الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا جمهوري . أنا ملكي – أنا ملكي . أنا جمهوري

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2022 / 11 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


ولا يزالون في غيهم يعمهون . ابتليت ساحة ( المعارضة ) المغربية ، خاصة تلك التي تنشط خارج المغرب بأوربة وبأمريكا ، بنوع من الخطاب الشاد التي تعكس نقيضه ممارساتهم اليومية ، ويظهر جوْفه وفراغه تسويقه من دون ارتكازه على مشروع . فالجميع يتحدث عن الملكية وعن الجمهورية ، والجميع يميز بين الرجعي والثوري بمقدار دفاعه ودعوته للنظام الملكي ، ودعوته ودفاعه للنظام الجمهوري . فأصل الدعوة لأيّ نظام ليس جوهر ومضمون النظام ، بل ان التركيز يجري على الشكل ، أي على العنوان والتسمية ، نظام ملكي ، نظام جمهوري ..
ان مناسبة هذه المقدمة ، اللغط الذي فقد الصواب ، الذي صاحب اعتقال الأستاذ والنقيب محمد زيان ، بتهم واهية توجد في بلاد الوقواق وبلاد السند ، في حين أن أصل المتابعة ، هي عندما دعا جهارا الى الكشف عن منْ يستغل وحده ذهب مناجم إقليم طاطا ، ودعا جهارا الى الكشف عن من يستولي وحده على فوسفاط المغاربة المفقرين الذي يقتاتون من الحاويات ، وعندما دعا الى الكشف عن من يحتكر ويستغل لوحده عائدات الثروة السمكية للمغاربة المحرومين منها ، رغم ان للمغرب بحرين ، الأبيض المتوسط ، والمحيط الأطلسي بمسافة تتعدى 3500 كلم .. وكان الأستاذ محمد زيان أول من تساءل عن غياب السلطان محمد السادس الدائم الذي اتخذ من باريس مقرا له ، يحكم منها المغرب فقط بالهاتف ..
هناك بعض منعدمي الضمير تشفوا فيما جرى للأستاذ محمد زيان من محن ، عندما تم الحكم عليه بثلاث سنوات سجنا ، وتم إختطافه وليس إعتقاله من طرف اكثر من عشرين ( 20 ) فرد من البوليس السياسي ، وعمر الأستاذ ثمانون سنة ( 80 ) ، وسبب التشفي انّ الأستاذ كان وزيرا لحقوق الانسان في عهد السلطان الحسن الثاني ، لذلك اعتبروه ملكيا ، وهم ك ( جمهوريين ) وجدوا في ما حصل ضالتهم المريضة ، للإنهال على الأستاذ بكل الامراض النفسية ، التي تبين انّ أصحابها حقودين غير سويّي النفسية ، ويفتقرون الى الضمير الأخلاقي ، والى الحس الانساني .. فقضية الأستاذ زيان هي قضية إنسانية قبل ان تكون قضية سياسية ، والقضايا الإنسانية تستوجب التضامن ولا تستوجب التشفي . ونسجل هنا الغياب الكلي لما يسمى بجمعيات حقوق الانسان ، سواء الأكثرية المرتبطة بالنظام ، او ما يسمى بالجمعية المغربية لحقوق الانسان التي تجاهلت الأستاذ بسبب توْزيره ( وزير حقوق الانسان ) في عهد الحسن الثاني ، او مرافعته عن الحكومة في مواجهة رئيس الكنفدرالية الديمقراطية للشغل محمد نوبير الاموي ، الذي إرتمى ونقابته بالكامل في حضن محمد السادس عندما استقبله منفردا ، وانقلبت النقابة من الدفاع عن الشغيلة ، الى الدفاع عن النظام ، وعن السلم الاجتماعي الذي دام لأكثر من ثلاثين سنة ، وما تزال تدافع عن هذا السلم رغم كارثية الوضع الاجتماعي والاقتصادي ، والغلاء الفاحش في الأسعار ، وفي اثمان المحروقات ..
فحين تُغلّب الجمعية المغربية ( لحقوق الانسان ) الجانب السياسي على الجانب الإنساني ، فتلكم الطامة الكبرى لهذه الجمعية التي أصبح وجهها مكشوفا أمام الملء ، بانها تستعمل مادة حقوق الانسان لتصريف المواقف وللبيع والشراء في صفقات باسم حقوق الانسان المفتري عليها في ممارسات هذه الجمعية ، ونفس الشيء نلاحظه عن هيئات نقابات المحامين بالمغرب ، لم يتضامنوا مع النقيب ومع الأستاذ المنتمي لنفس المهنة ..
ان التشفي في سجن الأستاذ محمد زيان بثلاث سنوات سجنا ، فقط لأنه ملكي ، ولأنه شاهد محمد الخامس في القمر أو في الشمس ، ولأنهم جمهوريين ، هو قمة النذالة التي ما بعدها نذالة . وهذا الموقف المريض لأصحابه النابع من الحقد ومن النفس المريضة ، والامّارة بالسوء ، يجسد بالملموس ومن دون الحاجة الى شرح ، قمة الدكتاتورية لهؤلاء ، حين ينتصرون فقط لما يريدون ، وما عداه فالقمع والسجون خير له .. فعن اية جمهورية يتحدث هؤلاء ، ويبررون بها ممارسات نفسية مريضة ، تتعارض مع ثقافة وتربية الجمهوريين الحقيقيين الذين انقرضوا شبه انقراض من الساحة ..
ان اجترار مجرد شعارات باسم الجمهورية البريئة منهم براء ، لتغليب وشرعة امراض نفسية للتشفي في معاناة رجل ، يؤكد ان ما يحرك هؤلاء ليس المبادئ الغير موجودة على الاطلاق ، كما ان ما يحركم ليس النصرة لمشروع غير موجود أصلا ، بل ان ما يحركهم هو الحقد الاعمى والحسد على المكانة التي وصلها الأستاذ زيان ، وهم يعلمون انهم لن يصلوها ابدا مهما جروا في حياتهم الشقية المليئة بالتناقضات ..
بل حتى ما يمكن ان نعتبره بتغليب الجانب السياسي على الجانب الإنساني ، لا يمكن الاعتداد به هنا ، لان القضايا الإنسانية حين يتم طرحها ، فهي تسمو السمو الخلاق عن غيرها من القضايا الأخرى المطروحة للتناقض .. وهنا مكمن الخلل عند هؤلاء القوم المريضين ، لان حالتهم الضيقة والمضطربة التي اخذ منها سيف المخزن البوليسي ، عرت عن حقيقتهم في ان لا علاقة تجمعهم لا بالجمهورية ولا بالملكية .. وانهم مجرد اشخاص تائهون يجهلون حقيقة ما يريدون .
ليس من السهل ترديد اسم الجمهورية من وراء الحاسوب حتى تكون جمهوريا ، وليس من السهل ان تردد اسم الملكية البرلمانية ، حتى تكون ملكيا ديمقراطيا بالفعل ، وبالاختصاصات ، والممارسات ، وليس فقط بالشعارات ..
فهؤلاء الذين يرددون يوميا اسم الجمهورية ، لم يحددوا أي جمهورية يريدون ، لان هناك جمهوريات ، وليست هناك جمهورية واحدة ، وأولئك الذين يرددون إسم الملكية البرلمانية ، لم يحددوا اية ملكية برلمانية يريدون . هل الملكية الاسبانية والانجليزية الشّبْه تنفيذية ، أم يريدون ملكية هولندا ، ،و ملكية بلجيكا ، أو هم يريدون ملكية الدول الاسكندنافية ، أم ان الملكية البرلمانية التي ينشدون ستكون ملكية برلمانية مغربية خالصة ، لا علاقة بالملكيات الاوربية السالفة أعلاه ، وهي الملكية الممددة للملكية المطلقة بتعابير واشكال تمس بعض الحواشي لا كلها ، دون الجوهر الذي هو الدولة السلطانية المخزنية ، البوليسية ، البطريركية ، الكمبرادورية ، الرعوية ، الثيوقراطية ... لان الحفاظ على صفة الأمير ، والسلطان ، والامام ، والراعي ، ستبقى طاغية وهي أصل الحكم ، عند الاعتراف للسلطان بالسلطة الدينية ، التي تعطيه سلطات استثنائية خارقة ، تتجاوز بكثير دستور السلطان الممنوح ..
والسؤال . اذا كان دعاة الجمهورية يجهلون أية جمهورية يريدون ، وانهم تائهون بسبب غياب التنظيم ، والغياب الكلي للأعضاء ، فهل من الممكن تصور دعوة للنظام الجمهوري ، دون وجود مشروع له ، أي هل يمكن بناء نظام جمهوري من دون مشروع أيديولوجي عام يحدد كل اركان النظام الجمهوري ..
ثم هل يمكن لشخص واحد ، او لشخصين ، او لثلاثة اشخاص ، أن يؤسسوا نظاما جمهوريا ، ومن وراء الحاسوب ؟
واذا كان السلطان يعتبر انّ الدعوة الى الملكية البرلمانية بالطريقة المغربية ، شيء لا يمكن التفكير فيه ، ولا يمكن تصوره على الاطلاق ، ليس بسبب الخطر الذي تشكله ، وهي لا تشكل خطرا ، لأنها ستمدد للملكية المطلقة بتغييرات طفيفة ، بل لان الداعون الى هذه الملكية البرلمانية المغربية الخالصة ، هم قلة لا تمثل شيئا وسط المجتمع ، وهنا السؤال يبقى . من يمثل أصحاب هذه الدعوة الى هذه الملكية ، حتى يكون لهم الحق في الدعوة اليها ، والحال ان لهم نائب واحد نبيلة منيب ، ونائبة من حزب المؤتمر .... ، فكيف سيقبل السلطان بدعوة الداعون الى الملكية البرلمانية ولو في صورتها الاسبانية فقط ، وليس في صورتها الهولندية ، او البلجيكية ، او الاسكندنافية .. ان الدعوة الى هذه الملكية ، سيعتبرها السلطان إنقلابا أبيضاً على السلطات الاستثنائية التي يعطيها له عقد البيعة كأمير، وسلطان ، وإمام ، وراعي أول ، وهي السلطات التي تجعله يستأثر لوحده ومع أسرته بالثروة التي هي ثروة المغاربة المفقرين ، والمحرومين منها ..
فهل السلطان الذي رفض الاستماع لدعوة الملكية البرلمانية المغربية الخالصة ، بسبب ضعف الواقفين وراء هذه الدعوة ، سيقبل بالملكية البرلمانية الاوربية التي تحوله كرمز للوحدة ، وتجرده من الحكم الذي سيتم نقله الى الأحزاب التي هي أحزابه ، أي خَدمُه ، أي عبيده ..
لهذا تبقى دعوات من يسمون انفسهم بالجمهوريين جوفاء فارغة من المضمون ، الذي هو أيّة جمهورية يريدون ، وبسبب انعدام التنظيم ، وانتفاء الأعضاء المناضلين من مختلف الدرجات ، وبسبب انعدام المشروع الأيديولوجي العام الذي يحدد ويجمع كل اركان الدولة الجمهورية المرتقبة ..
لذا فان التغطية بالنظام الجمهوري للتشفي في محنة الأستاذ محمد زيان ، هو مرض بسيكوباطي لعين وحقد دفين يجعل صاحبه ينظر من ثقب واحد ، مما يجعل حكمه يعكس غرائزه لا ( عقله ) المتكلس والمثقوب ..
فعندما تتقابل القضايا الإنسانية مع القضايا السياسية ، فالغلبة ، والاولوية ، والاسبقية للقضايا الإنسانية ، وليس للقضايا السياسية ..
اما التحجج بتوْزير الأستاذ وزيرا لحقوق الانسان ، ودفاعه في المحكمة عن الحكومة ضد الكنفدرالية الديمقراطية للشغل ، فرئيس الكنفدرالية نفسه نوبير الاموي ، انقلب على الجميع بعد استقباله من محمد السادس ، وانّ اكثرية مَنْ كانوا يدعون الى اسقاط النظام الطقوسي القروسطوي ، اصبحوا محامين يدافعون عن الدولة التي دعوا يوما ما الى قلبها ، والكثير منهم اصبحوا اطرا في مؤسساتها .. والسؤال . ما الفرق بين ان تكون مسؤولا في عهد الحسن الثاني ، وفي عهد محمد السادس .. وما الفرق بين من يخدم الدولة كوظف سام ، وبين من يخدمها كبرلماني ، مع العلم ان الانتخابات هي انتخابات السلطان ، وان البرلمانيين هم برلمانيوه يخدمون سياسته ، والوزراء هم وزراءه بدورهم مجندون لخدمة القصر ، لا لخدمة الرعايا الخارجة عن معادلة الحكم . ..
في المغرب توجد فقط الدولة السلطانية المخزنية ، البوليسية ، البطريركية ، الرعوية ، الطقوسية ، الغارقة في التقاليد المرعية ... ويوجد رعايا وليس شعبا يعيش في دولة السلطنة . ويوجد فقط السلطان الذي هو الدولة ، والدولة هي السلطان ... اما ما يسمى ب ( الجمهوريين ) وب ( الملكيين ) الديمقراطيين ، فتلكم مجرد أسماء سميتموها ، ولا أساس لها في الواقع ..
هذه هل الحقيقة التي التقى فيها هؤلاء ( الجمهوريين ) و ( الملكيين الديمقراطيين ) و( الدولة السلطانية المخزنية البوليسية ) لنهش بطانة الأستاذ محمد زيان الله معه ، وكامل التضامن معه ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توجيه تهمة التجسس لحساب الموساد الإسرائيلي للفرنسيين كولر وب


.. وزراء إسرائيليون من حزب الليكود يطالبون نتنياهو بالإسراع بضم




.. الولايات المتحدة: تبرئة بي ديدي من تهم الاتجار بالجنس وإدانت


.. هل صاروخ الحوثيين -فرط صوتي-؟ | إيقاف شاب -خجول- يخطط لطعن ن




.. ما بعد القصف.. إيران تعلن بداية المرحلة الأخطر.. وهذا موقف أ