الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأتراك في رواية -ملكوت البسطاء- خيري الذهبي

رائد الحواري

2022 / 11 / 29
الادب والفن


الأتراك في رواية
"ملكوت البسطاء"
خيري الذهبي
الرواية العربية أرخت فترة حكم الأتراك للمنطقة العربية، وبينت طريقة تعاملهم مع المجتمع، فقد استخدموا الناس وقود لحروبهم، وخيرات البلاد لتموين جيوشهم، وهذا ما جعل المنطقة فقيرة اقتصاديا وبشيرا، وتعاني الفقر والجهل، هذه المسائل تناولتها الرواية من خلال حديثها عن يونس وسعيد وبهية وحبيبة، فالرواية تكشف حقيقة المعاناة التي مر بها الناس خاصة في الفترة الأخيرة من حكم الأتراك، حيث زجت بهم في حروب ليس لهم فيها ناقة ولا بعير.
تبدأ الرواية بالحوار بين "يونس وزوجته حبيبة" وكيف كان التجنيد يعني الموت للمجند والموت لأسرته معا:
"ـ ولكنك دفعت البدل. ولا أظن أنهم سيأخذونك
ـ ليس الأمر بدل يا حبيبة، إنه الجهاد وسيأخذون كل الرجال
ـ كل الرجال؟
ـ نعم، ألم تسمعي النداء؟ لقد طلبوا كل الرجال من بين العشرين إلى الأربعين
ـ ويلي أسيأخذونك؟ ومن لنا بعدك؟
دوى طرق على الباب كانت عصا ـأمي التي أعرفها وأسرعت إليها...
ـ ...لعنه الله عليهم، أما كفاهم أخذ أبيك حتى يأخذوك أيضا
... ـ أية قوائم يا مجنون؟ إنه الجهاد. أنا أعرفه، لقد حدثتني أمي عنه، إنه سحب الرجال كلهم، إنه إفراع البلاد من شبابها، كانت أمي تحدثني أيضا عن شوارع القرية الخالية، عن بساتينها المهملة، إلا من بضعة عجائز وصبية لم يدركوا السن فيأخذونهم" ص8و9، هذا حال البلاد والناس خلال فترة حكم الأتراك للمنطقة العربية، وهذا ما جعلهم يتحالفون مع الشيطان بريطانيا وفرنسا لتخصلوا من الظلم الواقع عليهم، فقد تيقنوا أنهم ميتون وفانون في ظل حكم السلطان ومتنفذيه.
رغم الحال البائسة لعائلة "يونس" إلا أنهم يحاولوا تخليصه من التجنيد من خلال رشوة المختار: "ـ رشوة جديدة. أعلم. ولكن ماذا نستطيع أن نصنع؟ أن نرشو المختار خير من أن نرى يونس وقد سيق إلى اليمن أو إلى الأناضول أو القناة" ص9، يتم رشوة المختار إلا أن ذلك لم يمنعهم من أخذ يونس إلى الحرب، فهو كان رأس الفساد كحال نظام الحكم: "ـرشوت يا همشري رشوت ولكني علمت فيما بعد أنه هو الذي وشى بي إلى القانون شاوشيه كي يقبضوا علي" ص27، وهذا ما جعل الناس تثور على الحكم ورجاله.
بخصوص نهب الثروات وتفريغ البلاد من الخيرات، نجده أيضا ضمن هذا الحوار: "ـ يقال إن الأتراك قد قرروا الاستيلاء على المحصول كله للتكاليف الحربية.
...ـ لم يعد الأمر أمر إسلام الآن، أصبح أمر عروش لا يريدون أن يفقدوه" ص38، أما بخصوص مصير من يشارك في حروب الأتراك:
"ـ فعلا لا أجد تعليلا لعدم إعدامي مع أنهم أعدموا عدة شباب من قريتنا ومن الشام أعوذ بالله، ولكن فعلوا معي نفس الشيء ألا ترى؟ لقد أرسلوني إلى القناة حيث مات نصفنا بالمجان" ص37و38، هذا حال الناس والأوطان في ظل (خلافة السلطان)، فرواية جاءت لتبين المأساة التي مر بها الناس والمنطقة، وهذا ما دفعهم للتحالف أي عدو للأتراك، ليتخلصوا مما هم فيه من جوع وفساد وقتل وتشريد.
رغم أن الرواية تناولت حال العائلة "سعيد، يونس، الأم بهية، الزوجة حبيبة" بعد خروج الأتراك من البلاد، إلا أن الأثر التركي السلبي بقى مستمرا في العائلة، وهذا ما جعلها عائلة (مفككة) فيونس يتزوج من "حبيبة" خطيبة شقيقه "سعيد" بعد أن وصلتهم خبر أنه هرب، وبعد عودة "يونس" من الحرب وتبين أنه لم يقتل، يجد أن زوجته "حبيبة" قد تزوجت من شقيه "سعيد" وهنا تقع العائلة في إشكالة معقدة:
"ـ كيف لا ترى المشكلة؟ سعيد تزوج زوجة يونس الشريعة
ـ هل قلت زوجته الشريعة؟
ـ نعم. ألم أزوجه حبيبة بعد هرب سعيد؟
... ـ لن أهتم بعودته قط فأنا لسعيد
ـ ولكنك زوجته شرعا" ص108و109، وكأن السارد يقول أن معناة المجتمع العربي الآن تعود بجذورها إلى متخلفات العهد التركي وما فعله بنا.
الرواية من منشورات دار يعرب للنشر والتوزيع، دمشق، سورية، الطبعة الأولى 1989.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس التونسي: بعض المهرجانات الفنية لا ترتقي بالذوق العام


.. ظهور حمادة هلال بعد الوعكة الصحية في زفاف ابنة صديقة الشاعر




.. كل يوم - -ثقافة الاحترام مهمة جدا في المجتمع -..محمد شردي يش


.. انتظروا حلقة خاصة من #ON_Set عن فيلم عصابة الماكس ولقاءات حص




.. الموسيقار العراقي نصير شمة يتحدث عن تاريخ آلة العود