الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معارضة ومعارضة

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2022 / 11 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


حين تصبح كلمة رحمه الله معياراً لتمييز ( المناضل ) من غير المناضل
في الستينات والسبعينات ، وحتى النصف الأول من الثمانينات ، كان لكلمة المعارضة وزن ثقيل ، وقيمة كان يحس بها المناضل من وضعه في أعين الشعب ، وليس في أعين الرعايا المغلوب على أمرها .. فكلمة المناضل المشتقة من النضال ، لم تكن تطلق هباء ، وعلى من هب ودب . فكان لكل شيء وزنه واعتباره ، وما كان يصنف المناضل من غير المناضل ، فعله ، نضاله ، ومواقفه ، وليس شعاراته الغير متناسقة ، والخاوية الوفاض ، لان فاقد الشيء لا يعطيه ، لأنّ مَنْ مِنَ المفروض ان يتجاوب معها ، لأنه هو المعني بها غائب . وفي مثل هكذا وضع تصبح الشعارات المُلوّح بها من هنا ومن هناك ، فقط حالة باطولوجية Pathologique ، أصحابها يرقصون خارج الحقيقة الساطعة ، معتقدين انهم يقومون بشيء لفائدة العامة التي تجهلهم الجهل المبين . فعندما تغرد لوحدك ، وتعتقد انك تؤثر وليست بمأثر ، وتكون الردود من قبل مجرد نكرات دخلت ترد بأسماء مستعارة ، او دخلت للرد باستعمال رموز متلاشية ، من دون امتلاكها قدرة تحليل الوضع ، وتحليل المعطيات المتوفرة التي هي اكبر منها ، لأنها لن تفك لغزها وقوانينها ، ولأنها جاهلة بحكم نجاح إيديولوجيو الدولة المخزنية البوليسية في صناعة وضع ، هو عبارة عن فرجة تتفنن في تلوينها وزخرفتها ، بما يسهل عليها التحكم في الوضع وضبطه ، ومن ثم لا يهمها الشعارات المرمية من هنا وهناك ، لأنها تعتبرها شبيهة بالأوساخ التي يرميها سائق السيارة من زجاج سيارته وهو يسوق ، دون اكتراث لمن هو قادم من وراءه ، ولا اكترت وللأسف بشوارعنا ومدننا الوسخة ..
فالنظام حين ُيقدف بمثل هكذا شعارات ، فهي لا تؤثر فيه ، لأنها حبيسة صاحبها . وما يهم النظام ، هو ضبط الوضع بما يخدم مصالحه السياسية والاقتصادية والتجارية . فما دام هذا الثالوث محافظا على قوته وتماسكه ، وموظفا في خدمة السدة العالية بالله ، فلتستمر الشعارات تسقط بالأطنان ، لأنها ذاهبة مع الريح التي تنقي الأرض من كل ما يسميه جهابذة النظام ب " التشويش " La parasitologie .
المعارضة قبل ان تكون كذلك هي تنظيم ، وهي مناضلون ، وهي أفكار وفلسفة ومشروع عام ، لان المبتغى هو السيطرة على الحكم ، ومنه السيطرة على الدولة ، لتنزيل البرنامج والمشروع الأيديولوجي العام . فحين تتوسع قاعدة هذا النوع من المعارضة ، أوتوماتيكيا يُخْلَق هاجس خوف النظام ، ويخلق الخوف عن مصالح الثالوث المنسجم ( الاقتصاد ، التجارة ، والسياسة ) ، فتبدأ ماكينة الحصاد تتحرك لحصد كل من دخل التنظيم صاحب المشروع الأيديولوجي العام ، لان التهديد يمس الدولة ، وليس فقط رأسها او نظامها .. وهنا وفي مثل هذه الحالات ، تكون الضريبة ثقيلة ، والضحايا تسقط بالعشرات ، وقد تصل الى الآلاف كما حصل بعد تفجيرات 16 مايو 2003 بالدارالبيضاء ، التي كانت انقلابا استهدف الانقلابيون من وراءه ، حسم