الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحنان.. قصة قصيرة

سمير الأمير

2022 / 12 / 1
الادب والفن


_________

الحنان
قصة بقلم /سمير الأمير

حين دخلنا للقاعة كانت زميلاتنا قد سبقن واحتللن المقاعد الأمامية ،كنا سيدات ورجال معظمنا في العقد الرابع والخامس من العمر،توقف عند الباب ونظر للرجال الجالسين خلف مقاعد النساء ثم شرع فى إلقاء خطبة اقشعرت لها الأبدان، حتى كدنا ننسى لماذا جئنا إلى هذه القاعة ، لم تفلت منه إلا اﻵنسة التي أرسلتها الوزارة لأنها كانت مشغولة بالبحث عن مصدر آخر للتيار الكهربى فكل " فيشات الحجرة كانت خربة، والأمر كان يتطلب توصيل "اللاب توب" و"الداتا شو" وضبط شاشة العرض ، التى لم تكن سوى ملاءة سرير بيضاء ، بدا أنها أحضرتها معها مباشرة من على حبل الغسيل،
" لقد أمرنا الله بغض أبصارنا ،وإن النظرة لسهم من سهام جهنم والعياذ بالله، ولقد نهانا رسولنا الكريم عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن"،
حين ذكر الفواحش" زمجر بعض الرجال و اعتدل آخرون وعلت وجوههم أمارات حسن السمع والطاعة،أما النساء فتوقفن عن الثرثرة وأطرقن برؤوسهن مذعنات وبدت عليهن علامات اﻷدب وحسن الخلق ، ارتفعت نبرة صوته وكانما ازداد ثقة وعلت وجهة ابتسامة ابويه وقال"أهيب بزملائي ألا يجلسوا خلف النساء ﻷن ذلك قد يوقعهم في خطيئة النظر الى أكتافهن،وأستسمح زميلاتي العزيزات في ترك مقاعهدن الأمامية للرجال اتقاء للفتنة وتحصينا للنفس ، إن النفس لأمارة بالسوء"
،كنت أتابع المشهد متحفزا للاعتراض ورحت أمنى نفسى بأن تتذمر إحداهن فأدعم اعتراضها وأضع هذا الدعي الذى أعاني منه ومن اتهاماته لى بالابتعاد عن " منهج الله" عند حدوده ، ولم يكن غريبا طبعا أن يخيب ظني، فقد اعتدت على ذلك فى معظم المواقف المشابهة ، إذ وجدت السيدات يغادرن مقاعدهن وينزوين في ركن كأنهن نعجات مذعورات بينما راح الرجال يحتلون أماكنهن في الصفوف الأولى وإذ انتهى الرجال من الجلوس، أسرعن إلى ما تبقي في الخلف من مقاعد ، لم تكن بالطبع كافية وكان على معظمهن أن يقفن على جانبي الحجرة مستجيبات للقدر وتغير الأحوال،
كنت أقف خلف الخطيب المفوّه تماما بحيث يرى من في القاعة وجهي و أنا أستخدم لغة الإشارة في تحريض من أعرف منهم من الرجال علي الرفض..لكن أحدا لم يعرني ادنى اهتمام، لم يتبق بالطرقة أمام الباب سوى أربع سيدات سافرات من زميلاتنا المسيحيات وأنا وهو،
..انتهت المدربة من إعداد جهاز عرض المعلومات..ثم عرَّفت نفسها وطلبت من الجميع أن يقسموا أنفسهم لمجموعات عمل..فقسم الرجال أنفسهم إلى مجموعتين والنساء إلى أربع مجموعات..ونظرت المدربة إلينا أنا و"الخطيب المفوه" و الزميلات السافرات وطلبت منا أن نشكل مجموعة و هكذا كنا الرجلين الوحيدين في المجموعة ..علت وجهه ابتسامة كبيرة كادت تقشر جلد وجهه وراح يسأل كل واحدة عن اسمها ولا تكاد عيناه تستقران علي وجه واحدة حتي تنصرفان إلى وجه أخرى كأنه أُدخل الجنة وكأنهن الحور العين ..هكذا دار بذهني وأنا أتأمل باندهاش نهم عينيه..
طلبت المدربة أن تتخذ كل مجموعة لها اسما ومتحدثا..فاختارت المجموعة الاولى من الرجال اسم " الفوارس" والثانية"اﻷبطال"
أما النساء فكن "الطيبات" و"العابدات" و "القانتات" و " الحافظات "
كانت مجموعتنا تجلس حول منضدة ملاصقة تماما لمنضدة المدربة وحين انتهت المدربة من تدوين أسماء المجموعات نظرت إليه ..وقالت له ألن تختاروا إسما لمجموعتكم..وبدلا من أن يناقش الأمر معي ومع بقية الزميلات كما تقضي القواعد التي نتدرب عليها، عادت الى وجهه ابتسامته التي تكاد تجعل زاويتي فمه تصلان ﻷذنيه..وسأل المدربة: " هوه انتي اسمك إيه يا أبله ؟"فأجابته: "حنان" فقال: "الله إسم حلو قوي يا أبله..يبقي احنا اسمنا مجموعة الحنان".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى