الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (٣_٣)

وليد المسعودي

2022 / 11 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة) ( ٣_٣)

الفصل الثالث

بين الاحتكار العائلي والحزبي
حاضر الدولة في الشرق الأوسط

العراق تفرد وتعدد في الاحتكار

اما عن الحالة العراقية فهي استمرار متواصل في الاحتكار العائلي والحزبي سواء في النظام الشمولي الدكتاتوري او في النظام التعددي التوافقي ، فنظام صدام ظل متمسكا في الهيمنة على مقدرات العراق الاقتصادية وذلك من خلال السيطرة على عائدات النفط التي كثيرا ما يستخدمها من اجل تكديس الاسلحة فضلاً عن محاولة العمل على انتاج البايلوجي والنووي منها ، بشكل زاد من الفجوة الاقتصادية بين الاغنياء والفقراء ، الذين اصبحت البطاقة التموينية موردهم الوحيد .
ولا توجد معلومات تقديرية عن الثروات المنهوبة من عائلة صدام ، حيث ما زالت عائلته تعيش في رخاء ورفاهية تامة ، وذلك بسبب كثرة الحسابات السرية للاموال المودعة في الخارج باسماء من المقربين لهذه العائلة ، حيث تشير وثائق باندورا التي اعادت مؤخرا عملية التقصي عن ثروات العراق المنهوبة بواسطة هذه العائلة بالاضافة الى عدد كبير من الرؤساء، والنجوم والمؤسسات الاقتصادية ضمن وثائق سرية اعلن عنها الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين والتي تضم ( ١١.٩) مليون وثيقة ، وما يهمنا هنا هو ذكر العراق فيها وكيفية اقتفاء الاموال التي هربها النظام حيث تم ذكر شخصيتين بارزتين في مجال ادارة الاعمال وهما " كريم اوجي " شقيق نظمي اوجي الذي ارتبط اسمه بصفقه سفن حربية كان نظام صدام ينوي شرائها من ايطاليا والشخصية الثانية التي بنت وكدست اموالها من التعاون التجاري مع عدي صدام حسين في تجارة التبغ وهو خميس الخنجر (٨)
كل ذلك يكشف حقيقة واحدة وهي احتكار السلطة والثروة معا في ظل نظام القبضة الحديدية ، وبالرغم من مصادرة اموال ثلاثة الاف شخصية من رموز النظام المنقولة وغير المنقولة ، يبقى الهدر بها قائما مادامت عملية الكشف والبحث عن هذه الاموال غير قائمة وخصوصا ان من جاءوا بعد نظام صدام لا يتمتعوا بقدر من المصداقية والمهنية والولاء للعراق بلدا ومجتمعا وكرامة بشرية (٩) فضلاً عن الكثير من وجود القصص التي تقول ان نظام صدام نفسه قد سحب امواله من البنوك السويسرية واللبنانبة والهولندية من قبل اشخاص موثوق بهم .

ان القصور الرئاسية التي بناها نظام صدام حسين هي دليل واضح على عملية الاحتكار المبين للسلطة له ولعائلته وانصاره الحزبيين ، حيث يقدر عدد القصور الرئاسية ب (١٦٦) قصرا بنيت في فترة عصيبة على الشعب العراقي بعد حرب الخليج الثانية عام ١٩٩١ ، وسميت حينها ب " قصور الشعب " وهي في الحقيقة قصور يحتلها النظام ومقسمة عليه وعلى ابنائه ونوابه ووزرائه والمقربين من عائلته (١٠)

ان احتكار السلطة لم يتغير بعد سقوط نظام صدام في العراق ، حيث نشهد صعود التكتلات (الحزبية _ العائلية ) تلك التي انتجت وما تزال تنتج الاقطاع السياسي والحزبي للثروة والنفوذ ليس بشكل احادي بل بشكل متعدد مشترك متعاون ومتصارع عليه في الوقت نفسه في التمتع بثروات وخيرات العراق ، وبالتالي يشكل النهب العام لهذه الخيرات سلسلة متواصلة عبر حكومات لم تحدث اي تراكم لعنصري البناء والتطور الانساني ، حيث لم تقدم ابسط الخدمات الانسانية للمواطن العراقي طيلة تسعة عشر عاما واكثر من عمر هذا النظام فقط تكديس متواصل للثروات التي تظهر من خلال السيطرة على القرار السياسي والاجتماعي والثقافي والديني ، واكثر هذه الاحزاب ترتبط بنفوذ سلطة الاسلام السياسي حيث اتساع مكانتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية منذ (٢٠٠٣) وحتى الازمنة الراهنة ، ولانه لا توجد وسائل رقابية ضمن حدود النسبي على عمل المؤسسات الحزبية والدينية والاجتماعية المرتبطة بنظام ما بعد صدام حسين يبقى التمثيل العضوي لها فاعلا في مجال الاستزادة في تراكم المادي والمعنوي ( ملكيات ، اموال.، مؤسسات ، نفوذ اجتماعي ، انتصار طائفي ) وحتى ان وجدت فانها لا تلاقي ذلك التأثير على المتلقي الاجتماعي في العراق في كشف سلبيات وكوارث هذه السلطة وفسادها ، ودائما ما يظهر العراق في ذيل قوائم الدول الاكثر فسادا في العالم ، وواقع الاستقرار السياسي وترديه وضعف الحكومات في معالجة الفساد والنهب العام ، فضلاً عن كمية عدم الرضا او السخط الاجتماعي من النظام السياسي وفقدان الثقة بالمستقبل في ظل ديمقراطية هشه لا تنتج سوى المزيد من المحاصصة والتوافق على المصلحة ، كل ذلك يجعل دينومة الاحتكار الحزبي والعائلي السياسي لرؤوس الاموال ذات طبيعة متواصلة في التراكم ومع اكثر من سلطة او حكومة بقيادة الاسلام السيايي (١١)

لا توجد وثائق يمكن الاعتماد عليها لدينا حول ملكية " قادة العراق " بعد ( ٢٠٠٣) بالتحديد المالي وكمية ما موجود من حجم الفساد والتهريب الكبير للاموال العراقية ، حيث قدرت لجنة " النزاهة النيابية " في العراق تهريب (٣٠٠_ ٣٥٠) مليار دولار خلال سبعة عشر عاما ، وذلك تحت حجج الاستيراد عبر فواتير مزورة وعن طريق المصارف العراقية تحديدا ، وما موجود ايضا ما ذكرته التقارير الأمريكية في (٢٠١٤) حول ملكية " قادة العراق " ، والتي تقدر ب ( ٧٠٠) مليار مقسمة بين كردستان وبغداد وبعض القادة الطائفيين هنا وهناك (١٢) ومن ثم تعد ملاحقة هذه الاموال شبه مستحيلة وذلك بسبب التواطئ المالي العالمي فضلاً عن الامان الذي تجده " الطبقة السياسية " لدى مصارف خارجية في دول مثل لبنان وتركيا والاردن .. الخ
ولان الديمقراطية في العراق فرضت بشكل فوقي في مجتمع لا ديمقراطيّ يعاني من تراكمات القبلية والتخلف الطائفي وهيمنة بذور وشرور الاستبداد ، وجد اللاعب الرئيس لهذا المجتمع بالطبع من يمثل الهويات الضيقة القبلية والطائفية والدينية المتخلفة في شكل وتكوين الدولة العراقية ، وكل ذلك رسخ التخلفات المذكورة اعلاه اكثر مما جاوزها وتعداها الى مصاف دولة المواطنة والحريات كافة اسوة بالمجتمعات الحديثة .

المصادر والهوامش

٨_ واحد من " السياسيين العراقيين " الذين يمتلكون قاعدة مالية واقتصادية مؤثرة على القرار السياسي في العراق اليوم
٩_ هناك الكثير من الوقائع والاحاديث التي تشير الى تهريب الاموال العراقية او دفنها في اماكن معينة واخرها ما كشف عنه النائب ( عبد الامير الدبي ) عضو " البرلمان العراقي " من مفاجأة تتعلق باموال تقدر ب ( ٢٠٠) مليون دولار كان قد دفنها قصي صدام حسين في سجن نقرة السلمان في مدينة السماوة وسرقت من قبل عصابة دولية حسب تغريدة النائب في ٢٣/٤/٢٠١٩ .
١٠_ بعد سقوط صدام حسين وجدت نفسها القصور ملكا للقادم الجديد متمثل بنظام المحاصصة الطائفية العرقية حيث لم تعد ملكيتها الى الشعب على شكل متاحف ودور سينما او مراكز ثقافية ترفيهية .. الخ بل اصبحت مثلما يسميها النائب احمد المشهداني ب " دكاكين الاسترزاق " حيث استغلالها لاغراض شخصية وبالتالي الاستمرار في استغلال اموال الدولة والشعب في العراق .
١١_ ادرج تقرير منظمة الشفافية العالمية لعام ٢٠٢٠ العراق في المرتبة السادسة ضمن قائمة الدول العربية والمرتبة (١٦٠) عالميا ضمن اكثر الدول العربية فسادا متقدمة على ليبيا والسودان واليمن وسوريا والصومال
١٢_ قدر التقرير الذي اصدرته السفارة الامريكية في العراق ملكية القادة السياسيين فيه بنحو ( ٧٠٠) مليار دولار مقسمة بين كردستان (١٥) خمسة عشر مسؤولا حزبيا هناك ، يملكون ٣٠٠ مليار دولار ، ونوري المالكي يملك ٢١٠ مليار دولار بالمرتبة الثانية وبقية الاموال موزعة على البقية ومنهم اياد علاوي وفالح الفياض وهادي العامري وعمار الحكيم ومقتدى الصدر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قضية احتجاز مغاربة في تايلاندا وتشغيلهم من دون مقابل تصل إلى


.. معاناة نازحة مع عائلتها في مخيمات رفح




.. هل يستطيع نتنياهو تجاهل الضغوط الداخلية الداعية لإتمام صفقة


.. بعد 7 أشهر من الحرب.. تساؤلات إسرائيلية عن جدوى القتال في غز




.. لحظة استهداف الطائرات الإسرائيلية منزل صحفي بخان يونس جنوبي