الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخيام ورحلته مع الإيمان

داود السلمان

2022 / 12 / 5
الادب والفن


قراءة في كتاب (الله في فكر عمر الخيام) للباحث داود السلمان
*مهدي علي أزبين
مدخل
تناولتْ كثير من الدراسات شخصية (عمر الخيام) ومنجزه الفكري والأدبي، والكتاب الذي بين أيدينا هو بحث في الجوانب الفكرية لدى الخيام، وقد استقى الباحث داود السلمان معلوماته، واستند في استنتاجه على مصادر متنوعة، وكذلك ما دللت عليه تركة الخيام الأدبية الثرة.
يعرض الباحث شخصية الخيام، وما رافقها من إشكالات كوّنها عنه أشخاص اختلفت أغراضهم في ما ذهبوا إليه، وقد وصل بعضم إلى التشكيك بإيمانه واتهامه بمخالفات لا تغتفر، وإلصاق صفات بعيدة عن فلسفته في الحياة، ومنها رؤيته بالوجود وعلاقته مع خالق الكون.
التعريف بالخيام/
يقول الباحث في مقدمة كتابه عن الخيام: [فيلسوف وعالم وفلكي ورياضي، وفوق هذا هو رجل متصوف]. ويعرّف به [هو غياث الدين أبو الفتوح عمر بن إبراهيم الخيام المعروف بـ عمر الخيام، ولد في نيسابور عام 1040م وتوفي على الأرجح في 1131م، والخيام هو لقب والده حيث كان يعمل في صنع الخيام] ص:5.
حاول الباحث في دراسته هذه توضيح الغموض وما التبس من أوهام عن الخيام إن كانت مقصودة أو بغير قصد، دفاعاً عن الحق والحقيقة، وعلى الأقل إنصاف هذه الشخصية لما قدمته للبشرية من إبداع ونفس إنساني، فيرى الباحث أن المتأمل في سيرة عمر الخيام يجده مديناً بشهرته إلى رباعياته الذائعة الصيت التي ترجمت إلى كثير من لغات العالم، وجعلته أشهر شعراء الفارسية، ويذكر المتابعون أنها نقلت إلى العربية بأكثر من ثلاثين ترجمة.
لقد تعرضت هذه الشخصية إلى انواع الإساءات، منها ما يمسّ شخصه وسلوكه، ومنا ما يتعرض لآرائه وفلسفته في الحياة، وقد صوره بعضهم بذلك الفيلسوف السكير الماجن الذي لا يفارق الكاس يده، ولا يتوقف لسانه عن التغني بالحبيبة التي لا تفارق خياله، وهي الخمرة التي وجدها الباحث لا تشبه تلك الخمرة المعروفة، وإنما هي طريقة للتواصل مع الذات الإلهية وهذا سلوك المتصوفة وأهل المعرفة.
كما اتهمه بعضهم بالزندقة والإلحاد والاستهتار بالأحكام الإسلامية، كما قيل عنه بأنه جبري وباطني وتناسخي وتشاؤمي، وما هذا إلا سوء فهم وضيق أفق.

الرباعيات
اسم لقصيدة منسوبة إلى عمر الخيام، كتبت في أوائل القرن الثاني عشر الميلادي/ 865هـ، ويأتي العنوان من صيغة جمع لمفردة رباعية، والرباعية مقطوعة شعرية من أربعة أبيات تدور حول موضوع معين، وتكوّن فكرة تامة، تتفق فيها قافية البيتين الأول والثاني مع الرابع أو تتفق جميعاً بقافية واحدة.
تنازع النقاد والمؤرخون بشأن الرباعيات، فرأى بعضهم أنها لا تنادي إلى التمتع بالحياة والدعوة إلى الرضا أكثر من زرع اليأس والتهكم، ويرى آخرون أنها تجنح نحو اللهو واغتنام الفرص، لكن المتتبع لحياة الخيام يجده عالماً جليلاً وذا أخلاق سامية.
يتحدث الخيام في رباعيات عن الحقيقة والإنسان والوجود والزهد والحث على الأخلاق الحميدة..
كانت رباعياته تتحدث في أسس الدين الأخلاقية، وتأتي صياغاتها بشكل تساؤلات لتحريض التفكير للوصول إلى إجابة لدى المتلقي، وهذا نوع من إعمال التفكير الفلسفي.

علمه:
اهتم الخيام بالعلوم ولا سيما الرياضيات، حتى كان من أبرز علماء عصره، اشتهر بالجبر واشتغل في تحديد التقويم السنوي.
وهو أول من اخترع طريقة حساب المثلثات ومعادلات جبرية من الدرجة الثالثة واستخدم الكلمة العربية "شي" التي رسمت في الكتب العلمية، وما لبثت أن استبدلت بالحرف "x" الذي أصبح رمزاً عالمياً لعدد المجهول.
وقد تعرض الخيام مثل كثير من الفلاسفة أو المشتغلين بالفكر التأملي إلى مصاعب عديدة، حينما فسّر بعضهم فلسفته وتصوفه على أنه إلحاد وكفر وزندقة؛ فأحرقت كتبه.
وفضلاً عن الرياضيات والفلسفة؛ كانت له اهتمامات باللغة والشعر والفقه والتاريخ والفلك، ولنبوغه بالفلك فقد عيِّن مديراً لمرصد بغداد الفلكي.

الخيام والتصوف
حلل الباحث شخصية الخيام وجوانب من معتقداته، منها موضوع الذوبان في الذات الإلهية، ورأيه في موضوعة القضاء والقدر، وحاكم الفناء لدى المتصوفة، وكذلك ما وراء الطبيعة وفلسفة الموت والفناء، وما يتعلق بالله وأدلة وجوده، وكذلك الزمان والمكان، وغيرها من المواضيع والأفكار التي تصدى لها الباحث تحليلاً ومحاكمة.
واختتم الباحث داود السلمان كتابه بعلاقة عمر الخيام بالتصوف وقد أعتنى الكاتب في هذا الفصل بتعريف التصوف ومواقف المتصوفين من القضايا الإشكالية، وقد وردت مخرجات البحث مؤكدة على أن الخيام كان أحد المتصوفين المشهود لهم، وما ورد عنه من ذكر الخمر والتغزل هو ليس خمر الدنيا المتعارف عليها، والتغزل ليس ما يجري بين الناس إنما هو العلاقة الروحية التي تعادل التغزل بالذات الإلهية، كونها الحق الأسمى الذي يجب الوصول إليه، وهي الحقيقة التي ينشدها العابد المخلص.
إن التصوف هو تلمس الحقيقة والإيمان لكون معرفة الله هي معرفة ذاتية روحية، ويتجلى النور الإلهي في قلب العابد.. إن التجربة الصوفية هي روحية صرفة والتصوف يلحق بالإنسان في أجواء الروح والتعبد الإلهي.
وعبارة صوفي أو صوفية هي صفاء النفس أو السريرة والانقطاع التام إلى عبادة معبود واحد تخلص له تلك العبادة.
والمتصوفة يعتقدون أنهم وصلوا إلى كنه الحقيقة وأمسكوها، وهي الحقيقة المتمثلة برضا الله والإخلاص له بالعبادة والتقرب والعبادة المخلصة التي لا تتحقق إلا بصفاء القلوب، لذلك لقبوا بـ "المتصوفة"، وليس لأن نسيج ملبسهم من الصوف كما يعتقد بعضهم.
وينتهي الكاتب داود السلمان إلى أن التصوف هو الطريق الذي سلكه الخيام من خلال أشعاره الصوفية، وعبر عنها تعبيراً ساطعاً لا تشوبه شائبة.
*روائي وكاتب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي