الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا

دلير زنكنة

2022 / 11 / 24
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


بقلم جورج لابيكا
ترجمة دلير زنگنة

ينتمي إنجلس ، الباحث والثوري و حتى لا ننظر أبعد إلى الوراء، إلى كل من سلالة الفلسفة الكلاسيكية الألمانية ونسب التنوير الفرنسي ويقف في فجر تقليد يشمل مفكرين ، على سبيل المثال لا الحصر ، أمثال كروس ولابريولا وسوريل وجوريس وغرامشي ولوكاش وإرنست بلوخ ولوسيان جولدمان وهنري لوفيفر وسارتر الذين خاطروا بوضع معارفهم في خدمة النضالات الاجتماعية والسياسية في عصرهم.

إن الاحتفال بالذكرى المئوية * ، وهو ليس طقسًا جنائزيًا ولا على الرغم من أحدث صيحات اليوم ، تجمع للمعزين ، على العكس من ذلك ، ينبغي أن يوفر لنا الفرصة لتحديد وتقييم النشاط والدور الذي لعبه إنجلس و لتحديد تأثيره (سواء كان مباشرًا أو غير مباشرًا ) على مصير النظرية ، أي لإعادة تأكيد قدوته وأهميته للفكر النقدي المستوحى بحرية من الماركسية. يمكن اقتراح وجهات نظر مختلفة.

التأسيس المشترك للماركسية

لن يكون من قبيل التناقض أو المفارقة بأي حال من الأحوال الإصرار على أن إنجلس كان مؤهلاً مثل ماركس لإعطاء اسمه للنظرية التي انشاها سويًا . دعونا لا ننسى أن إنجلس كان متعاونًا طوال حياته ، ومستشارًا ، وصديقًا ، وداعما ماليًا ومعنويًا لماركس ، وكذلك كان منفذًا لوصيته ، شهد عليه جميع معاصريهم. على سبيل المثال ، كتبت ابنة ماركس الثالثة ، إليانور أفلينج ماركس ، "حياة وأعمال هذين الرجلين متشابكة بشكل معقد لدرجة أن الفصل بينهما أمر مستحيل". أشار بول لافارغ ، أحد أصهار ماركس ، إلى أنه على الرغم من اختلافاتهم ، فإنهم شكلوا "كما كانت ، حياة" واحدة. . . . كان كل منهما يكن للآخر أعلى درجات التقدير ".

إن إنجلس أيضًا هو من ندين له باسم "الماركسية" لعقيدة ربما لا تستطيع ولا تريد أن تسمي نفسها (1888). دفع نفس الشعور بالتواضع الشديد إنجلس إلى كتابة ما يلي في رسالة إلى يوهان فيليب بيكر في 15 أكتوبر 1884: لقد أمضيت عُمري أفعل ما كُنتُ مُهيأ لهُ، أي العزف على الكمان الثاني، وأنا أعتقد بالفعل أنني برأتُ نفسي بشكل معقول. وكُنتُ سعيداً لأن لدي عازف كماناً اولا رائعاً مثل ماركس ". غالبًا ما كان إنجلس السباق لطرق العديد من السبل، منها العودة إلى فويرباخ (العائلة المقدسة) ، و أول نقد للاقتصاد السياسي ("Umrisse" أو "الخطوط العريضة لنقد الاقتصاد السياسي") ، أول نقد للدين (المراسلات مع بوير) ، واكتشاف وتحليل الطبقة العاملة ("حالة الطبقة العاملة في إنجلترا") ، والاعتراف بالفكر الاشتراكي الفرنسي والإنجليزي والألماني ( "الخطوط العريضة … ") ، ونقد المثالية الألمانية ("انتي شيلينغ ") ، ومعرفة الآليات الداخلية للرأسمالية ("رسائل حول رأس المال") ، و تعلم العلوم الصحيحة و الطبيعية("رسائل حول العلوم الطبيعية") ، و إيلاء الاهتمام مثل فورييه بوضع المرأة ، أو النضال الأيرلندي ضد الاضطهاد البريطاني ("يا له من مأزق أن يتعرض شعب لشعب آخر").

ألم يكن إنجلس ، كما يُلاحظ كثيرون ، الذي تكلم اول مرة عن "المادية التاريخية"؟ يدين البيان الشيوعي الشهير له بإصداراته الأولى ("مسودة حول الايمان بالشيوعية، ومبادئ الشيوعية") ، وقد حظيت أحداث عام 1848 في ألمانيا "بتغطيته" كما نسميها اليوم ، في "الثورة والثورة المضادة في ألمانيا". ان ماركس يكن احتراما دائمًا للأعمال المبكرة مثل "الخطوط" و "حالة الطبقة العاملة في إنجلترا" من بين جملة من المؤلفات ، و اقر ذلك بنفسه عندما كتب إلى إنجلس ، "أنت تعلم أن 1) كل شيء يتضح لدي متأخرًا . . . . 2) اقتفي دائمآ خطاك "(4 يوليو 1864). قام إنجلس ، الذي دفعته صداقته المخلصة إلى السماح للاعتقاد بأنه والد ابن ماركس غير الشرعي ، بكتابة معظم المقالات التي وقعها ماركس في صحيفة نيويورك تريبيون. كما قدم المصادر الأولية الرئيسية لرأس المال وهو مسؤول إلى حد كبير عن المجلدين الثاني والثالث ، المنشور بعد وفاة ماركس. كتب ماركس نفسه إليه في أغسطس 1867 ، بعد الإصدار الأول لكتاب رأس المال ، "إنه بفضلك الكامل أنني تمكنت في النهاية من تحقيق ذلك. بدون التزامك ، لم أكن لأتمكن من القيام بالجهد الهائل من العمل الذي تتطلبه هذه المجلدات الثلاثة ".

داخل هذا الشكل من "تقسيم العمل" كما أطلقوا عليه بين ماركس وإنجلس أثناء إعداد الأعمال الرئيسية ، كرس الأول نفسه لـ "نقد الاقتصاد السياسي" وبالتالي كتابة الكتاب الاول فقط من رأس المال ، بينما درس الأخير المجالات الأكثر تنوعًا: مثلا الفلسفة وعلى وجه الخصوص الديالكتيك والمادية (انتي دوهرنغ ) ، والفيزياء وتاريخ العلوم (ديالكتيك الطبيعة) ، أيضًا الأنثروبولوجيا ونظرية الدولة (أصل العائلة ، الملكية الخاصة والدولة) ، وتحليل الدين (“المسيحية المبكرة”) ، من بين أمور أخرى. يجب ألا ننسى كفاءته الاستثنائية في الشؤون العسكرية ، لتكسبه لقب "الجنرال" بين الذين عرفوه جيداً. بعد عام 1883 ، لم يكرس إنجلس نفسه فقط لإنهاء المخطوطات الرئيسية ، بما في ذلك كتاب رأس المال ، ولكنه أعاد أيضًا إصدار ، و الأكثر اهمية تحديث أعماله السابقة وكذلك أعمال ماركس ، و التي كانت ضرورية بسبب التحولات الظرفية ,وللاستجابة للانتقادات و الانتقادات الذاتية.

مع الأممية الثانية ، أصبح إنجلس مستشارًا لحركة الطبقة العاملة ، حيث قام بالترويج للمذهب ونشره على نطاق واسع ، بينما قام أيضًا بنشر سلسلة حلقات في الصحافة الديمقراطية الاشتراكية كتابه "لودفيج فويرباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية" جنبًا إلى جنب مع "أطروحات حول فويرباخ" المشهورة لماركس ،والتي كانت غير منشورة حتى ذلك الحين. قام بتصحيح العديد من سوء الفهم أو سوء القراءة (رسائل إلى بلوخ وشميدت وبورجيوس وآخرين) ، وتتبع الأوضاع الوطنية ("مسألة الفلاحين" ، "مسألة الإسكان" ، المراسلات الإيطالية أو الأسبانية أو الروسية ). كان له دور فعال في تكوين مجموعات من القادة في كل مكان (كاوتسكي ، لابريولا ، بليخانوف ، لافارج) ، مستفيدًا من معرفته غير المألوفة باللغات (إتقان حوالي اثنتي عشرة لغة ، بما في ذلك الألمانية والفرنسية والإيطالية والإسبانية والإسكندنافية والروسية والبولندية والرومانية والتركية) و يفهم حوالي عشرين. حتى وفاته ، عمل بلا كلل في الشرح والتعليق والتدخل في جميع النقاشات الجارية، سواء كانت نظرية أو سياسية ، محاولًا دائمًا تحديد الاستراتيجيات التي تتطلبها المراحل التاريخية الجديدة.

استقبال إنجلس المثير للجدل

كان الدور الذي لعبه إنجلس موضع جدالات كثيرة. تشير "الإنجلسية" (حسب نقاده) إلى الانحرافات التي يُزعم أن إنجلس ، قد ألحقها بالماركسية وكذلك بماركس نفسه، إن إنجلس متهم بتأثيره السيئ على ماركس: لقد دفع ماركس إلى الشيوعية والمادية ، التي كان إنجلس قد دافع عنها في وقت سابق ، وجر دكتور الفلسفة نحو الاقتصاد. استذكر لينين كيف قام "في. تشرنوف" في نهاية القرن الماضي بالمحاولات الأولى للتضاد بين ماركس وإنجلس ، واتهم الأخير باعتناق "مادية عقائدية ساذجة" و "أشد دوغمائية مادية". منذ ذلك الحين ، لم يسلم إنجلس من لوم واحد ، بل أدين بالميول العلمية أو الميتافيزيقية أو الاقتصادية أو الميكانيكية، هذا إن لم يكن مسؤولاً عن "تلفيق" الماركسية. لهذا السبب الأخير ، شعر روبيل بالريبة منه وقرر إعادة النظر في المجلدين الثاني والثالث من رأس المال. استنكر لوسيو كوليتي الهيغلية المتخلفة لإنجلس وداروينيته الفظة. ميشيل هنري اعتبره "مبتذلاً بشكل مروع" وحرمه من مكان في كتابه المهم عن ماركس.

منذ ظهور مسألة ما يسمى بـ "ماركس المبكر" قبل بضعة عقود ، إلى الستالينية وأزمة الماركسية ، كان إنجلس كبش فداء مناسب لجميع النقاد ذوي النوايا الحسنة الذين لا يرغبون في جعل ماركس مسؤولاً عن "الذباب المنتن للزيت" عندما يمكن أن يلقي باللائمة بسهولة على متعاونه. الآن هذا أو ذاك الدفاع الاعتذاري الفظ والأعمى لا يمكنه أن يفعل شيئًا سوى تأكيد الشكوك حول الانحراف الإنجلسي. إن تاريخ الماركسية ، وصراعاتها وكذلك تضاربها مع الذات ، والقضايا التي تعصف بها وكذلك تلك التي شكلتها ، هو هنا موضع تساؤل. لهذا السبب ، ومع الأخذ في الاعتبار أنه مع مؤلفات إنجلس (لقد كان لأنتي دوهرينغ ولودفيج فويرباخ أوسع انتشار) بدلاً من ماركس أصبحت الماركسية معروفة وشائعة ، من الضروري أن نأخذ في الحسبان ، من ناحية ، تأثيرات نظرية مختلفة كبيرة مثل "الفلسفة الماركسية" ، والاعتراف بها (مع لينين ، قارئ إنجلس) وكذلك إضفاء الطابع المؤسسي عليها في "دايامات"{المادية الديالكتيكية } ستالين ، أو حتى التمييز الحاد بين العلمي والطوباوي ، ومن ناحية أخرى ، استقبال أعمال إنجلس ضمن السياقات الوطنية المختلفة للطبقة العاملة والحركات الشيوعية.

هذا لا يعني ببساطة أننا ننصف معلمًا لا تزال صفاته الشخصية تستحق التنويه (كرمه ، ولطفه ، ونبل شخصيته ، وقدرته على الاستماع ، وحبه للحياة والبيرة الألمانية ، ونبيذ بوردو أو الشمبانيا. حسه الفكاهي والتزامه الراسخ بقضية المستغَلين). نجد في هذا العامل الذي لا يعرف الكلل أفضل مثال على نشاط ثوري لم يبتعد أبدًا عن التشكيك في الذات في مواجهة النضالات الفعلية الموجودة ، أي نشاطًا ثوريًا مفتوحًا ونقديًا ، وباختصار ، حياً. في ضوء ذلك ، يتبين أن إنجلس هو أفضل ترياق ضد التفكير الدوغمائي والعقائدية. ومن الملح أن نستمد منه بعض الإلهام. ومع تحمل مخاطر أن أبدو مصطنعًا، استعير الأسطر التي يتعامل بها فرانز ميرينغ في مقالته في نويه تسايت ، بعد عشر سنوات من وفاة إنجلس: "كل ذكرى لميلاد أو وفاة ماركس وإنجلس تقربهما إلينا. أنهم أحياء بيننا. يمكننا أن نميز كل مرة في حماسة أصواتهم حول عالم البؤس المفجع الذي لا يعرف غير المضطهِدين و المضطهَدين ، تباشير فجر عصر ثوري آخر ".

لو بيك ، فرنسا
الترجمة إلى الإنجليزية ثييري لابيكا

* قدمت في المؤتمر الدولي بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة فريدريك إنجلس ، هافانا ، كوبا ، 19-21 سبتمبر 1995.

المصدر

‏Nature, Society, and Thought, vol. 8, no. 4 (1995)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاهم مفقود عن انجلس هل كان متعلما ام مثل ستالين ج
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2022 / 11 / 23 - 22:31 )
لايمكن ان يكون انسان ما منظرا اذا لم يكن متعلما وعلى اعلى الدرجات-اي ان لمنظر يكون على قدر هائل من المعلومات عن الفكر الانساني حتى الان وعن طرق واساليب البحث العلمي-وهاتان النقطتان يمكن الحصول عليهما من المؤسسات التعليميه الثلاث ثم الدراسات العليا وانجلس ليس بعيد عنا والتشابه بين زمننا وايام ماركس وانجلس فيما يتعلم بالمؤسسات التعليميه ومراحلها شديدجدا
لذالك من المشكوك فيه جدا ان يكون رجل الاعمال انجلس قادرا على ادارة مصانع العائله وان يكتب في الفلسفه وبدون ان تكون له خلفيه تعليميه تهياءه للتفكير والكتابة الفلسفيه-الاقرب للتقييم ان انجلس كان رجلا غنيا وتقدميا ويحب الاقتراب من الكتاب والمفكرين وقضاء الوقت في مجالس المثقفين من الدرجات العليا الذين نسميهم اليوم بالاكاديميين علما انه كان كريما مع ماركس الكسول الذي لم يشتغل يوما واحدا في حياته لذالك كان انجلس يمول معيشة عائلة ماركس غير الصغيره-ومن المحتمل ان ماركس كان يرد فضله باعطائه انجلس بعض كقالاته وكراريسه لينشرها باسمه ليعتبر انه ليس فقط -في صحبة-الاكاديميين -وانما هو مثلهم وفي مستواهم-علما ان التطور الفكري والعلمي في ال150ستجاوزتهما


2 - إنجلس و ماركس
دلير زنكنة ( 2022 / 11 / 25 - 04:09 )
مراسلات ماركس و انجلس الشخصية تؤكد ان انجلس كان مؤلف الكتب المذكورة في المقال و ليست تهيؤات و نظريات و استنتاجات من الخيال و المواقف المعادية مسبقًا . اهتمامات انجلس بالحقول العلمية و الدراسات الفلسفية كانت قبل تعرفه على ماركس و أيضا بعد موت ماركس، كما مذكور في المقال ايضا، و القضية اولا و اخيرا لا علاقة لها بالشهادات و انما باهتمامات الشخص و الجهد الذي يقوم به في دراسة و بحث المواضيع، و المراسلات بينهما أيضا تؤكد ان انجلس كان مؤلف عدد من المقالات المنسوبة و المنشورة في ذلك الوقت باسم ماركس و ليس العكس. اما عن كسل ماركس و رفضه العمل، فالمعروف بانه كان يحمل شهادة الدكتوراه في الفلسفة و قد رفضت الحكومة و الجهات الرجعية طلبه بالتعيين كاستاذ جامعي، و مع هذا فانه كان رئيس تحرير جريدة و هذا عمل، و ترأس الاممية الشيوعية و هذا عمل ، و كان يكتب المقالات في الجرائد و المجالات مقابل المال و هذا عمل ايضا،و قد الف مؤلفات عديدة منها راس المال و الذي اخذ منه 20 عامًا ، و ما الفه لا زالت حتى اليوم موضوع دراسة و جدال و مناقشة في جامعات العالم و مراكز الفكر، فاي كلام هذا عن كسل ماركس المزعوم.

اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي