الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفدرالية المؤجلة وعودة إلى المحاصصة والتوافق

جليل البصري

2006 / 10 / 7
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


سيطرة ورسوخ مبدأ المحاصصة في الحياة السياسية العراقية يعني أول ما يعني أن التيار الليبرالي والعلماني هو تيار هزيل وغير قادر على التأثير في المعادلة القومية والطائفية التي يستند اليها هذا المبدأ او الذي ولد لدى الاطراف السياسية حساسية مفرطة في التعاطي مع أي محطة تمر بها العملية السياسية بحيث ان هذه الحساسية كانت ولا تزال خلفية واضحة المعالم للصراع والعنف الدائر في البلد والذي يشتد ويخبو مع كل عقدة سياسية مما يعني ان العنف القائم قد تحول من نتيجة، الى وسيلة لاعادة التوازنات وتسليط الضغوط .. وفي ظل تصلب الفرقاء السياسيين على مصالحهم الضيقة واجواء عدم الثقة السائدة بمستقبل الوضع ومستقبل مواقف الاخرين، اصبح العنف هو الوسيلة الاولى للضغط السياسي ولاعادة رسم الخارطة السياسية بما في ذلك موضوع مشروع قانون الاقاليم والفدرالية. ونتيجة استخدام العنف بطرق غير مباشرة ، لا يفتأ القادة السياسيون والدينيون يعلنون برائتهم منه، فأن واقعا جديدا خطيرا قد تولد، هو انفلات المجاميع والقوى التي تمارس العنف، وتنامي قوتها المادية والتسليحية وتحولها إلى مصدر خطر يزعزع الدولة .. لذلك فأن اطلاق المالكي لمبادرة المصالحة الوطنية ومحاولته لم شمل اكبر عدد من القوى ورأب الصدع الذي خلفته المحاصصة على الصعيدين السياسي والاجتماعي ، تأتي كبارقة امل يجب ان تعززها الحكومة سواء في بغداد او كركوك او بقية المناطق، باجراءات مشددة وعنيفة لضرب مصادر العنف هذه ولسد الثغرات على ايتام البعث والتكفيريين وشل محاولاتهم لجر البلاد الى المزيد من العنف وايقاع الاطراف السياسية ببعضهاـ وعلى الحكومة ان تسمي بوضوح وتخاطب الاطراف السياسية بان تقف معها بحزم لتصفية الميلشيات بما فيها ميلشيات هي لتضيق الخناق على لعبة الحكومي والميليشياتي التي تلعبها بعض الاطراف والتي باتت تزعزع ثقة الناس بالحكومة ايضا..
ان التقدم في العملية السياسية في العراق بات صعبا جدا بسبب سيادة مبدأ المحاصصة الذي لا يحده قانون ويمتلك قناعات مطاطة في الحجم وصلبة في الاخذ والعطاء ، وقد تقدمت العملية السياسية عبر مبدأ التوافق الاكثر انسجاما مع المحاصصة وعبر تأجيل الخلافات وترحيلها حفاظا على توقيتات العملية السياسية مما عنى واقعيا تعليق الديمقراطية.. وقد كان ما جرى بخصوص الفدرالية ومشروع الاقاليم نموذجا او مثالا لذلك .. فقد كان طرح المشروع من قبل الائتلاف العراقي في الوقت الحرج المتبقي المشار اليه في الدستور لطرح المشروع، وايده التحالف الكردستاني ، دفع لمادة دستورية اقرهاالجميع ، لكن هذا المشروع واجه معارضة كبيرة ومتشنجة من قبل الكتلة السنية بما فيها اتهامات بانها تمثل تقسيما للعراق ، وهي اتهامات رخيصة بحق الفدرالية باعتبار ان اغلب البلدان المتقدمة تتبع هذا النظام الذي يحد من البيروقراطية والمركزية ويوزع المسؤوليات ويعطي للاقاليم حرية في اتخاذ قراراتها.. لكن الضغوط لم تتوقف فهناك موضوع مؤجل هو اجراءات تعديلات في الدستور وهي الاجراءات التي اتفق على اجرائها لاحقا لتمرير ، مما يعني ان هناك الكثير من المشاكل العالقة، واذا اضفنا لها تأجيل اقرار مشروع الاقاليم وتأجيل أي قرار نهائي في بخصوص تطبيق الفدرالية 18 شهرا تبدأ بعد موافقة البرلمان على مشروع الاقاليم ، فان امامنا سنتان من الخلافات التي ستوازيها وتتداخل معها اعمال عنف لا نستطيع التكهن بحجمها ويكفي ان نقول على سبيل المثال ان موضوع تطبيع كركوك وتطبيق الفقرة (140) من الدستور بمجرد انها تحركت نحو التنفيذ فان العنف تفجر بشكل مفجع في المدينة وجرت زعزعة الحياة السياسية فيها .. ان تأجيل الفدرالية هو ترحيل لمشكلة اخرى ربما كان الدافع وراءه انجاح مشروع المصالحة الذي يهدف الى لجم العنف وتوفير الخدمات ، وهذا يعني عودة الى المحاصصة والتوافق وعودة الى جولة من اعادة توزيع السلطة تحت وطاة مخاوف كردية من اكثر من ملف وبالاخص الفدرالية وكركوك، ومخاوف شيعية تسعى الى طي صفحات الماضي نهائيا والتخلص من مشاعر التهميش التي عاشتها عبر الحكومات المتعاقبة، ومخاوف سنية من التهميش والحرمان من الثروة النفطية غير الموجودة في اقليمهم .. وبين الجذب والشد والتدافع ويبقى تساؤل محير يدور في اذهان الشعب بكل فئاته وقومياته هو :. اين تكمن مصلحتنا في بلد امن ومستقر ومعيشة مرفهة؟ وهل كل هذه المخاوف والمشاريع السياسية تستحق كل هذا الدم الذي يراق وهذه الثروة التي تهدر ، وهذا الوقت الذي يذهب سدى ؟.. نترك للسياسيين الاجابة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة