الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأقلية الفلسطينية داخل إسرائيل تعيش أزمة قيادة غير مسبوقة

سالم جبران

2006 / 10 / 7
القضية الفلسطينية


بعد تذمر دام شهوراً طويلة وتصريحات مفعمة بالتذمر من الأزمة الخانقة في لجنة المتابعة للجماهير العربية الفلسطينية في إسرائيل, أعلن المهندس شوقي خطيب, رئيس لجنة المتابعة استقالته من المنصب, مع أنه أعلن بقاءه رئيساً للجنة رؤساء السلطات المحلية.
وقالت صحيفة "حديث الناس" الصادرة في الناصرة إن الجماهير العربية "تعيش أزمة الانهيار الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والأخلاقي والتراجع في جميع المجالات".
ومع أن الأحزاب العربية هي الهيكل الأساسي للجنة المتابعة, فإن السيد عوض عبد الفتاح سكرتير حزب "التجمع الوطني الديمقراطي", قال في مقابلة في صحيفة "حديث الناس" بالحرف الواحد: "الأحزاب لا تشعر بانتماء للمتابعة في بنائها الهش".
يجب القول إنه مع الأزمة التنظيمية العميقة للجنة المتابعة وللأحزاب العربية, فإن حالة المواطنين العرب الفلسطينيين تزداد سوءأً, وهي تصرخ حاثّة الأحزاب على المسؤولية والتنظيم والتنسيق والعمل, لتخفيف الأزمة الخانقة إذا استعصى حلها كلياً.
الأقلية الفلسطينية تعيش حالة الغربة في وطنها, أكثر من 76 بالمائة من أراضيها صودرت, وخلال ستين سنة لم تقم في الوسط العربي صناعات, ولا حتّى صناعات خفيفة, كما لم تبادر الدولة إلى إقامة أية مدينة جديدة أو قرية جديدة, مما يعني تفاقم الاكتظاظ والكثافة السكانية في الوسط العربي ويسكن في الغرفة الواحدة, بالمعدل, في الناحية العربية, ثلاثة أضعاف اليهود الذين يسكنون في غرفة واحدة,
وتفتقر كل الناحية العربية (مليون وربع المليون من البشر) إلى أية منشآت صناعية أو اقتصادية, ولذلك فإن العرب تابعون, اقتصادياً ومعيشياً. تبعية كاملة للاقتصاد اليهودي.
وبينما نسبة البطالة في الناحية اليهودية هي أقل بقليل من 10 بالمائة, فإنها تصل في الناحية العربية إلى حوالي 25 بالمائة من قوة العمل العربية. ومعدل دخل العربي الذي يشتغل هو أقل من 60 بالمائة من معدل دخل اليهودي إذا كان يعمل نفس العمل الذي يقوم به العربي. وبالطبع فإن الوظائف العليا في الحكومة والاقتصاد والشركات هي "لليهود فقط", عملياً, إن لم تكن رسمياً.
كذلك يتسع الفقر في الوسط العربي, بشكل مذهل, مع أنه غير مفاجيء, فأكثر من 52 بالمائة من العرب يعيشون تحت "خط الفقر".
ويجب أن نشير هنا, أن حالة العرب الذين يعيشون كأقلية في المدن اليهودية: يافا (عروس فلسطين, يوماً!) حيفا, عكا, اللد, الرملة, بئر السبع, هي حالة بالغة, القسوة والصعوبة, حتى بالمقارنة مع الحالة العامة للعرب.
هذا الوضع من الطبيعي والمنطقي أن يقودا إلى نضال قومي واجتماعي, ومن الطبيعي أن يفرز قيادة مناضلة تدمج القومي بالاجتماعي وتشكل قوة منظمة للشعب وقوة ضاغطة على الحكومة ومؤسساتها.
والحقيقة أنه خلال الستينات والسبعينات من القرن الماضي, تصاعد باستمرار النضال القومي للعرب ووصل القمة في الإضراب الوطني العام ليوم الأرض (30 آذار 1976) الذي هزَّ إسرائيل وكانت له أصداء عالمية, وكانت له أصداء بالغة القوة في المناطق الفلسطينية المحتلة (الضفة والقطاع) وكذلك في العالم العربي.
إن السلطة الإسرائيلية عملت منذ ذلك الحين عملاً منظماً وشاملاً لضرب الوحدة الوطنية للجماهير العربية, وعملت بمنهجية لتفسيخ الصفوف على أساس طائفي وعائلي, وخلقت صراعات بين القيادات مما أضعف وشوَّه الانتماء القومي إلى حد بعيد.
أزمة قيادة- أزمة برنامج
استقالة المهندس شوقي خطيب لم تكن فاتحة الأزمة, بل خطوة كشفت عمق الأزمة في لجنة المتابعة التي هي تحصيل حاصل لأزمة الأحزاب العربية التي شهدت في العقد الأخير من ناحية شخصنة للقيادة, وتحويل الأحزاب إلى هوامش تابعة للقادة, وضحالة شديدة للقيادة, ونرجسية جعلت المنافسات بين قيادات الأحزاب تطغى على القضية الوطنية العامة, وجعلت التعاون الحقيقي الصادق والمسؤول, داخل لجنة المتابعة, وداخل البرلمان, هشّاً جداً بل أن كل المواطنين العرب, وكذلك مؤسسات الدولة تدرك تماماً عمق المنافسات والمشاحنات والعداوات, بين أعضاء الكنيست (البرلمان) ممثلي الأقلية الفلسطينية.
لقد عمل شوقي خطيب المستحيل لصياغة برنامج متفق عليه, يشترك الجميع في تنفيذه, للمصلحة العامة, ولكن النزوات الذاتية كانت أكبر بكثير من المصلحة العامة الوطنية, التي يتغنى بها الجميع, كلاماً, ولكنهم لا ينفذونها, فعلاً.
وهناك بلا شك صراعات حول استراتيجية لجنة المتابعة, فالبعض, مثل الحركة الإسلامية بقيادة الشيخ رائد صلاح (الجناح الشمالي) وحزب التجمع الوطني الديمقراطي بقيادة عضو الكنيست عزمي بشارة, على خلاف عميق مع الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (الحزب الشيوعي) حول خط النضال وأهدافه. وبشكل عام هناك إهمال مروع للقضايا الحياتية والمطلبية للشعب, وكل أعضاء الكنيست وقادة الأحزاب مشغولون بالقضية الفلسطينية وما يُسمى "التواصل مع الدول العربية" أكثر بكثير من اهتمامهم بالهموم الحياتية الاقتصادية والاجتماعية والسكنية والتعليمية للشعب.
وهذا يُسَهِّل على الحكومة القيام بدعاية عنصرية منظمة ومنهجية ضد النواب العرب وعزلهم في الكنيست وعزلهم في الإعلام الإسرائيلي ونشر جو التحريض العنصري ضدهم.
وتكون الحصيلة أن أعضاء الكنيست العرب عاجزون إلى حد بعيد عن تحقيق إنجازات للشعب, وربما بسبب ذلك, وبسبب الإحباط, يرتفع أكثر صوتهم "القومي" ترتفع شعاراتهم ولكن شعبنا-ونقول بأسف- يسمع جعجعة ولا يرى طحناً.
الاتفاق على النهج العام
هو مسألة حاسمة
من هنا, نعتقد أن استقالة شوقي خطيب أعطت بُعداً أعمق للأزمة, ولكن الأزمة موجودة قبل الاستقالة, وهي أزمة برنامج, وأزمة تعامل وأزمة استراتيجية للنضال, وأزمة صياغة موقف متفق عليه للعلاقة مع المجتمع الإسرائيلي الذي نعيش فيه, وللعلاقة مع المجتمع الفلسطيني والعربي العام, الذي ننتمي إليه قومياً وتاريخياً.وما لم نفعل ذلك, وما لم نختر القيادات المسؤولة المحنكة الوطنية والاجتماعية القادرة على قيادة شعبنا, في ظروف صعبة ومعقدة, فلن تستعيد لجنة المتابعة مكانتها المحترمة, وسيظل "القادة" في واد, والشعب الغلبان في واد آخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الاتهامات المتبادلة والدعم الكامل.. خبايا العلاقة المعقد


.. الشيف عمر.. أشهر وأطيب الا?كلات والحلويات تركية شغل عمك أبو




.. هل ستنهي إسرائيل حربها في غزة.. وماذا تريد حماس؟


.. احتجاجات طلابية في أستراليا دعما للفلسطينيين




.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24