الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطوارق الرقم الأصعب في المعادلة المغاربية

أبوبكر الأنصاري
خبير في الشؤون المغاربية والساحل

2006 / 10 / 7
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


في عام 1949 بدأت فرنسا تفكر جديا في تمزيق الطوارق وتقسيمهم بين الدول المغاربية شمالا والإفريقية السوداء جنوبا بحيث تصبح الصحراء الكبرى وطن الطوارق مقسمة بين مالي والنيجر والجزائر وليبيا كما هو حال كردستان المقسمة بين العراق وإيران وتركيا وسوريا ومما شجع فرنسا على هذا القرار عدم مشاركة الطوارق في الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا حيث أفتى علماء الطوارق والعرب البرابيش بأن ألمانيا وفرنسا كلاهما كافرين لا مصلحة للمسلمين في الصحراء الكبرى في أن ينتصر أي منهم .
وعندما اندلعت الثورة الجزائرية عام1956 عمد أهل كيدال إلى التطوع للقتال مع الجزائر بينما مول أهل تمبكتو الثورة ماديا عبر جمع التبرعات ومنح زكاة أموالهم لتمويل الجهاد ضد الكفار الفرنسيين حتى تبرعت نساء الطوارق بحليهن للثوار الجزائريين وكان عبد العزيز بوتفليقة يستقبل في منكة وكيدال استقبال الأبطال بالزغاريد وهو شاب صغير ربما لم يبلغ العشرين بعد .
ومع اشتداد الحرب بين فرنسا والمقاومة الجزائرية وكثرة خونة القضية بين الحركيين الجزائريين كان الطوارق هم محل ثقة الثوار الجزائريون وبهم عوضت الجزائر خيانة الحركيين الذين فضلوا أن تكون الجزائر فرنسية ، ويقدر نسبة الشهداء الطوارق في الملون ونصف شهيد بأكثر من 45% من إجمالي الشهداء وفي عام 1962 وبعد الاستقلال جرت مواجهة عسكرية بين المغرب والجزائر بالتزامن مع ثورة كيدال ضد مالي قرر موديبو كيتا أول رئيس لمالي بعد الإستقلال الواسطة بين الجزائر والمغرب مقابل أن يبيعوا له قادة المقاومة الطوارقية زيد أج الطاهر واللادي الذين أسكنوا بوتفليقة في ديارهم زمن الشدة والأمير محمد علي الأنصار أمير طوارق تمبكتو الذي ساند محمد الخامس وجمعت نساء قبيلته حليهن لنصرة الثورة الجزائرية تم بيعهم للرئيس المالي موديبو كيتا مقابل وساطته بين الجزائر والمغرب عام 1962 .
واستمرت مالي في قتل الطوارق في منكا وكيدال وبوغسه وأحرقت الخيام بمن فيها من الأسر واغتصبوا النساء ونكلوا بهن كما كان الجيش الياباني ينكل بالصينيات والكمبوديات والفيتناميانت ما يسمى " الإستعباد الجنسي" ليظهر لنا جيل من الملونين ثمار تلك الممارسات الغير إنسانية وهربت كثير من الأسر للجزائر وليبيا للتعلم والتدرب ومحاولة تحرير الأرض وحماية العرض.
في ليبيا قابلهم الملك إدريس السنوسي وتلقى بعض الطلبة التعليم بالمدارس الليبية وفي عهد العقيد معمر القذافي وفي إطار توازن ديمغرافي ناجم عن معارضة القبائل العربية له من جهة وعدم رضى أمازيغ ليبيا عن سياسة التعريب التي تستهدف سحق الأمازيغية في ليبيا عمد إلى احتضان الطوارق في جيشه وأجهزته الأمنية وكون منهم قوة أمن خاصة به وخاض بهم حرب تشاد وأرسلهم لجنوب لبنان في عام 1982 أثناء مذابح صبرا وشاتيلا وعادوا ليكونوا جبهة لتحرير أزواد ساندها القذافي في البداية ولكن مع تأييد مالي للتحالف الدولي المعادي للعراق عام1991 وغضب واشنطن على ليبيا انسحب القذافي وترك الطوارق فريسه للتحالف المالي -الجزائري -الفرنسي - النيجري المعادي لهم فأرغموا على توقيع اتفاقيات مذلة لأنهم بدون حليف حقيقي فالقذافي تخلى عنهم وصار صديقا حميما لألفا عمر كوناري رئيس مالي المنتخب .
مغربيا كان للعرش العلوي المغربي صلاته مع أكبر قبيلتين في تمبكتو وهما الأنصار التي يرأسها الأمير محمد علي بن الطاهر الأنصاري وقبيلة إموشاغ التي يرأسها شبوا وفهرو وبسبب صلته بهاتين القبيلتين حرم المختار ولد دادة المطالب باستقلال موريتانيا عن المغرب من أن يضم ولاية تمبكتو لموريتانيا كما منع تلك القبائل من مساندة جبهة البولساريو المطالبة بالاستقلال عن المغرب وفي المقابل لم يقدم المغرب لحلفائه من قبائل الطوارق أي نوع من الدعم في مواجهة سياسات مالي العنصرية .
موريتانيا ولاية تمبكتو مرتبطة جدا بموريتانيا من حيث أن التركيبة السكانية واحدة والقبائل التي تعيش في الحوضين الشرقي والغربي هي نفسها القبائل التي تعيش في تمبكتو فالبرابيش وكل القبائل الشرقية الموريتانية تتواجد في تمبكتو وبعد أحداث 1989 التي قامت فيها حركة فلام بمحاولة انقلابية لإقصاء العرب الحسانيين من الحكم في موريتانيا ومساندة الطوارق للحكم الحساني العربي في موريتانيا بدأت التيارات الناصرية والبعثية الموريتانية تجاهر بمناصرتها لقضية الطوارقية وتمارس ضغوطا على السلطات الموريتانية من أجل توفير دعم للطوارق وزاد الاشتباكات التي جرت بين حركة حسن فكاكا وبين الجماعة السلفية التي كانت قد شنت هجوما على موريتانيا في مارس عام 2005 إلى تجنيد الرأي العام الموريتاني لنصرة القضية الطوارقية وبرزت أصوات تدعوا الحكومة الموريتانية لمعاملة مالي بالمثل رعاية جبهات الطوارق لمواجهة رعاية مالي لحركة فلام من جهة ولرد الجميل للطوارق لأنهم انتقموا لموريتانيا ممن قتل أبناءها ظالما وعدوانا .
إسرائيليا ظلت إسرائيل كدولة بعيدة عن قضية الطوارق الذين لم ينظروا أبعد من دول الجوار التي تتلاعب بمصيرهم حيث قال أحد أسرى الطوارق المفرج عنه في السجون الإسرائيلية إن اليهود عاملوه معاملة تختلف عن الأسرى العرب وكانوا يقولون له لماذا توجهون بنادقكم نحونا رغم أننا لم نعطي مالي رصاصة واحدة لقتلكم في حين مخازن الجيش المالي مليئة بالسلاح العربي المقدم لمالي ضدكم لأنكم مثل الكرد حشرات يرغب العرب والسود في قتلها ، كما أن يهود شمال إفريقيا الساكنين في إسرائيل وخاصة اليهود المغاربة يروجون لما يحدث للطوارق على يد مالي على أنه معاداة للسامية بينما لم يجدوا شريكا في جبهات الطوارق حيث البعد العربي والجوار مع الدول المغاربية ومحاولة استرضاءها هو ما ينهمك فيه قادة الجبهات.
اليوم الجزائر والمغرب تعاني من ضغوط بربرية أمازيغية حيث تساند القوى البربرية الطوارق وتعتبر مساندة الجزائر والمغرب معاداة للبربرية الأمازيغية وقد تواجه الدول المغاربية المساندة لمالي إضطرابات بين العرب والبربر رغم أن المواطنين العرب ليسوا مع مالي ضد الطوارق لكن الحكومات المغاربية لها أجندة تختلف عن مصالح شعوبها سواء كانت عربية أو بربرية.
الطوارق صاروا الرقم الأصعب في المعادلة المغاربية فالبربر الذين يشكلون 80% من سكان المغرب والجزائر يساندون الطوارق والعرب الحسانيين الموريتانيون يساندون الطوارق والبربر في شمال إفريقيا بدأوا ينشئون حلفا مع اليهود ضد إضطهاد الدول المغاربية للأمازيغ ومن أولى مؤشرات ذلك جمعية الصداقة بين اليهود الأمازيغ في إسرائيل وبين أمازيغ المغرب التي احتج عليها حزب العدالة والتمنية المغربي ذو الميول الإسلامية وتهدف لخلق تحالف بين الأمازيغ واليهود ومن شأن ذلك الترويج لقضية الطوارق داخل أمريكا عبر هذا الحلف على أن ما تفعله مالي بالطوارق معاداة للسامية وأن الدول التي تؤيد مالي هي دول معادية للسامية وعندها قد تنقلب الموازيين في المغرب الذي يسميه العرب المغرب العربي ويسميه البربر المغرب الأمازيغي ويكون الطوارق الرقم الأكثر صعوبة في المعادلة العربية – الأمازيغية – اليهودية وخصوصا وأن اليهود بدأوا يزورون المنطقة ويعترفون بأن قبائل مثل دوسهة واشضنهارن هم من أصول يهودية وأن ما تعرضوا له مثل المحارق النازية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا