الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الابراهيميه الثانيه ومتبقيات الابراهيميه الاولى؟/2

عبدالامير الركابي

2022 / 12 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


(العالم الاخر، الموت، القوة العليا)، بين هذا الثلاثي تتشكل اسس الرؤية اللاارضوية الاولى على خلاف الحال ارضويا، فالوجود ليس ارضويا، والعالم الآخر الذي يتعذر الوصول اليه الان، هو المستقر بعد الموت، الامر المنوط بالارادة العليا ومعجزتها، هكذا يرهن الوجود الحاضر، ويحول الى ممر منته، بازاء الخلود الابدي اللاارضوي، فكيف يجوز ان تتكامل رؤية كهذه شاملة وكونيه، تنفي مقابلتها الارضوية، من دون ان تكون مرتكزة لبنية واشتراطات طاردة من صنفها، كمالها وممكن وجودها، العالم الاعلى وماوراءه من قدرة لامحدودة، متجاوزة للملموس المعاين، المحدود من قدرة الكائن البشري.
تلك بلا ادى شكك "مجتمعية اخرى" نوعا، حين تدخل الاصطراع مع المجتمعية الدنيا الارضوية فانها تفعل ذلك بحسب طبيعتها، ومايتوافق مع كينونتها ومسارات نضجها خلل الاصطراع الثاني، مابعد البيئي المجافي، ابان اجمالي البدئية المجتمعية، ومايمكن ان تتقبله الاشتراطات التاسيسية على مستوى الادراك، والاستعداد العقلي الاولي، فوجود القوة العليا المقابلة " الله"، هو بالاحرى المعادل الفوقي للحاكم الملك، او الامبراطور، مايجعل الاستعارة على هذا المستوى منظورة وقابله للاختبار العادي بالمقارنه، بحيث يمكن رفع السلطة من النطاق الارضوي مهما تكن، لتودع خارجها.
يتوقف الاركولوجيون الغربيون الارضويون عادة مجبرين، عند ناحية الاختلاف بين منظور ارض الرافدين، ومنظور المصريين للملك الحاكم، فيميزون بين المصري الفرعون الاله، والعراقي النائب عن الاله( في العراق اصلا لايوجد ملك حاكم، بل صيغة منه افتراضية محصنه اصطراعية معزولة، منزوعة السلطة الى حد بعيد، والملك هنا، الامبراطورعادة، هو ملك على مدينته التي يختبيء داخلها، سلطته على المجتمع الاسفل لاتتعدى الغزوات الداخلية لحلب الريع والعودة هربا الى داخل الاسوار، وهو بالطبع شكل من الحكم والسلطة يستوجب توقفا خاصا )، ومع ان هؤلاء يقفون عند هذا الحد، بعدما اجبروا على الاعتراف به، فلا يتابعون البحث وراء مترتبات وخلفيات مثل هذا التباين الجوهر، وصولا لما ينجم عنه من افتراق في الرؤية فاصله، دالة على ازدواج مجتمعي وثنائية نوعيه، اصطراعها لايتوقف، وان هو مر بمراحل ودورات ذهابا الى ماينتمي الى الافصاحية النهائية.
وماكان واردا اليوم مع الحداثة الغربية، ولا في الماضي طبعا، تصور نوع حكم "نبوي" لاتمايزي، جامح كونيا، الهي المصدر، لايحتاج للكيانيه حصرا، كذلك الذي كان قائما في ارض سومر، وتعاقب عليه الانبياء الملوك التوراتيون لاحقا، فالعقل الغالب السائد، لارضوي لايرى في الحكم والسلطة الا ذلك الذي يعرفه، وتعود عليه مرافقا للكيانوية، والاخطر البعيد عن الادراك القول بان العراق "وحضارته" كانت بالاحرى ازدواجية السلطة والمجتمعية، وان الانبياء الملوك "شاورات"* وسائسي امور المدن المتشكله في كيانات لاكيانيه في ارض سومر، كانوا موجودين بالتوازي مع اولئك الذين عرفوا على انهم ملوك، من امثال سرجون الاكدي ونبو خذ نصروحامورابي وسواهم كحكام غير منظورين وفق المفهوم والمنظور الارضوي.
هل كان بمقدور ابراهيم الخليل، والانبياء قبله وبعده، ان يقول بان المجتمعية لاارضوية قبل ان تكون ارضوية، لاشك انه هو نفسه لم يكن عند هذا المستوى من المعرفة والادراكية السابقة لاوانها في زمنه الذي عاش فيه، علما بان العقل البشري مايزال حتى اليوم قاصرا، يبحث في الاصول العراقية السومرية بعين غيرها، فكانها الاحادية المصرية، او غيرها من المجتمعات اللاحقة التبلور، ومنها الغربي المعاصر، واصراره على الحاق اللاارضوية واخضاعها لاشتراطات ليس منها، كل هذا والنبي ابراهيم والسلسلة التي خرجت من معطفه وجاءت بعده، قد استطاعوا ان يميزوا مجالهم ومنطلقهم الذي هم منه ويعودون اليه، لدرجه اختراق عموم المجتمعيات على مستوى المعمورة، بما جعلها بحالة ازدواج اصيل، يبدو انها لم تكن قابلة للحياة وللاستمرار من دونه، مع ان ماقد تحقق وقتها سابق بقرون طويله على امكان التعرف على الذات، لابل وهيمنه مفهوم الاخر الارضوي وغلبته.
فالعيانيه المقاربة للملموس في الدلالة على "الغائية الكونية"، تجلت اليوم بصيغة "الله"، مع مقاربات ابتدائية تخص مفهوم العالم الاخر، والتحولية " الروحية/ الجسدية" مقابل الازدواج ( العقل / جسدي)، ووجود مخلوقات لاارضوية لامرئية، من نوع "الشياطين" و "الملائكة"، مايوسع مجال ومسرح الوجود ومداه وتعددية ساكنيه واشتراطات تحققه ( كن فيكون) مقابل مصاعب الحياة المعاشة، مع افتراض الفعالية الاضافية على ماهو ارضوي مشاهد، هذا غير تعيين منتهى زمني للوجود البشري المجتمعي الارضي عند يوم وساعة، بعدها تبدأ غلبة العالم الاخراللاارضوي، وكلها اشارات وتعبيرات مطابقة للواقع، وصادرة عنه، معروضة بصيغة حدسية لااردكية، سببيه، بمقابل ارضوية احادية مادون مجتمعية.
وليس مما يخطر على البال هنا ووقتها، احتمال المراحلية، بما يعني وقوع كل بنية المنظور التعبيري اللاارضوي الاول الابراهيمي، بكمالة واحكامه البنيوي، بباب الموقت المطابق لاشتراطات ماقبل التحقق، فمثل هذا الاعتقاد، او حتى الاستشعار، يتطلب اصلا بلوغ درجه من الاعقال تنبيء عن وجود شيء اسمه الازدواج المجتمعي، وبالذات مجتمعية لاارضوية، غير تلك المعاشة والغامرة مفاهيما وتصورات، الامر الذي مازال الى الان قيد التبشير الاولى، ماكان من المستحيل قبوله او مقاربته، وان تحت طائلة التصيرية العقلية، واشتراطات الترقي العقلي وصولا الى مايتعدى الارضوية وعيا.
هل اللاارضوية لها بدء وشكل تجل اول، تنتهي فعاليته ويتوقف دون الهدف والغرضية الابعد؟ وهل هذا خاضع تشكليا ومنتهى لقانون التطور والتغير التحولي، مثله مثل كل الظواهر، مايعني احتمال ان تكون الصيغة اللاارضوية الاولى النبوية الحدسية، محكومة لتاريخ انتهاء، يعقبه ويحل محله شكل ونوع تصور اخر، مطابق للحظة الاخيرة، وتراكماتها بعدما تكون اشتراطات الانقلابية التحولية المجتمعية قد توفرت، والضرورات المستجدة حضرت، وصارت هي المتحكم والداعي الى انبثاق الرؤية المطابقة لمقتضيات الساعة، وماكان ضرورة ابتداء متعذرة التحقق في حينه.
مع القرن السابع عادت الابراهيمه بصيعتها الختامية الى ارضها لتدخل كما هو متوقع طور صيرورة ثانيه بعد الجزيرية وكان الطور النبوي الراشدي القراني الاول هو طور انتقال مجتمعية اللادولة الاحادي الجزيرية المؤقت تحت طائلة التازم الاقصى بالابراهيمة الى مجتمعية عقيدية بعدما كانت بالاصل والكينونه قبلية، الامر الذي استمر قائما الى قيام الدولة الاموية ومعاوية بن ابي سفيان عنوان عودة القبلية لاستعادة موقعها بظل العقيدة مااعاد قانون الغلبة القبلي للعمل، محولا العقيدة الى ايديلوجيا، لي فتح الباب لاصطراعية قبلية عقيدية ولدت مقوماته في العراق، بالصراع الكوفي الاموي، والانتفاضات التي لاتتوقف بوجه القبلية، بينما راحت التمخضات الابراهيمه الاستعادية تتشكل ليبدا التشيع الامامي، الاسماعيلي القرمطي الخوارجي الحلاجي، الاخوان صفائي المعتزلي، كعالم لاارضوي مستقل في ارض اللاارضوية ارض السواد كما هو متوقع، بينما القبلية بصيغتها الازدواجية الامبراطورية يعاد تشكلها تحت طائلة الديناميات العراقية، وهو ماكان ابتدا بمجرد تحرر الديناميات في هذا المكان من وطاة الاحتلال الفارسي، وصولا الى إضطرار العباسيين للهرب من الكوفة، فحاولوا الانتقال بداية الى الرمادي، ثم الى الهاشمية، بينما الانتفاضات تلاحقهم واخرها انتفاضة الراوندية، مادعاهم لان يبحثوا عن موضع يامنون فيه، ويستقلون بذاتهم ك " امبراطورية مدينيه" خارج النطاق اللاارضوي، كما كانت بابل من قبل، وكما يعمل قانون التشكل المتعدي للكيانيه المحلوية في هذا الموضع من المعمورة دائما.
في سامراء فوق العاصمة الامبراطورية المدينه بغداد اعلن قبل اكثر من الف عام امتهاء فعالية المنظور اللاارضوي النبوي الحدسي الابراهيمي الاول بقراءاته الكبرى الثلاث النظرية التاسيسية التوراتيه والعملية الاختراقية للانصبابات الرومانية الفارسية الانجيل والقران، فكان الاخير ختامها الذي الذي يظهر حدودها، ويقرر نطاق فعلها بعدما اكتملت دوائر الازدواج من الشرق متوسطية الى اوربا والشرق الذاهب الى الصين، انما من دون امكان العبور الى التحققية، ومع الانتظار المهدوي وشكل اعلانه الاسطوري الذي يذكر باحكام البنائية ( الغيبة الصغرى والغيبة الكبرة ثم الاختفاء في السرداب) مع الاحالة الى زمن اخر بعد ان صارت اللاارضةية اليوم معنية بالانتقالية التحولية اللاارضوية.
تنتمي الابراهيمه الى زمن الحضور التعبيري اللاارضوي ابان طور ماقبل ادراك نوع وطبيعه الصنف المجتمعي التي هي صادرة عنه، الامر الذي كان يتعدى وقتها، وظل الى الان، الطاقة العقلية، ومامتاح للعقل من قدرة على الاحاطة، فاذا وقع الانقلاب الاعظم وانتقل العقل الى حيث القدرة على وعي الذات المجتمعية، والحقيقة الوجودية، فان ماكان قد وجد في حينه، وضمن الاشتراطات القصورية العقلية على عظمته، يصير بالاحرى مرهونا بزمنه، وبما كان لازما مرور الكائن البشري به، قبل ان ينتقل الى زمن ادراك الحقيقة الوجودية المجتمعية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• من الاسماء التي تطلق على من هم بموقع الزعامة اللاارضوية تسمية " شاور".
ـ يتبع ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صور من المسيرة التركية التي تقوم بعمليات البحث في موقع سقوط


.. في أجواء عاصفة.. الهلال الأحمر الأذربيجاني يشارك بعمليات الب




.. وكالة تسنيم عن مسؤول إيراني: تم نشر فريق طبي بكافة المعدات ق


.. إيران: ما الترتيبات المقررة في حال شغور منصب الرئيس؟




.. نبض فرنسا: كاليدونيا الجديدة، موقع استراتيجي يثير اهتمام الق