الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التضامن العالمي مع نضال الشعب الفلسطيني مرتبط جدلياً بارتفاع وتيرة المقاومة الفلسطينية

عليان عليان

2022 / 11 / 30
القضية الفلسطينية


التضامن العالمي مع نضال الشعب الفلسطيني مرتبط جدلياً بارتفاع وتيرة المقاومة الفلسطينية
بقلم : عليان عليان
(في هذا المقال نتوقف أمام قرار التقسيم بأثر رجعي لنضع القارئ في صورة دور الإمبرياليتين الأمريكية والبريطانية في صدور هذا القرار، ولنضع القارئ في صورة خلفية ومعطيات يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني ارتباطاً بعامل المقاومة).
في مثل هذا اليوم 29 تشرين ثاني 1947 يتوقف الفلسطينيون أمام ذكرى قاسية ومؤلمة ، وهي ذكرى قرار التقسيم رقم (181) الصادر عن الجمعية العام للأمم المتحدة ، الذي نص على إقامة دولتين في فلسطين ، دولة عربية: تبلغ مساحتها حوالي 4,300 ميل مربع (11,000 كـم2) ما يمثل 42.3% من مساحة فلسطين التاريخية ودولة يهودية: تبلغ مساحتها حوالي 5,700 ميل مربع (15,000 كـم2) ما يمثل 57.7% ، في حين ما تبقى من مساحة فلسطين ( القدس وبيت لحم ) تحت الوصاية الدولية.
وقد تم إصدار القرار بموافقة (23) دولة ورفض (13)، وامتناع عشر دول عن التصويت مع ضرورة الإشارة إلى أن العديد من الدول صوتت لصالح القرار بضغط هائل من الإمبريالية الأمريكية ، ولا بد من التذكير هنا أنه عندما طرح مشروع التقسيم للتصويت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ، في 25 تشرين ثاني( نوفمبر) 1947 لم ينل أغلبية الثلثين المطلوبة ، وعندئذ تحركت الدبلوماسية الأمريكية بكل ثقلها للضغط على الدول التي يمكن أن تحولها عن موقفها.
ضغوط أمريكية لتمرير قرار التقسيم
ومن الدول التي مورست عليها الضغوط : تايلاند وهايتي وليبريا والفلبين والحبشة ( أثيوبيا) والصين الوطنية (تايوان) واليونان ، وقد خرج الرئيس الأمريكي عن المألوف في العلاقات الدولية، في ممارسة الضغوط على مندوبي الدول، التي لم تؤيد أو امتنعت عن التصويت على مشروع قرار التقسيم ، وكذلك أبدى الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك " تريجفي لي" تحيزاً واضحاً لإقرار مشروع التقسيم .
لقد أيدت قرار التقسيم الدول الغربية والشرقية ودول الكومونولث و(11) دول من دول أمريكا اللاتينية، أما الدول الآسيوية والإفريقية فلم يكن لها المقاعد العديدة التي لها الآن لكي تبطل المشروع ، في حين امتنعت بريطانيا- صاحبة وعد بلفور- عن التصويت في موقف مخادع ، وهي التي تحملت مسؤولية جريمة القرن العشرين في دعمها قيام الكيان الصهيوني بكل السبل منذ صك الانتداب على فلسطين عام 1921 ، ودمجها وعد بلفور في صك الانتداب البريطاني على فلسطين.
لقد رفض الشعب الفلسطيني وقيادته آنذاك مشروع التقسيم ، ورفضته جماهير الأمة العربية وعمت موجة من السخط في الشارعين الفلسطيني والعربي عبر مظاهرات صاخبة ترفض قرار التقسيم ، وفتحت مكاتب للتطوع للقتال في فلسطين ضد العصابات الصهيونية، في حين شذ عن هذا الموقف آنذاك الشيوعيون الفلسطينيون والعرب ليس عن قناعة بل عن تبعية لموسكو ، فقد حددوا موقفاً ضده قبل صدوره ، لكنهم وقفوا معه بعد صدوره انسجاماً مع موقف الاتحاد السوفياتي، أما اللجنة السياسية في الجامعة العربية فقد رفضت القرار وأعلنت أن الجامعة ستعمل على إفشاله لكن معطيات الواقع آنذاك كشفت أن الجيوش العربية قاتلت عند حدود قرار التقسيم ، ما يؤكد موافقة الدول العربية آنذاك ضمناً على قرار التقسيم.
لقد وفر ذلك "القرار- الجريمة" الغطاء القانوني الدولي لوعد بلفور -الذي نص على إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين- وأسس لشرعنة الاغتصاب والاحتلال، واعتبار الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة، مصدراً من مصادر الشرعية الدولية واكتساب الحقوق وتشكيل الدول.
رفض القرار موقف صائب
لقد شكل رفض ذلك القرار في حينه من قبل الشعب الفلسطيني والأمة العربية موقفاً صائباً، إذ أن القبول بقرار التقسيم بدعوى الواقعية، يعطي ذلك القرار الفريد من الأمم المتحدة والذي لم يطبق على أي صراع دولي آخر، نوعاً من المشروعية الزائفة والمفتقدة، بدل أن يكون مجرد قرار نشاز متعارض مع الأسس التي قامت عليها الأمم المتحدة.
واللافت للنظر أن هنالك بعض القوى السياسية التقليدية لم تنفك حتى اللحظة بتخطئة القرار الشعبي العربي والفلسطيني الرافض لقرار التقسيم، وترتب على هذه التخطئة لاحقاً، تخطئة أخرى للنهج الوطني والقومي الرافض لنهج التسوية والتنازلات، وتبرر هذه القوى التقليدية موقفها بأن الجانبين الفلسطيني والعربي أضاعا عام 1948 فرصة قيام دولة فلسطينية عربية على 42 في المائة من مساحة فلسطين التاريخية، وأن حل الصراعات التاريخية يستدعي مساومات وتنازلات مؤلمة.
إن مثل هذه المبررات في تخطئة النهج المقاوم لا تصمد أمام أي قراءة موضوعية لتلك المرحلة وغيرها، ولطبيعة الصراع بين المشروع النهضوي العربي والمشروع الصهيوني، وبهذا الصدد نشير إلى ما يلي:
أولاً: أن القبول بمثل هذا القرار- كما أسلفت- يؤسس لشرعنة الاغتصاب والاحتلال ما ينسف الأساس القانوني والقيمي التي استند إليها ميثاق الأم المتحدة ، ناهيك أن العصابات الصهيونية لم يكن في حوزتها عند صدور القرار سوى (6) في المائة من الأرض الفلسطينية نقلت إليها من خلال إجراءات سلطة الانتداب البريطاني، ومن قبل بعض العائلات الاقطاعية اللبنانية والسورية التي وضعت يدها سابقاً على مساحات من الأراضي جراء عجز الفلاحين عن دفع الضرائب للسلطات العثمانية.
ثانياً: أن طبيعة الصراع العربي- الصهيوني، وجوهره الفلسطيني الصهيوني يختلف عن الصراعات الأخرى في العالم، كالصراع على الحدود والمياه والمراعي بين دولتين، التي يمكن حلها عبر تسويات ومساومات، كونه صراع ما بين استعمار استيطاني إجلائي يقوم على نفي القائم" أصحاب الوطن الشرعيين" وتوطين غرباء عن هذا الوطن" اليهود" في فلسطين في إطار كيان لهم.
ومن ثم فإن مقولة " أن الصراع مع العدو الصهيوني صراع وجود وليس صراع حدود"، هي مقولة موضوعية وعلمية وتبرر الاستنتاج الرئيسي الذي يقول: أن سمة هذا الصراع كانت وستظل تناحرية بامتياز.
ثالثاً: أن قبول الحركة الصهيونية بزعامة بن غوريون بقرار التقسيم في حينه- ووفقاً للوثائق التي جرى الكشف عنها لاحقاً - كان في سياق تكتيكي بدعم من الإمبرياليتين الأمريكية والبريطانية، وأن التكتيك الصهيوني كان وسيظل في خدمة الاستراتيجية الصهيونية بشأن إقامة ما تسمى بدولة "إسرائيل الكبرى" من الفرات إلى النيل التي يجري تطويرها في هذه المرحلة، تحت مسمى" الشرق الأوسط الجديد".
وفي هذا السياق نذكر كيف دبرت عصابات الهاجانا اليهودية التابعة لبن غوريون حادثة إغراق سفينة المهاجرين من المقاتلين اليهود المنتمين لعصابة "إتسيل" جراء رفضهم لقرار التقسيم.
وليس أدل على الموافقة التكتيكية الصهيونية ، أن الكيان الصهيوني سيطر على 78 في المائة من فلسطين التاريخية ، ورفض الامتثال لقرار الأمم المتحدة رقم 194 الخاص بالعودة والتعويض معاً.
التضامن مع الشعب الفلسطيني
بعد إجراء المراجعة التاريخية لقرار التقسيم ، نتوقف أمام يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني ، حين اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً باعتبار ذكرى قرار التقسيم يوماً للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وقبل صدور هذا القرار صدر قرار رقم (3379) باعتبار الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية.
وهذان القراران وغيرهما من القرارات ، جاءت على خلفية تبلور فصائل المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال بعد عام 1967 ، إذ أنه ورغم نكسة حزيران عام 1967 وصدور القرار 242 الذي أخضع قضية اللاجئين للمساومة، وأعطى شرعية زائفة للكيان الصهيوني على 78 في المائة من فلسطين التاريخية، إلا ان بروز الثورة الفلسطينية كرد على هزيمة 1967 والتي انطلقت بشكل رئيسي من مخيمات اللجوء في الضفة الغربية وقطاع غزة وسوريا والأردن، أعاد الاعتبار للقضية الفلسطينية بوصفها قضية حقوق وطنية مشروعة للشعب الفلسطيني، ووضع قضية اللاجئين في إطارها السياسي والقانوني الصحيح بوصفها جوهر الصراع الفلسطيني- الصهيوني ولب القضية الفلسطينية من خلال ست قرارات صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في الفترة ما بين 1969-1973 تؤكد على حق اللاجئين في العودة ، وأن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ناجمة عن إنكار حقهم في العودة وعن التنكر لمبادئ إعلان حقوق الإنسان العالمي.
وهنا لا بد من التأكيد أن الفضل في صدور قرارات الأمم المتحدة وأبرزها قرار الأمم المتحدة الشهير رقم (3236) بتاريخ-11-1974، الذي أكد في البند (2) منه "على حق الفلسطينيين غير القابل للتصرف في العودة الى ديارهم وممتلكاتهم التي شردوا منها والمطالبة بإعادتهم" ، يعود إلى المقاومة الفلسطينية بكافة الأشكال وعلى رأسها الكفاح المسلح.

المقاومة رافعة التضامن العربي والعالمي
في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني ، نؤكد على حقيقة لا يمكن إنكارها ، وهي أن العلاقة طردية بين تنامي الفعل المقاوم الفلسطيني وبين ارتفاع وتيرة التضامن الشعبي العربي والعالمي مع الشعب الفلسطيني .
ولإنعاش الذاكرة، نذكر أننا شهدنا أوسع تضامن شعبي عربي وعالمي مع القضية الفلسطينية إبان انتفاضة الحجارة( 1987- 1993) وإبان انتفاضة الأقصى (2000-2006) ، وفي تصدي المقاومة الباسلة للعدوان الصهيوني على قطاع غزة في الأعوام 2008، 2012 ، 2014 ، وإبان معركة سيف القدس التاريخية عام 2021م ، حيث عمت عواصم الدول العربية ، وعواصم معظم دول العالم ، مسيرات التضامن مع الفلسطينيين ونضالهم العادل بعشرات الألوف ، وفي الذاكرة مسيرات ولندن وباريس وشيكاغو ، ومسيرة بيونس آيرس حين اعتلت الرئيسة الأرجنتينية السابقة "كريستينا كيرشنر" رأس مظاهرة ضمت مائة ألف مواطن أرجنتيني ضد العدوان الصهيوني على قطاع غزة عام 2014.
كما تقتضي الموضوعية أن نؤكد على حقيقة لا يمكن دحضها ، وهي أنه كلما ساد خطاب التسوية كلما تراجع منسوب التضامن الشعبي العربي والعالمي إلى الحضيض ، فتوقيع اتفاقيات أوسلو 1 وأوسلو 2 ، واستمرار مراهنة القيادة المتنفذة في منظمة التحرير على خطاب التسوية البائس ، سدد ضربة كبيرة للتضامن الشعبي العالمي مع القضية الفلسطينية ، وسهل مهمة الكيان الصهيوني في تحقيق اختراقات تطبيعيه في الدول العربية ، وفي رفع العزلة الدولية عن الكيان الغاصب.
وأخيرا ً: في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني ، لا بد من التأكيد على ما يلي :
1-أن المقاومة بكافة أشكالها، وفي مقدمتها الكفاح المسلح ، هي الأداة الرئيسية لحسم الصراع مع العدو الصهيوني، ما يستدعي توفير كل السبل لإدامة الصراع، ولدعم الانتفاضة الراهنة، ولإسقاط خيار أوسلو والتنسيق الأمني، الذي وضع القضية الفلسطينية على مذبح التصفية، وشكل غطاءً للعدو الصهيوني لتهويد الأرض والمقدسات، ولخلق حقائق الأمر الواقع الاستعمارية على الأرض.
2- التأكيد على التحالف المركزي مع أطراف محور المقاومة ، وعلى أن العمق العربي الشعبي هو العنصر الحاسم في استراتيجية المواجهة ضد التحالف الإمبريالي الصهيوني الرجعي.
3- التأكيد على التحالف مع كافة القوى التقدمية في العالم والمناهضة للإمبريالية والصهيونية والتشبيك معها على غير صعيد.
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