الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمير- تاج - السرد العربي .. في زمن انتكاسة الأدب !

لخضر خلفاوي
(Lakhdar Khelfaoui)

2022 / 11 / 23
الادب والفن


"
*
*انطباع من زاوية مختلفة كتبها :لخضر خلفاوي*
****


من طبعي أنّي متقوقِعٌ متزمّتُ بنفسي و بأفكاري و علاقتها مع عالمي و حريص جدّا على حماية نفسي و توجهاتي الفكرية ؛ لستُ متهورا و لا قارئا قشوريا مادحا للتزلّف البايخ و القربى حتى اقتفي أثر كل ضجيج أيّا كان .. أعترف باعتباري كاتبا - مُخضرماً) أنّي شخصية معقدة استعصى عليَّ طيلة سفر خمسون عاما من -محاولة - التواجد و الوجود بأقل خسارات و تخفيف وطء الإحساس بالاغتراب الذاتي و المحيطي الشامل.. كلّ هذا لأنّي أعِي بفضل الله و ليس بفضل ( وباء غرور الكتابة و حماقات الطموح و الظهور الزائفة ) التي مهما فعلت و كسبت و حصدت من انجازات و ألقاب دنيوية ستتلاشى ( كما الفقاعات ) بمجرّد ترك جثتي بعد مواراة التراب في حفرة ترابية تشبه كل حفر كل العالم في الوضاعة و التركيبة، فيتهافتُ الدّود و مختلف حشرات باطن الأرض الأرض و سطحها لالتهام ما تبقى مما تُرك من قبل حشرات حياة الدنّيا التي تركتها ورائي غير حامل معي أيّ شيء عدا صحيفتي و ما كتبوه عني و ما كتبته أنا عن نفسي و عن الناس !.
-لم تتغيّر أحكامي و لا قراءاتي للمشهد الأدبي و الإبداعي العربيين أبدًا ، و مازلت أعتبر أن الأدب العربي يحتضر شيئا فشيئا بعد موت ( المؤسسة النقدية ) منذ زمن بعيد و انتشار كل أجناس السّرد و تغليب أدب السير-ذاتية الافترائي في أغلبه لتلميع بخبث كبير و تبييض سيرات بعض من ركب موجة الأدب بعد استفحال ( جائحة الشبكات التواصلية ) و نسف كل المعايير و المقاييس التي كانت تفصل بين الغث و السمين . ليس فقط أدب السير-ذاتية و أدب ( الاعترافات ) و فضح النفس و الغير في ( سرديات مبتذلة) أو مغرضة لشد الانتباه لمغازلة شهوة الشهرة و الظهور و تحقيق -طموح الكاتب - المشروعة طبعا فطريا منذ أن ولدت "الكلمة" التعبيرية .
-الكاتب السّوداني و ( الأديب ) "أمير تاج السّر " اعتبره كاتبا ناجحا على أكثر من صعيد و أراه أنه رفع سقف الأدب العربي و السوداني و -حسب رأيي المتواضع- و حسب تجربة و أثر كلّ من ( تاج السّر ) و ( الطيب صالح )، فإن " أمير " انتزع حقّا إمارة السّرد الروائي السوداني و العربي و استطاع أن يلامس حتى القارئ الأجنبي و أراه مازال يدافع عن هذه المرتبة .
ما شدّني في تجربة ( أمير تاج السّر ) لحد الآن هو اجتماع كل عناصر الكاتب الناجح ، و أهمّها ، أهمّها، أهمّها هو نجاحه تقريبا في تحقيق هذا الوفاق و الإجماع بين كثير من الاتجاهات الفكرية ، رغم احترازاتي الطفيفة جدا ، جدّا، فأمير هو كاتب قد -يتحولق- المعظم أو الأغلبية حول رؤاه و أفكاره و ثيمه العديدة الكثيرة بكثرة و غزارة انتاجه ( الله يديم عليه هذا الرزق الربّاني !)…
-من الغرور جدا و من التعالي و الكِبر أن يُعتبر ( شخص ما ) كاتبا ، مبدعا ، فنانا كان أو من عامة الناس أنه معصوم من الهفوات و الخطأ أو ( الضرّ و الشرّ) ؛ فثنائية الخير و الشرّ هي قدر محتوم يواجه تفاصيل يومنا حتى نلقى الله ، لكن الفرد وجب عليه أن يُغلّب قدر المستطاع كفة الخير و محاربة -نزعات الشر و الضرّ و الآثام ) من تفاعلات حياته …أن يعمل على أن يكون نافعا و نفعه أكبر من ( ضرّه و آثامه !).. حسب قراءتي للأديب و هو ( يستحق ) عن جدارة هذه الصفة النبيلة و المشرّفة بعد ( التكليف و الأمانة الخطيرة )، فإن "أمير تاج السّر " كاتب غير صعلوك و غير آثم و غير عبثي بقداسة الأدب و نفع و جمال سرده - الأدبي المؤدب - غلب على ضرّه و إثمه ( الزهيد في سردياته)!.
- "رَبّنا لاَ تَدَعْ لَنا ذَنْباً إِلاَّ غَفَرْتَهُ، وَلاَ هَمّاً إِلاَّ فَرَّجْتَهُ "..أضحكُ و أو ابتسم و أنا أقرأ له أحيانا جملته الدُعائية -الطقس- هذه التي يبوّب بها أحيانا مناشيره أو يذكّر بها نفسه و يحب تدوينها علنا ليشاركها آلاف المتابعين و المتتبعين ل صفحته ( الزرقاء) و لا أدري مدى قوّة استشعاري الإيجابي للسبب الحقيقي -الشخصي - لأمير تاج السّر و هو يتدارك في كل مرة نفسه متوخّيا المغفرة من ( الذّنوب ) و طالبا لفرج ( الهموم ).. أقول في نفسي هذا هو حال ( الكاتب و خاصة هذا هو حال ( الكاتب ) الذي يرتقي درجة ( الأدب ) التي تليق بقلمه و يصبح ( أديبًا )!!!؛ و لكني لا أدري و أجهل العدد الحقيقي لمتتبعيه و اعتقد هو أيضا يجهل عدد الأصدقاء الحقيقين من الكتاب الشباب و المغمورين و من المتلصّصين عليه و من ( منْ) لا علاقة له بمهمة الكاتب المتبوع …
-الكاتب -الأديب - "أمير تاج السّر " حسب حدسي الشخصي و الإبداعي هو كاتب بعيد كل البعد عن الكتّاب الصعاليك ( العبَثيون)، الآثمون ، الفاسقون ، العاهرون، و لو أن بعضهم يتخللون قائمته الطويلة و العريضة وجدوا إما لتنشيط ( اللايكات و الأحضان الصفراء و توزيع القلوب الحمراء) الافتراضية ، و إما لحب ما نشر ( الأديب أو فقط ناتج عن سلوك خِرافي ، إمَّعَوِي، تقليدي، تابِعَوي، دون أي وجه حق فكرية أو إبداعية!.
*وجود كاتب عربي في هذا ( المشهد الكارثي ) بهذه المقاييس و هذه الصفات المتوفرة بشكل مؤكد و واضح في شخص "العجوز الحكيم : (أمير تاج السّر ) لا يلغي إحباطي و تشاؤمي من مآل الفعل الإبداعي السردي في الرواية العربية و القصة و لكن يعطبني جرعة كاذبة بالشفاء من آثار وباء الرداءة المستفحل في المشهد الأدبي العربي من ( المحيط إلى الخليط !). من بين العناصر و التوابل التي جعلت الأديب "أمير تاج السّر " ، هي مهنة الطب و غوصه المباشر في الشخوص الحقيقية الواقعية ( مرضاه ) بكل تضاربات التناقض و التوافق في بيئة عربية أفريقية لم تكن يوما مستقرة أو مُكتفية ، المهجر أو المنفى لم يخلق و لم يصنع الكاتب ( أمير تاج السّر )، فقط ساعد ربما على إضافة لمسات جديدة حسب ما تتطلبه تجربة البعد أو الإبعاد من مسقط الرأس ، (رأس المحن !) و مكمن كل جدليات الكون و المُكوّن و المكنون !!!.
-قد يُقرأ - أغلب - انتاج "أمير تاج السّر " في أسرة عربية مسلمة متحلقة في جوّ عائلي دون أن تنطّ و تقفز من سردياته عبارات ( سفاحية نابية عصيانية للمنطق المؤدّب) ما يحرجها و يفض لمّتها و اعتصامها حول ( كتاب ) من المفترض أن يحوي أدبا راقيا ممتعا و ذا بعد تربوي! .
*اعتقد أنّ هذا الكاتب السوداني شأنه شأن الكاتب الأردني الفلسطيني " إبراهيم نصر الله "يعدّ من آخر معاقل الأدب العربي الحديث و أصواتها -ما قبل و بعد ( الحداثة) -التي تحاول أن ترفض أن تموت دون أن تصرخ في وجه مسوخ العالم العربي في مختلف مناحي الحياة ليس فقط السرد الإبداعي في الرواية و القصة .
—-
باريس الكبرى جنوبا
23/11/22








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس


.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني




.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/