الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقدمة كتاب أفول التروتسكية العالمية

دلير زنكنة

2022 / 11 / 26
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


بقلم جون كيلي
ترجمة دلير زنگنة

اسم الكتاب:
أفول التروتسكية العالمية، بقلم جون كيلي، دار روتليدج، 2023
‏The Twilight of World Trotskyism. John Kelly. Routledge. 2023

مقدمة و شكر

للحركة التروتسكية سجل لا مثيل له من الفشل السياسي. خلال ما يقرب من قرن من الوجود ، لم يقُد التروتسكيون ثورة أو فازوا في انتخابات وطنية أو قاموا ببناء حزب سياسي جماهيري دائم (ربما باستثناء حزب لانكا ساما ساماجا السريلانكي ، LSSP ، في الخمسينيات ). تعتبر الحركة التروتسكية عمليا في كل بلد توجد فيه، أقلية صغيرة من الناحية التنظيمية ، وهامشية سياسيًا، و منقسمة بشدة. لماذا اذن نكتب كتابًا ثانيًا {الكتاب الاول التروتسكية المعاصرة في بريطانيا 2018} عن حركة فاشلة؟ ركز الكتاب السابق بشكل شبه حصري على بريطانيا على الرغم من أنه أشار إلى أحزاب ومنظمات في دول أخرى واحتوى على فصل عن الأمميات الرابعة المتعددة . رسم الكتاب خريطة لصعود المنظمات التروتسكية البريطانية منذ تشكيلها في ثلاثينيات القرن الماضي وحتى سنوات الخمسينيات الكئيبة ، عندما كان عدد إجمالي أعضائها بالمئات ، إلى ذروتها في السنوات الذهبية بين منتصف الستينيات ومنتصف الثمانينيات. كانت تلك الفترة بمثابة نقطة الذروة لعضوية التروتسكية وتاثيرها داخل حزب العمال والنقابات العمالية. تبع ذلك فترة التفكك والانحدار التي انفجرت فيها المجموعة الأكبر ، حزب العمال الثوري (WRP) ، في مجموعة من الشظايا الصغيرة بينما تعرضت مجموعتان كبيرتان أخريان - الرابطة الاشتراكية Socialist League و التيار المناضل Militant Tendency- لانقسامات دراماتيكية. كانت النتيجة أنه بحلول أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ، تناقصت العضوية الكلية للجماعات التروتسكية البريطانية من ذروتها عام 1985 البالغة حوالي 20000 إلى أقل من 7000. على الرغم من الانتعاش الطفيف في العضوية منذ عام 2005 ، فشلت الحركة في إعادة البناء بشكل كبير خلال الانهيار الاقتصادي في 2007-2008 ، والعقد الذي تلاه من التقشف الاقتصادي والحكومة اليمينية ومجموعة الاحتجاجات حول قضايا مثل الإنفاق العام ، وتغير المناخ والعنصرية. نتيجة لذلك ، وفي السنوات التي أعقبت الانتهاء من الكتاب ، يبدو أن الحركة التروتسكية في بريطانيا قد دخلت مرحلة جديدة من الأزمة ، والتي تدل بشكل أساسي على الانقسام العميق في الحزب الاشتراكي Socialist Party وتنظيمه العالمي ، لجنة الأممية العمالية (CWI) في عام 2019 وطرد مئات التروتسكيين الذين تدفقوا إلى حزب العمال خلال فترة الزعيم اليساري جيريمي كوربين (2015-20).

تكمن جذور العديد من نقاط الضعف والفشل في الحركة التروتسكية في ارتباطها القوي بالعقيدة ، وهي مجموعة مميزة من الافتراضات الأساسية والبديهية ، التي تعكس أساليب وهيكل وسياسات البلاشفة الروس ، ويعتقد أنها ضرورية لبناء الحزب الثوري الجماهيري وثورته المنتصرة. لكن المجموعات التروتسكية البريطانية ، من حين لآخر ، نحت جانباً بعض هذه المبادئ الثورية الفاشلة وركزت على بناء حركات ذات قاعدة عريضة وذات قضية واحدة تحظى بقبول واسع ، مثل الرابطة المناهضة للنازية Anti Nazi League في السبعينيات والاتحاد الفيدرالي المناهض للضرائب Anti-Poll Tax Federation. أواخر الثمانينيات: حيث نجحت هذه الحركات على الرغم من أصلها التروتسكي وليس بسبب أصلها التروتسكي.

تستحق التروتسكية البريطانية الدراسة لأنها واحدة من المراكز الرائدة في الحركة العالمية مع ستة من مقرات الأمميات الرابعة في العالم في المملكة المتحدة. لكن ثلاث دول أخرى هي أيضًا موطن للعديد من الحركات الأممية ولديها منظمات تروتسكية كبيرة نسبيًا ، وهي الأرجنتين وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية. والسؤال الذي يجب أن نطرحه بعد ذلك هو ما إذا كانت متاعب التروتسكية البريطانية ونقاط ضعفها تتكرر أيضًا في تلك البلدان ، أم أن الحالة البريطانية هي حالة شاذة ومتميزة عن نظيراتها الأجنبية؟ من المؤكد أن تلك الحركات التروتسكية في الدول الثلاث قد عانت من مشاكل كبيرة في السنوات الأخيرة. في الولايات المتحدة الأمريكية ، حلت المنظمة الاشتراكية الدولية (ISO) ، أكبر مجموعة تروتسكية ، نفسها في عام 2019 ، وتوقفت الرابطة السبارتكية عن العمل في عام 2021 وهي الآن تحتضر ويستمر اوضاع حزب العمال الاشتراكي SWP في التدهور. في فرنسا ، عانى حزب العمال المستقل Parti Ouvrier Indépendant (POI) من انقسام كبير في عام 2015 ، في حين أدى الانقسام في عام 2021 في الحزب الجديد المناهض للرأسمالية Nouveau Parti Anticapitaliste (NPA) إلى خفض عدد أعضائه إلى حوالي 1500 من حوالي 10000 عند إطلاقه عام 2009. وبالمثل في الأرجنتين ، حيث شهدت إحدى أكبر المجموعات في البلاد ، وهي حزب العمال Partido Obrero (PO) ، انقسامًا كبيرًا في عام 2019. وقد ترددت أصداء بعض هذه الانقسامات الوطنية لاحقًا عبر البلدان الأخرى ، مما أدى إلى إنشاء مجموعات أخرى من "الأممية الرابعة" الجديدة.

السبب الثاني للكتاب الحالي الجديد يتعلق بالسياق السياسي: لقد تميز القرن الحادي والعشرون بموجات متعددة من الثورات والاحتجاجات ، غير مسبوقة في نطاقها الجغرافي وحجمها ومدتها. يمكن القول إن هذه الاحتجاجات ، التي تتنوع في مطالبها وأساليبها ودوائر مشاركيها، قد خلقت فرصًا كبيرة لعودة اليسار وإعادة الاصطفافات السياسية التي تشمل أحزابًا جديدة بالإضافة إلى تحالفات انتخابية جديدة. من الناحية المثالية ، ستبدأ هذه القوى في شق طريقها نحو قضايا عدم المساواة في الثروة والدخل والتفاوتات الاجتماعية ، و تحسين الخدمات الصحية والاجتماعية ومعالجة التدهور البيئي. حتى في مواجهة المعارضة السياسية المنسقة ، يمكن لبرامج الإصلاحات الجذرية أن تغير فرص الحياة للعمال ، كما هو موضح ، على سبيل المثال ، من قبل الحزب البرازيلي Partido dos Trabalhadores (حزب العمال) خلال فترة حكمه في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ومع ذلك ، فإن المنظمات التروتسكية في كل مكان تستخف باستمرار وترفض برامج الإصلاح الراديكالي باعتبارها ذات قيمة جوهرية ضئيلة أو معدومة وتشتمل على صرف الانتباه عن الأعمال الحقيقية للسياسة ، أي الإطاحة الثورية بالرأسمالية. إنهم يسعون إلى تعبئة عضوياتهم الصغيرة ، التي غالبًا ما تكون شابة وذات صوت مسموع ، وتنشيطها برؤية نهاية العالم تتحول فيها منظماتهم الصغيرة بسرعة إلى أحزاب ثورية جماهيرية تقود موجة عالمية من التمردات الناجحة المناهضة للرأسمالية. في هذه النظرة للعالم ، ستُنحى الأحزاب الخائنة للديمقراطية الاجتماعية واليسارية الراديكالية والستالينية والبيئية جانبًا بينما يحقق التروتسكيون رسالتهم التاريخية في النهاية. في الواقع ، دخلت الحركة التروتسكية حقبة جديدة من التراجع والتشرذم ، مع استمرار فقدان العضوية والانقسامات والأزمات الكبرى في أكبر الأحزاب والأممية حول العالم. إن السيناريو الثوري الذي يقوده التروتسكيون ، والذي لم يتحقق له النجاح في أي مكان على الرغم من ما يقرب من قرن من الجهد ، يرقى إلى مستوى توجيه خاطئ مأساوي ومهدر للطاقة والموارد السياسية بعيدًا عن السياسات الراديكالية الجادة. كم يمكن تحقيق المزيد من قبل الراديكاليين الشباب و المناضلين المهتمين بالظلم وعدم المساواة والقمع والاستغلال وتغير المناخ إذا تركز حماسهم وطاقتهم في مكان آخر بدلاً من إهدارهم في محاولات بائسة لبناء "الحزب الثوري".

الهدف الأساسي من هذا الكتاب هو تحليل أسباب الفشل التاريخي للحركة التروتسكية حول العالم. لذلك يبدأ الفصل الأول هذا التقييم بتلخيص موجز لأصول التروتسكية ، كتيار سياسي داخل الحركة الشيوعية ، وتوضيح عناصرها الرئيسية. يصف الفصل الثاني التطور التاريخي للتروتسكية في البلدان الأربعة التي ترسخت فيها جذورها العميقة والتي تضم الأغلبية الواضحة من الأممية الرابعة في العالم: الأرجنتين وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية. ثم ينتقل الفصل الثالث إلى رسم خريطة للحالة الراهنة للحركة التروتسكية العالمية. مهما كان حجمها ووضعها الحالي ، تطمح المنظمات التروتسكية إلى أن تصبح أحزابًا سياسية جماهيرية وتقود عمليات الاستيلاء الثورية على السلطة. لذلك من المناسب فحصها من خلال المقاييس المطبقة على الأحزاب الرئيسية ، أي التنظيم والعضوية والتأثير السياسي. ينظر الفصل الرابع في ديناميكيات الحركة التروتسكية ، ويركز بشكل خاص على الآثار الضارة المفترضة للحركة الشيوعية. ثم يدرس دور المنظمات التروتسكية في "دورات الاحتجاج" المختلفة التي حدثت في النصف الأخير من القرن العشرين والسنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين بالإضافة إلى دورها في مجموعة متنوعة من الحركات الاجتماعية. يفحص القسم الأخير من الفصل قصتي النجاح اللذين يتم الاستشهاد بهما كثيرًا في الأدب التروتسكي ، وهما حالتا بوليفيا وسريلانكا. يحدد الفصل الخامس ويفحص مجموعة متنوعة من التفسيرات لنقاط الضعف المزمنة والمستمرة للحركة التروتسكية ، بما في ذلك تقييماتهم المعيبة للسياسة والاقتصاد المعاصرين ، وبرامجهم وسياساتهم المتطرفة ، وفشلهم في فهم ديناميات الاحتجاج و الإرث المؤذي للشيوعية السوفيتية. يقال إن نقاط الضعف هذه متجذرة في العقيدة التروتسكية وبالتالي فهي سمات متكاملة وليست هامشية للتروتسكية العالمية. الفصل 6 استنتاجات ختامية. لقد ناقشت الحركة التروتسكية مع العديد من الأشخاص على مر السنين ، لكن الشكر الخاص موجه إلى جريجور غال لقراءته اللطيفة والتعليق على نسخة سابقة من المخطوطة وتزويدي بتيار منتظم من المعلومات والتحديثات عن الحركة التروتسكية. نشكر أيضًا أربعة مراجعين بدون اسماء لتعليقاتهم العديدة المفيدة والبناءة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم


.. على رأسها أمريكا.. 18 دولة تدعو للإفراج الفوري عن جميع المحت




.. مستوطنون يقتحمون موقعا أثريا ببلدة سبسطية في مدينة نابلس


.. مراسل الجزيرة: معارك ضارية بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال




.. بعد استقالة -غريط- بسبب تصدير الأسلحة لإسرائيل.. باتيل: نواص