الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب والديموقراطية

أحمد فاروق عباس

2022 / 11 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


من الناحية الفعلية الديموقراطية وتداول السلطة مطبقة في لبنان منذ عقود ، ومطبقة في العراق منذ عقدين ، ومطبقة في تونس منذ عقد ..
فالانتخابات تجرى في مواعيدها ، وتتغير طبقاً لها وجوه الحاكمين ، ولكن الدول الثلاث تعيش عدم استقرار سياسي مزمن ، وفساد مروع ، وتراجع اقتصادى مخيف !!

فماذا حدث للديموقراطية ؟!

ألم يقنعونا لعقود أن الاستبداد في الدول العربية هو سبب كل مشاكل العرب وتأخرهم ؟
ألم يقولوا أن الفساد مرتبط بتلك الدول ارتباطاً لا ينفصم ؟!
ألم يلحوا في القول أن فى الديموقراطية وتداول السلطة شفاء لكل مرض ، وهى الوصفة المضمونة والمجربة للتقدم الاقتصادى ؟!

فماذا حدث إذن ؟

تدل التجربة للمرة الألف تقريباً - وقراءة التاريخ قبل ذلك معين واضح - أن الديموقراطية لم تكن سبباً في تقدم أحد ، وأن الدول الغربية حققت تقدمها كله قبل الوصول إليها .

فإنجلترا حققت ثورتها الصناعية واستعمرت العالم وبنت فائضها الاقتصادى ولم يكن بها ديموقراطية !!
فلم يكن يسمح لأحد بالترشح للبرلمان أو حتى التصويت بدون امتلاك مقدار كبير من المال أو ضياع واسعة من الأرض ، بالإضافة إلى أن نصف الشعب الانجليزى - النساء - كان محروماً من حقوقه السياسية ترشحاً أو انتخاباً حتى الربع الأول من القرن العشرين ( ١٩١٨ ) ..
مما أخرج اكثر من ثلثى الشعب الانجليزى عملياً من تلك الديموقراطية !!
ولم يكن الحال في فرنسا أفضل كثيراً ..

أما ألمانيا فقد حققت نهضتها كلها - فى الربع الأخير من القرن ١٩ والربع الأول من القرن ٢٠ - فى ظل نظام حديدى صارم ، بدءاً من بسمارك وحتى باقى خلفاءه ..
وكذلك اليابان وكذلك كوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا والصين .... إلخ

ماذا يعنى ذلك ؟
هل يعنى أنه لابد من استبعاد الديموقراطية حتى تتقدم الأمم ؟!
لا ... ليس ذلك هو المقصود .

ولكن المقصود هو أن الديموقراطية تأتى كنتيجة للتقدم الاقتصادى وليست سبباً له ..
فالدول الغربية وصلت إلى الديموقراطية بعد أن حققت الأتى :
١ - تراكم اقتصادى سمح بوجود فائض في أيدى الطبقات الاجتماعية المختلفة ..
٢ - حركة تصنيع قسمت المجتمع إلى طبقة من الرأسماليين وطبقة من العمال ، وبجانبهما طبقات أخرى متمايزة مثل الطبقة الوسطى وطبقة الفلاحين ، الأمر الذى سمح ببدء تنافس سياسي جاء أوانه وجاءت أسبابه الموضوعية ..
٣ - حسمت الأسئلة الوجودية فى حياة أى دولة تريد استقراراً سياسياً متواصلاً ، وأهم تلك الأسئلة دور الدين ورجاله والمتحدثين بإسمه فى الحياة السياسية ( وليس فى الحياة العامة ) ..

وبحسم دور الدين ، وببناء قاعدة اقتصادية مستقرة تم حسم دور الجيوش فى البناء السياسى ..
وبالتالى عندما جاءت الديموقراطية لم تقف أمامها عقبات تعطلها ، من جموع من الفقراء تريد حلب الدولة قبل أن تحقق فائضها الاقتصادى الأولى ، ولا طوائف سياسية لم تجد فى نفسها الكفاءة أو المقدرة للوصول إلى السلطة إلا باستخدام الصوت العالى أو اللعب على عواطف الجماهير ، أو طوائف أخرى استخدمت سلطان الدين على النفوس وسيلة لبلوغ مراتب العلا ...
أو جيوش تجد أن مهمتها الرئيسية ، وهى الحفاظ علي الدولة من أى عدوان خارجى يعيقها بناء داخلى ممزق ، يجعل من بقاء الدولة ذاتها - وهو الواجب الأول لأى جيش فى العالم - محل تساؤل !!

لعل العرب تعلموا الدرس ، ولم يجروا وراء أى "موضة " يلقيها أمامهم أصحاب المصالح والاغراض ..

الديموقراطية نتيجة وليست سبباً .. وهى نهاية طريق وليست بدايته .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعات عراقية للمطالبة بوقف الحرب في غزة


.. مشاهد من لحظة وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى قصر الإليزيه




.. فيضانات وسيول مدمّرة تضرب البرازيل • فرانس 24 / FRANCE 24


.. طبول المعركة تُقرع في رفح.. الجيش الإسرائيلي يُجلي السكان من




.. كيف تبدو زيارة وليام بيرنزهذه المرة إلى تل أبيب في ظل الضغوط