الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفهوم الفوضى الخلاقة

كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)

2022 / 11 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


لا يعني هذا الاصطلاح ذلك المفهوم السيء في ذهنية المتحدثين بالعربية. والتي تتصوره دعوة أو فرضاً لتخريب ما هو قائم من هياكل اجتماعية وسياسية وربما اقتصادية بالتبعية. وأن ذلك كما نتصور من منطلق العداء أو المؤامرة المتوهمة من العالم المتحضر، على منطقتنا مركز الفضيلة والدين، في عالم ينحو للانحلال والكفر والعياذ بالله!!
"الفوضى الخلاقة" تعبير عن تطبيق اجتماعي سياسي لنظرية علمية، تنطبق على العالم الطبيعي. وثبتت صحتها بالتجارب العملية.
وتسمى "ظاهرة الانتظام الذاتي".
تتحدث النظرية عن حالة يكون فيها الوسط محل النظر في حالة توازن حرج. بحيث يؤدي أي تغيير طفيف فيه، إلى تشكل منظومات تلقائية جديدة تماماً وغير متوقعة. دونما أي تخطيط مسبق لطبيعة تشكيلها.
هذه الظاهرة الطبيعية كانت أحد العوامل الأساسية وراء تشكيل ما حدث من انتظام ومنظومات في كوننا. بعد حالة الفوضى التي ترتبت على الانفجار الكبير منذ 13.8 مليار سنة. ومازالت تعمل في سائر أنحاء الكون، التي تتوفر فيها شروط عمل هذه الظاهرة.
وهي وجود حالة سيولة تامة وتوازن حرج بين العناصر المكونة للحالة.
في التطبيق الاجتماعي والسياسي للظاهرة المسمى الفوضى الخلاقة، يلزم تحقق حالة تحلل أو انهيار تام لجميع التشكيلات والمنظومات الاجتماعية والسياسية، لكي تتخلق منظومات جديدة.
واضح هنا أن هذه الحالة يصعب تحققها عملياً. ولدينا مثال واضح في فشل هذه الحالة في التحقق.
فيما حدث في المنطقة الناطقة بالعربية، إبان ما سميناه بالربيع العربي. فقد حدث بالفعل انهيار للنظم السياسية وأجهزتها الأمنية.
لكن كانت هناك تنظيمات الإسلام السياسي العلنية والسرية. وكانت هناك أطراف خارجية تدعم مادياً وعسكرياً هذه التنظيمات. وبالتالي سيطرت هذه التنظيمات بدرجة أو بأخرى على الحالة. ومنعت ظهور التشكيلات الجديدة المرجوة من الفوضى الخلاقة،
والتي لم تكن في كل هذه الحالات قد تحققت شروطها.
إذا كان من الواضح هكذا أن حالة الفوضى الخلاقة يستحيل عملياً أن تصل إليها حالة أي شعب، مهما استشرت في أنحاء حياته الفوضى، فإن هذا لا يعني أن هذه النظرية أو الظاهرة لا تعمل بصورة مطلقة.
هي تعمل في الحقيقة جزئياً طول الوقت. حيثما تتواجد ظروف حرية، تسمح بتفكك منظومات متهالكة فاشلة. لتحل محلها منظومات جديدة مبتكرة.
وهذا يكاد لا يحدث بالطبع في مجتمعات الجمود عتيقة العادات والتقاليد. ولا حيث الدكتاتورية والشمولية السياسية ذات القبضة الحديدية.
وإن كان هذا لا يعني التوقف المطلق لعمل ظاهرة الانتظام الذاتي. مادام لا يوجد عملياً جمود شعبي مطلق، ولا قبضة ديكتاتورية فولاذية مطلقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألمانيا والفلسطينين.. هل تؤدي المساعدات وفرص العمل لتحسين ال


.. فهودي قرر ما ياكل لعند ما يجيه ا?سد التيك توك ????




.. سيلايا.. أخطر مدينة في المكسيك ومسرح لحرب دامية تشنها العصاب


.. محمد جوهر: عندما يتلاقى الفن والعمارة في وصف الإسكندرية




.. الجيش الإسرائيلي يقول إنه بدأ تنفيذ -عملية هجومية- على جنوب