الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العيد الوطني أم عيد الاستقلال؟

محمد علي مقلد
(Mokaled Mohamad Ali)

2022 / 11 / 19
مواضيع وابحاث سياسية



في ندوة عن الاستقلال في الحركة الثقافية في أنطلياس، قال رئيس سابق للمجلس الدستوري، إن المواطنين لا يطالبون بغير الدولة، فيما الحكام يمعنون في تفكيكها، كما عبر وزير سابق عن أسفه لأن أهل الحل والربط في لبنان يتعلمون من التجارب دروساً بالمقلوب.
في بلادنا هو عيد الاستقلال، فيما تحتفي به بلدان كثيرة باعتباره العيد الوطني. الالتباسات لم تعد محصورة بالتسمية وحدها بل باتت تحيط بالكيان اللبناني من أساسه، وليس مبالغة القول إن في التسمية بذور أسباب مضمرة للحرب الأهلية الدائمة.
المعنى المتداول والمعتمد أنه استقلال عن فرنسا مكرس بمناسبة أخرى هي عيد الجلاء. هذا لا يعبر عن حقيقة يجمع على إنكارها كثر ممن كتبوا التاريخ وممن يقرأونه والأميون، حقيقة أن لبنان لم يتحول إلى كيان مستقل إلا يوم التأسيس، عام 1920، لكنه تسميته لبنان الكبير انطوت على التباس يشير إلى تلك البذور المضمرة.
وجه أول من الحقيقة هو أن أياً من الكبير والصغير لم يشكل وحده وطناً، بل استمرا كمجموعة من الولايات الخاضعة بصورة مباشرة أو غير مباشرة لحكم السلطنة العثمانية منذ معركة مرج دابق إلى ما بعد تعليق مشانق الشهداء على أيدي جمال باشا السفاح.
وجه ثان من الحقيقة هو أن الحروب الأهلية الدائمة في لبنان هي حالة محمولة ومنقولة بأدواتها وببعض أسبابها مما قبل الاستقلال، وحين تلقحت بعده بأخرى مستحدثة تحولت، بمعنى مجتزأ من المعاني، إلى حرب بين"لبنان الصغير ولبنان الكبير"، بين "الجبل" ذي الغالبية المسيحية والأقضية الأربعة ذات الغالبية الإسلامية.
وجه ثالث من الحقيقة هو أن التسمية تحيل إلى التباس جغرافي يتعلق بمساحة الوطن. الأرض وحدها لا تشكل أساساً كافياً، إذ هي تحتاج إلى عنصرين آخرين، الشعب والسيادة ليتكون من هذا الثالوث المقدس كيان إسمه الوطن.
استناداً إلى هذه الحقيقة بوجوهها المختلفة تعتبر الجمهورية اللبنانية كياناً حديث الولادة، لم يتشكل بالتحول من صغير إلى كبير، بل تأسس مثلما تأسست سائر الدول في الحضارة الرأسمالية، صغيرها وكبيرها، سويسرا وبلجيكا والنمسا، أو إيطاليا وألمانيا والولايات المتحدة الأميركية. هذه كلها لا تحتفل بعيد الاستقلال بل بعيد التأسيس، العيد الوطني الذي ليس سوى احتفال بولادة الدولة الحديثة.
لبنان إذن ليس كياناً أزلياً ولا هو المشار إليه في الرسالات أو في حروب الغزو، وليس سريانياً ولا كنعانياً ولا فينيقياً ولا أموياً ولا عثمانياً ولا إسلامياً ولا مسيحياً، بل هو من صنع الحضارة الرأسمالية
هذا كله تاريخ ولايات وحقب إن هي إئتلفت وتكاملت داخل الجمهورية أبدعت. هذا ما تثبته اليوم أجيال اللبنانيين المقيمين والمنتشرين حول العالم في ميادين العلوم والفنون والتجارة والأعمال، وإن هي تصادمت حوّلت أبناء الطوائف إلى رعايا، وزعماءها إلى ولاة صغار في خدمة السلطان، وما أكثر السلاطين.
تاريخ لبنان هو تاريخ الجمهورية وإعلان الدستور. والسيادة اللبنانية هي سيادة الدولة على حدودها وداخل حدودها، والنموذج الأفضل، وليس المثالي، هو ما جسدته التجربة الشهابية. بهذه المعايير يكتب تاريخ لبنان ويترك لكتّاب الطوائف والمناطق ومؤرخيها أن يكتبوا تاريخ كل منها.
وبهذه المعايير يبنى المستقبل، ما يعني أن من شارك بتدمير الدولة من أهل السلطة أو من أهل المعارضة بيسارها ويمينها ليس مؤهلاً لإعادة بناء الوطن، اللهم إلا إذا كان نقده الذاتي قاسياً وجريئاً وصادقاً.
المؤهل الوحيد هو جيل لم يشارك في الحرب الأهلية، جيل الثورة التي لم تنطفئ جذوتها ولن تنطفئ ولو كره الكارهون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار البحث عن مروحية كانت تقل الرئيس الإيراني ووزير الخار


.. لقطات تحولت ا?لى ترندات مع بدر صالح ????




.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن هبوط مروحية كانت تقل الرئيس ا


.. غانتس لنتنياهو: إذا اخترت المصلحة الشخصية في الحرب فسنستقيل




.. شاهد| فرق الإنقاذ تبحث عن طائرة الرئيس الإيراني