الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركات الاجتماعية في العراق والجزيرة العربية (الزنج والقرامطة والبابكية)

فلاح أمين الرهيمي

2022 / 12 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


لقد حفل القرن الثالث الهجري بانتفاضات جماهيرية وحركات ثورية في العراق وبعض مناطق من الجزيرة العربية في دولة الخلافة العباسية وقد شارك فيها فئات اجتماعية واسعة من الكادحين والمستعبدين والمستضعفين ولاسيما من الفلاحين الأرقاء والعبيد من مختلف الأقوام والشعوب التي كان يتألف منها المجتمع العربي الإسلامي وكان الدافع الاجتماعي هو المحرك لمعظم هذه الانتفاضات التي شهدها القرن الثالث الهجري والتي امتد بعضها إلى القرن الرابع الهجري ومن هذه النماذج ثورة الزنج وثورة القرامطة والثورة البابكية وقد كانت هذه الانتفاضات من الشدة بحيث هددت النظم الاجتماعية لدولة الخلافة العباسية ... بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي ألهبت روح التمرد والثورة فكانت ثورة البابكين في جبال قرطاج على حدود أذربيجان ثم ثورة الزنج في مدينة البصرة ثم تبعتها حركة القرامطة في سواد الكوفة في العراق وقد استمرت ما يقارب القرن من الزمن فشملت العراق وسوريا والبحرين.
إن هذه الظاهرة لم تحدث عفوياً وإنما كان يكمن وراء ظهورها أسباب وعوامل هي التي فجرتها فكانت للآثار والظواهر التي كان يتبعها ويستعملها النظام سواء في الدولة الأموية أو في الدولة العباسية .. ففي الدولة الأموية كان يمتاز بالاقتصاد الزراعي – التجاري وكانت العلاقات الإنتاجية ذات طابع استثماري إقطاعي وعمالة وفلاحية من العبيد الأرقاء وكانت ملكية الأرض تعود للسلطة الحاكمة.
إن الآثار التي أفرزت ظاهرة التمرد والثورة امتدت بشكل تراكمي من القرنين الهجريين الأولين حتى بلغ امتداده الكمي الذي حول التمرد والتذمر وفجر الثورة في الثالث الهجري في تلك الظاهرة التي تمتاز بالعلاقات الإنتاجية الإقطاعية التي كان وقودها الرق والعبيد كانت بدايتها في بلاد الشام ثم انتقلت إلى العراق التي كانت تعاني مرحلة انحدار وتناقض حاد بين الأحرار فيما بينهم وبين الأحرار والعبيد من ناحية أخرى وكانت السلطة الحاكمة طرفاً مباشراً في عملية الإنتاج الزراعي بصفتها المالك الأكبر للأرض والمستثمر الإقطاعي الأكبر مما ترك آثاراً سلبية في تطور العلاقات الإنتاجية الإقطاعية والتناقض والصراع مع القوى المنتجة العاملة في الأراضي الزراعية .. إن وجود السلطة الحاكمة كقوة إقطاعية بصفتها إقطاعية وسياسية تمتلك القوة والسلطة ترهق في استغلالها (الفلاحين والشغيلة الزراعيين من العبيد الأرقاء) ومن ناحية أخرى فرضت المزيد من الضرائب وسوء الجباية على الأحرار من الإقطاعيين وأصناف نموها وحيويتها مما دفع إلى التخلي عن العمل في الأراضي الزراعية والهجرة والعمل في المدن أو إلى البطالة وقد تزامن مع تلك الظروف ازدهار التجارة في العصر العباسي الأول الذي أدى إلى زيادة الأرباح في المنتوجات الزراعية مما دفع رجال السلطة من الإقطاعيين وكذلك الملاكين الزراعيين الكبار إلى استملاك الأراضي من صغار الملاكين الزراعيين أما بالمصادرة أو لقاء مبلغ زهيد مما دفع أولئك إلى ترك الأراضي وحرمانهم من زراعتها فأصبحوا فقراء معدمين .. كما دفع كثير من مالكي الأراضي إلى الهرب من وطأة الضرائب وقسوة الجباة إلى دفعهم إلى تسجيل أراضيهم في ديوان الخراج بأسماء بعض رجال السلطة كمالك أصلي إلا أن هذه العملية كانت تنتهي أخيراً أن تصبح الأرض ملكاً للفئة الحاكمة وأن يصبح الفلاحون الأصليون فقراء وعمال كادحين يعاملون كما يعامل العبد والرق مما اضطرهم إلى ترك أراضيهم والهجرة إلى المدن للعمل كعتالين من أجل توفير لقمة العيش .. هذه هي السمات العامة لمجتمع دولة الخلافة العباسية بمختلف أقاليمه وشعوبها إلا أن هنالك خصائص محلية كان ينفرد بها هذا الإقليم عن الإقليم الآخر ولذلك كانت تختلف الانتفاضات والثورات عن الأخرى في القرن الثالث الهجري تبعاً لاختلاف تلك الخصائص المحلية بالرغم من اتفاقها جميعاً من حيث أسبابها وعواملها ودوافعها الاجتماعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نشرة خاصة على فرانس24 حول نتائج الجولة الأولى من الانتخابات


.. فيضانات تضرب بلدة نواسكا الإيطالية وتتسبب بانهيارات ارضية




.. اتفاقية جنيف: لا يجوز استغلال وجود الأسير لجعل بعض المواقع أ


.. نتائج الانتخابات الأولية: فوز المرشح الغزواني في انتخابات ال




.. صورة لـ-بوتين مع قلب أحمر-.. تقطع خطاب زعيم حزب الإصلاح البر