الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوحدة الاسلامية والوطنية سلاح العراق لمقاومة الاحتلال

باقر ابراهيم

2003 / 5 / 30
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


2003/05/17

      ان القساوة المتميزة للاستبداد الداخلي، الذي عانينا منه في العراق، وكذلك طول أمد هذا الاستبداد، كان أحد الأسباب المهمة في تشوش الرؤية، في أوساط الحركة الوطنية العراقية.
فهناك من لم يستطع التنبه الي خطر جهتي الاستبداد والظلم، اللتين تحيطان بشعبنا وهما: الاستبداد والطغيان الامريكي ـ الصهيوني من جهة، والديكتاتورية الداخلية من الجهة الثانية.
لم يقتصر النقاش الحاد هذا، في المعسكر الوطني علي خلافات الرأي، بل تعداه الي الافتراق التام اثر القبول بالتلاقي مع الوعود التي يقطعها الاستبداد الدولي بتحرير العراق من ديكتاتوريته.
وهناك من سمي دور الامبريالية الامريكية المعاصرة بـ العامل الدولي ووافق علي التعامل معها، وهو يعني التحالف معها تحديدا، شرط ان يكون ذلك التعامل التحالف واضحا ونزيها وشريفا!
تلك كانت النتيجة لمن اعطوا الأولوية للخلاص من الاستبداد الداخلي، باستساغة اللقاء، لتحقيق هذا الهدف مع دولة الاستبداد الدولي.
هنا، لم يعد الخلاف مجرد وجهات نظر بين وطنيين في معسكر واحد. فقد انقسم الصفان الي ثابتين في الدفاع عن القضية الوطنية، وآخرين ارتدوا عنها، بقبولهم التلاقي مع المستبد الخارجي، بأمل الخلاص من ديكتاتورية بلادهم.
في أكثر من مرة، اعتبرنا الديكتاتورية، في العراق، ونفاد صبر الكثير من الاصلاح الداخلي، له المسؤولية الكبيرة، ليس عن خراب الوطن فقط، بل حتي عن سعة الارتداد عن القضية الوطنية، وعن سعة القبول بحلول وبوعود المستبد الاجنبي.
لا شأن لنا بالحديث الطويل عن العملاء المكشوفين، الذين هيأهم الغزاة لتدعيم غزوهم وتحطيم استقلال العراق وارضاخه. فهؤلاء زمر تافهة، لمس الشعب كله سوء فعالها.
لكن الغزاة، سيعتمدون، علي الارجح، قاعدة للنظام الذي يرونه اكثر قدرة و ملاءمة لحكم العراق تستند بالدرجة الرئيسية الي المرتدين عن قيم الوطنية، وخاصة في ميداني الثقافة وفئة التكنوقراط، التي ستدير العراق نيابة عن الادارة المباشرة للغزاة فيما بعد، ولتحقيق كامل اهدافهم.
اذا كانت نقاشاتنا حول امكان أو صواب القبول بالحل الامريكي، تجري سابقا عن احتمالات مرجحة أو غير مرجحة، فهي، بعد اكتمال الاحتلال الامريكي ـ البريطاني للعراق، في نيسان (ابريل) الماضي، اصبحت واقعا مرا أمام العراقيين والعرب والعالم كله. وقد فاق هذا الاحتلال، في شروره وعدوانيته، أي تصور مسبق عندنا. وقد تأكد ما قيل بالأمس، بأن من يرفض مقاومة الغزاة، قبل غزوهم، لن يكون في وضع المقاوم لهم بعده.
هنا عنينا المرتدين عن وطنيتهم بالذات، وليس بسطاء الناس الذين عبروا عن مجرد تنفيس خواطر، حينما اعلنوا جزعهم من الديكتاتورية، بالقبول حتي بالشيطان، وهم اليوم يكتوون بجهنم الشيطان. وهذه الحقيقة، تفسر السخط الواسع والسريع الذي نشهده اليوم في الشارع العراقي ضد الاحتلال والمحتلين.
وقد اظهرت احداث الاسابيع الاخيرة، حقيقة ان الشارع، صار اليوم، يقود الاحزاب، وان القواعد ترشد القيادات، خاصة عند نزولها عند الارادة الشعبية في رفض أية مساومة مع الاحتلال، والقبول به ولو مؤقتا. وسيكون المحك لمستقبل الدعم الشعبي، لأية قيادة سياسية، وبغض النظر عن هفوات وسقطات الماضي، هو الموقف من الاحتلال الامريكي ـ البريطاني ـ الصهيوني للعراق، تحديدا، وليس تجاه أية امور ثانوية اخري.
لذلك يترتب علي منافقي السياسة وعاظ السلاطين، في الحكومات والاحزاب، ان يكفوا عن ضجيجهم في الصحف والاذاعات والفضائيات، بالاحاديث عن انماط الديمقراطية والدساتير الدائمة أو المؤقتة، وعن اشكال بناء الدولة الجديدة واقتصادها، وهم يتهربون زيفا ونفاقا، عن قول حكمهم بشأن احتلال بلادهم.
ان قصائدهم عن الديمقراطية والحياة الدستورية التي يبدعون في تدبيجها وزخرفتها، لا تخرج عن كونها القفازات الحريرية لتنظيف قبضة الغزاة الحديدية. والشعب الجائع، المحروم من الأمن والدواء، الطامح للتحرر والديمقراطية الحقيقية، والذي عاش في قساوة ابشع ديكتاتورية عرفها، لن يقبل بديمقراطية زائفة يعده بها المحتلون وعبيدهم.
لا بد ان يتوجه قدر كبير من التيقظ لسموم مثقفي الهزيمة، وخاصة من ارتدوا عن النضال الوطني والقومي الاممي والاسلامي، الذين راحوا يروجون للمهادنة والاستسلام للغزاة، ولبيع الاوطان، ويسعون لتدمير كل جهد وطاقة للصمود والمقاومة.
يسعي بعض كبار المرتدين الجدد أو قدمائهم، ان يخيفوا الشعب من صعود دور القيادات الدينية، باسم التحذير من الاصولية المتعصبة، او من دور الطالبانية الجديدة . لكن في واقع الحال، فان اكثر ما يخيفهم من دور هذه القيادات الدينية، هو نداؤها الجهادي الاخراج الاجنبي الكافر فورا من العراق . ان اكثر ما يخيفهم ان الفتاوي وجهت ضد محرر المرتدين.
ان المبدأ السامي، الوحيد، للديمقراطية الامريكية ـ البريطانية ـ الصهيونية، التي تريدها للعراق الآن، هي التي تقبل باستعمارها له ولا تهدده بأي شكل. انها الديمقراطية التي تقبل بدوام القواعد العسكرية وسيلان النفط والانفتاح علي اسرائيل، ثم انتخبوا ايها العراقيون، من تريدون من حكومات العبيد: صوت وانتخب وحدك بحرية يا هو اللي تريده من الحرامية !
لا مجال لليأس. فاليأس، هو النبتة المسمومة التي يسعي لغرسها في تربة العراق الطامعون واعوانهم من المرتدين. لقد نهض الشعب العراقي ضد الاحتلال، بالأمس واليوم، رغم تضحياته الجسيمة ومعاناته. فهو يدرك ان نقيض المقاومة، الهلاك، وهو يدرك ان الوحدة الاسلامية والوطنية هي سلاحه الوحيد لافشال ونزع سلاح اعدائه، المتمثل في تحطيم وحدته وتفريقه من جديد نحلا أكثر ومللا اكثر، واقطاعيات يشرفون هم عليها.
ختاما اذكر بعضا من خطاب شاعرنا الوطني المبدع كريم العراقي للجميع:
الله يحرسك يا عراق
الله يحرسك يا جريح
يا بو المآسي توكل وكوم
طايح عقل من رادك تطيح

 
 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين في -عيد النصر-: لن نسمح لأحد بتهديدنا والقوات النووية


.. رحلات إنسانية.. الإمارات تنفذ عمليات إجلاء للأطفال المصابين




.. خيانة و قتل من أجل الحب


.. سموتريتش: يجب أن تستمر الحرب حتى القضاء على حماس بشكل كامل




.. استهداف جرافة عسكرية للاحتلال بعبوة ناسفة خلال اقتحام قباطية