الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراعات الزمان و المكان الراهنة في العلاقات الدولية؛ و أين نحن منها..؟

محمد عبد الشفيع عيسى

2022 / 11 / 28
العولمة وتطورات العالم المعاصر


في ضوء المشاهد الراهنة للتغيرات اللاهثة في مسارات العلاقات الدولية، وخاصة على وقْع الأزمات الدولية المستجدة وتوابعها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (الأزمة الروسية- الأوكرانية؛ القضية التايوانية...) يجد المراقب المتطلع ظواهر، بعضها جديد، وبعضها قديم جديد، مما يستحق الفحص المتأمل. من بين هذه الظواهر التي لفتت انتباهنا، تعاظم أهمية مناطق وبلدان كثيرة، لم تكن لها تلك الأهمية في حقب سابقة، بحيث تعلو قيمة عامليْ الزمان والمكان؛ و يصبح لكل لحظة زمنية دورها الحاسم في منظومة "إدارة الوقت" في النزاعات والصراعات الدولية غير المبرَّرة، كما يصبح لكل بقعة جغرافية دورها الحازم في المنظومة الصراعية للتنافس - نكاد نقول "التطاحن"- الدولي المرتقب، خصما من رصيد المستقبل للبشرية المغلوبة على أمرها.
تلك قيمة متصل "الزمان – المكان"؛ و هذا مما يبدو جليا على امتداد رقعة الكوكب الأرضي الآن، حيث يبرز المتدافعون الدوليون: أمريكا ، غرب أوروبا، الصين، روسيا، و كذا المتدافعون الإقليميون في منطقتنا: مثل تركيا و إيران، ، إلى جانب كيانات أو "أذيال" تحاول اللحاق بحُمّى الصراع في معاندة يائسة لسنن التاريخ الإنساني .

من هنا، ينبغي ألا نستصغر أدوارا كانت محجوبة نسبيًا، أو مهملة، في أوقات سابقة، و بصفة خاصة على سبيل المثال: أ-حالة البلدان المهمّشة المعزولة (الفاشلة كما قالوا...؟) كالصومال الكبير. ب-بلدان صغيرة ذات موقع جيو استراتيجي بالغ الأهمية مثل جيبوتي، أو جزرية مثل (المالديف)، أو ذات قيمة اقتصادية-نفطية (سلطنة بروناي) ، أو قيمة اقتصادية – استراتيجية لبلدان أخرى. ج-المضائق البحرية الحاكمة : مضيق تايوان، مضيق ملقا، مضيق البوسفور، ومضيق جبل طارق ، وعندنا : مضيق باب المندب. وترتبط مع المضائق، القنوات الواصلة بين البحار والمحيطات: أهمها السويس ، وكذلك بناما.

هذا كله من جهة أولى. و من جهة ثانية، تتبدّى أهمية تطلع الدول الإقليمية الكبيرة (ربما المتوسطة بالمعايير الدولية) في الفترة القادمة، لتوسيع مجال نفوذها الإقليمي – الحيوي، كما في منطقتنا. بل و نلحظ أيضا تطلع قوى إقليمية أخرى صغيرة نسبيا للعب دور موازٍ تحت ظلال تنافس دولي محتدم، وإقليمي مضطرب، و ربما على وقع تطلع بعض "الأذيال" لمعاندة الزمان .

من جهة ثالثة، إن البلدان "المقفلة" land- locked سوف تجد لها مكانًا ومكانة فى سياق النظام الدولي ذي الطابع الصراعي في الفترة القادمة، قبل أن يستقر قرار هيكل النظام، انتقالاً من الهيمنة الأحادية، إلى (هيمنات) قطبية أو غير قطبية.
وتنطبق حالات و أمثلة البلدان السابقة على مختلف المناطق الدولية: من منطقة إفريقيا جنوب الصحراء إلى آسيا الوسطى و أمريكا الوسطى والجنوبية و إلى منطقة بحر الصين الجنوبي، و غيرها.
من جهة رابعة، لن تزيد فقط أهمية البر الأرضي، حتى لو كان مقفلاً ، ولكن تزيد ربما بصفة أقوى، أهمية المياه والبحار والمحيطات والمناطق عابرة المحيطات، خاصة (منطقة المحيط الهادى – الهندى). فتلك ستكون المسارح المفضّلة لمساعي القوى الدولية والإقليمية، ذات الحوْل والطوْل المتباين، للّهاث من أجل أداء أدوار، واحتلال مواقع وأماكن لها، قبل أن يتغير الحال وتختلف (أو تختلّ) الظروف.

فأين البلدان العربية عامة، و أين مصر العربية خاصة، من كل ذلك ..؟ ولنتساءل هنا: ما رؤيتنا وتصورنا لدورنا في ضوء اللوحة العامة لتطور العلاقات الدولية، في حالها الراهن وفي المستقبل كما ينبغي له ان يكون..؟
وهنا يجدر بنا أن نسعى – مع آخرين – لإنقاذ ما يمكن إنقاذه على سطح كوكبنا البائس؛ و نشير بصفة خاصة، في هذا المقام، إلى ما يلي:
1- بدلاً من حُمّى التنافس الصراعي الراهن بين الأقطاب الدولية والإقليمية، يجب أن يتم السعي إلى محاولة إبراز ثم إعلاء قيمة "التعاون البنّاء" لمصلحة الجميع، وبطريقة أرفع و أنفع من محاولة سابقة متطاولة نسبيا، جرت تحت راية "العولمة" منذ تسعينيات القرن المنصرم حتى الآن، أو حتى وقت قريب .
2- بدلاً من حالة "اللانظام" الراهنة، بل و حالة "اللاقانون" السائدة على الصعيد الدولي خلال الأعوام القليلة الأخيرة بالذات، لابد من سعي متعدد الأطراف من أجل "استعادة النظام" ( و لو "شىء من النظام") ومن أجل العودة للاحتكام إلى حكم القانون الدولي، أو لغة القانون، على الأقل. كل ذلك في محاولة، ولو ضعيفة أو جدّ ضعيفة ربما، لتفكيك قبضة المنظومة الاقتصادية–الاجتماعية العالمية الآخذة في السيطرة حاليا.
3- العمل على تهدئة الصراعات وتسوية المنازعات على الصعيد الدولي، و على المستويات الإقليمية ومتعددة الأقاليم وفق آليات مبتكرة، أو حتى وفق الآليات المجربّة في "الزمن الجميل" للحرب الباردة ..؟ (1945-1990).
4- كبح جماح القوى الساعية إلى تصعيد التوترات الدولية والإقليمية حتى الذُّرَى، وخاصة من قِبَل كيانات وظيفية هامشية، في أقاليم معينة من عالمنا المضطرب، تعمل على أن تعيش على عائد العمل "كمخلب قط" لقوى الهيمنة، في مناطق مختلفة من العالم، بما فيها منطقتنا، بحيث مثّلت بؤرا خطرة للتوتر الإقليمي والدولي المزمن.
5- العمل على مواجهة تيار العسكرة و دور "معسكر الحرب" داخل بعض الدول الكبرى، حيث يتصاعد دور أجنحة مغامرة، تحت ذرائع مختلفة، لاصطناع العدوّ، ولو بغير أساس مكين، من أجل إطالة أمد الانفراد بالهيمنة الأحادية. و يرتبط بهذا كله، محاولات تلك الدول المستمرة لتسوية المنازعات الناشئة والصراعات الناشبة، عن طريق استخدام القوة المسلحة إلى حد ممارسة الغزو و القيام بالاحتلال، كما جرى في قت قريب لكل من العراق و أفغانستان. وهذا كله، ومثله، ممّا لا يمكن أن يمّحي بسهولة، أو بسرعة، من ذاكرة البشرية المعذّبة..!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات الطلاب الأمريكيين ضد الحرب في غزة تلهم الطلاب في فرن


.. -البطل الخارق- غريندايزر في باريس! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بلينكن في الصين.. مهمة صعبة وشائكة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء المقبل في زيارة هي السابعة له من




.. مسؤولون مصريون: وفد مصري رفيع المستوى توجه لإسرائيل مع رؤية