الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لقد انتهى زمن نصف التدابير - ألكسندر دوغين 3/3

نورالدين علاك الاسفي

2022 / 11 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


ألكسندر دوغين
Alexander Dugin

ترجمة: نورالدين علاك الأسفي.
[email protected]


من وجهة نظر جيوسياسية، لا يمكن لروسيا حتى أن تسمح بوجود أوكرانيا كرأس جسر لمنظمة إرهابية في المحيط الأطلسي والبحر والغرب. جميع الجيوسياسيين - من مؤسس هذا العلم، ماكيندر/ Mackinder، مفوض الوفاق السابق لأوكرانيا وزبيغنيو بريجنسكي/ Zbigniew Brzezinski إلى الأوراسيين والمدرسة الروسية الحديثة للجغرافيا السياسية فهموا هذا جيدا. روسيا موضوع، إمبراطورية، قوة جيوسياسية مستقلة فقط مع أوكرانيا (على الأقل مع نوفوروسيا). هذا هو... القانون. فقد توصل ماكيندر و بريجنسكي إلى استنتاج: يجب على الغرب بأي ثمن إخراج أوكرانيا من تحت أقدام روسيا. علماء الجغرافيا السياسية الروس توصلوا إلى الاستنتاج المعاكس تماما: يجب أن تقف أوكرانيا وروسيا (بالإضافة إلى أجزاء أخرى من روسيا الكبرى، الفضاء ما بعد الاتحاد السوفيتي) مع روسيا أو على الأقل أن تكون محايدة. يتم استبعاد العداء المباشر والسيطرة عليه عن طريق البحر، ولا يوجد قانون دولي يشكل عقبة هنا. إذا كنا بالفعل روسيا، فلا ينبغي أن يكون هناك معاد لروسيا على طول حدودنا.
وبعبارة أخرى: اتفاقيات بيلوفيج/[1] Belovezh هي توقيع على خسارتنا؛ طالما بقيت روسيا تحت الحكم الغربي، ضعيفة و محتلة بشكل أساسي، بقيادة نخبة استعمارية. إذا كانت روسيا ذات سيادة حقًا، فهي الوحيدة التي يجب أن تكون كذلك في فضاء ما بعد الاتحاد السوفيتي بأكمله.
و هذا هو مناط العملية الخاصة على الجملة. فالدبلوماسية والاقتصاد والمعاهدات الدولية؛ حين صارت جميعها غير ذات شأن .. تبقى الجغرافيا السياسية فقط. و النصر فقط، على جميع المستويات وعلى كل الجبهات.
هذه هي المرة الأولى التي تعتزم فيها روسيا مراجعة النتائج الجيوسياسية للحرب الباردة على نطاق واسع. وهذا يعني أن روسيا قررت-لقد قررت بالفعل، نحن نتحدث عن الماضي القريب والحاضر، وليس عن المستقبل - تغيير النظام العالمي الأحادي القطب والدخول في صراع مباشر مع الحضارة البحرية، مع جوهرها الأنجلوسكسوني. بالنسبة لموسكو، إنها معركة مميتة- ولكن فقط من أجل المتطلبات لتصبح موضوعا، إمبراطورية. لذلك، بالنسبة لنا، كل شيء على المحك. من ناحية أخرى ، فإن البحر ، حتى لو خسر كل أوكرانيا ، لن يعاني كثيرا. ستظل هناك العديد من الطرق التي سيحاول الغرب من خلالها خنقها بالعقوبات والقيود التجارية والمجاعة التكنولوجية. ولكن بالنسبة لنا ، فإن ضعف العملية الخاصة هو ببساطة قاتل. وليس من الممكن، ولا من الضروري، أن نوضح لأي شخص أننا أجبرنا على الشروع فيها وأننا لم نسترشد إلا بالاعتبارات الإنسانية. هذه خطابة. لقد راهننا بكل شيء على سيادة حقيقية للحضارة.
لذلك من الضروري تحقيق ذلك. لقد قررت روسيا تغيير النظام العالمي والآن يجب الإسراع بإعادة بناء المجتمع كاملا بطريقة أوراسية و وطنية جديدة.
يتعلق الأمر أولا وقبل كل شيء بهياكل السلطة، حيث من الواضح أن العديد من المشاكل قد تراكمت خلال الحقبة شبه الاستعمارية. في جزء منها، هناك تخريب حقيقي - الترقية الماهرة إلى المناصب الرئيسية لشخصيات غير كفؤة بشكل صارخ، وتهميش القادة المستحقين والأقوياء، والانغماس المتعمد في تفاصيل تقنية لا حصر لها، وأخيرا، الفساد الصريح - الذي شرعنته بشكل فعال الرأسمالية وعصر "مركز يلتسين". نرى ذلك في سلوك فوينتورغ/ Voentorg خلال التعبئة الجزئية وفي كل مكان آخر.
المشكلة الرئيسة اليوم هي إمكاناتنا في القوة، والتي تكمن جذورها في المجتمع، في غياب الأيديولوجية، في نمط الحياة المريح والمنحل، في الواقع الذي تم فرضه علينا بعد هزيمة واستسلام التسعينيات. نحن نجني ثمار الاحتلال العقلي النموذجي لروسيا.

لقد أعطى بوتين بالفعل إشارة النهاية، ولكن لمن أعطاها؟ إن لم يكن لوكلاء التأثير المباشرين، فإن منتجات هذا التخريب الطويل الأجل يمثلون النخب التي تطورت في التسعينيات في السوداء من المدللين والفاسدين والساخرين؛ و في الغالب يكونون ببساطة غير أكفاء وناقصين عقليا (ومع ذلك، فهم على التمام في رعاية أمعائهم الخاصة). هذه الحثالة مصممة لضمان انتصار روسيا في أصعب مواجهة مع عدو وحشي وحازم ومجهز تقنيا و بجنون مقتنع بصوابه... هذا بالتأكيد لا يتعلق بالأوكرانيين، الذين هم ضحايا الزومبي بين السلاف الشرقيين، والذين هم إخواننا: إنه يتعلق بالغرب، عن حضارة البحر، عن خطط النخب العالمية لتحويل الهيمنة العالمية إلى انتصار لحضارة الشيطان، وهم مصممون على القيام بذلك، انظر إلى ما تحول إليه الجنس الغربي الحديث والثقافة والفلسفة ما بعد الإنسانية، انه ترديد مباشر حقيقي للجحيم.
في روسيا نفسها، أتت لحظة التغيير الراديكالي الجذري؛ السريع والعاجل.
لحظة عندما تأتي فيها كلمات "الإخوة والأخوات" من القلب بدلا من " الروس الأعزاء ". "الكل من أجل الجبهة وكل شيء من أجل النصر" بدلا من هذيان المسؤولين المثير للشفقة؛ و الذين يحاولون توحيد ما لا ينفصم. الحرب المقدسة للأمة بأسرها ليس من أجل الحياة بل من أجل الموت، وقواعد القانون الدولي التي لا أحد يحترمها.
ولاختراق الجبهات، يجب أن نقاتل بقوة في الداخل. لقد انتهى زمن أنصاف التدابير والتسويات، هذه المرة، معركتنا لديها الفرصة كاملة لتكون الأخيرة. [2]
--------------------
[1] اتفاقيات بيلوفيج/ Belovezh و المعروفة أيضا اتفاقية مينسك أو معاهدة مينسك، هي معاهدة وقعت في 8 ديسمبر 1991 في غابة Belovezhb في روسيا البيضاء. أكدت هذه الوثيقة تفكك الاتحاد السوفياتي و نشأة رابطة الدول المستقلة.
[2]المصدر على الرابط:
https://www.geopolitika.ru/en/article/time-half-measures-over








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمات إنسانية متفاقمة وسط منع وصول المساعدات في السودان


.. جدل في وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الخلافات العلنية داخل




.. أهالي جنود إسرائيليين: الحكومة تعيد أبناءنا إلى نفس الأحياء


.. الصين وروسيا تتفقان على تعميق الشراكة الاستراتيجية




.. حصيلة يوم دام في كاليدونيا الجديدة مع تواصل العنف بين الكانا