الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الفيدرالية والحكومة المركزية

تقي الوزان

2006 / 10 / 8
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بعد مشكلة العلم جاءت مشكلة مسودة الدستور الكردستاني , ومشكلة عقود النفط . والسؤال البسيط هو : كيف ستتم الموافقة على هذه العقود والدولة العراقية بهذا الضعف , وتحت الأحتلال , والعقود ستظل قائمة لفترات قد تصل الى نصف قرن ؟! - والسؤال موجه لحكومة الأقليم والمركز - . هذا التخبط غير المعقول , وعشوائية التوافق وعدم تحديد الخطوط بشكل واضح , واستعجال الوصول هو الذي " لخبط " وضعية الفيدرالية , وأخرّ صياغة قوانين تثبيتها وأجلّ خطوات التنفيذ لسنة ونصف ستكون حبلى بأحداث يصعب توقعها والتحكم بها .
القيادة الكردية تداخل خطابها وممارساتها بين استغلال كل شئ يقربهم من حلمهم القومي في الأستقلال , وبين تأكيدهم البقاء في العراق الفيدرالي الموحد . عدم الوضوح في تحديد اي الطريقين يسلك في هذه المرحلة؟ ينعكس بضبابية ترهق وعي الشارع الكردي قبل الشارع العراقي , وتستنزف امكانيات الحكومة المركزية في توحيد خطواتها . والشارع الكردي وقيادته وكل مراقب يدرك ان الظروف غير ملائمة الآن للأستقلال , والتهديدات بالأنفصال التي تطلق بين فترة وأخرى , وعلى امور صغيرة لا تستوجب تعريض " التهديد " للأمتهان وتقليل شأنه , مثل تفسير بعض مواد الدستور المختلف عليها والتي هي من اختصاص المحكمة الدستورية . هذا التهديد لايزيد الا في بلبلة الشارع الكردي , ولا يضيف شيئا لعدالة القضية الكردية . الأستعجال في تظهير صورة الأستقلال لا يخدم الصورة ذاتها , والأستقلال سيظهر مشوها وليس بألوانه الطبيعية المقنعة , وبالعكس سيستفز باقي المكونات العراقية , والأنظمة الأقليمية التي يوجد على ارضها اكراد .
الفيدرالية الكردية تفقد الكثير من ثباتها مالم تطمئن مخاوف العناصر والجماعات والأنظمة السياسية في المنطقة , وهذا لايتحصل الا بالكف عن التهديد بالأنفصال , وكل ما يوحي له من خطوات . والتصدي للمطالبات الأخرى بأقامة الفيدراليات الطائفية التي اججت الصراع واعمال العنف المتبادل بين مليشياتها ووضعت العراق على ابواب الحرب الأهلية والتفكك . ومن هنا يتم استغلالها كذريعة لأفشال هذه التجربة الوليدة , ويجري تخويف الشعوب من تمزيق اوطانها .
ان المحافظة على سلامة المسيرة الديمقراطية العراقية , وهي الأغلى ثمنا من بين كل التجارب الديمقراطية في العالم , يستوجب دعم روحية التآلف الوطني والمحافظة على سلامة الحكومة , وتنشيط الأحترام لها كمرجعية وحيدة لأدارة شؤون البلاد . وقانون الفيدرالية والأقاليم الذي ينظم تقاسم السلطة لايعني الأستخفاف بالحكومة المركزية , والتطاول من قبل الديوك الطائفية والقومية على هيبة الحكومة المركزية والتقليل من شأنها لايشكل دليل حرص على مصلحة الطائفة او القومية التي يتحدثون بأسمها , ويدركون جيدا ان بقاء الحكومة المركزية بهذا الضعف او اضمحلالها سيؤدي الى تفكك العراق , وهذا ما لاتسمح به مجموعة الظروف الدولية والراعي الأساس للعملية السياسية في العراق "الأمريكان " . وأول ما ستنعكس سلبيتها على مشاريع الديوك التي لاتدرك ضرورة مدة الحضانة , وتستعجل تفقيس البيوض بتنقيرها, وكشف الأجنّة للموت المحقق .
العراق بحاجة الى كل العراقيين الحقيقيين للوقوف بوجه هذه التهويمات الطائفية والقومية , والتي تكاد ان تحجب العقل بالكامل تحت كثافة غيومها السوداء , وقطعا لم تفعّل حاجة العراقيين بأسترجاع نسيجهم ودفقهم الوطني بهذا البرلمان الملفق عن طريق المليشيات والتزوير ومصادرة الرغبات والأستغلال الطائفي , وعذراً للأعضاء الذين تتلوى وطنيتهم ألماً من شدة الطعنات الطائفية والقومية المنتفخة .
تعددت الطرق , وتشابكت فيما بينها , وازدادت المطبات , وهذا ما تريده سلطات الأحتلال . لأنها الوحيدة التي تملك طائرة السلطة , والتي تمكنها من رؤية كل الطرق من فوق , وتحدد بعدها الطريق الذي يوصلها لما تريد . ولم يبقى متسع من الوقت , ووحدة العراق وسلامته التي نريدها لاتبنى الا بسواعد الخيرين من ابنائه , وليست الوحدة والسلامة التي تريدها اميركا كقاعدة انطلاق لمشروعها الأمبراطوري الجديد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة