الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فضوها سيرة

محمود الباتع

2006 / 10 / 9
القضية الفلسطينية


إنها النكبة الثانية، ويريدون لها أن تكون الأخيرة.
يتساءل العالم عن الذي يحدث في فلسطين، وكيف انجر الفلسطينيون إلى هذه المصيدة.

لم يتوقف الفلسطينيون على اختلاف مشاربهم واتجاهاتهم السياسية، عن التأكيد والقسم بأن الدم الفلسطيني هو دم حرام، وأنه خط أحمر لا يجرؤ ولا ينبغي أن يجرؤ أحد على تجاوزه. أما وأن الحرام الفلسطيني أصبح حلالاً، وأن الخط الأحمر قد انضم إلى قافلة الخطوط الحمر التي تم كسرها بأيدٍ فلسطينية وبتواطؤ وتشجيع عربي ودولي وإقليمي، فإن السؤال القادم ينبغي أن يكون، ماذا بقي لنا من فلسطين؟ وأين فلسطين الي حلمنا بها؟
سؤال مشروع وشرعي، فمن يعود إلى بداية الحلم الفلسطيني إبان الانطلاقة الأولى للثورة الفلسطينية، ثم يلقي نظرة خاطفة إلى ما آلت إليه الأمور حالياً، سيجد لسان حاله يقول بدون وعي "شتان ما بين الثريا والثرى".
امتد الحلم الفلسطيني طويلاً، وربما أطول من أي حلم آخر، وقبل أن ينتهي السبات، استبق الفلسطينيون نهاية الحلم، وصدقوا أن ساعة تحقيقه قد حانت، فتصرفوا على أن النهار قد طلع وأن الشمس قد أشرقت، فإذا بهم يقيمون الانتخابات الديمقراطية، وينصبون الرؤساء، وينتخبون الحكومات وكأن كل شيء قد انتهى، وأن ذروة المنام قد أنجزت مشروعها.

لا أميل إلى التفسير التآمري للأحداث، ولكن لا أنكر دور التآمر في اللتاريخ. فقد كانت مصيدة أوسلو أخبث مؤامرة حيكت ضد الشعب الفلسطيني منذ مؤامرة وعد بلفور الذي تحقق عام النكبة، حيث صدّق الفلسطينيون وعد كلينتون، الذي حشرهم في زاوية غزة وأريحا أولاً، ثم اضطروا لتصديق رؤية بوش وخارطة الطريق كمخرج من ضيق وعد كلينتون، وكان وزير خارجية دولة قطر أول من أشار إلى خطة خريطة الطريق في حينه باعتبارها مجرد عملية إلهاء، وقد كان مصيباً في ذلك، والدليل ما نرى. انظر ماذا يحدث.

انطلق الشعب الفلسطيني في مسيرته الديمقراطية حالماًً بالوعود الدولية، ومصدقاً لرؤيا بوش ووعود اللجنة الرباعية، ومؤمناً بأن حلم التحرير قد تحقق، فانتخب الرئيس محمود عباس بناءً على برنامجه الانتخابي الذي لم يخدع الرجل فيه أحداً ولم يكذب على شعبه ولا على غيره، ولم يعد بما لم يوف به، ليكتشف الشعب في اليوم التالي أن الأوان ليس أوان الرجل، وأن رجل الدولة ليس هو رجل الحلم.

أما وأن الليل ما زال حالكاً، فقد قرر الشعب أن المقاومة هي الطريق. اكتشاف تأخر عدة شهور ليأتي بحركة حماس على رأس الحكومة. حماس التي هي الأخرى لم تخدع أحداً ولم تكذب عل أحد. أطلت علينا فجأة، ومن رحم الحلم حالة من الازدواجية لم يعهد شعب في طور التحرر مثيلاً له من قبل. وجد نفسه يعاني من انفصام الشخصية وتشتت الرؤية وضياع الهدف، و والباقي معروف.

بعد سنين كان فيها الرئيس الراحل ياسر عرفات ضحية الحصار الإسرائيلي والأميركي، مد الحصار ظله ليطال كل فلسطين بحجة إرهاب حماس، وأفرز الحصار الفقر والجوع. والجوع كافر وليس بعد الكفر ذنب. وكان هذا هو الطعم الأخير الذي تلقفته الأفواه الجائعة لتصاب بعد ذلك بسعار الدم، والدم الفلسطيني الحرام ...! طعم أبى أن يقترب منه الشعب على مدى عقود، ولكنه وتحت وطأة الجوع ... ابتلعه صاغراً.

هل هذا ما ذهبت من أجله قوافل الشهداء؟ هل يسحق هذا ما بذلته دموع الأرامل والأيتام من دموع. هل تكون هذه هي نهاية التضحيات طيلة ستين عاماً؟
لو قدر لشهيد من أبناء فلسطين أو غيرها أن يعود إلى الحياة، ليشاهد ما حدث بعد استشهاده، فهل كان ليقدم على الاستشهاد من جديد؟ هل يعقل أن يكون ثمن المعاناة واللجوء وبؤس المخيمات والتشرد وانكسار اللجوء، هو ما حصلنا عليه؟ رئيسٌ عاجز، وحكومة محاصرة، وربرلمان معتقل، وشعب جائع يأكل بعضه بعضاً؟
ألم تكن الحياة في ظل الاحتلال أكثر شرفا وكرامة؟ وأي معنى للكرامة بينما الجياع ينهشون لحوم إخوتهم؟ هل هذه هي نهاية الحلم؟ وهل هذا هو الأمل الذي مات في سبيله الألوف، وعاش على طريقه الملايين؟

كفلسطيني أدعو السلطة الفلسطينية رئاسة وحكومة، حركات وأحزاب ومنظمات إلى أن يفضوها سيرة، وأن يحزموا حقائبهم ويرحلوا عن كاهل هذا الشعب الذي لا يستحق هذه النهاية، ولا يجب أن يموت بهذه الطريقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصل جديد من التوتر بين تركيا وإسرائيل.. والعنوان حرب غزة | #


.. تونس.. مساع لمنع وباء زراعي من إتلاف أشجار التين الشوكي | #م




.. رويترز: لمسات أخيرة على اتفاق أمني سعودي أمريكي| #الظهيرة


.. أوضاع كارثية في رفح.. وخوف من اجتياح إسرائيلي مرتقب




.. واشنطن والرياض.. اتفاقية أمنية قد تُستثنى منها إسرائيل |#غرف