الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شافيز واليسار القومي والأنظمة والقوى الرجعية الفاشستية

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2006 / 10 / 6
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


العلاقات الودية بين الحكومات اليسارية البتي برجوازية التي وصلت إلى الحكم في الفترة الأخيرة في أمريكا اللاتينية وبين الأنظمة القومية الفاشستية في منطقتنا ، تشبه إلى حد كبير علاقات الإتحاد السوفيتي السابق ومعاهدات الصداقة والتعاون بينه والأنظمة القمعية القومية الفاشستية مثل النظام البعثي السابق في العراق والنظام البعثي السوري و نظام الشاه المهزوم.
وقد أسفرت زيارة الرئيس الإيراني إلى فنزويلا عن عقد 19 إتفاقية تعاون إقتصادي في مجالات السمنت والنفط والمعادن وغيرها.
و أثارت هذه اللقاءات والعلاقات الودية بين فنزويلا البوليفارية والأنظمة الفاشستية المعادية للعمال والفلاحين مثل النظام السوري والإيراني ولاتزال ردود فعل مختلفة بين مؤيدة و مستنكرة ، وقد تخبط الكثير في حيرة اتخاذ مواقف ثابتة .وثمة تساؤلات عديدة ومُرة واجهت الشيوعيين واليسار الثوري ، وحار الكثير في كيفية الإجابة عنها، وتفسيرها للرأي العام ، ومن تلك التساؤلات ماجدوى صداقة اليسار مع الأنظمة الدكتاتورية ، وفائدة تعاونها للطبقة العاملة في منطقتنا والعالم. كما برزت ضرورة إعادة تعريف اليسار وأنواعه والإشتراكية والشيوعية.
وقد أسرع نفر من الطرف المستنكر يبعثون برسائل نشروها في مواقع الإنترنت إلى شافيز وحكومته ووسائل إعلامه يوضحون له ماهية النظامين البعثي السوري والإسلامي الإيراني، ويناشدونه مقاطعتهما ، ويشرحون له جرائمها بحق الطبقة العاملة والكادحين، وكأن السيد شافيز يجهل كل ذلك. نفس الخطأ كنا نرتكبه حين كنا في الحزب الشيوعي العراقي نطالب قيادة الحزب على توضيح الماهية الفاشستية للنظام البعثي السابق.
وقد انبرى بعض اليسار الأوروبي واليسار الجديد المعادي للعولمة وعالمية الإقتصاد الرأسمالي يقيّمون عاليا هذه العلاقات بين جمهورية فنزويلا البوليفارية و الأنظمة والقوى البعثية والإسلامية "المعادية" للإمبريالية ويباركونها ، ويرون فيها تعزيزا للنضال ضد الإمبريالية، وخطوات باتجاه التطور اللارأسمالي في إيران وسوريا ، وضربة قوية للإمبريالية الغربية.
لا يحتاج المرء إلى تفكير عميق ، فإن قراءة التاريخ القريب للعلاقات السوفيتية مع الأنظمة الوطنية البرجوازية في العالم الثالث كافية ليتقين أن كلا الطرفين المؤيد و المعارض على خطأ كبير ، و أنهم لا يحوزون على رؤية سليمة إلى الشيوعية والإشتراكية ، ولا يدركون إطارات العلاقات الإقتصادية والسياسية والدبلوماسية للبرجوازية الوطنية المعادية لمصالح العمال والكادحين فعلا ، والتي ترفع شعارات معادية للإمبريالية وتخدمها بكل جرائمها.

وقد انتهى العالم ذو القطبين منذ أكثر من 16 عاما، وانتهى مجلس التعاون الإقتصادي للكتلة الشرقية السوفيتية "الكومنترن" ، وجرت كذلك تغيرات كبيرة في القطب الإمبريالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وبرزت فيه تناقضات جديدة على السطح مع القطب الإمبريالي الاخر الأوروبي في كل الميادين السياسية والإقتصادية والثقافية وغيرها.

، والجدير بالذكر أن " اليسار الجديد" هم بقايا اليسار الذي كان ينتقد الإتحاد السوفيتي انتقادا لاذعا ، وبعد انهيار الكتلة الشرقية ، لم يبق له سوى مواجهة سياسات العولمة والإمبريالية من منطلقات قومية . وهذا اليسار ليس هدفه تغيير النظام الرأسمالي وبناء الإشتراكية ، بل إصلاحات في اطار الرأسمالية القائمة ، وتغيير بعض المسميات . واليوم كلا اليسار ، سواء بقايا السوفيتية والجديد يلتقون على مؤازرة الإسلام السياسي و دعم الأنظمة الفاشستية في العالم الثالث " على عناد أمريكا".
وقد استمرت بعض المنظمات الدولية التي تأسست في فترة الصراع بين القطبين السوفيتي والأمريكي ، مثل منظمة دول عدم الإنحياز، وهي تنشط حتى بعد انهيار الكتلة الشرقية و انفراد الإمبريالية الأمريكية وحلفائها بالهيمنة على العالم واستغلاله. وعندما يسمع المرء بعدم الإنحياز وبعض الحكومات المسنودة من قبل الإمبريالية ، لا يبقى أمامه سوى الضحك ، و تفسير عدم الإنحياز بعدم الإنحياز لمصلحة الجماهير وكرامتها ومستقبلها.
وهل يمكن أن يتصور العاقل دولا كالأردن ومصر والكويت وباكستان وأمثالها غير منحازة ؟ وهل أنها بقيت وتبقى محايدة في هذه الصراعات الدولية؟
على كلّ ٍ ، فاليوم ثمة أنظمة مثل النظام الإيراني انزاحت ، بإرادة منها أو بدونها، إلى مواقع معينة أنتجت تناقضات لها مع الإمبريالية وخاصة الإمبريالية الأمريكية ولأسباب مختلفة ولظروف متنوعة .
كما وصلت في أمريكا اللاتينية قوى يسارية بتي برجوازية إلى السلطة مثل فنزويلا و غيرها وأخيرا بوليفيا ، وحققت اصلاحات كثيرة لمصلحة الجماهير المحرومة ورفاهها بدون أن تمس أسس علاقات الإنتاج الرأسمالية ، ما أثار حفيظة الإمبريالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وغضبها. و الولايات المتحدة وحلفؤها لا تنفك تحيك المؤامرات على هذه الحكومات وخاصة الحكومة الفنزويلية ، وتدعم القوى المضادة اليمينية العميلة في سبيل قلبها وأقامة حكومات يمينية موالية للإمبريالية على أنقاضها.

ويمكن القول إن للنظامين البعثي في سوريا والإسلامي في إيران تناقضات وصراع مع الإمبريالية الغربية وخاصة الأمريكية إلى حد نسمع كلاما عن توجهات الولايات المتحدة لتغيير النظامين بأنظمة موالية لها .

الجدير بالذكر أن الإمبريالية الإمبريالية قد تخلت عن الشاه عام 1979 وفسحت الدرب لكي تصل القوى الدينية إلى السلطة وذلك منعا لوصول القوى اليسارية الراديكالية للحكم . وقد سجل التاريخ باعتراف سكرتير سابق لحزب البعث في العراق أن البعثيين وصلوا إلى السلطة بقطار أمريكي عام 1963 . ولم يكن انقلابهم الثاني في 1968 لينجح بدون دعم الإمبرياليين لهم.
فالصراع بين الإمبريالية والنظامين البعثي السوري والإسلامي الإيراني أسبابه تختلف عن أسباب الصراع بينها و الأنظمة اليسارية البتي برجوازية في أمريكا اللاتينية . وأن النظامين البعثي والإسلامي والقوى الظلامية القومية المتصارعة مع أمريكا تشعر أنها بحاجة إلى أصدقاء وحلفاء على الصعيد العالمي سياسيا ودبلوماسيا ، و النظامان في سوريا وإيران في حاجة أيضا إلى تعاون إقتصادي لمواجهة أي حصار وعقوبات اقتصادية تفرضها الولايات المتحدة وحلفاؤها عليهما، ومن الطبيعي ثمة كثر من سياسيين وكتّاب يسيل لعابهم لكوبونات على غرار كوبونات النفط البعثية ، وهنا يحصل تبادل المنافع و التآزر .

والسؤال المهم الذي يبرز بقوة الآن هو : هل على القوى اليسارية الثورية والشيوعية في العالم ان تدعم أي ّ شكل كان من معاداة الإمبرالية ؟
لقد جاوب لينين بكل وضوح عن هذا السؤال في كتيب له باسم " كاريكاتور عن ماركس " بقوله: " الإمبريالية عدونا كرأسمالية ، لكن لا يوجد شيوعي في العالم يغفل أن الرأسمالية مقارنة بالإقطاعية نظام تقدمي ، وأن الإمبريالية بالنسبة إلى الرأسمالية ما قبل الإحتكارية بمثابة حركة إلى أمام .فليس علينا أن ندافع عن أية حركة معادية للإمبريالية مهما كانت . إننا لن ندعم كفاح الشرائح الرجعية ضد الإمبريالية ، ولن نساند انتفاضة الطبقات الرجعية على الإمبريالية والرأسمالية" .
وقد أكد لينين في مقدمة نفس الكتيب أنه ليس أعداء الماركسية وحدهم يلحقون الضرر بها ويحاولون إفراغها من مضامينها الأصلية، فهناك أصدقاء لها أيضا يعملون ذلك ويحاولونه أيضا".
وحين عقد النظام البعثي معاهدة الصداقة والتعاون مع الإتحاد السوفيتي عام 1971 ، احتفى الحزب الشيوعي العراقي بها واعتبرها خطوة هامة في " طريق التطور اللارأسمالي". و نفس الشئ حدث لحزب توده شقيق الحزب الشيوعي العراقي حين وقع الشاه معاهدة شبيهة مع الإتحاد السوفيتي.
واليوم ينبري أصدقاء الماركسية الجهلاء بالدفاع عن العلاقات القائمة بين الأنظمة اليسارية البتي برجوازية في أمريكا اللاتينية والأنظمة الفاشستسية في منطقتنا بحجة تعزيز الكفاح ضد الإمبريالية.

ترى لو كان لينين يعيش إلى اليوم وشهد هذه المهازل ماذا كان موقفه من أناس يسمون أنفسهم يسارا ، أو يسميهم غيرهم بذلك ، و يدعمون قوى قومية ودينية وظلامية ؟
أشعر أنه لو علم بهم لسخر منهم ، وكتب فيهم ما يفيد كمرشد في كيفية تعامل الشيوعي مع هؤلاء.
أما الأخوة الذين بعثوا برسائل إلى الأخ شافيز رئيس فنزويلا البوليفارية يوضحون له ماهية الأنظمة البعثي في سوريا وولاية الفقيه الشيعي الإسلامي في إير ان والقوى الإرهابية في منطقتنا، فعليهم أن لا يكلفوا نفسهم هذه المتاعب فرسائلهم تروح هباء ، فالسيد شافيز على علم بجوهر هذه الأنظمة والقوى الرجعية الفاشستية في منطقتنا. إنه يعلم جيدا ما قام به النظام البعثي في العراق من جرائم سواء ضد الشيوعيين و القوى اليسارية الأخرى وانتهاكه الفظيع لحقوق الإنسان . ولا بد أنه مطلع اطلاعا كافيا عن أوضاع سوريا والدكتاتورية التي تتسلط على الشعب السوري.
وإنه يدرك ادراكا جيدا تاريخ الجمهورية الإسلامية وجرائمها ، من رجم المرأة ، واضطهاد البهائيين ، وسرقة قوت الفقراء و المحرومين ، ولا بد أنه شاهد ويشاهد جرائمها ضد الشيوعيين وايلساريين بتهمة الإلحاد ومعاداة الإسلام .
وقد اسلفت أن هذه الأنظمة والقوى التي تناقضت مصالحها مع الإمبريالية بحاجة ماسة إلى أصدقاء في الميادين السياسية الدولية والدبلوماسية .
ففي الوقت الذي تقدم جماهير منطقتنا التضحيات الجسام في سبيل التحرر من هذه الأنظمة الفاشستية والقوى الظلامية يقوم هؤلاء اليساريون الزائفون باحباط عزيمتهم ، وتقوية هذه الأنظمة والقوى الظلامية . فهؤلاء اليسار لم يخرجوا يوما في تظاهرة يستنكرون فيها المذابح التي ارتكبتها الحكومات الوطنية " المعادية للإمبرالية" ، بل يحتشدون في الساحات والميادين اليوم لدعم قوى إرهابية تذبح الناس وفق الهويات الطائفية والقومية ، ويجمعون التبرعات لهل مجرد أن الإمبريالية أصبحت غير راضية عنها.

أما مهمة الشيوعيين واليساريين الثوريين في هذا الوضع فعسيرة ، و هي فضح وتعرية سياسات هذه الأنظمة الفاشستية في منطقتنا و علاقاتها الدبلوماسية حتى مع حكومة مثل حكومة شافيز باعتباره لليسار البتي برجوازي ، وثقافاتها . وكذلك نقد اليسار القومي بكل أشكاله ، والعمل على فضح سياساته وعزله تماما وطرده من بين الجماهير في العالم، لتكون المبادرة الثورية بيد الشيوعيين واليسار الثوري بأهداف تحقيق هدف الطبقة العاملة في إزالة الرأسمالية وتحقيق الإشتراكية .

2006-10-5








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خلافات بين نتنياهو والأجهزة الأمنية الإسرائيلية حول اقتراحات


.. صواريخ ومسيرات حزب الله -تشعل- شمال إسرائيل • فرانس 24




.. الانتخابات البريطانية.. بدء العد التنازلي للنتائج وترقب لمست


.. إيران تبدأ فترة الصمت الانتخابي قبل الجولة الثانية من انتخاب




.. الجيش الروسي ينشر صورا لاستهداف مقاتلة أوكرانية باستخدام نظا