّورة. ألم يقل أحد القساوسة أنّه لن يدخل الجنّة إذا لم يدخلها رومنسيّ الثورة تشي غيفارا. .
................................................................................................................
ويل لمن سبق عقله زمانه.أبو العلاء شيخ المعرّة، فيلسوف الشّعراء وشاعر الفلاسفة، حكيم ذاك الزّمان، جنت عليه الأيّام وما جنا على أحد. قست عليه وأفقدته نعمة البصر فاحتمى ببصيرته أنيسا ورفيقا. كان الأخير زمامه. اعتنق "لزوم ما لا يلزم"وأبى
إلاّ أن يأتي "بما لم يستطعه الأوائل". اتّخذ العقل مرشدا ودليلا ،وهاديا ونصيرا "مشيرا في صبحه والمساء". أليس "كلّ عقل نبيّ"؟.أليست الملل والنحل والشّرائع والأديان بها ظلم الحكّام الرّعيّة واستجازوا كيدها؟.شقاء العقل ولا نعيم الجهل. فهذا يقودك إلى جنّة التفكير والإجتهاد وذاك يقودك إلى جحيم التّسليم والانصياع. ما فتنته المذاهب والأديان. فكان لها رافضا وبها كافرا.
اعتزل النّاس والجلساء،أرادوا نطقه وأراد صمته. فكان لنفسه نصيرا وللكلمة حاميا ودليلا. مضى كلّ سلطان إلى حتفه ومضى شيخ المعرّة إلى مجده.
.........................................................................................................
المتنبّي ضاقت عليه السّبل وأتعبته أناه لمّا رفضت أن لا ترى لمثلها ندّا .استعصت عليه مملكة الأرض فأسّس مملكة الكون الشّعريّ.
ما كان بالإمكان أن يكون ملكا.فليكن على إمارة القول أميرا. وليحتلّ خيمة الشّعر.حسبه إذا قال شعرا أن يصبح الدّهر منشدا.
مدح وهجا. فجعل من المدح سبيلا للتّماثل مع الممدوح ومن الهجاء مدخلا للاحتفاء بهذا الذي "ملأ الدّنيا وشغل النّاس".
ذهب كافور الإخشيدي وذهب سيف الدّولة وبقي شعر المتنبّي ودولة الشّعر التي إليها انتصر المتنبّي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة