الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسيرة الرباط الشعبية ضد الغلاء الفاحش ، وضد دولة البوليس الجبرية ، والقمعية ، والقهرية ، والغابوية ، والخارجة عن القانون

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2022 / 12 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


مسيرة الرباط الشعبية ضد الغلاء الفاحش ، وضد دولة البوليس الجبرية ، والقمعية ، والقهرية ، والغابوية ، والخارجة عن القانون .
نزولا عند نداء " الجبهة الاجتماعية المغربية " التي تتكون من الأحزاب التي رخصت لها وزارة الداخلية بالاشتغال السياسي ، ومن النقابات السلطانية ، للمشاركة في مسيرة تحت عنوان " مسيرة ضد الغلاء وضد القمع والقهر " ، عرفت مدينة الرباط بالأمس مسيرة حاشدة ، تُماثل نزول الرعايا في مدينة القنيطرة وفي مدن الخرى ، إحتفالا وفرحة بفوز المنتخب المغربي على منتخب بلجيكا ، ومنتخب كندا ، وتأهله للدور القادم ..
السؤال . كم عدد المسيرات عرفتها مدينة الرباط ومدينة الدارالبيضاء ، بسبب مواضع محددة ، لكن رغم كثافة المشاركة التي كانت في مثل مسيرة الامس ، او اعظم واقوى ، لم تحقق المطالب التي خرجت من اجلها تنظم المسيرات ، وفشلت في تحقيق حتى الجزء اليسير من تلك المطالب التي بقيت حبرا على ورق .. بل الأخطر من ذلك ، انه كلما تم تنظيم مسيرة تدعو الى جملة مطالب ، فبمجرد انتهاء المسيرة ، وتفرق وتشتت المشاركين فيها ، والتحاقهم ببيوتهم ومنازلهم ، عوض الانفراج في تلبية المطالب ، تستفحل الوضعية الى ما هو اقبح واشد ، عندما يجتهد النظام البوليسي في تعقيد الموضوع الذي من اجله خرجت المسيرة تجوب الشوارع الرئيسية في مدن الرباط والدارالبيضاء .
ولعل أبسط مثال عن هذا الفشل المتراكم بعد تشتت المسيرات ، التذكير بمسيرتين كانتا اكثر قوة من مسيرة الامس ، يطالبن بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ، والمعتقلين التعسفيين ، ومعتقلي الرأي وحرية التعبير ، من كتاب وصحافيين ومدونين ، تَمّ الحكم عليهم بتهم غريبة مُنزلة من قبل عصابة البوليس السياسي ، بمحاضر مطبوخة تهدف الانتقام من مواقف ومطالب هؤلاء الضحايا ، المنادين بالديمقراطية ، وبالعدالة ، والمساواة ، فتلبسهم لباس مجرمي الحق العام لتشويه سمعتهم ، وهو التشويه الذي فطنت له منظمات حقوق الانسان الدولية ، وتفطنت له كبريات الصحف الأجنبية ، وفضحته ونددت به في وقته المناسب ..
فبعد مسيرتين متتاليتين واحدة بالدارالبيضاء ، وواحدة بالرباط المطالبتان بإطلاق سراح المعتقلين والمسجونين ، نتساءل . هل فعلا تم اطلاق سراح المظلومين الذين لا يزالون في سجون السلطان يواجهون مصيرا مجهولا ، ام ان الذي حصل هو المزيد من المحاضر البوليسية المطبوخة ، والمزيد من رمي الضحايا من كل الأصناف الحقوقية والسياسية في السجون ، التي تأن من ضم حيطانها المتسخة ، لهؤلاء الذين ملكوا التحدي بقول كلمة حق في ظل سلطان جائر ..
كذلك نتذكر المسيرتين اللتين نظمتا بالرباط والدارالبيضاء ، من اجل مدونة الأحوال الشخصية ، لجعلها تمزج بين القانون ، وبين الأعراف والتقاليد ، ودين الدولة ، فكان الذي حصل بعد هاتين المسيرتين في ميدان مدونة الأحوال الشخصية اشد وافظع ، والكل يتذكر التعديلات التي تم إدخالها على المدونة ، والتي تسيء وتضر بالمجتمع المغربي كمجتمع مسلم ، محافظ ، وتقليدي .. وكأنّ تلك التعديلات كانت مملاتاً من قبل عاصمة الدولة الصهيونية تل أبيب ..
اذن . هل مسيرة الأمس ستكون نسخة لما سبقها من المسيرات السابقة ، إذ بمجرد تفرق المشاركين في المسيرة ، والتحاقهم ببيوتهم ، ومنازلهم ، واشغالهم ، سترتفع الأسعار المرشحة للارتفاع أكثرا ، وستتضاعف هجمات البوليس السياسي على المعارضين السلميين ، وستستمر دولة القمع والقهر بوثيرة اكثر مما هو ملاحظ اليوم . والسؤال . منْ هي الجهة المستفادة من المسيرة ؟ هل أحزاب " الجبهة الاجتماعية المغربية " ، ام انّ المستفيد الأول والأخير هو النظام المخزني السلطاني البوليسي ؟
والسؤال . اذا كانت المسيرات السابقة مؤطرة بمختلف قوات القمع العمومية ، لماذا كانت مسيرة الأمس تجوب الشوارع في غيبة البوليس ، الذي كان يتولى ضبط النظام العام ، حتى لا تحدث تمت منزلقات تنتهي بما لا يحمد عقباه ..
ان مسيرة الأمس التي حملت عنوان " مسيرة الرباط ضد الغلاء والقمع والقهر " ، خدمت الدولة البوليسية ، ولم تخدم في شيء ، ليس الداعين اليها ، بل لم تخدم في شيء الجماهير المقهورة التي لبت الدعوة ، وجاءت للمشاركة في المسيرة من كل ربوع المغربي ، خاصة المغرب المنسي .
فهل كانت مسيرة الأمس عفوية إتّخِذ قرارها دون الرجوع الى الدولة ، ام كانت هناك صفقة بين الدولة وبين الداعين الى المسيرة ، من اجل التنفيس ، والإلهاء ، واجترار الوقت حتى يفعل الغلاء فعلته اللعينة ، في جيوش الناس المساكين والمفقرين .. أي كم من حاجة قضيناها بتركها ..
ان أي استنتاج عقلاني لمسيرة الامس ، أنها كانت مسيرة تنفيس ، لتجنب او لتعطيل هزات تنتظر المجتمع المغربي ، وكانت مسيرة للإلهاء واللعب بالوقت لبعثرة أوراق اللعبة ، لقطع الطريق على الجماعات العقائدية التي تستفيد من هكذا أوضاع كارثية .. فكيف يردد المشاركون في المسيرة شعار " أخنوش " ارحل ، و السلطان محمد السادس من خلال مستشاري ديوانه هو من اختار وعيّن أخنوش ، لتنزيل برنامج السلطان الذي اكتوى منه الرعايا والمشاركين في المسيرة .. فعوض الاختباء والتواطؤ وراء أخنوش ، الآلة لتنزيل برنامج السلطان ، لماذا لم يدع المنظمون للمسيرة ، الى اسقاط برنامج السلطان المسؤول عن الوضع الكارثي الذي يوجد فيه المغرب ؟
ولو كانت المسيرة حقا من اجل الاحتجاج ضد الغلاء الفاحش ، وضد دولة البوليس دولة القهر والقمع ، ولم تكن مجرد مسرحية فلكلورية للامتصاص ، وللتنفيس كغيرها من المسيرات السابقة التي تم نسيانها .. ، فهل الدعوة الى المسيرة التي تمت بشوارع الرباط حققت الهدف منها ، وسيحصل بالفعل مراجعة الغلاء الفاحش ، وسيُحدُّ من تغول البوليس السياسي الفاشي، ام انها استنفدت أغراض منظميها فقط ، باحتفاظ وصايتهم على المجتمع ، لتسجيل دورهم في الساحة حتى لا تنفلت من بين أيديهم ، وتصبح المواجهة مباشرة بين الرعايا التي لن تعود رعية حين ترتقي الى مصاف الشعب ، وبين السلطان محمد السادس ، ومستشاريه ، وبولسه السياسي ، وجهازه السلطوي الطقوسي القروسطوي سليل الباشا التهامي لگلاوي ، جلاد مراكش والجنوب المغربي ..
فما يمكن استنتاجه ، انّ الدعوة الى المسيرة ، كانت في اصلها تخدم السلطان ، وتخدم الدولة السلطانية ، كدولة رعوية بطريركية للمجتمع الذي تلعب فيه أحزاب " الجبهة الاجتماعية المغربية " السلطانية دور الوسيط المغلف للمطالب ، لديمومة ولاستمرار نفس الأوضاع ، وديمومة واستمرار نفس السياسات ..
ولو كانت حقاً مسيرة الأمس ضد الفساد والغلاء ، وضد تغول ، وقمع ، وقهر بوليس السلطان السياسي ، لكان من المفروض انْ يتم وضع برنامج وجدول اعمال ، يحدد المحطات والمراحل التي يجب قطعها اذا استمر الغلاء الفاحش وسيستمر ، واستمر تغول البوليس وسيستمر ، لان منظمي المسيرة في حد ذاتها هم جزء من الدولة لا ضدها ..
والسؤال . ماذا بعد المسيرة التي شاركت فيها الجماهير البريئة من الالاعيب ، والبريئة من المقالب .. ماذا اذا استمرت دار لقمان على حالها ، بل ماذا اذا استفحل الوضع المستفحل اكثر من اللازم ؟
ما هي الخطوة الثانية التي تفرض الحراك على أساسها ؟ ، ام ان المسيرة تكون قد استنفدت زخمها بمجرد تنظيمها ، ولا يهم بعد ذلك النتائج التي ستترتب او لا تترتب عناها ..
كان لزاما على المنظمين للمسيرة ، ان يكونوا قد وضعوا برنامجا تصاعديا للنضال ، في حالة استعصى الحل ، وتمسك السلطان صاحب المشاريع المنزلة ببرنامجه ، الذي ينفده أخنوش ووزراءه ، الذين هم وزراء السلطان يشتغلون كموظفين سامين برتبة وزير بإدارة السلطان .
فالمعركة تبدأ بالمسيرة أولاً ، وعند مواصلة النظام المسير في سياسته التفقيرية ، يجب الانتقال الى المرحلة الثانية ، التي تكون دعوة ثانية الى مسير ثانية اشد واقوى ، وعند استمرار الأُذن الصماء للمطالب الاجتماعية ، يجب الانتقال الى المرحلة الثالثة من المعركة ، وهي الدعوة الى اضراب عام وطني ، ثم مع الوقت واستمرار الأوضاع دون حل ، يتم الانتقال الى الاضراب العام الوطني التصاعدي ، وبعده وعند تمسك النظام بسياسته التفقيرية ، توجه الدعوة الى الشعب للنزول الى الساحات العمومية في كل المغرب ، والاعتصام ليوم كامل . وعند استمرار الوضع دون الحد من الغلاء الفاحش ، ودون الحد من تغول البوليس السياسي ، توجه الدعوة الى الشعب الذي سينفض غبار الرعية عن اكتافه ، للنزول الى الشارع ، والإعتصام به دون الرجوع الى المنازل ، ووضع كهذا سيتطور الى عصيان مدني ، لن ينتهي الاّ بالدولة الديمقراطية ، او بالرجوع الى الأسعار قبل مجيء عبدالاله بنكيران الى حكومة السلطان .. والجيش لن يستطع اطلاق رصاصة واحدة ، على شعب يطالب بالدولة الديمقراطية للعيش في كرامة وعزة ومواطنة ..
فهل المشرفون على " الجبهة الاجتماعية المغربية " ، التي تتكون من أحزاب السلطان ، ومن نقابات السلطان ، قادرة على طرح هذا البرنامج العملي ، الذي وحده يضع حداً للغلاء الفاحش ، ويضع حدا لتغول البوليس السياسي ، والجهاز السلطوي القروسطوي الطقوسي ، وتلك المدخل الرئيسي لأي تغيير او اصلاح مجتمعي ، وإصلاح دولتي . أي ربط المسؤولية بالمحاسبة والمحاكمة .
ان مسيرة الامس كانت لامتصاص الغضب وللتنفيس ، ولتعطيل أي انفجار شعبي منتظر ، خاصة اذا نزل الصحراويون في الأقاليم الجنوبية ، ورفعوا شعارات الجمهورية الصحراوية ..
ان مسيرة الامس هي نفسها مسيرات الامس التي تم نسيانها دون تحقيق مطالبها .. فالرعايا في الدولة الروعية نظموا المسيرة بموافقة الراعي البطريركي ، المسؤول وحده دون غيره ، عن أمن وصحة وسلام رعاياه .. فهل يستطع الرعايا الممتازون Les supers Sujets ، الخروج عن طاعة الراعي الأول ، البطريرك الأول ، السلطان حاكم الدولة السلطانية المخزنية .. مستحيل .. " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ، وأولي الامر منكم " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عماد الدين أديب يكشف حقيقة علاقة حسن نصر الله بالمرشد الإيرا


.. قراءة عسكرية.. كيف استطاعت المسيرة العراقية اختراق الدفاعات




.. دمار كبير ببلدة حارة الفاكهاني بالبقاع شرقي لبنان بعد الغارا


.. تشييع عدد من شهداء المجزرة الإسرائيلية في طولكرم بالضفة الغر




.. بشأن إيران والرد الإسرائيلي.. الرئيس الأميركي يقدم أول إحاطة