الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إستاطيقا الهادفية في السرد النسوي الإسلامي: مقاربة في رواية(الأستاذ) للقاصة وداد معروف

صبري فوزي أبوحسين

2022 / 12 / 2
الادب والفن


---------------------------
ما أجمل الإنجاز الفني أو الأدبي الهادف الصالح المصلح المعمر! في زمن الفوضى والتمييع! في الوقت الذي تخرج فيه المطابع الورقية والإلكترونية مئات الأعمال السردية الطويلة من كل حدب وصوب ومن كل جيل واتجاه وبأساليب شتى، ونجد في معظمها قصدا إلى الانفلات والتحرر والتمرد ومحاولة انتقاص الثابت والمستقر وكل ما هو إنساني مشترك!
في مثل هذا الآن الغريب الذي تعلو فيه كلمة الشواذ ويشيع شعارهم وتحاول بعض الأنظمة أن تمكن لهم وتعلن عنهم وتقف بجوارهم بداعي حرية الإبداع والرأي والتعبير والمعتقد والسلوك! ....وما إلى ذلك من تلبيسات وتدبيسات ! ...في مثل هذا الزمان تكون الكلمة الهادفة ويكون الفن الهادف ويكون كل عمل هادف ضرورة إنسانية ودينية وعروبية ووطنية ومجتمعية، إن أردنا لكوننا وأمتنا ووطننا أمنا وأمانا وعيشا سليما وتعاملا سديدا شريفا...
إن على جميع العقلاء والمنصفين والمنصفات من المبدعين والمبدعات أن يقوم به وينجزه؛ إنقاذا لكوننا من السقوط والانحدار والتسفل والتردي! فالفن الطيب الهادف البناء ضرورة عصرية على الجميع إنجازه وعلى الجميع الحفاظ عليه والتمكين له والإعلام به والإعلان عنه...
وإن السرد النسوي ظاهرة إبداعية مهيمنة في آننا؛ حيث حضرت المرأة الساردة بقوة وإبهار في غير قطر عربي ومن ذوي ايدلوجيات وهويات متنوعة. وهو سرد مائز ومغاير ومشوق ومثير وممتع ومعرف ومعلم.
وتأتي رواية (الأستاذ) للقاصة المبدعة وداد -المنتمية إلى رابطة الأدب الإسلامي- دالا إبداعيا على ما أقول عن السرد النسوي...فهي رواية واقعية اجتماعية تنحو منحى الوصف الملتقط من البيئة الريفية المصرية الماتعة الساحرة الأسرة....وتقوم على توظيف ضمير التكلم في السرد...
وقد نالت تلقيا أوليا يكاد يكون فكريا في مقالة الأستاذ أحمد عبدالله إسماعيل- عضو اتحاد كتاب مصر- بعنوان( قراءة رواية "الأستاذ" للأديبة المتميزة وداد معروف)، ثم تلقيا منهجيا من أستاذنا العلامة إبراهيم عوض يكاد يعتمد المنهج اللغوي والمنهج الانطباعي والفني أحيانا في التحليل، وهو بعنوان: ( رواية "الأستاذ" لوداد معروف - نقد وتحليل). كما نالت هذه الرواية تلقيا جمعيا من قصر ثقافة الشاطبي في ليلة سكندرية رائعة جميلة، ثرية يوم ١١/ ٩/٢٠٢٢م، كان من ثمرتها الدراسة المنهجية للأستاذة الدكتورة سحر شريف التي جاء عنوانها: ( النقد الثقافي والنسق القيمي في رواية وداد معروف الأستاذ)، وهي دراسة رحبة ممتدة للرواية، وصفتها ناقدتنا بالوثائقية، وأنها كتبت بمهارة وتمكن وطلبت من الجميع قراءتها ففيها روح مصر ...
وقد رزقت شهصيا قراءتها عبر عرضها علي لمناقشتها نقديا في ندوة لرابطة الأدبي الإسلامي تعقد إن شاء الله يوم الاثنين ١٢/ ١٢/ ٢٠٢٢م. بدعوة كريمة من أ.د رئيس الرابطة( أستاذنا صابر عبدالدايم ) ونائبة الرئيس( أديبتنا نوال مهنى) والحبيب الشاعر الأستاذ محمد الشرقاوي؛ فقمت بقراءتها في نسختها الإلكترونية وخرجت بعدة رؤى فنية، جعلتها تحت هذا العنوان[إستاطيقية الهادفية في السرد النسوي الإسلامي في رواية(الأستاذ) للقاصة وداد معروف].
وأحاول في هذه المقالة أن أقدم قراءة إستاطيقية خاصة لهذا العمل الأدبي لمحاولة الوقوف على تقنياته الجمالية في نسيجه السردي ورؤيته الفكرية. ولأدلل على ما فيه من هادفية وخيرية مصبوبة في قالب فني خاص ومثير! ولأدلل على أن السرد الأدبي الإسلامي حاضر في منتج( وداد معروف) القصير والمطول والمتوسط... وهذه الإستاطيقية تتبدى في المحطات الآتية:
هادفية عتبة العنوان
------------------------
يتبدى العنوان بنية بارزة في نسيج هذه الرواية في عنوانها الرئيس وفي ثلاثين عنوانا فرعيا في أسماء فصولها الثلاثين؛ وفي عتبة العنوان الرئيس نجد لفظة (الأستاذ)لفظة ذات ظلال طيبة في غالب تعابيرنا الثقافية واليومية. فالنظر في مدونة الرواية العالمية تدلنا على أن الحكي عن الأستاذ يكاد يكون تيمة أدبية شائعة وبارزة ومقصودة، مثل رواية (الأستاذ) لشارلوت برونتي سنة ١٨٥٧م، كما توجد روايات أخرى يكون الأستاذ بطلها ومحورها وتكون الساردة فيها تلميذته ! وقد مثلت بعضها سينمائيا وتلفازيا ومسرحيا...
هادفية عتبة الإهداء
-----------------------
جاء إهداء القاصة وداد معروف لعملها الأدبي ذا نص شخصاني شاعري موح ومقصود، تقول فيه:
"إهداء:
إلى تلكَ الأرضِ الطيبةِ، التي تشكَّلَت منها كينونتي, ورسَمْتُها وشْمًا على قلبي, منها خَرَجَتْ هذه الروايةُ، وعنها حَكَتْ وَرْدُ عزَّام ما حَكَتْ, وقد آن لورد أن تنظرَ بحبِّ إلى قرَّائِها وهم يُبْحِرونَ في نهرِ حِكاياتها.".
وبتدبر هذا الإهداء نجده يشتمل على المكان الرئيس موصوفا ومشارا إليها، وهو (الأرض الطيبة) المشار إليها بضمير البعيد المعظم، وهي الطيبة موقعا وناسا ونباتا. والتي عبرت عنها الكاتبة أو الساردة بأنها (تشكلت منها كينونتي) و(رسمتها وشما على قلبي) مشيرة من طرف خفي إلى البعد الذاتي والشخصي في إبداع هذه الرواية، ثم ذكرت عن هذه الأرض وظيفة سردية هي ( منها خرجت هذه الرواية)مشيرة إلى أنها واقعية المصدر.. والبعد الوطني باد في هذا العنوان، وهو دال على أصالة المبدعة ووفاء الساردة!
ثم أشارت إلى الراوي العليم في الرواية ( ورد عزام)، ثم كان أن ذكرت الهدف من سرد الراوية بقولها: "وقد آن لورد أن تنظر إلى قرائها وهم يبحرون في نهر حكايتها"....إننا أمام ساردة هادفة خيرة تحب قراءها ومن يحب لا يقدم إلا خيرا ولا يصوغ إلا خيرا....وهي توفر لقرائها نصا روائيا يسيحون فيه ويسبحون؛ فعملها الأدبي ( نهر ) فني عذب نمير... ونجد في هذا الإهداء رعاية المتلقي والاهتمام بعنصر القارئ في الإبداع. وهذا أمر طبعي من قاصة مثقفة تنتمي إلى اتجاه أصيل، كما أنها مشروع ناقدة وإعلامية متخصصة أكاديميا.. إن شاء الله...
هادفية عتبة الغلاف
-----------------------
مع أن عتبة الغلاف أمر ثانوي هامشي، وقد يكون غير مقصود ولا من مصنوع من المؤلفة القاصة إلا أنني أرى في الغلاف فنا ورؤية متغياة. إنه غلاف يعبر عن مغزى الرواية الرئيس، مغزى التكريم والتبجيل لتلك القيمة المجتمعية المعطاءة قيمة( الأستاذ) في مجتمعنا الإسلامي العربي المصري الريفي! فقد جاءت صورته الحقيقة أو المتخيلة في شكل وقور وفي إطار فني يغلب عليه الجدة والحزم مع فضاء ذهبي مميز ومبهر! وكأني بالقاصة تردد- عبر فصول روايتها ومشاهدها وأحداثها وحواراتها- القول الأميري:
قم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي