الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاربة في التأسيس لثقافة -الصهينة-

سليم يونس الزريعي

2022 / 11 / 20
القضية الفلسطينية


قد يتساءل البعض عن هذا التسابق الرسمي العربي والإسلامي بتهنئة الإرهابي بنيامين نتنياهو على تكليفه بتشكيل حكومة الكيان الصهيوني بعد فوز الائتلاف اليميني الصهيوني المتطرف في انتخابات الكنيست التي جرت مؤخرا، ومكافأة دولة أذربيجان هذا الكيان العنصري الفاشي على جرائمه في الضفة بما فيها القدس والأقصى، بافتتاح سفارة لها في " تل أبيب".
وفي تقديري فإـن ذلك يعود إلى أسباب تتعلق بنظرة تلك الأنظمة إلى طبيعة المشروع الصهيوني في فلسطين وعلاقته بها من حيث الجوهر، بمعني أين تقف تلك الدول الآن من معادلة الصراع بين الحق الفلسطيني العربي والمزاعم الصهيونية، على الأقل من الناحية الفكرية والقانونية والسياسية ولو نظريا؟ كون ذلك هو الذي يؤسس لموقف إيجابي أو سلبي من الصراع الفلسطيني مع هذا العدو؟ أي هل هو الانتصار لعدالة الحق الفلسطيني وعدم خيانته وطعنه في الظهر، أو الأخذ بسردية الحركة الصهيونية والمسيحية الصهيونية بما يتعلق بمشروعها في فلسطين الذي يجسده هذا الكيان الغاصب..؟
ولا أعتقد أن هذه المواقف العربية والإسلامية في رؤيتها للصراع قد ولدت هكذا فجأة، فمثل تلك الانزياحات نحو تموضع عربي وإسلامي جديد، في مسألة الصراع مع الكيان الصهيوني إنما تأخذ وقتا، فهي نتاج عملية تراكم بطيء جذره فكري ثقافي، يحدد موعد انفجاره (طفرته) مصالح تلك الدول التي انتقلت من موقع حق الفلسطينيين المطلق في وطنهم، إلى الحق النسبي في جزء منه، والاعتراف للحركة الصهيونية بالحق المطلق في استيلائها على 78% من فلسطين عام 1948.
أي أنه بات هناك من يتبنى وينافح علنا، عن رواية الحركة الصهيونية في حق اليهود في فلسطين ، مع أن هذه الرواية كاذبة جملة وتفصيلا، ومن كذبها هم علماء آثار ومؤرخون يهود، الذين أكدوا أن روايات التوراة ، حول الوجود اليهودي في فلسطين، هي مجرد أساطير اختلقها كتبة يهود بعد قرون من الأسر البابلي، لأن الوقائع تقول إنه لم يكن هناك من وجود لما جاء في التوراة في الواقع، ومع ذلك فإن هناك من قرر الاعتراف بنتائج تلك الروايات الكاذبة، أي بالوجود الصهيوني في فلسطين ، بما يعنيه ذلك من خيانة للحقائق والتاريخ والواقع فيما يتعلق بالوجود والحق الفلسطيني الثبت والممتد في وطنه.
المفارقة أن أول من نفت ممارساته الحقوق الفلسطينية في فلسطين، هو من سُمى بـ"الرئيس المؤمن"، الذي ارتدى ثوب الإسلام ليعتدي على حقوق الفلسطينيين الثابتة في وطنهم عبر الاعتراف للحركة الصهيونية بسلبها فلسطين، وهو اعتراف ينفي بالنسبة للحكومة المصرية ذلك الحق عن الفلسطينيين ويمنحه غدرا للحركة الصهيونية في سابقة أسست لما بعدها وكانت الاختراق الأكبر لوعي وثقافة الملايين من سكان مصر والوطن العربي.
وجاءت رسالة الرئيس الإخواني المصري الأسبق محمد مرسي لرئيس الكيان الصهيوني شيمون بيريز بتكليف سفير مصري جديد يمثل نظام الإخوان المسلمين لدى الكيان، "عزيزي وصديقي العظيم"، لتؤكد تلك الثقافة التي أرساها الرئيس المصري المؤمن محمد أنور السادات، الذي هو منتج لتيار مصري كان يدعي أن بؤس الواقع المصري سببه القضية الفلسطينية، في تحميل الشعب الفلسطيني وقضيته وزر معاناة الشعب المصري جراء خيارات رئيسه المؤمن السياسية والاقتصادية .
لكن السقوط السياسي الكبير الذي كانت له أبعاد سياسية وثقافية، نعتقد أنها أسست لهذا التهافت العربي والإسلامي الذي ازداد إنكارا للحق الفلسطيني، هو عندما وصل الأمر بان أصبح الفلسطينيون جزءا من المتهافتين من النظام الرسمي العربي، دون أن يحسبوا ربما حسابا، بأن سلوكهم سيكون ذريعة لمن ينتظر الفرصة ليقف إلى جانب الكيان الصهيوني في إنكاره للحقوق الفلسطينية وتحميله مسؤولية جرائم الاحتلال وعدوانيته وتآكل أي فرصة للحل بدعوى تضييعه للفرص.
فكان أن مهدت هذه الثقافة للمتهافتين من الأنظمة العربية، لتجاوز خطوة الرئيس المؤمن في مسار "التصهين"، عبر سياسات ومواقف تتماهى في السياسات العنصرية للكيان الصهيوني وعلى حساب الحقوق الفلسطينية، في تطور لافت فيما يمكن أن يطلق عليه الصهاينة العرب والمسلمين، التي رافقتها حملة تزوير وتضليل لواقع وسياسات الاحتلال الصهيوني، للحط من تطلعات الشعب الفلسطيني وكفاحه المستمر من أجل كنس الاحتلال، مع أن تلك القوى لم تكن في أي يوم الأيام إضافة لمنسوب النضال الفلسطيني الممتد منذ عقود عمليا، دون يذهب ذلك إلى المؤمنين بالحق الفلسطيني من شعوبها المنتصرين له قولا وعملا.
ومن الواضح على ضوء ذلك أن كرة ثلج التهاوي العربي والإسلامي تكبر وتتدحرج ، بما يعنيه ذلك، أن على الفلسطينيين وهم يخوضون نضالهم ضد مشروع الحركة الصهيونية في فلسطين من إعادة تحديد على الأقل معسكر الأصدقاء بالنسبة لهم، لكي يعرفوا من يقف إلى جانب حقهم بالفعل، بعد أن تبنى بعض العرب والمسلمين للرواية الصهيونية بالنسبة للحقوق الفلسطينية، على حساب الحق الفلسطيني..
لكن لا أتصور أن شعبا يملك كل هذا المخزون من الصبر والإرادة الواعية، وبما يملك من مكنة التجدد المستمر، يمكن أن يثبط عزمه في الوصول إلى هدفه النهائي في التحرير والعودة ، الصهاينة اليهود، أو الصهاينة العرب، أو الصهاينة المسلمين، بل ربما فيه كل الفائدة ليكتشفوا من هم أعداءهم، وأيضا من هم الذين ينتصرون لهم دون غرض وإنما انتصارا للعدل وللحق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة