الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأصولية ـ 4 ـ

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2022 / 12 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


لا نجازف بالكلام أن السلوك الذي انتهجته الأصوليات في بلادنا ، و هي يا للأسف معششة في قلوبنا و أدمغتنا بحيث يمكننا استخدام صيغة الجمع في مقاربة الموضوع المتعلق بها ، دفع الناس إلى منزلق سريع نحو مأزق خانق لا خلاص منه على الأرجح ما لم يتوصلوا إلى كف فاعليتها في الزمان و المكان .

من البديهي أن المجال لا يتسع هنا لدراسة " موثقة" عن معاناة الناس من المنازعات البدائية و الحروب البائسة والفرامانات الأصولية العبثية التي ميزت العيش بوتيرة تكاد أن تكون متواصلة بالرغم من محاولات معالجتها المتكررة التي يمكننا القول استنادا إلى المعطيات الموضوعية ، انها باءت جميعها بالفشل .

و حتى لا نبقى في ميدان " النظريات " ، يحسن تسليط الضوء على التطورات التي شهدناها في العقود الأخيرة لرصد الأدوار السلبية التي تناوبت على أدائها الأصوليات ، العسكرية و المافياوية و الدينية إلى ما غيرها بحسب اختلاف أزيائها ومشاربها ، إلى حد أن محصلة ذلك كانت الإبعاد و القتل و التشريد و التشليح و القهر و الإذلال ،دون أي اعتبار أخلاقيو إنساني . ألم يُجلد أشخاص في سورية ، ألم تقطع الرؤوس، ألم تثقب العظام بالمثاقب و المناشير الآلية ، ألم يقتل رجال عزل رميا بالرصاص ؟؟؟ كأن الشخص شيئ او حيوان ضار أو بعوضة مؤذية !

غزا الإسرائيليون لبنان في سنة 1982 ، بتواطؤ من فئة أصولية لبنانية ، بحجة نزع سلاح الفلسطينيين و طردهم . تخلل ذلك أحداث مؤلمة ، منها للتذكير ، مجزرة صبرا و شاتيلا ، و كان قد سبقها كما هو معلوم مجازر أخرى مثل تلك التي وقعت في مخيم تل الزعتر ، و ما عرف بالسبت الأسود . لا شك في هذا الصدد أن فصائل فلسطينية اتبعت هي أيضا نهجا أصوليا ، بمعنى أنها استندت على ميزان القوى ، و ليس على المنطق و العقل في وضع خطة تنظيم الوجود الفلسطيني في المنفى لكي يكون منطلقا صالحا لممارسة ضغط على مستوى المنطقة كفيل بإجبار الأفرقاء على التوافق على حل للقضية الفلسطينية . أما أن تستنجد أصولية لبناننية ، بالاسرائيليين ضد الفلسطينيين ، فهذا لا مبررله في السياسة و في القضية الوطنية اللبنانية ، بالرجوع إلى سيرة زعماء " الوطن اللبناني " أنفسهم ( كتابات ميشال شيحا عن المسألة الفلسطينية ) إلا في مفهوم الأصولية العمياء . ثم إن الغزاة الإسرائيليين ، لم يكتفوا في شنة 1982بمطاردة الفلسطينين في مخيمات اللجوء حيث أن من المعروف أنهم حاولوا محو المخيمات بما هي دلالات على اقتلاع الفلسطينيين من بلادهم و نفيهم ، و إنما أرتدوا إلى منطقة جبل عامل لإحتلالها فأذاقوا سكانها مرارة الإحتلال العنصري ، بينما وقف أصدقاء إسرائيل في لينان موقف المتفرجين!نجم عنه شرخ عميق بين اللبناننين أنفسهم ينم ضمنيا عن رفض لوجود سكان جبل عامل، لأنهم تصدوا ، بطرائقهم للإسرائيليين احتلوا أرضهم ، فصاروا في نظر الأخيرين أعداء باستثناء الجماعات الطائفية اللبنانية الأخرى . من هنا نشأت معادلة اسرائيلية مضمونها " نحن لا نحارب اللبنانيين و لكن نحارب سكان جبل عامل الذين قاوموا قواتنا " ، بديلة لمعادلة سابقة ، كانت فحواها " نحن لسنا ضد اللبنانيين و لكن نحارب الفلسطينين الذين يقاومون قواتنا ".
من البديهي أن التخلي عن الموقف الوطني ، و دعوة سكان جبل عامل لكي يذهبوا هم و ربهم لقتال عدو يحتل أرضهم ، هو فعل أصولي بأمتياز . كما أنه لا شك في أن قبول جماعة في جبل عامل هذا التحدي و تفردها بالذود عن التراب الوطني ، هو في حد ذاته انعكاس لذهنية أصولية مقابلة . مهما يكن ، فإن الأصولية المقاتلة والأصولية المتواطئة و غيرها من الأصوليات الكامنة و المتربصة جميعا لا تبني وطنا . إن الأصولية لا تخدم إلا نفسها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الناخبون في تشاد يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس للبلاد


.. مقتل 4 جنود إسرائيليين بقصف لحماس والجيش الإسرائيلي يبدأ قصف




.. الانتخابات الأوروبية: أكثر من نصف الفرنسيين غير مهتمين بها!!


.. تمهيدا لاجتياحها،الجيش الإسرائيلي يقصف رفح.. تفاصيل -عملية ا




.. تهديد الحوثي يطول «المتوسط».. خبراء يشرحون آلية التنفيذ والت