الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رايس ومراسم تأبين العمل العربي المشترك

محمد السهلي

2006 / 10 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


أثار اجتماع وزير الخارجية الأميركية مع ثمانية من نظرائها العرب (3/10/2006) تساؤلات هامة يتعلق أبرزها بمصير ما تبقى من آليات العمل العرب المشترك على اعتبار أن أجندة الاجتماع المذكور اشتملت على سبعة قضايا أساسية غاب أصحابها المعنيون مباشرة عن النقاشات الدائرة.
الحضور من الجانب العربي هم وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي ووزيرا مصر والأردن. والقضايا التي أثيرت تتعلق بـ«عملية السلام» المعطلة والوضع في العراق ولبنان ودارفور والصومال وركزت رايس على «الدور السوري في المنطقة» إلى جانب الملف الذي يشغلها بصورة رئيسية (الملف النووي الإيراني).
سبق الاجتماع مع الوزيرة الأميركية اجتماع تشاوري عقده الوزراء العرب وضعوا بحسب متحدث رسمي تصوراً مشتركاً كي يتكلموا أمام رايس «بلسان واحد» . وهذه هي المرة الثانية التي تلتقي فيها الوزيرة الأميركية الوزراء الثمانية بعد أن اجتمعت بهم على هامش افتتاح الدورة الواحدة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وإذا كان الوزراء العرب المعنيون مباشرة بالقضايا المطروحة قد «غيبوا» عن الاجتماع فإن وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي كان حاضراً من خلال الاتصال الهاتفي المطول الذي أجراه مع الوزير المصري محمود أبو الغيط قبل اجتماع الأخير مع الوزيرة رايس في لقاء ثنائي خاص وصرح أبو الغيط في مؤتمر صحفي أن الوزير الإيراني أكد له أن لا نية لدى بلاده لإنتاج سلاح نووي وأنها تسعى فقط للاستخدام السلمي للطاقة الذرية.
ويلاحظ في سياق اجتماعي رايس مع الوزراء الثمانية اتفاق الطرفين على سلة جدول الأعمال في حين يختلفان على الأولويات على سلم المعالجة السريعة. فالوزراء العرب كما صرَّح معظمهم أكدوا ضرورة إحياء «عملية السلام» واعتبروا استمرار الجمود القائم أساساً لمعظم المشاكل التي تعيشها المنطقة وانعكاساً مباشراً أو غير مباشر لها. في حين كان من الواضح أن الوزيرة رايس ركزت على نقطتين أساسيتين هما الوضع في العراق والملف النووي الإيراني إلى جانب الحديث بلهجة تحذيرية بما يختص بالوضع في دارفور وتوجيه الضغط على الحكومة السودانية للقبول غير المشروط بوجود قوات دولية في الإقليم في الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة السودانية عن مبادرة حل وسط.
وعلى الرغم من اجتماع الوزراء الثمانية تحت سقف واحد مع الدكتورة رايس، إلا أن الاجتماعين الثنائيين الخاصين اللذين عقدتهما مع قيادة كل من السعودية ومصر أشرا على أن الدولتين مرشحتان للعب دور أساسي في المحيط الجيوسياسي لكل منهماعلى غرار تعزيز الدور السعودي في دعم مبادرة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في «المصالحة الوطنية» واستخدام نفوذ المملكة تجاه عشائر «السنة» لدعم الخطة ،وأعطيت أهمية خاصة لنقاش الملف النووي الإيراني وضرورة التصدي لمحاولات إيران امتلاك التكنولوجيا النووية . واحتل الملف الإسرائيلي ـ الفلسطيني وقضية دارفور الأولوية في المباحثات الأميركية ـ المصرية. إن كان على مستوى الخارجية أو القيادة الأولى.
ويلفت الانتباه اعتماد السياسة الأميركية في التعامل مع العرب من زاوية تقسيمهم إلى مجموعات، فيما كانت الإدارات السابقة تنحى للتعامل مع المنطقة بكامل مكوناتها السياسية وإن اختلفت مناحي التعامل مع كل طرف. هذا الأمر رأى فيه كثير من المراقبين «تجزئة سياسية» للنظام السياسي العربي المتحدة، ولا يرى المراقبون في غياب دول المغرب العربي إقصاءً سياسياً عن دائرة العلاقات الأميركية ـ العربية «الحميمة» بل ينظر إلى الأمر من زاوية «الاختصاص» والقدرة على التأثير وماهية الدور المطلوب.
الملاحظة الأخرى التي تطل برأسها في التحرك الأميركي تجاه المنطقة منذ نحو عام أن واشنطن لم تعد تعزف على أسطوانة الإصلاح الداخلي بما يختص بعدد من الدول أبرزها المملكة العربية السعودية ومصر، وعلقت رايس على سؤال أحد الصحافيين عن رأيها باحتمال توريث النظام السياسي في مصر بقولها «إن هذا أمر يختص بالشعب المصري» فيما نذكر أن الإدارة الأميركية على لسان مسؤولين كبار شنوا سابقاً حملة على النظام السياسي المصري الحاكم بسبب ملفات داخلية من نمط اعتقال رئيس مركز ابن خلدون ، وطالبت بإطلاق سراحه وعدم جواز محاكمته.
ونظراً لطبيعة الاجتماع وتعدد القضايا الشائكة التي وضعت على جدول أعماله، فإن المراقبين لا يعتقدون أن الاجتماع ناقش وجهتي نظر، بل أن القضية الرئيسية كانت في البحث في آليات تنفيذ ما تم التوافق عليه في الاجتماع السابق الذي عقد في نيويورك الشهر الماضي.
ويعتقد المراقبون إن مثل هذا الاجتماع «الجماعي» مرشح للتكرار وأنه يؤشر لصيغة «تنظيمية» تحكم العلاقات الأميركية العربية بغض النظر عن الملفات التي يمكن طرحها إلا إذا جرى تبدل جوهري في مواقف أحد الدول العربية المشاركة أو غير المشاركة. فالمعروف أن واشنطن تعتمد في سياستها الخارجية البراغماتية كمنهج في البحث عن تحقيق الغايات المرجوة.
والسؤال الأكبر الذي يطرح نفسه، ماذا عن مؤتمرات القمة العربية مستقبلاً؟ هل يشكل إطار الدول الثمانية بديلاً أو بوابة لازمة وكافية للتعامل مع قضايا المنطقة. مع ملاحظة أن الدور الإسرائيلي يتعزز طرداً مع تعزيز المشاورات الأميركية ـ العربية في الصيغة التي نشهدها الآن.
والسؤال الثاني إلى أين ستصل الحالة العربية إذا استمر نقاش القضايا الجوهرية التي تعانيها الدول العربية في غياب أصحاب الشأن المباشرين الذين توضع لهم «محددات» يطلب منهم الالتزام بها تحت عناوين مختلفة.
والسؤال الثالث يتعلق بما يسعى الوزراء العرب الثمانية لإبرازه أولاً في جدول المباحثات الجارية وهو مستقبل الحل السياسي للصراع الفلسطيني والعربي ـ الإسرائيلي في ظل الانتقائية الأميركية في اختيار قرارات الشرعية الدولية التي تشدد واشنطن على تطبيقها فيما تتجاهل قرارات أكثر حيويةذات صلة مع السبب الأساس للمشاكل التي تعانيها المنطقة العربية وهو الاحتلال الإسرائيلي الذي ليس فقط بقي جاثماً.. بل وأيضاً «حضر» مثيله الأميركي في العراق ودمر ولا يزال هذا البلد الشقيق.. أسئلة برسم النظام السياسي العربي مجتمعاً.. أو متفرقاً..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تبلغ نهائي يوروفيجن 2024 وسط احتجاجات على مشاركتها ب


.. كيف سيتعامل الرئيس الأميركي المقبل مع ملف الدين الحكومي؟




.. تساؤلات على إثر إعلان الرئيس الأميركي وقف شحنات السلاح الهجو


.. نشطاء أتراك أعلنوا تأجيل إبحار سفينة مساعدات إلى غزة بسبب تع




.. محاكمة ترامب في نيويورك تدخل مراحلها الحاسمة| #أميركا_اليوم