نزاع الصحراء الذي دخل عنق الزجاجة ، واستهدفوا مشروع الدولة الديمقراطية الذي لاح في الأفق مع السلطان محمد السادس الذي كان حديث العهد بالحكم ، وكانت تنقصه الكثير من الأشياء التي تضبط مشروعية الحكم والدولة ، وتُمكّن السلطان من التمييز بين الصالح المُحارب ، وبين الطالح الذي استفرد بالدولة وبالرعايا الجياع المغلوب على امرهم ، فسن قانون ( الإرهاب ) السلاح الضارب في يد مجموعة الطالحين ، وتبخر كل شيء ، وعادت حليمة الى عادتها القديمة . لان عوض دمقرطة النظام ضمن أفق دمقرطة الدولة للحفاظ عليها ، انتقلنا الى حكم البوليس السياسي ، وتغول هذا الجهاز الاجرامي الى جانب الجهاز السلطوي الطقوسي ، على ( الشعب ) الرعايا ، وخطف الدولة ، وأجهض الاحلام التي بزغت مع الوضع الجديد الذي لم يرتقي الى جديد ، فحافظ على الطابع القمعي البوليسي بشكل مقزز رديء ، مع تغول الجهاز السلطوي في تنزيل أساليب وممارسات قُيّادْ وبَاشَواتْ الاستعمار ، وعلى رأسهم طاغية مراكش الباشا تهامي لگلاوي ، الذي كان بارعا" في جلد الناس في الأسواق ، والاحياء ، والازقة من دون واعز ضمير ولا أخلاق . ففي عهد وزير الداخلية المدعو عبد الوافي لفتيت الذي كما دَخل خرج ، ولم يتخرج من مدرسة Les polytechniques ، وفي زمن الوحش ( كورونا ) المقلب المصنوع لتغيير نسمة العالم المهددة للتوازن الطبيعي ، تمادى الجهاز السلطوي في جلد الناس ، وفي مصادرة أرزاقهم ، وفي " ترْيِيبِ " هدم البيوت على رؤوسهم ، وفي مصادرة أراضيهم ..
هكذا سينقلب كل شيء بفعل انقلاب 16 مايو 2003 ، تفجيرات الدارالبيضاء ، وسيتم سرقة السلطان محمد السادس في واضحة النهار وليس الليل ، وسيخبو سريعا مشعل الدولة الديمقراطية التي بدأت تلوح في الأفق في المغرب ( الجديد ) ، واستبشر بها الاحرار والشرفاء خيرا ، لتغيير سمعة القمع السيئة التي شوهت المغرب في المحافل الحقوقية الدولية ، وليخلفها نظام القمع ، وسطوة البوليس الذي أطلق العنان ليديه في التنكيل بالمواطنين ، بملفات ومحاضر بوليسية مزورة ومطبوخة ، كنت ضحية إحداها ، فتم رمي الناس ظلما في السجون التي هي سجون السلطان ، وبأحكام صدرت باسم أمير المؤمنين ، حامي حمى الملة والدين ، والساهر على صحة وراحة المواطنين .. يا سلام ..
ففي هذه الخضم الذي رتب له الانقلابيون ضد الدولة الديمقراطية المنتظرة ، ونجحوا في تثبيت دولة بوليسية يحكمها البوليس السياسي ، بالتوافق مع الجهاز السلطوي الطقوسي القروسطوي ، وهذا النجاح ترك دماميل من المستحيل رتقها ، الاّ اذا تم تقديم المجرمين الانقلابيين الى المحاكم الوطنية والمحاكم الدولية ، وفشلوا في ملف الصحراء الذي دخل عنق الزجاجة ، واصبح الشعب عند السلطان بسبب جرائم التخويف ، بمثابة فوبيا ... الخ ، سيحصل التمايز في الدولة والمجتمع بين النظام السلطاني الذي تراجع عن الوعود الديمقراطية ، عندما تحول الى نظام بوليسي فاشي ، غارق في الممارسات البوليسية المُدانة ، وبين ( الشعب ) الرعايا التي وجدت نفسها بين ثانية وأخرى ، عرضة للقمع وللملاحقات وسط النخب التي حاولت وضع القطار في سكته الحقيقية .. ولو بتقديم النصيحة ..
الآن تعرى كل شيء ، ولا أعتقد ان الحسن الثالث سيسقط في نفس الفخ الذي سقط فيه محمد السادس ، بفعل مقالب البوليس الذي سرقه ، وحوّله من موقع مع ( الشعب ) ، الى موقع ضد الشعب . انّ الأخطاء الاستراتيجية الخطيرة التي قام بها البوليس السياسي ، وأساءت الى سمعة المغرب ، وخلقت مشاكل بالأطنان بين محمد السادس شخصيا ، وبين الرئيس الفرنسي Emanuel Macron ، بسبب زرع المدير العام للبوليس السياسي نظام Pegasus في جهاز تلفونه ، وتلفون اطر فرنسية ، ونفس الشيء كان ضحيته رئيس الحكومة الاسبانية Pedro Sanchez ، ووزير الداخلية ، ووزير الدفاع .. ولجنة تحقيق البرلمان الأوربي التي اكدت مسؤولية البوليس السياسي المغربي في زرع نظام Pegasus في هاتف Sanchez ، اعطته مهلة أسبوعين ليقرر مقاضاة او عدم مقاضاة النظام المغربي ...
والسؤال . من المتسبب في كل هذه الممارسات المُدانة حقوقيا وقضائيا ، من تزوير المحاضر البوليسية ضد المواطنين لرميهم في السجون ظلما ، الى الاعتداءات المسترسلة ضد الناس باستعمال أجهزة الدولة التي هي ملك للشعب ، وليست ملكا ل " بَّاهمْ " او ل " مْهمْ " أبناء ( .... ) ، الى الوقاحة في زرع Pegasus بالأجهزة الهاتفية ل Emanuel Macron ، و Pedro Sanchez ..
ولنطرح السؤال . من تسبب في العزلة التي يعاني منها اليوم محمد السادس ونظامه دوليا ، بعد انْ كان المغرب مَحجة المؤتمرات واللقاءات الدولية ، وكان مركز وبؤرة المشورة التي قصدها كل كبار العالم .. لماذا خبا كل شيء .. ؟
انه البوليس السياسي ، والجهاز السلطوي الطقوسي القروسطوي ، الذي سرق السلطان ، وسرق الأمل الذي لاح في الدولة الديمقراطية ، وسرق الدولة التي حوّلوها الى دولة رعب داخليا وخارجيا . فالرئيس الفرنسي Emanuel Macron لم يكن يتصور ابداً ان يكون غدر الثقة بتفخيخ هاتفه ، وهو الذي كان يناصر النظام المخزني ظالما او مظلوما ..
ان المعركة الدائرة اليوم ، خاصة مع المرض الخطير لمحمد السادس ، هي بين الانقلابيين الذين سرقوا الدولة عندما سرقوا السلطان في 16 مايو 2003 ، وسرقوا الثروة والجاه والنفود ، وبين الديمقراطيين الذي ينشدون الدولة الديمقراطية النسبية في ديمقراطيتها ، لحفظها من الفاشية العقائدية التي ستصبح أشد خطرا على الدولة وعلى الديمقراطية ، من فاشية النظام المخزني البوليسي السلطاني ، الذي اصبح عصياً عن كل إصلاح ، بسبب تجاوز الطفح البوليسي حدوده ، التي أصبحت مهددة مع الحسن الثالث الذي لا يجب انْ يرتكب نفس الخطأ الذي ارتكبه محمد السادس ، ولن يسقط في نفس الفخ الذي أسس للدولة الرعوية ، البوليسية ، البطريركية الوصية على الرعايا ، و الثيوقراطية ، والكمبرادورية ، والطقوسية القروسطوية ، الغارقة في التقاليد المرعية .... الخ . فالصراع اليوم هو بين الظلم والعدل ، بين الديمقراطية النسبية ، وبين الفاشية البوليسية المقيتة ، والفاشية العقائدية ..
فعندما يكون الصراع يجري بهذا المستوى ، والذي يعتمد الأساليب الديمقراطية من قبل دعاتها ، وسلاحها القلم الهادف والسيال ، ويأتي البعض ليميز في الساحة بين المناضل وبين غير المناضل باستعمال كلمة " رحمه الله " ، لا يسعنا الاّ ان نقول وبئس المعارضة هذه التي هي دكتاتورية بكل الاوصاف باسم الدعوة لديمقراطية مفتري عليها ...
ان كل المؤشرات تشير على تراكم التراكمات التي ستنتهي هذا المرة بتقديم كل الانقلابيين على الدولة ، وعلى رأسهم القطط التي استأسدت ، وسرقت ، وبذرت واعتدت ، وخربت ... الخ ، بفعل غياب الساحة التي لعبت دورا رئيسيا في هذا الغياب ، الذي انتهى بسرقة الدولة وبتغول البوليس السياسي ، الى المحاكمة المنتظرة التي لا ريب فيها .
ان النظام الذي ينتظره الحسن الثالث ، كي يتمكن من النجاح في إحداث القفزة النوعية ، لن يمر من دون محاكمة كل المجرمين الظلمة ، وتتريكهم لإرجاعهم الى الحالة التي كانوا عليها قبل توليهم المناصب والمسؤولية ، بفخاخ فجرها بروتوكول تعيين المدعو الشرقي ضريس مديرا عاما للأمن الوطني ، ويمكن الرجوع الى شريط استقباله من محمد السادس ، كما يمكن الرجوع الى شريط يُدوّن تأديته الصلاة بجانب السلطان بالمسجد حتى يتضح كل شيء .. فمحمد السادس كان يجهل كل ما كان يُنصب له ، لأنه بسبب ضعفه سلّم المغرب الى اصدقاءه الذين سيروه طبقا لأهوائهم كبقرة حلوب سريع للاغتناء الفاحش ، ولم يسيروه كشعب وكدولة ، وكانت النتيجة ، الوضع الاقتصادي المشرف على الانهيار ، غلاء الأسعار غير المقبول ، طبخ المحاضر البوليسية لرمي الناس ظلما في السجون ، وتجميد العلاقات الشخصية بين محمد السادس وبين الرئيس الفرنسي Emanuel Macron ، ومخلفات هذه القطيعة في العلاقات تؤديها المغرب والمغاربة ..
ولنا ان نتساءل عن الابواق الرخيصة التي تمدح المدير العام للبوليس السياسي المدعو عبداللطيف الحموشي ، وهو من يقف وراء هذا Booz حتى يستمر على رأس البوليس . بعد الضجة الإعلامية ل ( كفاءة ) المدير العام ، بشروع المديرية العامة للأمن الوطني ، بالاستعداد لتأمين النظام والامن بدولة قطر التي زارها المدعو عبداللطيف الحموشي شخصيا كمدير عام ، وبعد ان زوّرُوه / زيارة / ولوحده مراحيض أحد الملاعيب Les toilettes ، وهو فِعْل مقصود ومهين ، ليس للمدير العام للبوليس السياسي ، بل هي إهانة في العمق أصابت الدولة السلطانية المخزنية البوليسية ، وتكون قد أصابت شخص السلطان محمد السادس شخصيا ، لا نه رئيسه الدستوري . وبعد اجتماع الوفود الدولية المكلفة بالأمن من وزير الداخلية الفرنسي ، الى الامريكان ، والبريطانيين ، والالمان ... الخ ، لم يكن المدعو عبداللطيف الحموشي حاضرا من بين الحضور ، تَمّ تجاهله ، كما تم تسجيل الغياب التام للبوليس ( الحموشي ) عن المشاركة في تأمين الامن ، وضبط النظام العام على خلاف بوليس الدول التي قبلت بها قطر وارتضتها .. وهنا لماذا تجاهل القطريون دعوة المدير العام للبوليس المخزني الذي زوّروه المراحيض ، وزوّروه وحيدا احد الملاعب ، ولم يستقبلوا بوليس ( الحموشي ) للمشاركة في ضبط الامن والنظام العام طيلة العاب كأس العالم ؟
والسؤال . لماذا يكره القطريون شخص المدعو عبداللطيف الحموشي .. و منه يكرهون بوليس ( الحموشي ) ..؟
ان منطق العدالة ، يفرض على الحسن الثالث فتح ملفات الفساد ، وملفات حقوق الانسان ، والمظالم التي حصلت بالمحاضر البوليسية المزورة ، والاعتداءات على الناس . انها الطريق الاسهل للتربع على الحكم ، لان الساحة فارغة الاّ من الشعب المَكْوي بنيران هؤلاء المجرمين ، وسيكون أي تحرك في هذا المضمار عاملا بربط الشعب بالحسن الثالث الذي سيحكم من دون تفجيرات جديدة .
والاّ انتظار الهاوية التي يرغب فيها البوليس السياسي ، مثل " الفكرون " La tortue السلحفاة التي تعيش في الاوحال ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات تونس.. فوز محسوم لقيس سعيد؟ | المسائية


.. هل من رؤية أميركية لتفادي حرب شاملة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الهلال والأهلي.. صراع بين ترسيخ الاستقرار والبحث عنه


.. فائق الشيخ علي يوجه نصيحة إلى إيران وأخرى إلى العرب




.. مشاهد لاعتراضات صواريخ في سماء الجليل الأعلى